الرسم العثمانيوَمِنْ ءَايٰتِهِۦ خَلْقُ السَّمٰوٰتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلٰفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوٰنِكُمْ ۚ إِنَّ فِى ذٰلِكَ لَءَايٰتٍ لِّلْعٰلِمِينَ
الـرسـم الإمـلائـيوَمِنۡ اٰيٰتِهٖ خَلۡقُ السَّمٰوٰتِ وَالۡاَرۡضِ وَاخۡتِلَافُ اَلۡسِنَتِكُمۡ وَاَلۡوَانِكُمۡؕ اِنَّ فِىۡ ذٰلِكَ لَاٰيٰتٍ لِّلۡعٰلِمِيۡنَ
تفسير ميسر:
ومن دلائل القدرة الربانية; خَلْقُ السموات وارتفاعها بغير عمد، وخَلْقُ الأرض مع اتساعها وامتدادها، واختلافُ لغاتكم وتباينُ ألوانكم، إن في هذا لَعبرة لكل ذي علم وبصيرة.
"ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله" أي ومن الآيات ما جعل الله من صفة النوم في الليل والنهار فيه تحصل الراحة وسكون الحركة وذهاب الكلال والتعب وجعل لكم الانتشار والسعي في الأسباب والأسفار في النهار وهذا ضد النوم "إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون" أي يعون. قال الطبراني حدثنا حجاج بن عمران السدوسي حدثنا عمرو بن الحصين العقيلي حدثنا محمد بن عبدالله بن علاثة حدثنا ثور بن يزيد عن خالد بن معدان سمعت عبدالملك بن مروان يحدث عن أبيه عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال; أصابني أرق من الليل فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "قل اللهم غارت النجوم وهدأت العيون وأنت حي قيوم يا حي يا قيوم أنم عيني وأهدئ ليلي" فقلتها فذهب عني.
ومن آياته خلق السماوات والأرض تقدم في ( البقرة ) وكانوا يعترفون بأن الله هو الخالق . واختلاف ألسنتكم وألوانكم اللسان في الفم ; وفيه اختلاف اللغات ; من العربية والعجمية والتركية والرومية . واختلاف الألوان في الصور ; من البياض والسواد والحمرة ; فلا تكاد ترى أحدا إلا وأنت تفرق بينه وبين الآخر . وليس هذه الأشياء من فعل النطفة ولا من فعل الأبوين ; فلا بد من فاعل ، فعلم أن الفاعل هو الله تعالى ; فهذا من أدل دليل على المدبر البارئ . إن في ذلك لآيات للعالمين أي للبر والفاجر . وقرأ حفص ; للعالمين بكسر اللام جمع عالم .
القول في تأويل قوله تعالى ; وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ (22)يقول تعالى ذكره; ومن حججه وأدلته أيضا على أنه لا يُعجزه شيء، وأنه إذا شاء أمات من كان حيا من خلقه، ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ وأعاده كما كان قبل إماتته إياه خلقه السموات والأرض من غير شيء أحدث ذلك منه، بل بقدرته التي لا يمتنع معها عليه شيء أراده (وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ) يقول; واختلاف منطق ألسنتكم ولغاتها(وَأَلْوَانِكُمْ) يقول; واختلاف ألوان أجسامكم (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ للْعالِمِينَ) يقول; إن في فعله ذلك كذلك لعبرا وأدلة لخلقه الذين يعقلون أنه لا يعييه إعادتهم لهيئتهم التي كانوا بها قبل مماتهم من بعد فنائهم، وقد بيَّنا معنى (الْعَالِمِينَ) فيما مضى قبل.
والعَالِمُون هم أهل العلم الذين يفهمون العبر ويتدبرون الآيات. والآيات في ذلك كثيرة: فمن آيات خلق السماوات والأرض وما فيهما، أن ذلك دال على عظمة سلطان اللّه وكمال اقتداره الذي أوجد هذه المخلوقات العظيمة، وكمال حكمته لما فيها من الإتقان وسعة علمه، لأن الخالق لا بد أن يعلم ما خلقه { أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ } وعموم رحمته وفضله لما في ذلك من المنافع الجليلة، وأنه المريد الذي يختار ما يشاء لما فيها من التخصيصات والمزايا، وأنه وحده الذي يستحق أن يعبد ويوحد لأنه المنفرد بالخلق فيجب أن يفرد بالعبادة، فكل هذه أدلة عقلية نبه اللّه العقول إليها وأمرها بالتفكر واستخراج العبرة منها.{ و } كذلك في { اخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ } على كثرتكم وتباينكم مع أن الأصل واحد ومخارج الحروف واحدة، ومع ذلك لا تجد صوتين متفقين من كل وجه ولا لونين متشابهين من كل وجه إلا وتجد من الفرق بين ذلك ما به يحصل التمييز. وهذا دال على كمال قدرته، ونفوذ مشيئته.و [من] عنايته بعباده ورحمته بهم أن قدر ذلك الاختلاف لئلا يقع التشابه فيحصل الاضطراب ويفوت كثير من المقاصد والمطالب.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - الروم٣٠ :٢٢
Ar-Rum30:22