الرسم العثمانيوَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوٓا إِلٰى جَهَنَّمَ زُمَرًا ۖ حَتّٰىٓ إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوٰبُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ ءَايٰتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هٰذَا ۚ قَالُوا بَلٰى وَلٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكٰفِرِينَ
الـرسـم الإمـلائـيوَسِيۡقَ الَّذِيۡنَ كَفَرُوۡۤا اِلٰى جَهَنَّمَ زُمَرًا ؕ حَتّٰٓى اِذَا جَآءُوۡهَا فُتِحَتۡ اَبۡوَابُهَا وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَـتُهَاۤ اَلَمۡ يَاۡتِكُمۡ رُسُلٌ مِّنۡكُمۡ يَتۡلُوۡنَ عَلَيۡكُمۡ اٰيٰتِ رَبِّكُمۡ وَيُنۡذِرُوۡنَـكُمۡ لِقَآءَ يَوۡمِكُمۡ هٰذَا ؕ قَالُوۡا بَلٰى وَلٰـكِنۡ حَقَّتۡ كَلِمَةُ الۡعَذَابِ عَلَى الۡكٰفِرِيۡنَ
تفسير ميسر:
وسيق الذين كفروا بالله ورسله إلى جهنم جماعات، حتى إذا جاؤوها فتح الخزنة الموكَّلون بها أبوابها السبعة، وزجروهم قائلين; كيف تعصون الله وتجحدون أنه الإله الحق وحده؟ ألم يرسل إليكم رسلا منكم يتلون عليكم آيات ربكم، ويحذِّرونكم أهوال هذا اليوم؟ قالوا مقرين بذنبهم; بلى قد جاءت رسل ربنا بالحق، وحذَّرونا هذا اليوم، ولكن وجبت كلمة الله أن عذابه لأهل الكفر به.
يخبر تعالى عن حال الأشقياء الكفار كيف يساقون إلى النار وإنما يساقون سوقا عنيفا بزجر وتهديد ووعيد كما قال عز وجل "يوم يدعون إلى نار جهنم دعا" أي يدفعون إليها دفعا وهذا وهم عطاش ظماء كما قال جل وعلا في الآية الأخرى "يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا" وهم في تلك الحال صم وبكم وعمي منهم من يمشي على وجهه "ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا" وقوله تبارك وتعالى "حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها" أي بمجرد وصولهم إليها فتحت لهم أبوابها سريعا لتعجل لهم العقوبة ثم يقول لهم خزنتها من الزبانية الذين هم غلاظ الأخلاق شداد القوى على وجه التقريع والتوبيخ والتنكيل "ألم يأتكم رسل منكم" أي من جنسكم تتمكنون من مخاطبتهم والأخذ عنهم "يتلون عليكم آيات ربكم" أى يقيمون عليكم الحجج والبراهين على صحة ما دعوكم إليه "وينذرونكم لقاء يومكم هذا" أي ويحذرونكم من شر هذا اليوم؟ فيقول الكفار لهم "بلى" أي قد جاءونا وأنذروا وأقاموا علينا الحجج والبراهين "ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين" أي ولكن كذبناهم وخالفناهم لما سبق لنا من الشقوة التي كنا نستحقها حيث عدلنا عن الحق إلى الباطل كما قال عز وجل مخبرا عنهم في الآية الأخرى "كلما ألقي فيها فوج سألهم حزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير" أي رجعوا على أنفسهم بالملامة والندامة "فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير" أي بعدا لهم وخسارا.
قوله تعالى ; وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا هذا بيان توفية كل نفس عملها ، فيساق الكافر إلى النار والمؤمن إلى الجنة . والزمر ; الجماعات واحدتها زمرة كظلمة وغرفة . وقال الأخفش وأبو عبيدة ; زمرا ; جماعات متفرقة بعضها إثر بعض . قال الشاعر ;وترى الناس إلى منزله زمرا تنتابه بعد زمروقال آخر ;حتى احزألت زمر بعد زمروقيل ; دفعا وزجرا بصوت كصوت المزمار .حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها جواب إذا ، وهي سبعة أبواب . وقد مضى في [ الحجر ] . وقال لهم خزنتها واحدهم خازن نحو سدنة وسادن ، يقولون لهم تقريعا وتوبيخا . ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم أي الكتب المنزلة على الأنبياء . وينذرونكم أي يخوفونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى أي قد جاءتنا ، وهذا اعتراف منهم بقيام الحجة عليهم ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين وهي قوله تعالى ; لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين .
وقوله; ( وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ ) يقول; وحشر الذين كفروا بالله إلى ناره التي أعدّها لهم يوم القيامة جماعات, جماعة جماعة, وحزبا حزبا.كما حدثنا بشر, قال; ثنا يزيد, قال; ثنا سعيد, عن قتادة في قوله; ( زُمَرًا ) قال; جماعات.وقوله; ( إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا ) السبعة ( وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا ) قوامها; ( أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ ) يعني; كتاب الله المنـزل على رسله وحججه التي بعث بها رسله إلى أممهم ( وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا ) يقول; وينذرونكم ما تلقون في يومكم هذا ، وقد يحتمل أن يكون معناه; وينذرونكم مصيركم إلى هذا اليوم. قالوا; بلى; يقول; قال الذين كفروا مجيبين لخزنة جهنم; بلى قد أتتنا الرسل منا, فأنذرتنا لقاءنا هذا اليوم ( وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ ) يقول; قالوا; ولكن وجبت كلمة الله أن عذابه لأهل الكفر به علينا بكفرنا به.كما حدثنا بشر, قال; ثنا يزيد, قال; ثنا سعيد, عن قتادة, قوله; ( وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ ) بأعمالهم.
لما ذكر تعالى حكمه بين عباده، الذين جمعهم في خلقه ورزقه وتدبيره، واجتماعهم في الدنيا، واجتماعهم في موقف القيامة، فرقهم تعالى عند جزائهم، كما افترقوا في الدنيا بالإيمان والكفر، والتقوى والفجور، فقال: { وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ } أي: سوقا عنيفا، يضربون بالسياط الموجعة، من الزبانية الغلاظ الشداد، إلى شر محبس وأفظع موضع، وهي جهنم التي قد جمعت كل عذاب، وحضرها كل شقاء، وزال عنها كل سرور، كما قال تعالى: { يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا } أي: يدفعون إليها دفعا، وذلك لامتناعهم من دخولها.ويساقون إليها { زُمَرًا } أي: فرقا متفرقة، كل زمرة مع الزمرة التي تناسب عملها، وتشاكل سعيها، يلعن بعضهم بعضا، ويبرأ بعضهم من بعض. { حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا } أي: وصلوا إلى ساحتها { فُتِحَتْ } لهم أي: لأجلهم { أَبْوَابُهَا } لقدومهم وقِرًى لنزولهم.{ وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا } مهنئين لهم بالشقاء الأبدي، والعذاب السرمدي، وموبخين لهم على الأعمال التي أوصلتهم إلى هذا المحل الفظيع: { أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ } أي: من جنسكم تعرفونهم وتعرفون صدقهم، وتتمكنون من التلقي عنهم؟. { يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ } التي أرسلهم اللّه بها، الدالة على الحق اليقين بأوضح البراهين.{ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا } أي: وهذا يوجب عليكم اتباعهم والحذر من عذاب هذا اليوم، باستعمال تقواه، وقد كانت حالكم بخلاف هذه الحال؟{ قَالُوا } مقرين بذنبهم، وأن حجة اللّه قامت عليهم: { بَلَى } قد جاءتنا رسل ربنا بآياته وبيناته، وبينوا لنا غاية التبيين، وحذرونا من هذا اليوم. { وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ } أي: بسبب كفرهم وجبت عليهم كلمة العذاب، التي هي لكل من كفر بآيات اللّه، وجحد ما جاءت به المرسلون، فاعترفوا بذنبهم وقيام الحجة عليهم.
(الواو) عاطفة
(إلى جهنّم) متعلّق بـ (سيق) ،
(زمرا) حال منصوبة
(حتّى) حرف ابتداء
(لهم) متعلّق بـ (قال) ،
(الهمزة) للاستفهام التقريعيّ
(منكم) متعلّق بنعت لرسلـ (عليكم) متعلّق بـ (يتلون) ،
(لقاء) مفعول به ثان منصوبـ (هذا) اسم إشارة نعت لـ (يوم) في محلّ جرّ
(بلى) حرف جواب لإيجاب السؤال المنفي(الواو) للاستئناف
(لكن) حرف استدراك مهملـ (على الكافرين) متعلّق بـ (حقّت) .
جملة: «سيق الذين ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة وفّيت كلّ نفس .وجملة: «كفروا ... » لا محل لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة: «جاءوها..» في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «فتحت أبوابها ... » لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «قال لهم خزنتها ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة فتحت أبوابها.
وجملة: «ألم يأتكم رسل....» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «يتلون ... » في محلّ نصب حال من رسل .
وجملة: «ينذرونكم ... » في محلّ نصب معطوفة على جملة يتلون.
وجملة: «قالوا....» لا محلّ لها استئناف بيانيّ.. ومقول القول محذوف أي بلى جاءتنا الرسل.
وجملة: «حقّت كلمة العذاب ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
- القرآن الكريم - الزمر٣٩ :٧١
Az-Zumar39:71