الرسم العثمانيوَمَآ أَرْسَلْنٰكَ إِلَّا كَآفَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ
الـرسـم الإمـلائـيوَمَاۤ اَرۡسَلۡنٰكَ اِلَّا كَآفَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيۡرًا وَّنَذِيۡرًا وَّلٰـكِنَّ اَكۡثَرَ النَّاسِ لَا يَعۡلَمُوۡنَ
تفسير ميسر:
وما أرسلناك -أيها الرسول- إلا للناس أجمعين مبشرًا بثواب الله، ومنذرًا عقابه، ولكن أكثر الناس لا يعلمون الحق، فهم معرضون عنه.
يقول تعالى لعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم تسليما " وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا " أي إلا إلى جميع الخلائق من المكلفين كقوله تبارك وتعالى; " قل يا أيها الناس إنى رسول الله إليكم جميعا " " تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا " " بشيرا ونذيرا " أي تبشر من أطاعك بالجنة وتنذر من عصاك بالنار " ولكن أكثر الناس لا يعلمون " كقوله عز وجل " وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين " " وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله " قال محمد بن كعب فى قوله تعالى " وما أرسلناك إلا كافة للناس " يعنى إلى الناس عامة وقال قتادة في هذه الآية أرسل الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم إلى العرب والعجم فأكرمهم على الله تبارك وتعالى أطوعهم لله عز وجل.وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبن عبد الله الظهراني حدثنا حفص بن عمر العدني حدثنا الحكم يعني ابن أبان عن عكرمة قال سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يقول; إن الله تعالى فضل محمدا صلى الله عليه وسلم على أهل السماء وعلى الأنبياء.قالوا يا ابن عباس فبم فضله الله على الأنبياء ؟ قال رضي الله عنه إن الله تعالى قال " وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم " وقال النبي صلى الله عليه وسلم " وما أرسلناك إلا كافة للناس " فأرسله الله تعالى إلى الجن والإنس0. وهذا الذي قاله ابن عباس رضي الله عنهما قد ثبت في الصحيحين رفعه عن جابر رضي الله عنه قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي; نصرت بالرعب مسيرة شهر وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي وأعطيت الشفاعة وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة " وفي الصحيح أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " بعثت إلى الأسود والأحمر " قال مجاهد يعني الجن والإنس وقال غيره يعني العرب والعجم والكل صحيح.ثم قال عز وجل مخبرا عن الكفار في استبعادهم قيام الساعة.
قوله تعالى ; وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمونقوله تعالى ; وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا أي وما أرسلناك إلا للناس كافة أي عامة ; في الكلام تقديم وتأخير . وقال الزجاج ; أي وما أرسلناك إلا جامعا للناس بالإنذار والإبلاغ . والكافة بمعنى الجامع . وقيل ; معناه كافا للناس ، تكفهم عما هم فيه من الكفر وتدعوهم إلى الإسلام . والهاء للمبالغة . وقيل ; أي إلا ذا كافة ، فحذف المضاف ، أي ذا منع للناس من أن يشذوا عن تبليغك ، أو ذا منع لهم من الكفر ، ومنه ; كف الثوب ; لأنه ضم طرفيه . ( بشيرا ) أي بالجنة لمن أطاع . ( ونذيرا ) من النار لمن كفر . ( ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) ما عند الله وهم المشركون ; وكانوا في ذلك الوقت أكثر من المؤمنين عددا .
القول في تأويل قوله تعالى ; وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (28)يقول تعالى ذكره; وما أرسلناك يا محمد إلى هؤلاء المشركين بالله من قومك خاصة، ولكنا أرسلناك كافة للناس أجمعين؛ العرب منهم والعجم، والأحمر والأسود، بشيرًا من أطاعك، ونذيرًا من كذبك ( وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) أن الله أرسلك كذلك إلى جميع البشر.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة قوله ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ ) قال; أرسل الله محمدًا إلى العرب والعجم، فأكرمُهُم على الله أطوعهم له.ذكر لنا نبي الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال; " أنَا سابِقُ العربِ وصُهيبُ سابِقُ الرُّومِ وبِلالُ سابقُ الحبشةِ وسلْمَانُ سابقُ فارِسَ".
يخبر تعالى أنه ما أرسل رسوله صلى اللّه عليه وسلم, إلا ليبشر جميع الناس بثواب اللّه, ويخبرهم بالأعمال الموجبة لذلك، وينذرهم عقاب اللّه, ويخبرهم بالأعمال الموجبة له, فليس لك من الأمر شيء، وكل ما اقترح عليك أهل التكذيب والعناد, فليس من وظيفتك, إنما ذلك بيد اللّه تعالى، { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } أي: ليس لهم علم صحيح, بل إما جهال, أو معاندون لم يعملوا بعلمهم, فكأنهم لا علم لهم. ومن عدم علمهم, جعلهم عدم الإجابة لما اقترحوه على الرسول, مجبا لرد دعوته.
(الواو) استئنافيّة
(ما) نافية
(إلّا) للحصر
(كافّة) حال من الناس منصوبة ،
(للناس) متعلّق بفعل أرسلناك، واللام بمعنى لأجل ،
(بشيرا) حال من ضمير المخاطب منصوبة
(الواو) عاطفة
(لا) نافية.
جملة: «ما أرسلناك إلّا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «لكنّ أكثر الناس ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «لا يعلمون ... » في محلّ رفع خبر لكنّ.
- القرآن الكريم - سبإ٣٤ :٢٨
Saba'34:28