الرسم العثمانيلَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْدًا لِّلَّهِ وَلَا الْمَلٰٓئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ ۚ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِۦ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا
الـرسـم الإمـلائـيلَنۡ يَّسۡتَـنۡكِفَ الۡمَسِيۡحُ اَنۡ يَّكُوۡنَ عَبۡدًا لِّـلَّـهِ وَلَا الۡمَلٰٓٮِٕكَةُ الۡمُقَرَّبُوۡنَؕ وَمَنۡ يَّسۡتَـنۡكِفۡ عَنۡ عِبَادَ تِهٖ وَيَسۡتَكۡبِرۡ فَسَيَحۡشُرُهُمۡ اِلَيۡهِ جَمِيۡعًا
تفسير ميسر:
لن يَأْنف ولن يمتنع المسيح أن يكون عبدًا لله، وكذلك لن يأنَفَ الملائكة المُقَرَّبون من الإقرار بالعبودية لله تعالى. ومن يأنف عن الانقياد والخضوع ويستكبر فسيحشرهم كلهم إليه يوم القيامة، ويفصلُ بينهم بحكمه العادل، ويجازي كلا بما يستحق.
قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا إبراهيم بن موسى حدثنا هشام عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قوله "لن يستنكف" لن يستكبر. وقال قتادة; لن يحتشم "المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون" وقد استدل بعض من ذهب إلى تفضيل الملائكة على البشر بهذه الآية حيث قال "ولا الملائكة المقربون" وليس له في ذلك دلالة لأنه إنما عطف الملائكة على المسيح لأن الاستنكاف هو الامتناع والملائكة أقدر على ذلك من المسيح فلهذا قال "ولا الملائكة المقربون" ولا يلزم من كونهم أقوى وأقدر على الامتناع أن يكونوا أفضل وقيل إنما ذكروا لأنهم اتخذوا آلهة مع الله كما اتخذ المسيح فأخبر تعالى أنهم عبيد من عباده وخلق من خلقه كما قال الله تعالى "وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون" الآيات. ولهذا قال "ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا" أي فيجمعهم إليه يوم القيامة ويفصل بينهم بحكمه العدل الذي لا يجور فيه ولا يحيف.
قوله تعالى ; لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعاقوله تعالى ; لن يستنكف المسيح أي لن يأنف ولن يحتشم . أن يكون عبدا لله أي ; من أن يكون ؛ فهو في موضع نصب . وقرأ الحسن ; " إن يكون " بكسر الهمزة على أنها نفي هو بمعنى " ما " والمعنى ; ما يكون له ولد ؛ وينبغي رفع يكون ولم يذكره الرواة . ولا الملائكة المقربون أي من رحمة الله ورضاه ؛ فدل بهذا على أن الملائكة أفضل من الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين . وكذا ولا أقول إني ملك وقد تقدمت الإشارة إلى هذا المعنى في " البقرة " . ومن يستنكف أي يأنف عن عبادته ويستكبر فلا يفعلها . فسيحشرهم إليه أي إلى المحشر . جميعا فيجازي كلا بما يستحق ، كما بينه في الآية بعد هذا
القول في تأويل قوله ; لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَيعني جل ثناؤه بقوله; " لن يستنكف المسيح "، لن يأنف ولن يستكبر المسيح=" أن يكون عبدًا لله "، يعني; من أن يكون عبدًا لله، كما;-10856- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة; " لن يستنكف المسيح أن يكون عبدًا لله ولا الملائكة المقربون "، لن يحتشم المسيح أن يكون عبدًا الله ولا الملائكة.* * *وأما قوله; " ولا الملائكة المقربون "، فإنه يعني; ولن يستنكف أيضًا من الإقرار لله بالعبودية والإذعان له بذلك، رسلُه " المقربون "، الذين قرَّبهم الله ورفع منازلهم على غيرهم من خلقه.* * *وروي عن الضحاك أنه كان يقول في ذلك، ما;-10857- حدثني به جعفر بن محمد البزوري قال، حدثنا يعلى بن عبيد، عن الأجلح قال; قلت للضحاك; ما " المقربون "؟ قال; أقربهم إلى السماء الثانية. (16)* * *القول في تأويل قوله ; وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا (172)قال أبو جعفر; يعني جل ثناؤه بذلك; ومن يتعظّم عن عبادة ربه، ويأنفْ من التذلل والخضوع له بالطاعة من الخلق كلهم، ويستكبر عن ذلك=" فسيحشرهم إليه جميعًا "، يقول; فسيبعثهم يوم القيامة جميعًا، فيجمعهم لموعدهم عنده. (17)-------------الهوامش ;(16) الأثر; 10857 -"جعفر بن محمد البزوري" لم أجده بهذه النسبة ، والذي وجدته في تهذيب التهذيب ، ممن يروى عن يعلى بن عبيد"جعفر بن محمد الواسطي الوراق" ، نزيل بغداد مات سنة 265 ، وهو خليق أن يروي عنه أبو جعفر. ثم راجع تاريخ بغداد ، ففي"جعفر بن محمد" كثرة ، ولكن لم أجد بينهم"البزوري". وعسى أن تكشف الأسانيد الآتية عن الذي يعنيه أبو جعفر.و"الأجلح" ، هو"الأجلح بن عبد الله بن حجية الكندي" ، "أبو حجية" ، قيل اسمه"يحيى" و"الأجلح" لقب. سمع عبد الله بن الهذيل ، وابن بريدة والشعبي ، وعكرمة. روى عنه الثوري ، وابن المبارك. مترجم في التهذيب ، والكبير 1 / 2 / 68.(17) انظر تفسير"الحشر" فيما سلف 4 ; 228 / 6 ; 229.
لما ذكر تعالى غلو النصارى في عيسى عليه السلام، وذكر أنه عبده ورسوله، ذكر هنا أنه لا يستنكف عن عبادة ربه، أي: لا يمتنع عنها رغبة عنها، لا هو { وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ } فنزههم عن الاستنكاف وتنزيههم عن الاستكبار من باب أولى، ونفي الشيء فيه إثبات ضده. أي: فعيسى والملائكة المقربون قد رغبوا في عبادة ربهم، وأحبوها وسعوا فيها بما يليق بأحوالهم، فأوجب لهم ذلك الشرف العظيم والفوز العظيم، فلم يستنكفوا أن يكونوا عبيدا لربوبيته ولا لإلهيته، بل يرون افتقارهم لذلك فوق كل افتقار. ولا يظن أن رفع عيسى أو غيره من الخلق فوق مرتبته التي أنزله الله فيها وترفعه عن العبادة كمالا، بل هو النقص بعينه، وهو محل الذم والعقاب، ولهذا قال: { وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا } أي: فسيحشر الخلق كلهم إليه، المستنكفين والمستكبرين وعباده المؤمنين، فيحكم بينهم بحكمه العدل، وجزائه الفصل.
(لن) حرف نفي ونصبـ (يستنكف) مضارع منصوبـ (المسيح) فاعل مرفوع
(أن) حرف مصدري ونصبـ (يكون) مضارع منصوب ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره هو (عبدا) خبر يكون منصوبـ (لله) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت لـ (عبدا) .
والمصدر المؤوّلـ (أن يكون) في محلّ جرّ بحرف جرّ محذوف متعلّق بـ (يستنكف) والتقدير: عن أن يكون ...
(الواو) عاطفة
(لا) زائدة لتأكيد النفي(الملائكة) معطوف على
المسيح مرفوع مثله
(المقرّبون) نعت للملائكة مرفوع وعلامة الرفع الواو (الواو) عاطفة
(من) اسم شرط جازم مبني في محلّ رفع مبتدأ
(يستنكف) مضارع مجزوم فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (عن عبادة) جارّ ومجرور متعلّق بـ (يستنكف) ، و (الهاء) ضمير مضاف إليه
(الواو) عاطفة
(يستكبر) مثل يستنكف ومعطوف عليه
(الفاء) رابطة لجواب الشرط
(السين) حرف استقبالـ (يحشر) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو و (هم) ضمير مفعول به ،
(إلى) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (يحشر) ،
(جميعا) حال منصوبة من الهاء في قوله يحشرهم.
جملة «لن يستنكف المسيح....» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «أن يكون ... » : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) وجملة «من يستنكف ... » : لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة «يستنكف ... » : في محلّ رفع خبر المبتدأ
(من) .
وجملة «يستكبر» : في محلّ رفع معطوفة على جملة يستنكف.
وجملة «يحشرهم» : في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
- القرآن الكريم - النساء٤ :١٧٢
An-Nisa'4:172