الرسم العثمانيوَلَقَدْ جَآءَكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنٰتِ فَمَا زِلْتُمْ فِى شَكٍّ مِّمَّا جَآءَكُم بِهِۦ ۖ حَتّٰىٓ إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِنۢ بَعْدِهِۦ رَسُولًا ۚ كَذٰلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ
الـرسـم الإمـلائـيوَلَقَدۡ جَآءَكُمۡ يُوۡسُفُ مِنۡ قَبۡلُ بِالۡبَيِّنٰتِ فَمَا زِلۡـتُمۡ فِىۡ شَكٍّ مِّمَّا جَآءَكُمۡ بِهٖ ؕ حَتّٰٓى اِذَا هَلَكَ قُلۡتُمۡ لَنۡ يَّبۡعَثَ اللّٰهُ مِنۡۢ بَعۡدِهٖ رَسُوۡلًا ؕ كَذٰلِكَ يُضِلُّ اللّٰهُ مَنۡ هُوَ مُسۡرِفٌ مُّرۡتَابٌ
تفسير ميسر:
ولقد أرسل الله إليكم النبيَّ الكريم يوسف بن يعقوب عليهما السلام من قبل موسى، بالدلائل الواضحة على صدقه، وأمركم بعبادة الله وحده لا شريك له، فما زلتم مرتابين مما جاءكم به في حياته، حتى إذا مات ازداد شككم وشرككم، وقلتم; إن الله لن يرسل من بعده رسولا، مثل ذلك الضلال يُضِلُّ الله كل متجاوز للحق، شاكٍّ في وحدانية الله تعالى، فلا يوفقه إلى الهدى والرشاد.
وقوله تبارك وتعالى "ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات" يعني أهل مصر فد بعث الله فيهم رسولا من قبل موسى عليه الصلاة والسلام وهو يوسف عليه الصلاة والسلام كان عزيز أهل مصر وكان رسولا يدعو إلى الله تعالى أمته بالقسط فما أطاعوه تلك الطاعة إلا بمجرد الوزارة والجاه الدنيوي ولهذا قال تعالى "فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا" أي يئستم فقلتم طامعين "لن يبعث الله من بعده رسولا" وذلك لكفرهم وتكذيبهم "كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب" أي كحالكم هذا يكون حال من يضله الله لإسرافه فى أفعاله وارتياب قلبه.
قوله تعالى ; ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات قيل ; إن هذا من قول موسى . وقيل ; هو من تمام وعظ مؤمن آل فرعون ، ذكرهم قديم عتوهم على الأنبياء ، وأراد يوسف بن يعقوب جاءهم بالبينات أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار قال ابن جريج ; هو يوسف بن يعقوب بعثه الله تعالى رسولا إلى القبط بعد موت الملك من قبل موسى بالبينات وهي الرؤيا . وقال ابن عباس ; هو يوسف بن إفرائيم بن يوسف بن يعقوب أقام فيهم نبيا عشرين سنة . وحكى النقاش عن الضحاك ; أن الله تعالى بعث إليهم رسولا من الجن يقال له يوسف . وقال وهب بن منبه ; إن فرعون موسى هو فرعون يوسف عمر . وغيره يقول ; هو آخر . النحاس ; وليس في الآية ما يدل على أنه هو ; لأنه إذا أتى بالبينات نبي لمن معه ولمن بعده فقد جاءهم جميعا بها وعليهم أن يصدقوه بها .فما زلتم في شك مما جاءكم به أي أسلافكم كانوا في شك . حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا أي من يدعي الرسالة كذلك يضل الله أي مثل ذلك الضلال يضل الله من هو مسرف مرتاب شاك في وحدانية الله تعالى .
القول في تأويل قوله تعالى ; وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ (34)يقول تعالى ذكره; ولقد جاءكم يوسف بن يعقوب يا قوم من قبل موسى بالواضحات من حجج الله.كما حدثنا محمد, قال; ثنا أحمد, قال; ثنا أسباط, عن السديّ( وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ ) قال; قبل موسى.وقوله; ( فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ ) يقول; فلم تزالوا مرتابين فيما أتاكم به يوسف من عند ربكم غير موقني القلوب بحقيقته ( حَتَّى إِذَا هَلَكَ ) يقول; حتى إذا مات يوسف قلتم أيها القوم; لن يبعث الله من بعد يوسف إليكم رسولا بالدعاء إلى الحقّ( كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ ) يقول; هكذا يصد الله عن إصابة الحقّ وقصد السبيل من هو كافر به مرتاب, شاكّ فى حقيقة أخبار رسله.
{ وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ } بن يعقوب عليهما السلام { مِنْ قَبْلُ } إتيان موسى بالبينات الدالة على صدقه، وأمركم بعبادة ربكم وحده لا شريك له، { فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ } في حياته { حَتَّى إِذَا هَلَكَ } ازداد شككم وشرككم، و { قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا } أي: هذا ظنكم الباطل، وحسبانكم الذي لا يليق بالله تعالى، فإنه تعالى لا يترك خلقه سدى، لا يأمرهم وينهاهم، ويرسل إليهم رسله، وظن أن الله لا يرسل رسولا ظن ضلال، ولهذا قال: { كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ } وهذا هو وصفهم الحقيقي الذي وصفوا به موسى ظلمًا وعلوا، فهم المسرفون بتجاوزهم الحق وعدولهم عنه إلى الضلال، وهم الكذبة، حيث نسبوا ذلك إلى الله، وكذبوا رسوله.فالذي وصفه السرف والكذب، لا ينفك عنهما، لا يهديه الله، ولا يوفقه للخير، لأنه رد الحق بعد أن وصل إليه وعرفه، فجزاؤه أن يعاقبه الله، بأن يمنعه الهدى، كما قال تعالى: { فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ } { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } { وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }
(الواو) استئنافيّة
(اللام) لام القسم لقسم مقدّر
(قد) حرف تحقيق
(قبل) اسم ظرفيّ مبنيّ على الضمّ في محلّ جرّ متعلّق بـ (جاءكم) ،
(بالبيّنات) متعلّق بحال من يوسف
(الفاء) عاطفة
(في شكّ) متعلّق بخبر ما زلتم
(ممّا) متعلّق بشكّ
(به) متعلّق بحال من فاعلـ (جاءكم) ،
(حتّى) حرف ابتداء
(من بعده) متعلّق بـ (يبعث) ،
(كذلك) متعلّق بمحذوف مفعول مطلق عامله يضلّ
(من) اسم موصول مفعول به
(مرتاب) خبر ثان مرفوع.
جملة: «جاءكم يوسف ... » لا محلّ لها جواب القسم المقدّر..
وجملة القسم المقدّرة لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «ما زلتم ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب القسم.
وجملة: «جاءكم به ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .
وجملة: «هلك ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «قلتم ... » لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «لن يبعث الله ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «يضل الله ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «هو مسرف ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (من) .
- القرآن الكريم - غافر٤٠ :٣٤
Gafir40:34