الرسم العثمانيوَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمٰوٰتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ۖ فَأَنّٰى يُؤْفَكُونَ
الـرسـم الإمـلائـيوَلَٮِٕنۡ سَاَلۡتَهُمۡ مَّنۡ خَلَقَ السَّمٰوٰتِ وَالۡاَرۡضَ وَسَخَّرَ الشَّمۡسَ وَالۡقَمَرَ لَيَقُوۡلُنَّ اللّٰهُۚ فَاَنّٰى يُؤۡفَكُوۡنَ
تفسير ميسر:
ولئن سألت -أيها الرسول- المشركين; من الذي خلق السموات والأرض على هذا النظام البديع، وذلَّل الشمس والقمر؟ ليقولُنَّ; خلقهن الله وحده، فكيف يصرفون عن الإيمان بالله خالق كل شيء ومدبره، ويعبدون معه غيره؟ فاعجب من إفكهم وكذبهم!!
يقول تعالى مقررا أنه لا إله إلا هو لأن المشركين الذين يعبدون معه غير معترفون بأنه المستقل بخلق السماوات والأرض والشمس والقمر وتسخير الليل والنهار وأنه الخالق الرازق لعباده ومقدر آجالهم واختلافها واختلاف أرزاقهم. فتفاوت بينهم فمنهم الغني والفقير وهوالعليم بما يصلح كلا منهم ومن يستحق الغنى ممن يستحق الفقر فذكر أنه المستقل بخلق الأشياء المنفرد بتدبيرها فإذا كان الأمر كذلك فلم يعبد غيره؟ ولم يتوكل على غيره؟ فكما أنه الواحد في ملكه فليكن الواحد في عبادته وكثيرا ما يقرر تعالى مقام الإلهية بالاعتراف بتوحيد الربوبية وقد كان المشركون يعترفون بذلك كما كانوا يقولون في تلبيتهم لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك.
قوله تعالى ; ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون اللهقوله تعالى ; ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض الآية . لما عير المشركون المسلمين بالفقر وقالوا ; لو كنتم على حق لم تكونوا فقراء . وكان هذا تمويها ، وكان في الكفار فقراء أيضا أزال الله هذه الشبهة . وكذا قول من قال ; إن هاجرنا لم نجد ما ننفق . أي فإذا اعترفتم بأن الله خالق هذه الأشياء فكيف تشكون في الرزق فمن بيده تكوين الكائنات لا يعجز عن رزق العبد ; ولهذا وصله بقوله تعالى ; الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له . فأنى يؤفكون أي كيف يكفرون بتوحيدي وينقلبون عن عبادتي .
القول في تأويل قوله تعالى ; وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (61)يقول تعالى ذكره; ولئن سألت يا محمد هؤلاء المشركين بالله، من خلق السموات والأرض فَسَوّاهن، وسخَّر الشمس والقمر لعباده، يجريان دائبين لمصالح خلق الله، ليقولنّ; الذي خلق ذلك وفَعَلَه الله.(فَأنَّى يُؤْفَكُونَ) يقول جلّ ثناؤه; &; 20-59 &; فأنى يُصْرفون عمن صنع ذلك، فيعدلون عن إخلاص العبادة له.كما حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قَتادة (فَأنَّى يُؤْفَكُونَ) ; أي يعدلون.
هذا استدلال على المشركين المكذبين بتوحيد الإلهية والعبادة، وإلزام لهم بما أثبتوه من توحيد الربوبية، فأنت لو سألتهم من خلق السماوات والأرض، ومن نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها، ومن بيده تدبير جميع الأشياء؟ { لَيَقُولُنَّ اللَّهُ } وحده، ولَاعْتَرَفُوا بعجز الأوثان ومن عبدوه مع اللّه على شيء من ذلك.فاعجب لإفكهم وكذبهم، وعدولهم إلى من أقروا بعجزه، وأنه لا يستحق أن يدبر شيئا، وسَجِّلْ عليهم بعدم العقل، وأنهم السفهاء، ضعفاء الأحلام، فهل تجد أضعف عقلا، وأقل بصيرة، ممن أتى إلى حجر، أو قبر ونحوه، وهو يدري أنه لا ينفع ولا يضر، ولا يخلق ولا يرزق، ثم صرف له خالص الإخلاص، وصافي العبودية، وأشركه مع الرب، الخالق الرازق، النافع الضار. وقل: الحمد لله الذي بين الهدى من الضلال، وأوضح بطلان ما عليه المشركون، ليحذره الموفقون.وقل: الحمد لله، الذي خلق العالم العلوي والسفلي، وقام بتدبيرهم ورزقهم، وبسط الرزق على من يشاء، وضيقه على من يشاء، حكمة منه، ولعلمه بما يصلح عباده وما ينبغي لهم.
(الواو) استئنافيّة
(اللام) موطّئة للقسم
(سألتهم) فعل ماض مبنيّ في محلّ جزم فعل الشرط
(من) اسم استفهام في محلّ رفع مبتدأ
(الواو) عاطفة في المواضع الثلاثة
(اللام) لام القسم لقسم مقدّر
(يقولن) مضارع مرفوع وعلامة الرفع ثبوت النون، وقد حذفت لتوالي الأمثال، و (الواو) المحذوفة لالتقاء الساكنين فاعل، و (النون) نون التوكيد
(الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع، والخبر محذوف أي: الله فعل ذلك
(الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر
(أنّى) اسم استفهام في محلّ نصب ظرف مكان متعلّق بـ (يؤفكون) ، و (الواو) فيه نائب الفاعل.
جملة: «إن سألتهم ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «من خلق ... » في محلّ نصب مفعول به لفعل السؤال المعلّق بالاستفهام من بتقدير حرف الجرّ أي عمّن خلق....وجملة: «خلق....» في محلّ رفع خبر المبتدأ
(من) .
وجملة: «سخّر ... » في محلّ رفع معطوفة على جملة خلق ...وجملة: «يقولنّ ... » لا محلّ لها جواب القسم ... وجواب الشرط محذوف دلّ عليه جواب القسم.
وجملة: «الله
(فعل..) ..» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «يؤفكون ... » في محلّ جزم جواب شرط مقدّر مقترنة بالفاء أي: إن صرفهم الهوى فأنّى يؤفكون.. وجملة الشرط المقدّرة لا محلّ لها استئنافيّة.
- القرآن الكريم - العنكبوت٢٩ :٦١
Al-'Ankabut29:61