الرسم العثمانيقُلْ إِنَّ رَبِّى يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلّٰمُ الْغُيُوبِ
الـرسـم الإمـلائـيقُلۡ اِنَّ رَبِّىۡ يَقۡذِفُ بِالۡحَـقِّۚ عَلَّامُ الۡغُيُوۡبِ
تفسير ميسر:
قل -أيها الرسول- لمن أنكر التوحيد ورسالة الإسلام; إن ربي يقذف الباطل بحجج من الحق، فيفضحه ويهلكه، والله علام الغيوب، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.
" قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب " كقوله تعالى; " يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده" أو يرسل الملك إلى من يشاء من عباده من أهل الأرض وهو علام الغيوب فلا تخفى عليه خافية في السموات ولافي الأرض.
قوله تعالى ; قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب أي يبين الحجة ويظهرها . قال قتادة ; بالحق بالوحي . وعنه ; الحق القرآن . وقال ابن عباس ; أي يقذف الباطل بالحق علام الغيوب . وقرأ عيسى بن عمر علام الغيوب على أنه بدل ، أي قل إن ربي علام الغيوب يقذف بالحق . قال الزجاج . والرفع من وجهين على الموضع ؛ لأن الموضع موضع رفع ، أو على البدل مما في يقذف . النحاس ; وفي الرفع وجهان آخران ; يكون خبرا بعد خبر ، ويكون على إضمار مبتدأ . وزعم الفراء أن الرفع في مثل هذا أكثر في كلام العرب إذا أتى بعد خبر ( إن ) ومثله إن ذلك لحق تخاصم أهل النار وقرئ ; ( الغيوب ) بالحركات الثلاث ، فالغيوب كالبيوت ، والغيوب كالصبور ، وهو الأمر الذي غاب وخفي جدا .
القول في تأويل قوله تعالى ; قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلامُ الْغُيُوبِ (48)يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم; (قُلْ) يا محمد لمشركي قومك ( إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ ) وهو الوحي، يقول; ينـزله من السماء، فيقذفه إلى نبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم (عَلامُ الْغُيُوبِ) يقول; علام ما يغيب عن الأبصار، ولا مَظْهَر لها، وما لم يكن مما هو كائن، وذلك من صفة الرب، غير أنه رفع لمجيئه بعد الخبر، وكذلك تفعل العرب إذا وقع النعت بعد الخبر، في أن أتبعوا النعت إعراب ما في الخبر، فقالوا; إن أباك يقوم الكريم، فرفع الكريم على ما وصفت، والنصب فيه جائز؛ لأنه نعت للأب، فيتبع إعرابه.
ولما بين البراهين الدالة على صحة الحق, وبطلان الباطل, أخبر تعالى أن هذه سنته وعادته أن { يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ } لأنه بين من الحق في هذا الموضع, ورد به أقوال المكذبين, ما كان عبرة للمعتبرين, وآية للمتأملين.فإنك كما ترى, كيف اضمحلت أقوال المكذبين, وتبين كذبهم وعنادهم, وظهر الحق وسطع, وبطل الباطل وانقمع، وذلك بسبب بيان { عَلَّامُ الْغُيُوبِ } الذي يعلم ما تنطوي عليه القلوب, من الوساوس والشبه, ويعلم ما يقابل ذلك, ويدفعه من الحجج.
(بالحقّ) متعلّق بـ (يقذف) و (الباء) سببيّة ،
(علّام) خبر ثان مرفوع.
جملة: «قل ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «إنّ ربّي ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «يقذف ... » في محلّ رفع خبر إنّ.
- القرآن الكريم - سبإ٣٤ :٤٨
Saba'34:48