الرسم العثمانيقُلْ كَفٰى بِاللَّهِ بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا ۖ يَعْلَمُ مَا فِى السَّمٰوٰتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا بِالْبٰطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولٰٓئِكَ هُمُ الْخٰسِرُونَ
الـرسـم الإمـلائـيقُلۡ كَفٰى بِاللّٰهِ بَيۡنِىۡ وَبَيۡنَكُمۡ شَهِيۡدًا ۚ يَعۡلَمُ مَا فِى السَّمٰوٰتِ وَالۡاَرۡضِ ؕ وَالَّذِيۡنَ اٰمَنُوْا بِالۡبَاطِلِ وَكَفَرُوۡا بِاللّٰهِ ۙ اُولٰٓٮِٕكَ هُمُ الۡخٰسِرُوۡنَ
تفسير ميسر:
قل; كفى بالله بيني وبينكم شاهدًا على صدقي أني رسوله، وعلى تكذيبكم لي وردكم الحق الذي جئتُ به من عند الله، يعلم ما في السموات والأرض، فلا يخفى عليه شيء فيهما. والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله -مع هذه الدلائل الواضحة- أولئك هم الخاسرون في الدنيا والآخرة.
ثم قال تعالى; "قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا" أي هو أعلم بما تفيضون فيه من التكذيب ويعلم ما أقول لكم من إخباري عنه بأنه أرسلني فلو كنت كاذبا عليه لانتقم مني كما قال تعالى; "ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين" وإنما أنا صادق عليه فيما أخبرتكم به ولهذا أيدني بالمعجزات الواضحات والدلائل القاطعات "يعلم ما في السموات والأرض" أي لا تخفى عليه خافية "والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون" أي يوم القيامة سيجزيهم على ما فعلوا ويقابلهم على ما صنعوا في تكذيبهم بالحق واتباعهم الباطل كذبوا برسل الله مع قيام الأدلة على صدقهم وآمنوا بالطواغيت والأوثان بلا دليل فسيجزيهم على ذلك إنه حكيم عليم.
قوله تعالى ; قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا أي قل للمكذبين لك كفى بالله شهيدا يشهد لي بالصدق فيما أدعيه من أني رسوله وأن هذا القرآن كتابه . يعلم ما في السماوات والأرض أي لا يخفى عليه شيء . وهذا احتجاج عليهم في صحة شهادته عليهم ; لأنهم قد أقروا بعلمه فلزمهم أن يقروا بشهادته والذين آمنوا بالباطل قال يحيى بن سلام ; بإبليس . وقيل ; بعبادة الأوثان والأصنام ; قاله ابن شجرة . وكفروا بالله أي لتكذيبهم برسله وجحدهم لكتابه . وقيل ; بما أشركوا به من الأوثان وأضافوا إليه من الأولاد والأضداد أولئك هم الخاسرون أنفسهم وأعمالهم في الآخرة .
القول في تأويل قوله تعالى ; قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (52)يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم; قل يا محمد، للقائلين لك; لولا أنـزل عليك آية من ربك، الجاحدين بآياتنا من قومك; كفى الله يا هؤلاء بيني وبينكم، شاهدا لي وعليّ؛ لأنه يعلم المحقّ منا من المبطل، ويعلم ما في السموات وما في الأرض، لا يخفى عليه شيء فيهما، وهو المجازي كل فريق منا بما هو أهله، المحق على ثباته على الحقّ، والمبطل على باطله بما هو أهله، (وَالَّذِينَ آمَنُوا بالْبَاطِلِ) يقول; صدقوا بالشرك، فأقرّوا به وكفروا به، يقول; وجحدوا الله (أُولَئِكَ هُمُ الخاسِرُونَ) يقول; ; هم المغبونون في صفقتهم.وبنحو الذي قلنا في قوله; (وَالَّذِينَ آمَنُوا بالْبَاطِلِ) قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك;حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قَتادة (وَالَّذِينَ آمَنُوا بالْبَاطِلِ) ; الشرك.
{ قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا } فأنا قد استشهدته، فإن كنت كاذبا، أَحَلَّ بي ما به تعتبرون، وإن كان إنما يؤيدني وينصرني وييسر لي الأمور، فلتكفكم هذه الشهادة الجليلة من اللّه، فإن وقع في قلوبكم أن شهادته -وأنتم لم تسمعوه ولم تروه- لا تكفي دليلا، فإنه { يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } ومن جملة معلوماته حالي وحالكم، ومقالي لكم فلو كنت متقولا عليه، مع علمه بذلك، وقدرته على عقوبتي، لكان [قدحا في علمه وقدرته وحكمته] كما قال تعالى: { وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ } { وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ } حيث هم خسروا الإيمان باللّه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وحيث فاتهم النعيم المقيم، وحيث حصل لهم في مقابلة الحق الصحيح كل باطل قبيح، وفي مقابلة النعيم كل عذاب أليم، فخسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة.
(الله) لفظ الجلالة مجرور لفظا مرفوع محلا فاعل كفى
(بيني) ظرف منصوب متعلّق بـ (شهيدا) ، وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على ما قبل الياء، و (الياء) مضاف إليه
(بينكم) مثل بيني فهو معطوف عليه
(شهيدا) تمييز منصوب ،
(في السموات) متعلّق بمحذوف صلة الموصول ما
(الواو) استئنافيّة- أو عاطفة-
(بالباطل) متعلّقبـ (آمنوا) ،
(بالله) متعلّق بـ (كفروا) ،
(أولئك) مبتدأ ثان في محلّ رفع ،
(هم) ضمير فصل ،
(الخاسرون) خبر المبتدأ أولئك.
جملة: «قل ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «كفى بالله ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «يعلم ... » في محلّ نصب حال .
وجملة: «الذين آمنوا ... » لا محلّ لها استئنافيّة «4» .
وجملة: «آمنوا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة: «كفروا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة: «أولئك ... الخاسرون.» في محلّ رفع خبر المبتدأ
(الذين) .
- القرآن الكريم - العنكبوت٢٩ :٥٢
Al-'Ankabut29:52