أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِى الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عٰقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ كَانُوٓا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَءَاثَارًا فِى الْأَرْضِ فَمَآ أَغْنٰى عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ
اَفَلَمۡ يَسِيۡرُوۡا فِى الۡاَرۡضِ فَيَنۡظُرُوۡا كَيۡفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِيۡنَ مِنۡ قَبۡلِهِمۡؕ كَانُوۡۤا اَكۡثَرَ مِنۡهُمۡ وَاَشَدَّ قُوَّةً وَّ اٰثَارًا فِى الۡاَرۡضِ فَمَاۤ اَغۡنٰى عَنۡهُمۡ مَّا كَانُوۡا يَكۡسِبُوۡنَ
تفسير ميسر:
أفلم يَسِرْ هؤلاء المكذبون في الأرض ويتفكروا في مصارع الأمم المكذبة من قبلهم، كيف كانت عاقبتهم؟ وكانت هذه الأمم السابقة أكثر منهم عددًا وعدة وآثارًا في الأرض من الأبنية والمصانع والغراس وغير ذلك، فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبونه حين حلَّ بهم بأس الله.
يخبر تعالى عن الأمم المكذبة بالرسل في قديم الدهر وماذا حل بهم من العذاب الشديد مع شدة قواهم وما أثروه في الأرض وجمعوه من الأموال فما أغنى عنهم ذلك شيئا ولا رد عنهم ذرة من بأس الله.
قوله تعالى ; أفلم يسيروا في الأرض حتى يشاهدوا آثار الأمم السالفة كانوا أكثر منهم عددا وأشد قوة وآثارا في الأرض فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون من الأبنية والأموال وما أدالوا به من الأولاد والأتباع ، يقال ; دلوت بفلان ، إليك أي ; استشفعت به إليك . وعلى هذا " ما " للجحد أي ; فلم يغن عنهم ذلك شيئا . وقيل ; " ما " للاستفهام أي ; أي شيء أغنى عنهم كسبهم حين هلكوا ولم ينصرف " أكثر " ; لأنه على وزن أفعل . وزعم الكوفيون أن كل ما لا ينصرف فإنه يجوز أن ينصرف إلا أفعل من كذا فإنه لا يجوز صرفه بوجه في شعر ولا غيره إذا كانت معه من . قال أبو العباس ; ولو كانت " من " المانعة من صرفه لوجب ألا يقال ; مررت بخير منك وشر منك ومن عمرو .
القول في تأويل قوله تعالى ; أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82)يقول تعالى ذكره; أفلم يسر يا محمد هؤلاء المجادلون في آيات الله من مشركي قومك في البلاد, فإنهم أهل سفر إلى الشأم واليمن, رحلتهم في الشتاء والصيف, فينظروا فيما وطئوا من البلاد إلى وقائعنا بمن أوقعنا به من الأمم قبلهم, ويروا ما أحللنا بهم من بأسنا بتكذيبهم رسلنا, وجحودهم آياتنا, كيف كان عقبى تكذيبهم ( كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ ) يقول; كان أولئك الذين من قبل هؤلاء المكذبيك من قريش أكثر عددا من هؤلاء وأشد بطشا, وأقوى قوة, وأبقى في الأرض آثارا, لأنهم كانوا ينحتون من الجبال بيوتا ويتخذون مصانع.وكان مجاهد يقول في ذلك ما حدثني الحارث, قال; ثنا الحسن, قال; ثنا ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( وَآثَارًا فِي الأرْضِ ) المشي بأرجلهم. ( فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) يقول; فلما جاءهم بأسنا وسطوتنا, . لم يغن عنهم ما كانوا يعملون من البيوت في الجبال, ولم يدفع عنهم ذلك شيئا. ولكنهم بادوا جميعا فهلكوا. وقد قيل; إن معنى قوله; ( فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ ) فأيّ شيء أغني عنهم; وعلى هذا التأويل يجب أن يكون " ما " الأولى في موضع نصب, والثانية في موضع رفع. يقول; فلهؤلاء المجادليك من قومك يا محمد في أولئك معتبر إن اعتبروا, ومتعظ إن اتعظوا, وإن بأسنا إذا حلّ بالقوم المجرمين لم يدفعه دافع, ولم يمنعه مانع, وهو بهم إن لم ينيبوا إلى تصديقك واقع.
يحث تعالى، المكذبين لرسولهم، على السير في الأرض، بأبدانهم، وقلوبهم: وسؤال العالمين. { فَيَنْظُرُوا } نظر فكر واستدلال، لا نظر غفلة وإهمال.{ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ } من الأمم السالفة، كعاد، وثمود وغيرهم، ممن كانوا أعظم منهم قوة وأكثر أموالاً وأشد آثارًا في الأرض من الأبنية الحصينة، والغراس الأنيقة، والزروع الكثيرة { فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } حين جاءهم أمر الله، فلم تغن عنهم قوتهم، ولا افتدوا بأموالهم، ولا تحصنوا بحصونهم.
«أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أكثر منهم وأشد قوَّةً وأثارا في الأرض» من مصانع وقصور «فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون».
(الهمزة) للاستفهام بمعنى التخويف والتوبيخ
(الفاء) عاطفة في المواضع الثلاثة
(في الأرض) متعلّق بـ (يسيروا) ،
(ينظروا) مضارع مجزوم معطوف على
(يسيروا) ،
(كيف) اسم استفهام في محلّ نصب خبر كان
(من قبلهم) متعلّق بمحذوف صلة الموصول الذين
(منهم) متعلّق بأكثر
(قوّة) تمييز أشدّ منصوبـ (في الأرض) متعلّق بنعت لآثار
(ما) نافية والثانية مصدريّة ،
(عنهم) متعلّق بـ (أغنى) .
جملة: «لم يسيروا ... » لا محلّ لها معطوفة على استئناف مقدّر أي أعجزوا فلم يسيروا.
وجملة: «ينظروا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة يسيروا .
وجملة: «كان عاقبة ... » في محلّ نصب مفعول به لفعل النظر المعلّق بالاستفهام على تقدير الجارّ..وجملة: «كانوا ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «ما أغنى ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة كانوا ...وجملة: «كانوا ...
(الثانية) » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ.
(ما) .
والمصدر المؤوّلـ (ما كانوا يكسبون) في محلّ رفع فاعل أغنى.
وجملة: «يكسبون ... » في محلّ نصب خبر كانوا.
(83)
(الفاء) عاطفة
(لمّا) ظرف بمعنى حين متضمّن معنى الشرط في محلّ نصب متعلّق بالجواب فرحوا
(بالبيّنات) متعلّق بحال من رسلهم
(بما) متعلّق بـ (فرحوا) ،
(عندهم) ظرف منصوب متعلّق بمحذوف صلة الموصول ما
(من العلم) حال من الضمير العائد في الصلة المقدّرة
(بهم) متعلّق بـ (حاق) ،
(به) متعلّق بـ (يستهزئون) .
وجملة: «جاءتهم رسلهم ... » في محلّ جرّ مضاف إليه..
وجملة: «فرحوا ... » لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «حاق بهم ما كانوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب الشرط.
وجملة: «كانوا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .
وجملة: «يستهزئون..» في محلّ نصب خبر كانوا.
(84)
(فلمّا) مثل الأولـ (رأوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ المقدّر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين.. و (الواو) فاعلـ (بالله) متعلّق بـ (آمنّا) ،
(وحده) حال منصوبة
(بما) متعلّق بـ (كفرنا) ،
(به) متعلّق بمشركين.
وجملة: «رأوا ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «قالوا ... » لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «آمنّا ... » في محلّ نصب مقول القول.وجملة: «كفرنا ... » في محلّ نصب معطوفة على جملة آمنا..
وجملة: «كنّا..» لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .
(85)
(الفاء) عاطفة
(يك) مضارع ناقص مجزوم وعلامة الجزم السكون على النون المحذوفة للتخفيف، واسم
(يك) ضمير مستتر وجوبا تقديره هو يعود على
(إيمانهم) بحسب قاعدة التنازع، ففاعلـ (ينفعهم) هو إيمانهم
(لمّا) مثل الأول ومتعلّق بمضمون الجوابـ (سنّة) مفعول مطلق لفعل محذوف ،
(التي) اسم موصول في محلّ نصب نعت لسنّة
(في عباده) متعلّق بـ (خلت) ،
(الواو) عاطفة
(خسر هنالك الكافرون) مرّ إعراب نظيرها .
وجملة: «لم يك ينفعهم إيمانهم ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة قالوا .
وجملة: «ينفعهم إيمانهم ... » في محلّ نصب خبر يك.
وجملة: «رأوا ... » في محلّ جرّ مضاف إليه ... وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله أي: لمّا رأوا بأسنا لم يك ينفعهم إيمانهم إذا آمنوا....وجملة: «
(سنّ الله) ذلك سنّة ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ- أو اعتراضيّة- وجملة: «قد خلت ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (التي) .
وجملة: «خسر هنالك الكافرون» لا محلّ لها معطوفة على جملة لم يك ...
الصرف لهذه الآية غير متوفّر