يٰٓأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَآءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِى تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا
يٰۤـاَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوۡا رَبَّكُمُ الَّذِىۡ خَلَقَكُمۡ مِّنۡ نَّفۡسٍ وَّاحِدَةٍ وَّخَلَقَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا وَبَثَّ مِنۡهُمَا رِجَالًا كَثِيۡرًا وَّنِسَآءً ۚ وَاتَّقُوا اللّٰهَ الَّذِىۡ تَسَآءَلُوۡنَ بِهٖ وَالۡاَرۡحَامَ ؕ اِنَّ اللّٰهَ كَانَ عَلَيۡكُمۡ رَقِيۡبًا
تفسير ميسر:
يا أيها الناس خافوا الله والتزموا أوامره، واجتنبوا نواهيه؛ فهو الذي خلقكم من نفس واحدة هي آدم عليه السلام، وخلق منها زوجها وهي حواء، ونشر منهما في أنحاء الأرض رجالا كثيرًا ونساء كثيرات، وراقبوا الله الذي يَسْأل به بعضكم بعضًا، واحذروا أن تقطعوا أرحامكم. إن الله مراقب لجميع أحوالكم.
سورة النساء قال العوفي عن ابن عباس; نزلت سورة النساء بالمدينة. وكذا روى ابن مردويه عن عبدالله بن الزبير وزيد بن ثابت وروى من طريق عبدالله بن لهيعة عن أخيه عيسى عن عكرمة عن ابن عباس قال; لما نزلت سورة النساء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا حبس" وقال الحاكم في مستدركه; حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا أبو البختري عبدالله بن محمد شاكر حدثنا محمد بن بشر العبدي حدثنا مسعر بن كدام عن معن بن عبدالرحمن بن عبدالله بن مسعود قال; إن في سورة النساء لخمس آيات ما يسرني أن لي بها الدنيا وما فيها "إن الله لا يظلم مثقال ذرة" الآية و"إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه" الآية و"إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء" و"ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك" الآية ثم قال; هذا إسناد صحيح إن كان عبدالرحمن سمع من أبيه فقد اختلف في ذلك. وقال عبدالرزاق أخبرنا معمر عن رجل عن ابن مسعود قال; خمس آيات من النساء لهن أحب إلى من الدنيا جميعا "إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم" وقوله "وإن تك حسنة يضاعفها" وقوله "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء" وقوله "ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما" رواه ابن جرير. ثم روى من طريق صالح المري عن قتادة عن ابن عباس قال; ثماني آيات نزلت في سورة النساء خير لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس وغربت أولهن "يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب الله عليكم والله عليم حكيم" والثانية "والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما" والثالثة "يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا" ثم ذكر قول ابن مسعود سواء يعني في الخمسة الباقية- وروى الحاكم من طريق أبي نعيم عن سفيان بن عيينة عن عبيدالله بن أبي يزيد عن ابن أبي مليكة سمعت ابن عباس يقول; سلوني عن سورة النساء فإني قرأت القرآن وأنا صغير ثم قال; هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. يقول تعالى آمرا خلقه بتقواه وهي عبادته وحده لا شريك له ومنبها لهم على قدرته التي خلقهم بهـا من نفس واحدة وهي آدم عليه السلام "وخلق منها زوجها" وهي حواء عليها السلام خلقت من ضلعه الأيسر من خلقه وهو نائم فاستيقظ فرآها فأعجبته فأنس إليها وأنست إليه. وقال أبن أبي حاتم; حدثنا أبي حدثنا محمد بن مقاتل حدثنا وكيع عن أبي هلال عن قتادة عن ابن عباس قال; خلقت المرأة من الرجل فجعلت نهمتها في الرجل وخلق الرجل من الأرض لجعلت نهمته في الأرض فاحبسوا نساءكم. وفي الحديث الصحيح "إن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج" وقوله"وبث منهما رجالا كثيرا ونساء" أي وذرأ منهما أي من آدم وحواء رجالا كثيرا ونساء ونشرهم في أقطار العالم على اختلاف أصنافهم وصفاتهم وألوانهم ولغاتهم ثم إليه بعد ذلك المعاد والمحشر. ثم قال تعالى "واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام" أي واتقوا الله بطاعتكم إياه قال إبراهيم ومجاهد والحسن "الذي تساءلون به" أي كما يقال أسألك بالله وبالرحم. وقال الضحاك; واتقوا الله الذي تعاقدون وتعاهدون به واتقوا الأرحام إن تقطعوها ولكن بروها وصلوها قاله ابن عباس وعكرمة ومجاهد والحسن والضحاك والربيع وغير واحد. وقرأ بعضهم "والأرحام" بالخفض على العطف على الضمير في به أي تساءلون بالله وبالأرحام كما قال مجاهد وغيره. وقوله "إن الله كان عليكم رقيبا" أي هو مراقب لجميع أحوالكم وأعمالكم كما قال "والله على كل شيء شهيد". وفي الحديث الصحيح "اعبدالله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" وهذا إرشاد وأمر بمراقبة الرقيب. ولهذا ذكر تعالى أن أصل الخلق من أب واحد وأم واحدة ليعطف بعضهم على بعض ويحثهم على ضعفائهم. وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث جرير بن عبدالله البجلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم عليه أولئك النفر من مضر-. وهم مجتابو النمار أي من عريهم وفقرهم - قام فخطب الناس بعد صلاة الظهر فقال في خطبته"يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة حتى ختم" الآية. ثم قال "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد" ثم حضهم على الصدقة فقال "تصدق رجل من ديناره من درهمه من صاع بره من صاع تمره". وذكره تمام الحديث وهكذا رواه أحمد وأهل السنن عن ابن مسعود في خطبة الحاجة وفيها ثم يقرأ ثلاث آيات هذه منها "يا أيها الناس اتقوا ربكم" الآية.
سورة النساءوهي مدنية إلا آية واحدة نزلت بمكة عام الفتح في عثمان بن طلحة الحجبي وهي قوله ; إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها على ما يأتي بيانه . قال النقاش ; وقيل ; نزلت عند هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة . وقد قال بعض الناس ; إن قوله تعالى ; يا أيها الناس حيث وقع إنما هو مكي ، وقاله علقمة وغيره ، فيشبه أن يكون صدر السورة مكيا ، وما نزل بعد الهجرة فإنما هو مدني . وقال النحاس ; هذه السورة مكية .قلت ; والصحيح الأول ، فإن في صحيح البخاري عن عائشة أنها قالت ; ما نزلت سورة النساء إلا وأنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ تعني قد بنى بها . ولا خلاف بين العلماء أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما بنى بعائشة بالمدينة . ومن تبين أحكامها علم أنها مدنية لا شك فيها . وأما من قال ; إن قوله ; يا أيها الناس مكي حيث وقع فليس بصحيح ؛ فإن البقرة مدنية وفيها قوله ، يا أيها الناس في موضعين ، وقد تقدم . والله أعلمقوله يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبافيه ست مسائل ;الأولى ; قوله تعالى ; يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم قد مضى في [ ص; 4 ] " البقرة " اشتقاق الناس ومعنى التقوى والرب والخلق والزوج والبث ، فلا معنى للإعادة . وفي الآية تنبيه على الصانع . وقال ; " واحدة " على تأنيث لفظ النفس . ولفظ النفس يؤنث وإن عني به مذكر . ويجوز في الكلام " من نفس واحد " وهذا على مراعاة المعنى ؛ إذ المراد بالنفس آدم عليه السلام ، قاله مجاهد وقتادة . وهي قراءة ابن أبي عبلة " واحد " بغير هاء . وبث ; فرق ونشر في الأرض ؛ ومنه وزرابي مبثوثة وقد تقدم في " البقرة " .ومنهما يعني آدم وحواء . قال مجاهد ; خلقت حواء من قصيرى آدم . وفي الحديث ; خلقت المرأة من ضلع عوجاء ، وقد مضى في البقرة . رجالا كثيرا ونساء حصر ذريتهما في نوعين ؛ فاقتضى أن الخنثى ليس بنوع ، لكن له حقيقة ترده إلى هذين النوعين وهي الآدمية فيلحق بأحدهما ، على ما تقدم ذكره في " البقرة " من اعتبار نقص الأعضاء وزيادتها .الثانية ; قوله تعالى واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام كرر الاتقاء تأكيدا وتنبيها لنفوس المأمورين . والذي في موضع نصب على النعت . والأرحام معطوف . أي اتقوا الله أن تعصوه ، واتقوا الأرحام أن تقطعوها . وقرأ أهل المدينة " تساءلون " بإدغام التاء في السين . وأهل الكوفة بحذف التاء ، لاجتماع تاءين ، وتخفيف السين ؛ لأن المعنى يعرف ؛ وهو كقوله ; ولا تعاونوا على الإثم وتنزل وشبهه .وقرأ إبراهيم النخعي وقتادة والأعمش وحمزة " الأرحام " بالخفض .وقد تكلم النحويون في ذلك . فأما البصريون فقال رؤساؤهم ; هو لحن لا تحل القراءة به . وأما الكوفيون فقالوا ; هو قبيح ؛ ولم يزيدوا على هذا ولم يذكروا علة قبحه ؛ قال النحاس ; فيما علمت .وقال سيبويه ; لم يعطف على المضمر المخفوض ؛ لأنه بمنزلة التنوين ، والتنوين لا يعطف عليه . وقال جماعة ; هو معطوف على المكني ؛ فإنهم كانوا يتساءلون بها ، يقول الرجل ; سألتك بالله والرحم ؛ هكذا فسره الحسن والنخعي ومجاهد ، وهو الصحيح في المسألة ، على ما يأتي . وضعفه أقوام منهم الزجاج ، وقالوا ; يقبح عطف الاسم الظاهر على المضمر في الخفض إلا بإظهار الخافض ؛ كقوله فخسفنا به وبداره الأرض ويقبح " مررت به وزيد " . قال الزجاج ; عن المازني ; لأن المعطوف والمعطوف عليه شريكان [ ص; 5 ] ، يحل كل واحد منهما محل صاحبه ؛ فكما لا يجوز " مررت بزيد وك " كذلك لا يجوز " مررت بك وزيد " . وأما سيبويه فهي عنده قبيحة ولا تجوز إلا في الشعر ؛ كما قال ;فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا فاذهب فما بك والأيام من عجبعطف " الأيام " على الكاف في " بك " بغير الباء للضرورة . وكذلك قول الآخر ;نعلق في مثل السواري سيوفنا وما بينها والكعب مهوى نفانفعطف " الكعب " على الضمير في " بينها " ضرورة . وقال أبو علي ; ذلك ضعيف في القياس . وفي كتاب التذكرة المهدية عن الفارسي أن أبا العباس المبرد قال ; لو صليت خلف إمام يقرأ ما أنتم بمصرخي و اتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام لأخذت نعلي ومضيت . قال الزجاج ; قراءة حمزة مع ضعفها وقبحها في العربية خطأ عظيم في أصول أمر الدين ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ; لا تحلفوا بآبائكم فإذا لم يجز الحلف بغير الله فكيف يجوز بالرحم . ورأيت إسماعيل بن إسحاق يذهب إلى أن الحلف بغير الله أمر عظيم ، وأنه خاص لله تعالى . قال النحاس ; وقول بعضهم " والأرحام " قسم خطأ من المعنى والإعراب ؛ لأن الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يدل على النصب . وروى شعبة عن عون بن أبي جحيفة ، عن المنذر بن جرير ، عن أبيه قال ; كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم حتى جاء قوم من مضر حفاة عراة ، فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتغير لما رأى من فاقتهم ؛ ثم صلى الظهر وخطب الناس فقال ; يا أيها الناس اتقوا ربكم ، إلى ; والأرحام ؛ ثم قال ; تصدق رجل بديناره تصدق رجل بدرهمه تصدق رجل بصاع تمره . . . وذكر الحديث . فمعنى هذا على النصب ؛ لأنه حضهم على صلة أرحامهم . وأيضا فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت . فهذا يرد قول من قال ; المعنى أسألك بالله وبالرحم . وقد قال أبو إسحاق ; معنى تساءلون به يعني تطلبون حقوقكم به . ولا معنى للخفض أيضا مع هذا .قلت ; هذا ما وقفت عليه من القول لعلماء اللسان في منع قراءة " والأرحام " [ ص; 6 ] بالخفض ، واختاره ابن عطية . ورده الإمام أبو نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم القشيري ، واختار العطف فقال ; ومثل هذا الكلام مردود عند أئمة الدين ؛ لأن القراءات التي قرأ بها أئمة القراء ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم تواترا يعرفه أهل الصنعة ، وإذا ثبت شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم فمن رد ذلك فقد رد على النبي صلى الله عليه وسلم ، واستقبح ما قرأ به ، وهذا مقام محذور ، ولا يقلد فيه أئمة اللغة والنحو ؛ فإن العربية تتلقى من النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يشك أحد في فصاحته . وأما ما ذكر من الحديث ففيه نظر ؛ لأنه عليه السلام قال لأبي العشراء ; وأبيك لو طعنت في خاصرته . ثم النهي إنما جاء في الحلف بغير الله ، وهذا توسل إلى الغير بحق الرحم فلا نهي فيه . قال القشيري ; وقد قيل هذا إقسام بالرحم ، أي اتقوا الله وحق الرحم ؛ كما تقول ; افعل كذا وحق أبيك . وقد جاء في التنزيل ; والنجم ، والطور ، والتين ، لعمرك وهذا تكلفقلت ; لا تكلف فيه فإنه لا يبعد أن يكون " والأرحام " من هذا القبيل ، فيكون أقسم بها كما أقسم بمخلوقاته الدالة على وحدانيته وقدرته تأكيدا لها حتى قرنها بنفسه . والله أعلم .ولله أن يقسم بما شاء ويمنع ما شاء ويبيح ما شاء ، فلا يبعد أن يكون قسما . والعرب تقسم بالرحم . ويصح أن تكون الباء مرادة فحذفها كما حذفها في قوله ;مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة ولا ناعب إلا ببين غرابهافجر وإن لم يتقدم باء . قال ابن الدهان أبو محمد سعيد بن مبارك ; والكوفي يجيز عطف الظاهر على المجرور ولا يمنع منه . ومنه قوله ;آبك أيه بي أو مصدر من حمر الجلة جأب حشورومنه ;فاذهب فما بك والأيام من عجبوقول الآخر ;وما بينها والكعب غوط نفانفومنه ;فحسبك والضحاك سيف مهندوقول الآخر ;وقد رام آفاق السماء فلم يجد له مصعدا فيها ولا الأرض مقعدا[ ص; 7 ] وقول الآخر ;ما إن بها والأمور من تلف ما حم من أمر غيبه وقعاوقول الآخر ;أمر على الكتيبة لست أدري أحتفي كان فيها أم سواهاف " سواها " مجرور الموضع بفي . وعلى هذا حمل بعضهم قوله تعالى ; وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين فعطف على الكاف والميم . وقرأ عبد الله بن يزيد " والأرحام " بالرفع على الابتداء ، والخبر مقدر ، تقديره ; والأرحام أهل أن توصل . ويحتمل أن يكون إغراء ؛ لأن من العرب من يرفع المغرى . وأنشد الفراء ;إن قوما منهم عمير وأشبا ه عمير ومنهم السفاحلجديرون باللقاء إذا قا ل أخو النجدة السلاح السلاحوقد قيل ; إن " والأرحام " بالنصب عطف على موضع به ؛ لأن موضعه نصب ، ومنه قوله ;فلسنا بالجبال ولا الحديداوكانوا يقولون ; أنشدك بالله والرحم . والأظهر أنه نصب بإضمار فعل كما ذكرنا .الثالثة ; اتفقت الملة على أن صلة الرحم واجبة وأن قطيعتها محرمة . وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأسماء وقد سألته أأصل أمي ؟ نعم صلي أمك فأمرها بصلتها وهي كافرة .فلتأكيدها دخل الفضل في صلة الكافر ، حتى انتهى الحال بأبي حنيفة وأصحابه فقالوا بتوارث ذوي الأرحام إن لم يكن عصبة ولا فرض مسمى ، ويعتقون على من اشتراهم من ذوي رحمهم لحرمة الرحم ؛ وعضدوا ذلك بما رواه أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ; من ملك ذا رحم محرم فهو حر . وهو قول أكثر أهل العلم . روي ذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعبد الله بن مسعود ، ولا يعرف لهما مخالف من الصحابة . وهو قول الحسن البصري وجابر بن زيد وعطاء والشعبي والزهري ، وإليه ذهب الثوري وأحمد وإسحاق . ولعلمائنا في [ ص; 8 ] ذلك ثلاثة أقوال ; الأول - أنه مخصوص بالآباء والأجداد .الثاني - الجناحان يعني الإخوة .الثالث - كقول أبي حنيفة .وقال الشافعي ; لا يعتق عليه إلا أولاده وآباؤه وأمهاته ، ولا يعتق عليه إخوته ولا أحد من ذوي قرابته ولحمته .والصحيح الأول للحديث الذي ذكرناه وأخرجه الترمذي والنسائي . وأحسن طرقه رواية النسائي له ؛ رواه من حديث ضمرة ، عن سفيان ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر قال ; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ; من ملك ذا رحم محرم فقد عتق عليه . وهو حديث ثابت بنقل العدل عن العدل ولم يقدح فيه أحد من الأئمة بعلة توجب تركه ؛ غير أن النسائي قال في آخره ; هذا حديث منكر . وقال غيره ; تفرد به ضمرة . وهذا هو معنى المنكر والشاذ في اصطلاح المحدثين . وضمرة عدل ثقة ، وانفراد الثقة بالحديث لا يضره . والله أعلم .الرابعة ; واختلفوا من هذا الباب في ذوي المحارم من الرضاعة . فقال أكثر أهل العلم لا يدخلون في مقتضى الحديث . وقال شريك القاضي بعتقهم . وذهب أهل الظاهر وبعض المتكلمين إلى أن الأب لا يعتق على الابن إذا ملكه ؛ واحتجوا بقوله عليه السلام ; لا يجزي ولد والدا إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه . قالوا ; فإذا صح الشراء فقد ثبت الملك ، ولصاحب الملك التصرف . وهذا جهل منهم بمقاصد الشرع ؛ فإن الله تعالى يقول ; وبالوالدين إحسانا فقد قرن بين عبادته وبين الإحسان للوالدين في الوجوب ، وليس من الإحسان أن يبقى والده في ملكه وتحت سلطانه ؛ فإذا يجب عليه عتقه إما لأجل الملك عملا بالحديث فيشتريه فيعتقه ، أو لأجل الإحسان عملا بالآية . ومعنى الحديث عند الجمهور أن الولد لما تسبب إلى عتق أبيه باشترائه نسب الشرع العتق إليه نسبة الإيقاع منه . وأما اختلاف العلماء فيمن يعتق بالملك ، فوجه القول الأول ما ذكرناه من معنى الكتاب والسنة ، ووجه الثاني إلحاق القرابة القريبة المحرمة بالأب المذكور في الحديث ، ولا أقرب للرجل من ابنه فيحمل على الأب ، والأخ يقاربه في ذلك لأنه يدلي بالأبوة ؛ فإنه يقول ; أنا ابن أبيه . وأما القول الثالث فمتعلقه حديث ضمرة وقد ذكرناه . والله أعلم .الخامسة ; قوله تعالى ; والأرحام الرحم اسم لكافة الأقارب من غير فرق بين [ ص; 9 ] المحرم وغيره . وأبو حنيفة يعتبر الرحم المحرم في منع الرجوع في الهبة ، ويجوز الرجوع في حق بني الأعمام مع أن القطيعة موجودة والقرابة حاصلة ؛ ولذلك تعلق بها الإرث والولاية وغيرهما من الأحكام . فاعتبار المحرم زيادة على نص الكتاب من غير مستند . وهم يرون ذلك نسخا ، سيما وفيه إشارة إلى التعليل بالقطيعة ، وقد جوزوها في حق بني الأعمام وبني الأخوال والخالات . والله أعلم .السادسة ; قوله تعالى ; إن الله كان عليكم رقيبا أي حفيظا ؛ عن ابن عباس ومجاهد . ابن زيد ; عليما . وقيل ; رقيبا حافظا ؛ قيل ; بمعنى فاعل . فالرقيب من صفات الله تعالى ، والرقيب ; الحافظ والمنتظر ؛ تقول رقبت أرقب رقبة ورقبانا إذا انتظرت . والمرقب ; المكان العالي المشرف ، يقف عليه الرقيب . والرقيب ; السهم الثالث من السبعة التي لها أنصباء . ويقال ; إن الرقيب ضرب من الحيات ، فهو لفظ مشترك . والله أعلم .
القول في تأويل قوله عز وجل ; يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍقال أبو جعفر; يعني بقوله تعالى ذكره; " يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة "، احذروا، أيها الناس، ربكم في أن تخالفوه فيما أمركم وفيما نهاكم، فيحلّ بكم من عقوبته ما لا قِبَل لكم به.ثم وصف تعالى ذكره نفسه بأنه المتوحِّد بخلق جميع الأنام من شخص واحد، مُعَرِّفًا عباده كيف كان مُبتدأ إنشائه ذلك من النفس الواحدة، (1) ومنبِّهَهم بذلك على أن جميعهم بنو رجل واحد وأم واحدة= وأن بعضهم من بعض، وأن حق بعضهم على بعض واجبٌ وجوبَ حق الأخ على أخيه، لاجتماعهم في النسب إلى أب واحد وأم واحدة= وأن الذي يلزمهم من رعاية بعضهم حق بعض، وإن بَعُدَ التلاقي في النسب إلى الأب الجامع بينهم، مثل الذي يلزمهم من ذلك في النسب &; 7-514 &; الأدنى= (2) وعاطفًا بذلك بعضهم على بعض، ليتناصفوا ولا يتظالموا، وليبذُل القوي من نفسه للضعيف حقه بالمعروف على ما ألزمه الله له، فقال; " الذي خلقكم من نفس واحدة "، يعني; من آدم، كما;-8400 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي; أمّا " خلقكم من نفس واحدة "، فمن آدم عليه السلام. (3)8401 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله; " يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة "، يعني آدم صلى الله عليه. (4)8402 - حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن رجل، عن مجاهد; " خلقكم من نفس واحدة "، قال; آدم.* * *ونظير قوله; " من نفس واحدة "، والمعنيُّ به رجل، قول الشاعر.أَبُــوكَ خَلِيفَــةٌ وَلدَتْــهُ أُخْــرَىوَأَنْـــتَ خَلِيفَـــةٌ, ذَاكَ الكَمَــالُ (5)فقال،" ولدته أخرى "، وهو يريد " الرجل "، فأنّث للفظ " الخليفة ". وقال تعالى ذكره; " من نفس واحدة " لتأنيث " النفس "، والمعنى; من رجل واحد. ولو قيل; " من نفس واحد "، وأخرج اللفظ على التذكير للمعنى، كان صوابًا. (6)* * *القول في تأويل قوله جل ثناؤه ; وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءًقال أبو جعفر; يعني بقوله جل ثناؤه; " وخلق منها زوجها "، وخلق من النفس الواحدة زوجها= يعني بـ" الزوج "، الثاني لها. (7) وهو فيما قال أهل التأويل، امرأتها حواء.* ذكر من قال ذلك;8403 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله; " وخلق منها زوجها "، قال; حواء، من قُصَيري آدم وهو نائم، (8) فاستيقظ فقال; " أثا "= بالنبطية، امرأة.8404 - حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.8405 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة; " وخلق منها زوجها "، يعني حواء، خلقت من آدم، من ضِلَع من أضلاعه.8406 - حدثني موسى بن هارون قال، أخبرنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال; أسكن آدمَ الجنة، فكان يمشي فيها وَحْشًا ليس له زوج يسكن إليها. (9) فنام نومةً، فاستيقظ، فإذا عند رأسه امرأة قاعدة، خلقها الله من ضلعه، فسألها ما أنت؟ قالت; امرأة. قال; ولم خلقت؟ قالت; لتسكن إليّ. (10)8407 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال; ألقي على آدم صلى الله عليه وسلم السَّنة -فيما بلغنا عن أهل الكتاب من أهل التوراة وغيرهم من أهل العلم، عن عبدالله بن العباس وغيره- ثم أخذ ضِلَعًا من أضلاعه، من شِقٍّه الأيسر، ولأم مكانه، (11) وآدم نائمٌ لم يهبَّ من نومته، حتى خلق الله تبارك وتعالى من ضِلَعه تلك زوجته حواء، فسوَّاها امرأة ليسكن إليها، فلما كُشِفت عنه السِّنة وهبَّ من نومته، رآها إلى جنبه، فقال -فيما يزعمون، والله أعلم-; لحمي ودمي وزوجتي! فسكن إليها. (12)8408 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي; " وخلق منها زوجها ". جعل من آدم حواء.* * *وأما قوله; " وبثَّ منهما رجالا كثيرًا ونساء "، فإنه يعني; ونشر منهما، يعني من آدم وحواء=" رجالا كثيرًا ونساء "، قد رآهم، كما قال جل ثناؤه; كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ [سورة القارعة; 4]. (13)* * *يقال منه; " بثَّ الله الخلق، وأبثهم ". (14)* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;8409 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل، قال، حدثنا أسباط، عن السدي; " وبث منهما رجالا كثيرًا ونساء "، وبثَّ، خلق.* * *القول في تأويل قوله جل ثناؤه ; وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَقال أبو جعفر; اختلفت القرأة في قراءة ذلك.فقرأه عامة قرأة أهل المدينة والبصرة; " تَسَّاءَلونَ" بالتشديد، بمعنى; تتساءلون، ثم أدغم إحدى " التاءين " في" السين "، فجعلهما " سينًا " مشددة.* * *وقرأه بعض قرأة الكوفة; " تَسَاءَلُونَ"، بالتخفيف، على مثال " تفاعلون "،* * *وهما قراءتان معروفتان، ولغتان فصيحتان= أعني التخفيف والتشديد في قوله; " تساءلون به "= وبأيِّ ذلك قرأ القارئ أصابَ الصواب فيه. لأن معنى ذلك، بأيّ وجهيه قرئ، غير مختلف.* * *وأما تأويله; واتقوا الله، أيها الناس، الذي إذا سأل بعضكم بعضًا سأل به، فقال السائل للمسئول; " أسألك بالله، وأنشدك بالله، وأعزِم عليك بالله "، وما أشبه ذلك. يقول تعالى ذكره; فكما تعظّمون، أيها الناس، رّبكم بألسنتكم حتى تروا أنّ من أعطاكم عهده فأخفركموه، (15) فقد أتى عظيمًا. فكذلك فعظّموه بطاعتكم إياه فيما أمركم، واجتنابكم ما نهاكم عنه، واحذروا عقابه من مخالفتكم إياه فيما أمركم به أو نهاكم عنه، كما;-8410 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك في قوله; " واتقوا الله الذي تساءلون به "، قال يقول; اتقوا الله الذي تعاقدون وتعاهدون به.8411 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع; " واتقوا الله الذي تساءلون به "، يقول; اتقوا الله الذي به تعاقدون وتعاهدون.8412 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس مثله.8413 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، أخبرنا حجاج، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس; " تساءلون به "، قال; تعاطفون به.* * *وأما قوله; " والأرحام "، فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله. فقال بعضهم; معناه; واتقوا الله الذي إذا سألتم بينكم قال السائل للمسئول; " أسألك به وبالرّحِم "ذكر من قال ذلك;8414 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عمرو، عن منصور، عن إبراهيم; " اتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام "، يقول; اتقوا الله الذي تعاطفون به والأرحام. يقول; الرجل يسأل بالله وبالرَّحم.8415 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم قال; هو كقول الرجل; " أسألك بالله، أسألك بالرحم "، يعني قوله; " واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام ".8416 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم; " اتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام "، قال يقول; " أسألك بالله وبالرحم ".8417 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم; هو كقول الرجل; " أسألك بالرحم ".8418 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد; " اتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام "، قال يقول; " أسألك بالله وبالرحم ".8419 - حدثني المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا شريك، عن منصور -أو مغيرة- عن إبراهيم في قوله; " واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام "، قال; هو قول الرجل; " أسألك بالله والرحم ".8420 - حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك، عن معمر، عن الحسن قال; هو قول الرجل; " أنشدك بالله والرحم ".* * *قال محمد; (16) وعلى هذا التأويل قول بعض من قرأ قوله; " وَالأرْحَامِ" بالخفض عطفًا بـ" الأرحام "، على " الهاء " التي في قوله; " به "، كأنه أراد; واتقوا الله الذي تساءلون به وبالأرحام= فعطف بظاهر على مكنيّ مخفوض. وذلك غير فصيح من الكلام عند العرب، لأنها لا تَنسُق بظاهر على مكني في الخفض، (17) إلا في ضرورة شعر، وذلك لضيق الشعر. (18) وأما الكلام، فلا شيء يضطر المتكلم إلى اختيار المكروه من المنطق، والرديء في الإعراب منه. ومما جاء في الشعر من ردّ ظاهر على مكنيّ في حال الخفض، قول الشاعر; (19)نُعَلِّـقُ فِـي مِثْـلِ السَّـوَارِي سُـيُوفَنَاوَمَـا بَيْنَهَـا والكَـعْبِ غُـوطٌ نَفَـانِفُ (20)فعطف بـ" الكعب " وهو ظاهر، على " الهاء والألف " في قوله; " بينها " وهي مكنية.* * *وقال آخرون; تأويل ذلك;واتقوا الله الذي تساءلون به، واتقوا الأرحام أن تقطعوها.* ذكر من قال ذلك;8421 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي في قوله; " واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام "، يقول; اتقوا الله، واتقوا الأرحام لا تقطعوها.8422 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد عن قتادة; " واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إنّ الله كان عليكم رقيبًا "، ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول; اتقوا الله، وصلُوا الأرحام، فإنه أبقى لكم في الدنيا، وخير لكم في الآخرة.8423 - حدثني علي بن داود قال، حدثنا عبدالله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قول الله; " واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام "، يقول; اتقوا الله الذي تساءلون به، واتقوا الله في الأرحام فصِلُوها.8424 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا هشيم، عن منصور، عن الحسن في قوله; " واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام "، قال; اتقوا الذي تساءلون به، واتقوه في الأرحام.8425 - حدثنا سفيان قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن خصيف، عن عكرمة في قول الله; " الذي تساءلون به والأرحام "، قال; اتقوا الأرحام أن تقطعوها.8426 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الحسن في قوله; " واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام "، قال; هو قول الرجل; " أنشدك بالله والرَّحم ".8427 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال; اتقوا الله، وصلوا الأرحام.8428 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد; " الذي تساءلون به والأرحام "، قال; اتقوا الأرحام أن تقطعوها.8429 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثني أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك في قوله; " الذي تساءلون به والأرحام "، قال يقول; اتقوا الله في الأرحام فصلوها.8430 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع; " واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام "، قال يقول; واتقوا الله في الأرحام فصلوها.8431 - حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق، عن عبد الرحمن بن أبي حماد، وأخبرنا أبو جعفر الخزاز، عن جويبر، عن الضحاك; أن ابن عباس كان يقرأ; " والأرحام "، يقول; اتقوا الله لا تقطعوها.8432 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس; اتقوا الأرحام.8433 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قال،" واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام "، أن تقطعوها.8434 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله; " واتقوا الله الذي تساءلون به "، واتقوا الأرحام أن تقطعوها= وقرأ; وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ [سورة الرعد; 21].* * *قال أبو جعفر; وعلى هذا التأويل قرأ ذلك من قرأه نصبًا بمعنى; واتقوا الله الذي تساءلون به، واتقوا الأرحام أن تقطعوها= عطفًا بـ" الأرحام "، في إعرابها بالنصب &; 7-523 &; على اسم الله تعالى ذكره.قال; والقراءة التي لا نستجيز لقارئٍ أن يقرأ غيرها في ذلك، (21) النصب; ( وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ )، بمعنى; واتقوا الأرحام أن تقطعوها، لما قد بينا أن العرب لا تعطف بظاهرٍ من الأسماء على مكنيّ في حال الخفض، إلا في ضرورة شعر، على ما قد وصفت قبل. (22)* * *القول في تأويل قوله ; إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)قال أبو جعفر; يعني بذلك تعالى ذكره; إنّ الله لم يزل عليكم رقيبًا.* * *ويعني بقوله; " عليكم "، على الناس الذين قال لهم جل ثناؤه; يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ ، والمخاطب والغائب إذا اجتمعا في الخبر، فإن العرب تخرج الكلام على الخطاب، فتقول; إذا خاطبتْ رجلا واحدًا أو جماعة فعلتْ هي وآخرون غُيَّبٌ معهم فعلا " فعلتم كذا، وصنعتم كذا ".ويعني بقوله; " رقيبًا "، حفيظًا، مُحصيًا عليكم أعمالكم، متفقدًا رعايتكم حرمةَ أرحامكم وصلتكم إياها، وقطعكموها وتضييعكم حرمتها، كما;-8435 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد; " إن الله كان عليكم رقيبًا "، حفيظًا.8435م - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، سمعت ابن زيد في قوله; " إن الله كان عليكم رقيبًا "، على أعمالكم، يعلمها ويعرفها.ومنه قول أبي دُؤاد الإيادِيّ;كَمَقَاعِدِ الرُّقَبَاءِ لِلضُّرَبَاءِ أَيْدِيهمْ نَوَاهِدْ (23) ---------------------الهوامش ;(1) في المطبوعة والمخطوطة وعرف عباده..." ، واستظهرت من نهج أبي جعفر في بيانه ، ومن قوله بعد; "ومنبههم" ثم قوله; "وعاطفًا" ، على أن الصواب"ومعرفًا" ، وهو مقتضى سياق الكلام بعد ذلك كله.(2) قوله; "وعاطفًا" ، عطف على قوله; "معرفًا عباده... ومنبههم...".(3) في المطبوعة; "صلى الله عليه وسلم" ، وأثبت ما فيه المخطوطة.(4) في المطبوعة; "صلى الله عليه وسلم" ، وأثبت ما في المخطوطة.(5) سلف البيت وتخريجه في 6; 362.(6) هذه مقالة الفراء في معاني القرآن 1; 252.(7) انظر تفسير"الزوج" فيما سلف 1; 514 / 2; 446 ، وأراد بقوله في تفسير"الزوج""الثاني لها" ، أن"الزوج" هو"الفرد الذي له قرين" ، فكل واحد من القرينين ، يقال له; "زوج" ، ثم قيل لامرأة الرجل ، وللرجل صاحب المرأة; "زوج".(8) القصرى (بضم القاف وسكون الصاد وفتح الراء) والقصيري (بضم القاف وفتح الصاد ، على التصغير); أسفل الأضلاع ، أو هي الضلع التي تلي الشاكلة ، بين الجنب والبطن.(9) قوله; "وحشا" ، أي وحده ليس معه غيره.(10) الأثر; 4806- مضى هذا الأثر مطولا برقم; 710 ، وكان في المطبوعة هنا; "لتسكن إلي" باللام في أولها ، وأثبت نص المخطوطة ، وما سلف في الأثر; 710.(11) لأم الشيء لأمًا ، ولاءمه ، فالتأم; أصلحه حتى اجتمع وذهب ما كان فيه من الصدع. وفي روايته في الأثر رقم; 711; "ولأم مكانه لحما".(12) الأثر; 8407- مضى هذا الأثر برقم; 711 ، وتخريجه هناك.(13) انظر معاني القرآن للفراء 1; 252.(14) انظر تفسير"بث" فيما سلف 3; 275.(15) أخفر الذمة والعهد; نقضه وغدره وخاس به ، ولم يف بعهده.(16) قوله; "قال محمد" ، يعني محمد بن جرير الطبري ، أبا جعفر صاحب التفسير. وهذه أول مرة يكتب فيها الطبري ، أو أحد تلامذته ، أو بعض ناسخي تفسيره"قال محمد" ، دون كنيته قال"أبو جعفر". وانظر ما سيأتي ص; 569 ، تعليق; 2.(17) قوله; "تنسق" ، أي تعطف. و"النسق" العطف ، انظر فهارس المصطلحات في هذه الأجزاء من التفسير ، و"المكني" الضمير ، انظر فهارس المصطلحات.(18) هذه مقالة الفراء في معاني القرآن 1; 252 ، 253 ، وقد ذكر هذه القراءة بإسنادها إلى إبراهيم بن يزيد النخعي ، وهي قراءة حمزة وغيره.(19) هو مسكين الدارمي.(20) معاني القرآن للفراء 1; 253 ، الحيوان 6; 493 ، 494 ، الإنصاف; 193 ، الخزانة ، 2; 338 ، العيني (بهامش الخزانة) 4; 164 ، وهو من أبيات ذكرها الجاحظ ، وأتمها العيني ، يمجد نفسه وقومه ، قال;لَقَــدْ عَلِمَـتْ قَيْسٌ وَخِـنْدِفُ أنَّنــيبِثَغْـرِهِمُ مِـنْ عَـارِمِ النَّـاسِ وَاقِـفُوَقَـدْ عَلِمُـوا أَنْ لَـنْ يُبقَّـى عَـدُوُّهُمْإِذَا قَذَفَتْــه فــي يَــدَيّ القَـوَاذِفُوأنَّ أبَانَــا بِكــرُ آدَمَ، فَــاعْلَمُوا،وَحَـوَّاءَ، قَــرْمٌ ذُو عَثَـانينَ شَـارِفُكَــأَنَّ عَــلَى خُرْطُومِــهِ مُتَهافِتًـامِـنَ القُطْــنِ هَاجَتْـهُ الأكُفُ النَّوَادِفُوَللَصَّــدَأُ المُسْــوَدُّ أَطْيـبُ عِنْدَنَـامِـنَ المِسْـكِ، دَافَتْـهُ الأَكُفُّ الـدَّوَائِفُتُعَلَّـقُ في مِثْـلِ السَّـوَارِي سُـيُوفُنَاومـا بَيْنَهـا والكَـعْبِ غُـوطٌ نفـانِفُوَتَضْحَـكُ عِرْفَـانَ الـدرُوع جُلُودُنَـاإِذَا جَـاء يَـوْمٌ مُظْلِـمُ اللَّـوْن كاسِفُفي أبيات أخر ، ورواية الحيوان; "والكعب منا تنائف" ، وفي الطبري ومعاني القرآن والخزانة"نعلق" بالنون ، وكلتاهما صواب. و"السواري" جمع سارية ، وهي الأسطوانة. و"الغوط" جمع غائط ، وهو المطمئن من الأرض. و"النفانف" جمع نفنف; وهو الهواء بين شيئين ، وكل شيء بينه وبين الأرض مهوي بعيد فهو نفنف.(21) في المخطوطة والمطبوعة; "لا نستجيز القارئ أن يقرأ" بتعريف"القارئ" ، وهو خطأ صوابه ما أثبت.(22) انظر ما سلف قريبا ص; 519 ، 520.(23) تهذيب الألفاظ; 475 ، المعاني الكبير; 1148 ، مجاز القرآن 1; 113 ، الميسر والقداح; 133 ، وغيرها ، وهو من أبيات جياد في نعت الثور الأبيض ، لم أجدها مجتمعة ، منها;وَقَـــوَائِمٌ خُــذُفٌ، لَهَــا مِــنْخَلْفِهَــــا زَمَـــــعٌ زَوَائِـــدْكَمقَـــاعِدِ الرُّقَبَـــاءِ لِلضُّـــرَبَــــاءِ أَيْــــدِيهِمْ نَوَاهِــــدْلَهَـــقٌ كَنَــارِ الـرَّأْسِ بِــالـعَلْيَــــاءِ تُذْكِيهَـــا الأَعَـــابِدْوَيُصِيــخُ أَحْيَانًــا كَمَـــا اسْــتَمَــعَ المُضِــلُّ لِصَــوْتِ نَاشِـدْيصف قوائم هذا الثور ، "خذف" جمع خذوف ، وهي السريعة السير والعدو ، تخذف الحصى بقوائمها. أي تقذفه. و"الزمع" جمع زمعة ، وهي هنة زائدة ناتئة فوق ظلف الشاة والثور ، مدلاة فيها شعر. ثم وصف هذه الزمع الناتئة خلف أظلاف الثور ، وشبه إشرافها على الأظلاف بالرقباء المشرفين على الضرباء ، وقد مدوا أيديهم. وهذا وصف في غاية البراعة والحسن. و"الرقباء" جمع رقيب ، وهو أمين أصحاب الميسر ، يحفظ ضربهم بالقداح ويرقبهم. و"الضرباء" جمع ضريب ، وهو الضارب بالقداح. وزعم ابن قتيبة أن قوله; "أيديهم" أي; أيدي الضرباء ، وأخطأ ، إنما عنى أيدي الرقباء لا الضرباء. وقوله; "لهق" هو البياض ، يعني بياض الثور ، فشبه بياضه بياض النار على رأس رابية مشرقة ، تذكي لهيبها العبيد. ثم وصف الثور عند الارتياع ، فقال إنه يصيخ -أي ينصت مميلا رأسه ناحية من الفزع- و"المضل" الذي أضاع شيئًا فهو يترقب أن يجده."والناشد" ، هو الذي ينشد ضالة ، أي يعرفها ويصفها. فهو يصغي لصوت المنشد المعرف إصغاء من يرجو أن تكون هي ضالته. وهذا من جيد الشعر وبارعه.
افتتح تعالى هذه السورة بالأمر بتقواه، والحث على عبادته، والأمر بصلة الأرحام، والحث على ذلك. وبيَّن السبب الداعي الموجب لكل من ذلك، وأن الموجب لتقواه لأنه { رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ } ورزقكم، ورباكم بنعمه العظيمة، التي من جملتها خلقكم { مِن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا } ليناسبها، فيسكن إليها، وتتم بذلك النعمة، ويحصل به السرور، وكذلك من الموجب الداعي لتقواه تساؤلكم به وتعظيمكم، حتى إنكم إذا أردتم قضاء حاجاتكم ومآربكم، توسلتم بـها بالسؤال بالله. فيقول من يريد ذلك لغيره: أسألك بالله أن تفعل الأمر الفلاني؛ لعلمه بما قام في قلبه من تعظيم الله الداعي أن لا يرد من سأله بالله، فكما عظمتموه بذلك فلتعظموه بعبادته وتقواه. وكذلك الإخبار بأنه رقيب، أي: مطلع على العباد في حال حركاتـهم وسكونـهم، وسرهم وعلنهم، وجميع أحوالهم، مراقبا لهم فيها مما يوجب مراقبته، وشدة الحياء منه، بلزوم تقواه. وفي الإخبار بأنه خلقهم من نفس واحدة، وأنه بثهم في أقطار الأرض، مع رجوعهم إلى أصل واحد -ليعطف بعضهم على بعض، ويرقق بعضهم على بعض. وقرن الأمر بتقواه بالأمر ببر الأرحام والنهي عن قطيعتها، ليؤكد هذا الحق، وأنه كما يلزم القيام بحق الله، كذلك يجب القيام بحقوق الخلق، خصوصا الأقربين منهم، بل القيام بحقوقهم هو من حق الله الذي أمر به. وتأمل كيف افتتح هذه السورة بالأمر بالتقوى، وصلة الأرحام والأزواج عموما، ثم بعد ذلك فصل هذه الأمور أتم تفصيل، من أول السورة إلى آخرها. فكأنـها مبنية على هذه الأمور المذكورة، مفصلة لما أجمل منها، موضحة لما أبهم. وفي قوله: { وخلق مِنْهَا زَوْجَهَا } تنبيه على مراعاة حق الأزواج والزوجات والقيام به، لكون الزوجات مخلوقات من الأزواج، فبينهم وبينهن أقرب نسب وأشد اتصال، وأقرب علاقة.
(يا) أداة نداء
(أيّ) منادى نكرة مقصودة مبنيّ على الضمّ في محلّ نصب و (ها) حرف تنبيه،
(الناس) بدل من أيّ تبعه فيالرفع لفظا- أو نعت له-
(اتّقوا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون..
والواو فاعلـ (ربّ) مفعول به منصوب و (كم) ضمير مضاف إليه
(الذي) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب نعت لربّ
(خلق) فعل ماض و (كم) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو وهو العائد
(من نفس) جار ومجرور متعلّق بـ (خلقكم) ،
(واحدة) نعت لنفس مجرور مثله
(الواو) عاطفة
(خلق) ، مثل الأولـ (من) حرف جرّ و (ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (خلق) ،
(زوج) مفعول به منصوب و (ها) ضمير مضاف إليه
(الواو) عاطفة
(بثّ) مثل خلق
(منهما) مثل الأول متعلّق بـ (بثّ) ،
(رجالا) مفعول به منصوبـ (كثيرا) نعت منصوبـ (الواو) عاطفة
(نساء) معطوف على
(رجالا) منصوب مثله
(الواو) عاطفة
(اتّقوا الله) مثل اتّقوا ربّ
(الذي) موصول مبنيّ في محلّ نصب نعت للفظ الجلالة
(تساءلون) مضارع مرفوع محذوف منه إحدى التاءين.. والواو فاعلـ (به) مثل منها متعلّق بـ (تساءلون) ،
(الواو) عاطفة
(الأرحام) معطوف على لفظ الجلالة منصوب مثله..
(إنّ) حرف مشبّه بالفعلـ (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوبـ (كان) فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره هو (على) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (رقيبا) وهو خبر كان منصوب.
جملة النداء: «يأيّها الناس» لا محلّ لها ابتدائيّة.
وجملة: «اتّقوا ربّكم» لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «خلقكم ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذي) .
وجملة: «خلق ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة: «بثّ ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة خلق.
وجملة: «اتّقوا الله» لا محلّ لها معطوفة على جملة اتّقوا ربّكم.
وجملة: «تساءلون» لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذي) الثاني.
وجملة: «إنّ الله كان ... » لا محلّ لها تعليلية.
وجملة: «كان عليكم رقيبا» في محلّ رفع خبر إنّ.