فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِنۢ بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكٰذِبِينَ
فَمَنۡ حَآجَّكَ فِيۡهِ مِنۡۢ بَعۡدِ مَا جَآءَكَ مِنَ الۡعِلۡمِ فَقُلۡ تَعَالَوۡا نَدۡعُ اَبۡنَآءَنَا وَاَبۡنَآءَكُمۡ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمۡ وَاَنۡفُسَنَا وَاَنۡفُسَكُمۡ ثُمَّ نَبۡتَهِلۡ فَنَجۡعَل لَّعۡنَتَ اللّٰهِ عَلَى الۡكٰذِبِيۡنَ
تفسير ميسر:
فمَن جادلك -أيها الرسول- في المسيح عيسى ابن مريم من بعد ما جاءك من العلم في أمر عيسى عليه السلام، فقل لهم; تعالوا نُحْضِر أبناءنا وأبناءكم، ونساءنا ونساءكم، وأنفسنا وأنفسكم، ثم نتجه إلى الله بالدعاء أن يُنزل عقوبته ولعنته على الكاذبين في قولهم، المصرِّين على عنادهم.
ثم قال تعالى آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم أن يباهل من عاند الحق في أمر عيسى بعد ظهور البيان "فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم" أي نحضرهم في حال المباهلة "ثم نبتهل" أي نلتعن "فنجعل لعنة الله على الكاذبين" أي منا ومنكم. وكان سبب نزول هذه المباهله وما قبلها من أول السورة إلى هنا في وفد نجران; إن النصارى لما قدموا فجعلوا يحاجون في عيسى ويزعمون فيه ما يزعمون من البنوة والإلهية فأنزل الله صدر في هذه السورة ردا عليهم كما ذكره الإمام محمد بن إسحاق بن يسار وغيره; قال ابن إسحاق في سيرته المشهورة وغيره; وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد نصارى نجران ستون راكبا فيهم أربعة عشر رجلا من أشرافهم يؤول أمرهم إليهم وهم; العاقب واسمه عبدالمسيـح والسيد وهو الأيهم وأبو حارثة بن علقمة أخو بكر بن وائل وأويس بن الحارث وزيد وقيس ويزيد وابناه وخويلد وعمرو وخالد وعبدالله ومحسن وأمر هؤلاء يؤول إلى ثلاثة منهم وهم العاقب وكان أمير القوم وذا رأيهم وصاحب مشورتهم والذي لا يصدرون إلا عن رأيه والسيد وكان عالمهم وصاحب رحلهم ومجتمعهم وأبو حارثه بن علقمة وكان أسقفهم صاحب مدارستهم وكان رجلا من العرب من بني بكر بن وائل ولكنه تنصر فعظمته الروم وملوكها وشرفوه وبنوا له الكنائس وأخدموه لما يعلمونه من صلابته في دينهم وقد كان يعرف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفته وشأنه ما علمه من الكتب المتقدمة ولكن حمله ذلك على الاستمرار في النصرانية لما يرى من تعظيمه فيها وجاهه عند أهلها. قال ابن إسحاق; وحدثني محمد بن جعفر بن الزبير قال; قدموا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة فدخلوا عليه مسجده حين صلى العصر عليهم ثياب الحبرات جبب وأردية من جمال رجال بني الحارث بن كعب قال; يقول من رآهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ما رأينا بعدهم وفدا مثلهم وقد حانت صلاتهم فقاموا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم; "دعوهم" فصلوا الى المشرق قال; فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أبو حارثة بن علقمة والعاقب عبدالمسيح والسيد الأيهم وهم من النصرانية على دين الملك مع اختلاف أمرهم يقولون; هو الله ويقولون; هو ولد الله ويقولون; هو ثالث ثلاثة تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا. وكذلك النصرانية فهم يحتجون في قولهم هو الله بأنه كان يحيي الموتي ويبرئ الأكمه والأبرص والأسقام ويخبر بالغيوب ويخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيرا وذلك كله بأمر الله وليجعله الله آية للناس ويحتجون في قولهم بأنه ابن الله يقولون; لم يكن له أب يعلم وقد تكلم في المهد بشيء لم يصنعه أحد من بني آدم قبله. ويحتجون على قولهم بأنه ثالث ثلاثة بقول الله تعالى فعلنا وأمرنا وخلقنا وقضينا فيقولون; لو كان واحدا ما قال إلا فعلت وأمرت وقضيت وخلقت ولكنه هو وعيسى ومريم - تعالى الله وتقدس وتنزه عما يقول الظالمون والجاحدون علوا كبيرا - وفي كل ذلك من قولهم قد نزل القرآن. فلما كلمه الحبران قال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم "أسلما" قالا قد أسلمنا قال "إنكما لم تسلما فأسلما" قالا; بلى قد أسلمنا قبلك قال "كذبتما يمنعكما من الإسلام ادعاؤكما لله ولدا وعبادتكما الصليب وأكلكما الخنزير" قالا; فمن أبوه يا محمد؟ فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهما فلم يجبهما فأنزل الله في ذلك من قولهم واختلاف أمرهم صدر سورة آل عمران إلى بضع وثمانين آية منها ثم تكلم ابن إسحاق على تفسيرها إلى أن قال; فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من الله والفصل من القضاء بينه وبيتهم وأمر بما أمر به من ملاعنتهم أن ردوا ذلك عليه دعاهم إلى ذلك فقالوا; يا أبا القاسم دعنا ننظر في أمرنا ثم نأتيك بما نريد أن نفعل فيما دعوتنا إليه ثم انصرفوا عنه ثم خلوا بالعاقب وكان ذا رأيهم فقالوا; يا عبدالمسيح ماذا ترى؟ فقال; والله يا معشر النصارى لقد عرفتم أن محمدا لنبي مرسل ولقد جاءكم بالفصل من خبر صاحبكم. ولقد علمتم أنه ما لاعن قوم نبيا قط فبقي كبيرهم ولا نبت صغيرهم وإنه للاستئصال منكم إن فعلتم فإن كنتم أبيتم إلا ألف دينكم والإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم. فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا; يا أبا القاسم قد رأينا أن لا نلاعنك ونتركك على دينك ونرجع على ديننا ولكن ابعث معنا رجلا من أصحابك ترضاه لنا يحكـم بيننا في أشياء اختلفنا فيها في أموالنا فإنكم عندنا رضا قال محمد بن جعفر; فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم; "ائتوني العشية أبعث معكم القوي الأمين" فكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول; ما أحببت الإمارة قط حبي إياها يومئذ رجاء أن أكون صاحبها فرحت إلى الظهر مهجرا فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر سلم ثم نظر عن يمينه وشماله فجعلت أتطاول له ليراني فلم يزل يلتمس ببصره حتى رأى أبا عبيدة بن الجراح فدعاه فقال "اخرج معهم فاقض بينهم بالحق فيما اختلفوا فيه" قال عمر; فذهب بها أبو عبيدة رضي الله عنه وقد روى ابن مردويه من طريق محمد بن إسحق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج; أن وفد أهل نجران قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه إلا أنه قال في الأشراف; كانوا اثني عشر وذكر بقيته بأطول من هذا السياق وزيادات أخر. وقال البخاري; حدثنا عباس بن الحسين حدثنا يحيى بن آدم عن إسرائيل عن أبي إسحق عن صلة بن زفر عن حذيفة رضي الله عنه قال; جاء العاقب والسيد صاحبا نجران إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدان أن يلاعناه قال; فقال أحدهما لصاحبه; لا تفعل فوالله لئن كان نبيا فلاعناه لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا قالا; إنا نعطيك ما سألتنا وابعث معنا رجلا أمينا ولا تبعث معنا إلا أمينا فقال "لأبعثن معكم رجلا أمينا حق أمين" فاستشرف لها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "قم يا أبا عبيدة بن الجراح" فلما قام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "هذا أمين هذه الأمة". رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث إسرائيل عن أبي إسحق عن صلة عن حذيفة بنحوه وقد رواه أحمد والنسائي وابن ماجه من حديث إسرائيل عن أبي إسحق عن صلة عن ابن مسعود بنحوه. وقال البخاري; حدثنا أبو الوليد حدثنا شعبة عن خالد عن أبي قلابة عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح". وقال الإمام أحمد; حدثنا إسماعيل بن يزيد الرقي أبو يزيد حدثنا قرة عن عبدالكريم بن مالك الجزري عن عكرمة عن ابن عباس قال; قال أبو جهل قبحه الله إن رأيت محمدا يصلي عند الكعبة لآتينه حتى أطأ على رقبته قال; فقال "لو فعل لأخذتة الملائكة عيانا ولو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا ولرأوا مقاعدهم من النار ولو خرج الذين يباهلون رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجعوا لا يجدون مالا ولا أهلا" وقد رواه البخاري والترمذي والنسائي من حديث عبدالرزاق عن معمر عن عبدالكريم به وقال الترمذي; حسن صحيح وقد روى البيهقي في دلائل النبوة قصة وفد نجران مطولة جدا ولنذكره فإن فيه فوائد كثيرة وفيه غرابة وفيه مناسبة لهذا المقام قال البيهقي; حدثنا أبو عبدالله الحافظ أبو سعيد ومحمد بن موسى بن الفضل قالا حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا أحمد بن عبدالجبار حدثنا يونس بن بكير عن سلمة بن عبد يسوع عن أبيه عن جده قال يونس- وكان نصرانيا فأسلم - أن رسول الله صلي الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كتب إلى أهل نجران قبل أن ينزل عليه طس سليمان "باسم إله إبراهيم وإسحق ويعقوب من محمد النبي رسول الله إلى أسقف نجران وأهل نجران أسلم أنتم فإني أحمد إليكم إله إبراهيم وإسحق ويعقوب أما بعد فإني أدعوكم إلى عبادة الله من عبادة العباد وأدعوكم إلى ولاية الله من ولاية العباد فإن أبيتم فالجزية فإن أبيتم فقد آذنتكم بحرب والسلام" فلما أتى الأسقف الكتاب وقرأه فظع به وذعره ذعرا شديدا وبعث إلى رجل من أهل نجران يقال له شرحبيل بن وداعة وكان من همدان ولم يكن أحد يدعى إذا نزلت معضلة قبله لا الأيهم ولا السيد ولا العاقب فدفع الأسقف كتاب رسول الله صلى إلى شرحبيل فقرأه فقال الأسقف; يا أبا مريم ما رأيك؟ فقال شرحبيل; قد علمت ما وعد الله إبراهيم في ذرية إسماعيل من النبوة فما مؤمن أن يكون هذا هو ذاك الرجل ليس لي في أمر النبوة رأي ولو كان في أمر من أمور الدنيا لأشرت عليك فيه برأيي واجتهدت لك فقال الأسقف; تنح فاجلس فتنحى شرحبيل فجلس ناحية فبعث الأسقف إلى رجل من أهل نجران يقال له عبدالله بن شرحبيل وهو من ذي أصبح من حمير فأقراه الكتاب وسأله عن الرأي فيه فقال مثل قول شرحبيل فقال له الأسقف; تنح فاجلس فتنحى عبدالله فجلس ناحية فبعث الأسقف إلى رجل من أهل نجران يقال له جبار بن فيض من بني الحارث بن كعب أحد بني الحماس فأقرأه الكتاب وسأله عن الرأي فيه؟ فقال له مثل قول شرحبيل و عبدالله فأمره الأسقف فتنحى فجلس ناحية فلما اجتمع الرأي منهم على تلك المقالة جميعا أمر الأسقف بالناقوس فضرب به ورفعت النيران والمسوح في الصوامع وكذلك كانوا يفعلون إذا فزعوا بالنهار وإذا كان فزعهم ليلا ضربوا بالناقوس ورفعت النيران في الصوامع فاجتمعوا حين ضرب بالناقوس ورفعت المسوح أهل الوادي أعلاه وأسفله وطول الوادي مسيرة يوم للراكـب السريع وفيه ثلاث وسبعون قرية وعشرون ومائة ألف مقاتل فقرأ عليهم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسألهم عن الرأي فيه فاجتمع رأي أهل الرأي منهم على أن يبعثوا شرحبيل بن وداعة الهمدانى و عبدالله بن شرحبيل الأصبحي وجبار بن فيض الحارثي فيأتونهم بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق الوفد حتى إذا كانوا بالمدينة وضعوا ثياب السفر عنهم ولبسوا حللا لهم يجرونها من حبرة وخواتيم الذهب ثم انطلقوا حتى أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلموا عليه فلم يرد عليهم وتصدوا لكلامه نهارا طويلا فلم يكلمهم وعليهم تلك الحلل وخواتيم الذهب فانطلقوا يتبعون عثمان بن عفان وعبدالرحمن بن عوف وكانا معرفة لهم فوجدوهما في ناس من المهاجرين والأنصار في مجلس فقالوا يا عثمان ويا عبدالرحمن إن نبيكم كتب إلينا كتابا فأقبلنا مجيبين له فأتيناه فسلمنا عليه فلم يرد سلامنا وتصديقنا لكلامه نهارا طويلا فأعيانا أن يكلمنا فما الرأي منكما أترون أن نرجع؟ فقالا لعلي بن أبي طالب وهو في القوم; ما ترى يا أبا الحسن في هؤلاء القوم؟ فقال علي لعثمان وعبدالرحمن; أرى أن يضعوا حللهم هذه وخواتيمهم ويلبسوا ثياب سفرهم يعودون إليه ففعلوا فسلموا عليه فرد سلامهم ثم قال "والذي بعثني بالحق لقد أتوني المرة الأولى وإن إبليس لمعهم" ثم سألهم وسألوه فلم تزل به وبهم المسألة حتى قالوا له; ما تقول في عيسى فإنا نرجع إلى قومنا ونحن نصارى يسرنا إن كنت نبيا أن نسمع ما تقول فيه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما عندي فيه شيء يومي هذا فأقيموا حتى أخبركم بما يقول لي ربي في عيسى" فأصبح الغد وقد أنزل الله هذه الآية "إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم - إلى قوله - الكاذبين" فأبوا أن يقروا بذلك فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم الغد بعد ما أخبرهم الخبر أقبل مشتملا على الحسن والحسين في خميل له وفاطمة تمشي عند ظهره للملاعنة وله يومئذ عدة نسوة فقال شرحبيل لصاحبيه; لقد علمتما أن الوادي إذا اجتمع أعلاه وأسفله لم يردوا ولم يصدروا إلا عن رأيي وإني والله أرى أمرا ثقيلا والله لئن كان هذا الرجل مبعوثا فكنا أول العرب طعنا في عينيه وردا عليه أمره لا يذهب لنا من صدره ولا من صدور أصحابه حتى يصيبنا بجائحة وأنا لأدنى العرب منهما جوارا ولئن كان هذا الرجل نبيا مرسلا فلاعناه لا يبقى منا على وجه الأرض شعر ولا ظفر إلا هلك فقال صاحباه; فما الرأي يا أبا مريم؟ فقال; أرى أن أحكمه فإني أرى رجلا لا يحكم شططا أبدا فقالا له; أنت وذاك قال; فتلقى شرحبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له; إني قد رأيت خيرا من ملاعنتك فقال "وما هو؟" فقال; حكمك اليوم إلى الليل وليلتك إلى الصباح فمهما حكمت فينا فهو جائز فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم; "لعل وراءك أحدا يثرب عليك "؟ فقال شرحبيل; سل صاحبي فسألهما فقالا; ما يرد الوادي ولا يصدر إلا عن رأي شرحبيل فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يلاعنهم حتى إذا كان من الغد أتوه فكتب لهم هذا الكتاب بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما كتب النبي صلى الله عليه وسلم لنجران - إن كان عليهم حكمه - في كل ثمرة وكل صفراء وبيضاء وسوداء ورقيق فاضل عليهم وترك ذلك كله لهم على ألفي حلة في كل رجب ألف حلة وفي كل صفر ألف حلة" وذكر تمام الشروط وبقية السياق والغرض أن وفودهم كان في سنة تسع لأن الزهري قال; كان أهل نجران أول من أدى الجزية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وآية الجزية إنما أنزلت بعد الفتح وهي قوله تعالى قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر الآية وقال أبو بكر بن مردويه; حدثنا سليمان بن أحمد حدثنا أحمد بن داود المكي حدثنا بشر بن مهران حدثنا محمد بن دينار عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن جابر قال; قدم على النبي صلى الله عليه وسلم العاقب والطيب فدعاهما إلى الملاعنة فواعداه على أن يلاعناه الغداة قال; فغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بيد علي وفاطمة والحسن والحسين ثم أرسل إليهما فأبيا أن يجيبا وأقرا له بالخراج قال; فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "والذي بعثني بالحق لو قالا; لا لأمطر عليهم الوادي نارا" قال جابر; وفيهم نزلت "ندع أبناءك وأبناءكم ونساءك ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم" قال جابر "أنفسنا وأنفسكم" رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي بن أبي طالب "وأبناءنا" الحسن والحسين "ونساءنا" فاطمة. وهكذا رواه الحاكم في مستدركه عن علي بن عيسى عن أحمد بن محمد بن الأزهري عن علي بن حجر عن علي بن مسهر عن داود بن أبي هند به بمعناه. ثم قال; صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه هكذا. قالا; وقد رواه أبو داود الطيالسي عن شعبة عن المغيرة عن الشعبي مرسلا وهذا أصح وقد روى عن ابن عباس والبراء نحو ذلك.