Skip to main content
الرسم العثماني

قَالُوا نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشّٰهِدِينَ

الـرسـم الإمـلائـي

قَالُوۡا نُرِيۡدُ اَنۡ نَّاۡكُلَ مِنۡهَا وَتَطۡمَٮِٕنَّ قُلُوۡبُنَا وَنَـعۡلَمَ اَنۡ قَدۡ صَدَقۡتَـنَا وَنَكُوۡنَ عَلَيۡهَا مِنَ الشّٰهِدِيۡنَ‏

تفسير ميسر:

قال الحواريون; نريد أن نأكل من المائدة وتسكن قلوبنا لرؤيتها، ونعلم يقينا صدقك في نبوتك، وأن نكون من الشاهدين على هذه الآية أن الله أنزلها حجة له علينا في توحيده وقدرته على ما يشاء، وحجة لك على صدقك في نبوتك.

هذه قصة المائدة وإليها تنسب السورة فيقال سورة المائدة وهي مما امتن الله به على عبده ورسوله عيسي لما أجاب دعاءه بنزولها فأنزلها الله آية باهرة وحجة قاطعة وقد ذكر بعض الأئمة أن قصتها ليست مذكورة في الإنجيـل ولا يعرفها النصارى إلا من المسلمين فالله أعلم فقوله تعالى إذ قال الحواريون وهم أتباع عيسى عليه السلام يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك هذه قراءة كثيرين وقرأ آخرون هل تستطيع ربك أي هل تستطيع أن تسأل ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء والمائدة هي الخوان عليه الطعام وذكر بعضهم أنهم إنما سألوا ذلك لحاجتهم وفقرهم فسألوه أن ينزل عليهم مائدة كل يوم يقتاتون منها ويتقوون بها على العبادة قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين أي فأجابهم المسيح عليه السلام قائلا لهم اتقوا الله ولا تسألوا هذا فعساه أن يكون فتنة لكم وتوكلوا على الله في طلب الرزق إن كنتم مؤمنين قالوا نريد أن نأكل منها أي نحن محتاجون إلى الأكل منها. وتطمئن قلوبنا إذا شاهدنا نزولها رزقا لنا من السماء ونعلم أن قد صدقتنا أي ونزداد إيمانا بك وعلما برسالتك ونكون عليها من الشاهدين أي ونشهد أنها آية من عند الله ودلالة وحجة علي نبوتك وصدق ما جئت به قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا قال السدي أي نتخذ ذلك اليوم الذي نزلت فيه عيدا نعظمه نحن ومن بعدنا وقال سفيان الثوري; يعني يوما نصلي فيه. وقال قتادة; أرادوا أن يكون لعقبهم من بعدهم وعن سلمان الفارسي عظة لنا ولمن يعدنا وقيل كافية لأولنا وآخرنا وآية منك أي دليلا تنصبه على قدرتك على الأشياء وعلى إجابتك لدعوتي فيصدقوني فيما أبلغه عنك وارزقنا أي من عندك رزقا هنيئا بلا كلفة ولا تعب وأنت خير الرازقين قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم أي فمن كذب بها من أمتك يا عيسى وعاندها فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين أي من عالمي زمانكم كقوله تعالى ويوم القيامة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب وكقوله إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار وقد روى ابن جرير من طريق عوف الأعرابي عن أبي المغيرة القواس عن عبدالله بن عمرو قال; إن أشد الناس عذابا يوم القيامة ثلاثة المنافقون ومن كفر من أصحاب المائدة وآل فرعون. "ذكر أخبار رويت عن السلف في نزول المائدة على الحواريين" قال أبو جعفر بن جرير; حدثنا القاسم حدثنا الحسين حدثني حجاج عن ليث عن عقيل عن ابن عباس أنه كان يحدث عن عيسى أنه قال لبني إسرائيل هل لكم أن تصوموا لله ثلاثين يوما ثم تسألوه فيعطيكم ما سألتم فإن أجر العامل على من عمل له ففعلوا ثم قالوا يا معلم الخير قلت لنا إن أجر العامل على من عمل له وأمرتنا أن نصوم ثلاثين يوما ففعلنا ولم نكن نعمل لأحد ثلاثين يوما إلا أطعمنا حين نفرغ طعاما فهل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء؟ قال عيسى اتقوا الله إن كنتم مؤمنين قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين قال فأقبلت الملائكة تطير بمائدة من السماء عليها سبعه أحوات وسبعة أرغفة حتى وضعتها بين أيديهم فأكل منها آخر الناس كما أكل منها أولهم كذا رواه ابن جرير. ورواه ابن أبي حاتم عن يونس بن عبدالأعلى عن ابن وهب عن الليث عن عقيل عن ابن شهاب قال; كان ابن عباس يحدث فذكر نحوه. وقال ابن أبي حاتم; حدثنا سعيد بن عبدالله بن عبدالحكم حدثنا أبو زرعة وهبة الله بن راشد حدثنا عقيل بن خالد أن ابن شهاب أخبره عن ابن عباس أن عيسى ابن مريم قالوا له ادع الله أن ينزل علينا مائدة من السماء قال فنزلت الملائكة بالمائدة يحملونها عليها سبعة أحوات وسبعة أرغفة حتى وضعتها بين أيديهم فأكل منها آخر الناس كما أكل منها أولهم وقال ابن أبي حاتم; حدثنا أبي حدثنا الحسن بن قزعة الباهلي حدثنا سفيان بن حبيب حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن جلاس عن عمار بن ياسر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال; "نزلت المائدة من السماء عليها خبز ولحم وأمروا أن لا يخونوا ولا يرفعوا لغد فخانوا وادخروا ورفعوا فمسخوا قردة وخنازير" وكذا رواه ابن جرير عن الحسن بن فزعة. ثم رواه ابن جرير عن ابن بشار عن ابن أبي عدي عن سعيد عن قتادة عن جلاس عن عمار قال; نزلت المائدة وعليها ثمر من ثمار الجنة فأمروا أن لا يخونوا ولا يخبئوا ولا يدخروا قال فخان القوم وخبئوا وادخروا فمسخهم الله قردة وخنازير وقال ابن جرير; حدثنا ابن المثنى حدثنا عبدالأعلى حدثنا داود عن سماك بن حرب عن رجل من بني عجل قال; صليت إلى جانب عمار بن ياسر فلما فرغ قال هل تدري كيف كان شأن مائدة بني إسرائيل؟ قال قلت لا قال; إنهم سألوا عيسى ابن مريم مائدة يكون عليها طعام يأكلون منه لا ينفد قال فقيل لهم فإنها مقيمة لكم ما لم تخبئوا أو تخونوا أو ترفعوا فإن فعلتم فإنى معذبكم عذابا لا أعذبه أحدأ من العالمين قال; فما مضى يومهم حتى خبئوا ورفعوا وخانوا فعذبوا عذابا لم يعذبه أحد من العالمين وإنكم يا معشر العرب كنتم تتبعون أذناب الإبل والشاء فبعث الله فيكم رسولا من أنفسكم تعرفون حسبه ونسبه وأخبركم أنكم ستظهرون على العجم ونهاكم أن تكنزوا الذهب والفضة وأيم الله لا يذهب الليل والنهار حتى تكنزوهما ويعذبكم الله عذاب أليما. وقال; حدثنا القاسم حدثنا حسين حدثني حجاج عن أبي معشر عن إسحاق بن عبدالله أن المائدة نزلت على عيسى ابن مريم عليها سبعة أرغفة وسبعة أحوات يأكلون منها ما شاءوا قال; فسرق بعضهم منها وقال لعلها لا تنزل غدا فرفعت وقال العوفي عن ابن عباس; نزل على عيسى ابن مريم والحواريين خوان عليه خبز وسمك يأكلون منه أينما نزلوا إذا شاءوا. وقال خصيف عن عكرمة ومقسم عن ابن عباس كانت المائدة سمكة وأرغفة وقال مجاهد هو طعام كان ينزل عليهم حيث نزلوا. وقال أبو عبدالرحمن السلمي; نزلت المائدة خبزا وسمكا. قال عطية العوفي; المائدة سمك فيه طعم كل شيء. وقال وهب بن منبه أنزلها الله من السماء على بني إسرائيل فكان ينزل عليهم فى كل يوم في تلك المائدة من ثمار الجنة فأكلوا ما شاءوا من ضروب شتى فكان يقعد عليها أربعة آلاف وإذا أكلوا أنزل الله مكان ذلك لمثلهم فلبثوا على ذلك ما شاء الله عز وجل. وقال وهب بن منبه; نزل عليهم قرصة من شعير وأحوات وحشا الله بين أضعافهن البركة فكان قوم يأكلون ثم يخرجون ثم يجيء آخرون فيأكلون ثم يخرجون حتى أكل جميعهم وأفضلوا.