اللَّهُ الَّذِىٓ أَنزَلَ الْكِتٰبَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ ۗ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ
اَللّٰهُ الَّذِىۡۤ اَنۡزَلَ الۡكِتٰبَ بِالۡحَقِّ وَالۡمِيۡزَانَؕ وَمَا يُدۡرِيۡكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيۡبٌ
تفسير ميسر:
الله الذي أنزل القرآن وسائر الكتب المنزلة بالصدق، وأنزل الميزان وهو العدل؛ ليحكم بين الناس بالإنصاف. وأي شيء يدريك ويُعْلمك لعل الساعة التي تقوم فيها القيامة قريب؟
يعني الكتب المنزلة من عنده على أنبيائه "والميزان" وهو العدل والإنصاف قاله مجاهد وقتادة وهذه كقوله تعالى "لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط" وقوله "والسماء رفعها ووضع الميزان ألا تطغوا في الميزان وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان". وقوله تبارك وتعالى "وما يدريك لعل الساعة قريب" فيه ترغيب فيها وترهيب منها وتزهيد في الدنيا.
قوله تعالى ; الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان وما يدريك لعل الساعة قريب .قوله تعالى ; الله الذي أنزل الكتاب يعني القرآن وسائر الكتب المنزلة . ( بالحق ) أي ; بالصدق . والميزان أي ; العدل ، قاله ابن عباس وأكثر المفسرين . والعدل يسمى ميزانا ; لأن الميزان آلة الإنصاف والعدل . وقيل ; الميزان ما بين في الكتب مما يجب على الإنسان أن يعمل به . وقال قتادة ; الميزان العدل فيما أمر به ونهى عنه . وهذه الأقوال متقاربة المعنى . وقيل ; هو الجزاء على الطاعة بالثواب وعلى المعصية بالعقاب . وقيل ; إنه الميزان نفسه الذي يوزن به ، أنزله من السماء وعلم العباد الوزن به ، لئلا يكون بينهم تظالم وتباخس ، قال الله تعالى ; لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط . قال مجاهد ; هو الذي يوزن به . ومعنى أنزل الميزان ، هو إلهامه للخلق أن يعلموه ويعملوا به . وقيل ; الميزان محمد - صلى الله عليه وسلم - يقضي بينكم بكتاب الله . وما يدريك لعل الساعة قريب فلم يخبره بها . يحضه على العمل بالكتاب والعدل والسوية ، والعمل بالشرائع قبل أن يفاجئ اليوم الذي يكون فيه المحاسبة ووزن الأعمال ، فيوفي لمن أوفى ويطفف لمن طفف . ف لعل الساعة قريب أي ; منك وأنت لا تدري . وقال ; ( قريب ) ولم يقل قريبة ; لأن تأنيثها غير حقيقي لأنها كالوقت ؛ قاله الزجاج . والمعنى ; لعل البعث أو لعل مجيء الساعة قريب . وقال الكسائي ; ( قريب ) نعت ينعت به المذكر والمؤنث والجمع بمعنى ولفظ واحد ، قال الله تعالى ; إن رحمة الله قريب من المحسنين قال الشاعر ;وكنا قريبا والديار بعيدة فلما وصلنا نصب أعينهم غبنا
القول في تأويل قوله تعالى ; اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (17)يقول تعالى ذكره; (اللَّهُ الَّذِي أَنْـزَلَ) هذا(الْكِتَابَ) يعني القرآن ( بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ ) يقول; وأنـزل الميزان وهو العدل, ليقضي بين الناس بالإنصاف, ويحكم فيهم بحكم الله الذي أمر به في كتابه.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن عمرو, قال; ثنا أبو عاصم, قال; ثنا عيسى; وحدثنا الحارث, قال; ثنا الحسن, قال; ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله; ( أَنـزلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ ) قال; العدل.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال; ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله; ( الَّذِي أَنـزلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ ) قال; الميزان; العدل.وقوله; ( وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ ) يقول تعالى ذكره; وأيّ شيء يدريك ويعلمك, لعل الساعة التي تقوم فيها القيامة قريب .
لما ذكر تعالى أن حججه واضحة بينة، بحيث استجاب لها كل من فيه خير، ذكر أصلها وقاعدتها، بل جميع الحجج التي أوصلها إلى العباد، فقال: { اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ } فالكتاب هو هذا القرآن العظيم، نزل بالحق، واشتمل على الحق والصدق واليقين، وكله آيات بينات، وأدلة واضحات، على جميع المطالب الإلهية والعقائد الدينية، فجاء بأحسن المسائل وأوضح الدلائل.وأما الميزان، فهو العدل والاعتبار بالقياس الصحيح والعقل الرجيح، فكل الدلائل العقلية، من الآيات الآفاقية والنفسية، والاعتبارات الشرعية، والمناسبات والعلل، والأحكام والحكم، داخلة في الميزان الذي أنزله الله تعالى ووضعه بين عباده، ليزنوا به ما اشتبه من الأمور، ويعرفوا به صدق ما أخبر به وأخبرت رسله، مما خرج عن هذين الأمرين عن الكتاب والميزان مما قيل إنه حجة أو برهان أو دليل أو نحو ذلك من العبارات، فإنه باطل متناقض، قد فسدت أصوله، وانهدمت مبانيه وفروعه، يعرف ذلك من خبر المسائل ومآخذها، وعرف التمييز بين راجح الأدلة من مرجوحها، والفرق بين الحجج والشبه، وأما من اغتر بالعبارات المزخرفة، والألفاظ المموهة، ولم تنفذ بصيرته إلى المعنى المراد، فإنه ليس من أهل هذا الشأن، ولا من فرسان هذا الميدان، فوفاقه وخلافه سيان.ثم قال تعالى مخوفا للمستعجلين لقيام الساعة المنكرين لها، فقال: { وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ } أي: ليس بمعلوم بعدها، ولا متى تقوم، فهي في كل وقت متوقع وقوعها، مخوف وجبتها.
(بالحقّ) متعلّق بحال من الكتاب ،
(الميزان) معطوف على الكتاب بـ (الواو) منصوبـ (الواو) عاطفة
(ما) اسم استفهام مبتدأ..
(قريب) خبر لمبتدأ محذوف تقديره: إتيانها .
جملة: «الله الذي ... » لا محلّ لها استئنافيّة وجملة: «أنزل ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذي) وجملة: «ما يدريك ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة وجملة: «يدريك ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ
(ما) وجملة: «لعلّ الساعة قريب ... » في محلّ نصب مفعول يدريك المعلّق بالترجّيوجملة: «
(إتيانها) قريب ... » في محلّ رفع خبر لعلّ 18-
(بها) متعلّق بـ (يستعجل) ،
(لا) نافية
(بها) الثاني متعلّق بـ (يؤمنون) ،
(الواو) عاطفة
(منها) متعلّق بـ (مشفقون) ،
(أنّها) حرف مشبّه بالفعل ومصدريّ..
والمصدر المؤوّلـ (أنّها الحقّ) في محلّ نصب سدّ مسدّ مفعولي يعلمون
(ألا) للتنبيه
(في الساعة) متعلّق بـ (يمارون) ،
(اللام) المزحلقة للتوكيد
(في ضلال) متعلّق بخبر إنّ وجملة: «يستعجل بها الذين ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ وجملة: «لا يؤمنون ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) وجملة: «الذين آمنوا مشفقون ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة يستعجل ...وجملة: «آمنوا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) الثاني وجملة: «يعلمون ... » في محلّ رفع معطوفة على الخبر
(مشفقون) وجملة: «إنّ الذين يمارون ... » لا محلّ لها استئنافيّة وجملة: «يمارون ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) الثالث 19-
(بعباده) متعلّق بـ (لطيف) ،
(الواو) عاطفة- أو حالية-..
وجملة: «الله لطيف ... » لا محلّ لها استئنافيّة وجملة: «يرزق من يشاء ... » في محلّ رفع خبر ثان للمبتدأ
(الله) وجملة: «يشاء ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (من) وجملة: «هو القوي ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة الله لطيف