أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجٰدِلُونَ فِىٓ ءَايٰتِ اللَّهِ أَنّٰى يُصْرَفُونَ
اَلَمۡ تَرَ اِلَى الَّذِيۡنَ يُجَادِلُوۡنَ فِىۡۤ اٰيٰتِ اللّٰهِؕ اَنّٰى يُصۡرَفُوۡنَ
تفسير ميسر:
ألا تعجب -أيها الرسول- من هؤلاء المكذِّبين بآيات الله يخاصمون فيها، وهي واضحة الدلالة على توحيد الله وقدرته، كيف يعدلون عنها مع صحتها؟ وإلى أيِّ شيء يذهبون بعد البيان التام؟
يقول تعالى ألا تعجب يا محمد من هؤلاء المكذبين بآيات الله ويجادلون في الحق بالباطل كيف تصرف عقولهم عن الهدى إلى الضلال.
قوله تعالى ; ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون قال ابن زيد ; هم المشركون بدليل قوله ; الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا . وقال أكثر المفسرين ; نزلت في القدرية . قال ابن سيرين ; إن لم تكن هذه الآية نزلت في القدرية فلا أدري فيمن نزلت .قال أبو قبيل ; لا أحسب المكذبين بالقدر إلا الذين يجادلون الذين آمنوا . وقال عقبة بن عامر ; قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ; نزلت هذه الآية في القدرية ذكره المهدوي .
وقوله; ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ ) يقول لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ألم تر يا محمد هؤلاء المشركين من قومك, الذين يخاصمونك في حجج الله وآياته ( أَنَّى يُصْرَفُونَ ) يقول; أيّ وجه يصرفون عن الحق, ويعدلون عن الرشد.كما حدثنا بشر, قال; ثنا يزيد, قال; ثنا سعيد, عن قتادة ( أَنَّى يُصْرَفُونَ ) ; أنى يكذبون ويعدلون.حدثني يونس, قال; أخبرنا ابن وهب, قال; قال ابن زيد, في قوله; ( أَنَّى يُصْرَفُونَ ) قال; يُصْرَفون عن الحقّ.واختلف أهل التأويل في الذين عنوا بهذه الآية, فقال بعضهم; عنى بها أهل القدر.* ذكر من قال ذلك;حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى, قالا ثنا مؤمل, قال; ثنا سفيان, عن داود بن أبي هند. عن محمد بن سيرين, قال; إن لم تكن هذه الآية نـزلت في القدرية, فإني لا أدري فيمن نـزلت; ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ ) إلى قوله; لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ .حدثني عليّ بن سهل, قال; ثنا زيد بن أبي الزرقاء, عن سفيان, عن داود بن أبي هند, عن ابن سيرين, قال; إن لم يكن أهل القدر الذين يخوضون في آيات الله فلا علم لنا به.حدثني يونس, قال; أخبرنا ابن وهب, قال; أخبرني مالك بن أبي الخير الزيادي, عن أبي قبيل, قال; أخبرني عقبة بن عامر الجهني, أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال; " سَيَهْلِكُ مِنْ أُمَّتِي أهْلُ الكِتَابِ, وأهْلُ اللِّينِ" فقال عقبة; يا رسول الله, وما أهل الكتاب؟ قال; " قَوْمٌ يَتَعَلَّمُونَ كِتابَ الله يُجادلُونَ الَّذينَ آمَنُوا ", فقال عقبة; يا رسول الله, وما أهل اللين؟ قال; " قَوْمٌ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ, ويُضَيِّعُونَ الصَّلَوَاتِ". قال أبو قبيل; لا أحسب المكذّبين بالقدر إلا الذين يجادلون الذين آمنوا, وأما أهل اللين, فلا أحسبهم إلا أهل العمود (1) ليس عليهم إمام جماعة, ولا يعرفون شهر رمضان.وقال آخرون; بل عنى به أهل الشرك.* ذكر من قال ذلك;حدثني يونس, قال; أخبرنا ابن وهب, قال; قال ابن زيد, في قوله; ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ ) قال; هؤلاء المشركون.والصواب من القول في ذلك ما قاله ابن زيد; وقد بين الله حقيقة ذلك بقوله; الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا .------------------------الهوامش;(1) كذا في الأصل ، ولم أجد معنى للعمود في النهاية لابن الأثير ، ولعله محرف عن ( العمور) بضم العين ، جمع عمر ، بفتح فسكون وبضمتين ، وهو من النخيل ، وهو الحسوق الطويل . يريد أصحاب هذه النخل الملازمين لها ، يجادلون في الدين ، بلا علم ولا فقه .
{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ } الواضحة البينة متعجبًا من حالهم الشنيعة. { أَنَّى يُصْرَفُونَ } أي: كيف ينعدلون عنها؟ وإلى أي شيء يذهبون بعد البيان التام؟ هل يجدون آيات بينات تعارض آيات الله؟ لا والله. أم يجدون شبهًا توافق أهواءهم، ويصولون بها لأجل باطلهم؟
(الهمزة) للاستفهام التعجّبي
(إلى الذين) متعلّق بـ (تر) بمعنى تنظر
(في ايات) متعلّق بـ (يجادلون)
(أنّي) اسم استفهام بمعنى كيف في محلّ نصب حال عامله يصرفون، و (الواو) في(يصرفون) نائب الفاعل.
جملة: «لم تر ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يجادلون ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة: «يصرفون ... » في محلّ نصب حال من الموصولـ (الذين) .
(70)
(الذين) بدل من الموصول الأول في محلّ جرّ ،
(بالكتاب) متعلّق بـ (كذّبوا) وكذلك
(بما) فهو معطوف عليه
(به) متعلّق بحال من رسلنا
(الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر
(سوف) حرف استقبال.
وجملة: «كذّبوا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة: «أرسلنا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .
وجملة: «يعلمون ... » لا محلّ لها جواب شرط مقدّر أي إذا جاء العذاب فسيعلمون.
(71) -
(إذ) ظرف مستعار للمستقبل في محلّ نصب متعلّق بـ (يعلمون) ،
(في أعناقهم) متعلّق بخبر المبتدأ الأغلالـ (السلاسل) مبتدأ خبره جملة يسحبون والرابط مقدّر أي بها .
وجملة: «الأغلال في أعناقهم..» في محلّ جرّ مضاف إليه.وجملة: «السلاسل يسحبون
(بها) » في محلّ جرّ معطوفة على جملة الأغلال.
وجملة: «يسحبون
(بها) » في محلّ رفع خبر المبتدأ السلاسل.
(72)
(في الحميم) متعلّق بـ (يسحبون) ،
(في النار) متعلّق بـ (يسجرون) ، و (الواو) في الفعلين نائب الفاعل.
وجملة: «يسجرون..» في محلّ جرّ معطوفة على جملة الأغلال ... .
(73) -
(لهم) متعلّق بـ (قيل) ،
(أين) اسم استفهام في محلّ نصب ظرف مكان متعلّق بمحذوف خبر مقدم للمبتدأ
(ما) ، وهو اسم موصول والعائد محذوف.
وجملة: «قيل ... » في محلّ جرّ معطوفة على جملة يسجرون.
وجملة: «أين ما كنتم ... » في محلّ رفع نائب الفاعل.
وجملة: «كنتم ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .
وجملة: «تشركون» في محلّ نصب خبر كنتم.
(74) -
(من دون) متعلّق بحال من العائد المحذوف
(عنّا) متعلّق بـ (ضلّوا) بتضمينه معنى غابوا
(بل) للإضراب الانتقاليّ
(قبل) اسم ظرفيّ مبنيّ على الضمّ في محلّ جرّ متعلّق بـ (ندعو) ،
(شيئا) مفعول به منصوبـ (كذلك) متعلّق بمحذوف مفعول مطلق عامله يضلّ.
وجملة: «قالوا ... » لا محلّ لها استئناف بياني.
وجملة: «ضلّوا ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «لم نكن ندعو ... » لا محلّ لها استئنافيّة.وجملة: «ندعو ... » في محلّ نصب خبر نكن.
وجملة: «يضل الله ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
(75) -
(بما) متعلّق بخبر المبتدأ «ذلكم» ، والإشارة فيه إلى العذابـ (في الأرض) متعلّق بـ (تفرحون) ،
(بغير) حال من فاعل تفرحون
(الواو) عاطفة
(بما كنتم تمرحون) مثل بما كنتم تفرحون.
وجملة: «ذلكم بما كنتم ... » في محلّ نصب مقول القول لقول مقدّر.
وجملة: «كنتم تفرحون ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .
وجملة: «تفرحون..» في محلّ نصب خبر كنتم.
وجملة: «كنتم تمرحون..» لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) الثاني.
وجملة: «تمرحون..» في محلّ نصب خبر كنتم.
(76) -
(خالدين) حال منصوبة من فاعل ادخلوا
(فيها) متعلّق بخالدين
(الفاء) استئنافيّة ، والمخصوص بالذمّ محذوف تقديره هي أي جهنّم.
وجملة: «ادخلوا ... » لا محلّ لها استئناف في حيّز القول المقدّر.
وجملة: «بئس مثوى المتكبّرين» لا محلّ لها استئنافيّة .