الرسم العثمانيإِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن تُغْنِىَ عَنْهُمْ أَمْوٰلُهُمْ وَلَآ أَوْلٰدُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْـًٔا ۖ وَأُولٰٓئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ
الـرسـم الإمـلائـياِنَّ الَّذِيۡنَ كَفَرُوۡا لَنۡ تُغۡنِىَ عَنۡهُمۡ اَمۡوَالُهُمۡ وَلَاۤ اَوۡلَادُهُمۡ مِّنَ اللّٰهِ شَيۡـــًٔا ؕ وَاُولٰٓٮِٕكَ هُمۡ وَقُوۡدُ النَّارِۙ
تفسير ميسر:
إن الذين جحدوا الدين الحق وأنكروه، لن تنفعهم أموالهم ولا أولادهم من عذاب الله شيئًا إن وقع بهم في الدنيا، ولن تدفعه عنهم في الآخرة، وهؤلاء هم حطب النار يوم القيامة.
يخبر تعالى عن الكفار بأنهم وقود النار "يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار" وليس ما أوتوه في الدنيا من الأموال والأولاد بنافع لهم عند الله ولا بمنجيهم من عذابه وأليم عقابه كما قال تعالى "ولا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون" وقال تعالى "لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جنهم وبئس المهاد" وقال ههنا "إن الذين كفروا" أي بآيات الله وكذبوا رسله وخالفوا كتابه ولم ينتفعوا بوحيه إلى أنبيائه "لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك هم وقود النار" أي حطبها الذي تسجر به وتوقد به كقوله "إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جنهم" الآية. قال ابن أبي حاتم;حدثنا أبي حدثنا ابن أبي مريم حدثنا ابن لهيعة أخبرني ابن الهاد عن هند بنت الحارث عن أم الفضل أم عبدالله بن عباس قالت;بينما نحن بمكة قام رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل فنادى "هل بلغت اللهم هل بلغت" ثلاثا فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال نعم ثم أصبح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ليظهرن الإسلام حتى يرد الكفر إلى مواطنه وليخوضن رجال البحار بالإسلام وليأتين على الناس زمان يتعلمون القرآن ويقرؤنه ثم يقولون قرأنا وعلمنا فمن هذا الذي هو خير منا فهل في أولئك من خير"؟ قالوا يا رسول الله فمن أولئك؟ قال "أولئك منكم وهم وقود النار" وقد رواه ابن مردويه من حديث يزيد بن عبدالله بن الهاد عن هند بنت الحارث امرأة عبدالله بن شداد عن أم الفضل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام ليلة بمكة فقال "هل بلغت" يقولها ثلاثا فقام عمر بن الخطاب وكان أواها فقال اللهم نعم وحرصت وجهدت ونصحت فاصبر فقال النبي صلى الله عليه وسلم "ليظهرن الإيمان حتى يرد الكفر إلى مواطنه وليخوضن رجال البحار بالإسلام وليأتين على الناس زمان يقرؤن القرآن فيقرؤنه ويعلمونه فيقولون قد قرأنا وقد علمنا فمن هذا الذي هو خير منا؟ فما في أولئك من خير" قالوا يا رسول الله فمن أولئك؟ قال "أولئك منكم أولئك هم وقود النار" ثم رواه من طريق موسى بن عبيدة عن محمد بن إبراهيم عن بنت الهاد عن العباس بن عبدالمطلب بنحوه.
قوله تعالى ; إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك هم وقود النارمعناه بين ، أي لن تدفع عنهم أموالهم ولا أولادهم من عذاب الله شيئا . وقرأ السلمي " لن يغني " بالياء لتقدم الفعل ودخول الحائل بين الاسم والفعل . وقرأ الحسن " يغني " بالياء وسكون الياء الآخرة للتخفيف ; كقول الشاعر ;كفى باليأس من أسماء كافي وليس لسقمها إذ طال شافيوكان حقه أن يقول كافيا ، فأرسل الياء . وأنشد الفراء في مثله ;كأن أيديهن بالقاع القرق أيدي جوار يتعاطين الورقالقرق والقرقة لغتان في القاع . و " من " في قوله من الله بمعنى عند ; قاله أبو عبيدة .وأولئك هم وقود النار والوقود اسم للحطب ، وقد تقدم في " البقرة " . وقرأ الحسن ومجاهد وطلحة بن مصرف " وقود " بضم الواو على حذف مضاف تقديره حطب وقود النار . ويجوز في العربية إذا ضم الواو أن تقول أقود مثل أقتت . والوقود بضم الواو المصدر ; وقدت النار تقد إذا اشتعلت . وخرج ابن المبارك من حديث العباس بن عبد المطلب قال ; قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; يظهر هذا الدين حتى يجاوز البحار وحتى تخاض البحار بالخيل في سبيل الله - تبارك وتعالى - ثم يأتي أقوام يقرءون القرآن فإذا قرءوه قالوا من أقرأ منا ، من أعلم منا ؟ ثم التفت إلى أصحابه فقال ; هل ترون في أولئكم من خير ؟ ) قالوا ; لا . قال ; ( أولئك منكم وأولئك من هذه الأمة وأولئك هم وقود النار .
القول في تأويل قوله ; إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (10)قال أبو جعفر; يعني جل ثناؤه بقوله; " إنّ الذين كفروا "، إن الذين جحدوا الحق الذي قد عرفوه من نبوَّة محمد صلى الله عليه وسلم من يهود بني إسرائيل ومنافقيهم ومنافقي العرب وكفارهم، الذين في قلوبهم زَيغٌ فهم يتَّبعون من كتاب الله المتشابه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله =" لنْ تُغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئًا "، يعني بذلك أنّ أموالهم وأولادهم لن تُنجيهم من عقوبة الله إن أحلَّها بهم - عاجلا في الدنيا على تكذيبهم بالحق بعد تبيُّنهم، (1)واتباعهم المتشابه طلبَ اللبس - فتدفعها عنهم، ولا يغني ذلك عنهم منها شيئًا، وهم في الآخرة =" وقودُ النار "، يعني بذلك; حَطبُها. (2)________________________________الهوامش ;(1) في المطبوعة; "بعد تثبيتهم" ، ولا معنى لها. وفي المخطوطة "تثبيتهم" غير منقوطة ، والذي أثبته هو صواب قراءتها.(2) انظر تفسير"الوقود" فيما سلف 1; 380.
يخبر تعالى أن الكفار به وبرسله، الجاحدين بدينه وكتابه، قد استحقوا العقاب وشدة العذاب بكفرهم وذنوبهم وأنه لا يغني عنهم مالهم ولا أولادهم شيئا، وإن كانوا في الدنيا يستدفعون بذلك النكبات التي ترد عليهم، ويقولون { نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين } فيوم القيامة يبدو لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون { وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤن } وليس للأولاد والأموال قدر عند الله، إنما ينفع العبد إيمانه بالله وأعماله الصالحة، كما قال تعالى { وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون } وأخبر هنا أن الكفار هم وقود النار، أي: حطبها، الملازمون لها دائما أبدا، وهذه الحال التي ذكر الله تعالى أنها لا تغني الأموال والأولاد عن الكفار شيئا، سنته الجارية في الأمم السابقة.
(إنّ) مرّ اعرابها
(الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب اسم إنّ
(كفروا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ.. والواو فاعلـ (لن) حرف نفي ونصب واستقبالـ (تغني) مضارع منصوبـ (عن) حرف جرّ و (هم) ضمير متّصل في محلّ جرّ متعلّق بـ (تغني) ،
(أموال) فاعل مرفوعو (هم) مضاف إليه
(الواو) عاطفة
(لا) زائدة لتأكيد النفي(أولاد) معطوف على أموال مرفوع مثله و (هم) مضاف إليه
(من الله) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من شيئا- نعت تقدّم على المنعوت-
(شيئا) مفعول به منصوب ،
(الواو) عاطفة
(أولاء) ، اسم اشارة مبنيّ على الكسر في محلّ رفع مبتدأ و (الكاف) حرف خطابـ (هم) ضمير فصل لا محلّ له ،
(وقود) خبر المبتدأ أولئك مرفوع
(النار) مضاف إليه مجرور.
جملة: «إنّ الذين كفروا..» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «كفروا» لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة: «لن تغني عنهم أموالهم» في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «أولئك هم وقود» في محلّ رفع معطوفة على جملة لن تغني .
- القرآن الكريم - آل عمران٣ :١٠
Ali 'Imran3:10