الرسم العثمانيوَإِذْ قَالَ مُوسٰى لِقَوْمِهِۦ يٰقَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنۢبِيَآءَ وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَءَاتٰىكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّنَ الْعٰلَمِينَ
الـرسـم الإمـلائـيوَاِذۡ قَالَ مُوۡسٰى لِقَوۡمِهٖ يٰقَوۡمِ اذۡكُرُوۡا نِعۡمَةَ اللّٰهِ عَلَيۡكُمۡ اِذۡ جَعَلَ فِيۡكُمۡ اَنۡۢـبِيَآءَ وَجَعَلَـكُمۡ مُّلُوۡكًا ۖ وَّاٰتٰٮكُمۡ مَّا لَمۡ يُؤۡتِ اَحَدًا مِّنَ الۡعٰلَمِيۡنَ
تفسير ميسر:
واذكر -أيها الرسول- إذ قال موسى عليه السلام لقومه; يا بني إسرائيل اذكروا نعمة الله عليكم، إذ جعل فيكم أنبياء، وجعلكم ملوكًا تملكون أمركم بعد أن كنتم مملوكين لفرعون وقومه، وقد منحكم من نعمه صنوفًا لم يمنحها أحدًا من عالَمي زمانكم.
يقول تعالى مخبرا عن عبده ورسوله موسى بن عمران عليه السلام فيما ذكر به قومه نعم الله عليهم وآلائه لديهم في جمعه لهم خير الدنيا والآخرة لو استقاموا على طريقتهم المستقيمة فقال تعالى " وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء " أي كلما هلك نبي قام فيكم نبي من لدن أبيكم إبراهيم إلى من بعده وكذلك كانوا لا يزال فيهم الأنبياء يدعون إلى الله ويحذرون نقمته حتى ختموا بعيسى ابن مريم عليه السلام ثم أوحى الله إلى خاتم الأنبياء والرسل على الاطلاق محمد بن عبد الله المنسوب إلى إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام وهو أشرف من كل من تقدمه منهم صلى الله عليه وسلم " وجعلكم ملوكا " قال عبد الرزاق عن الثوري عن منصور عن الحكم أو غيره عن ابن عباس في قوله وجعلكم ملوكا قال; الخادم والمرأة والبيت وروى الحاكم في مستدركه من حديث الثوري أيضا عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال; المرأة والخادم " وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين " قال; الذين هم بين ظهرانيهم يومئذ ثم قال الحكم; صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وروى ميمون بن مهران عن ابن عباس قال; كان الرجل من بني إسرائيل إذا كان له الزوجة والخادم والدار سمي ملكا وقال ابن جرير; حدثنا يونس بن عبد الأعلى أنبأنا ابن وهب أنبأنا أبو هانئ أنه سمع أبا عبد الرحمن الحنبلي يقول; سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص وسأله رجل فقال; ألسنا من فقراء المهاجرين فقال عبدالله; ألك امرأة تأوي إليها قال نعم قال; ألك مسكن تسكنه قال نعم قال; فأنت من الأغنياء فقال; إن لك خادما فقال; فأنت من الملوك وقال الحسن البصرى; هل الملك إلا مركب من خادم ودار رواه ابن جرير ثم روي عن الحكم ومجاهد ومنصور وسفيان الثوري نحوا من هذا وحكاه ابن أبي حاتم عن ميمون بن مهران وقال ابن شوذب كان الرجل من بني إسرائيل إذا كان له منزل وخادم واستؤذن عليه فهو ملك وقال قتادة; كانوا أول من اتخذ الخدم وقال السدي في قوله " وجعلكم ملوكا " قال يملك الرجل منكم نفسه وماله وأهله رواه ابن أبي حاتم وقال ابن أبي حاتم; ذكر عن ابن لهيعة عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال; كان بنو إسرائيل إذا كان لأحدهم خادم ودابة وامرأة كتب ملكا; وهذا حديث غريب من هذا الوجه وقال ابن جرير; حدثنا الزبير بن بكار حدثنا أبو ضمرة- أنس بن عياض - سمعت زيد بن أسلم يقول; وجعلكم ملوكا فلا أعلم إلا أنه قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم;" من كان له بيت وخادم فهو ملك " وهذا مرسل غريب وقال مالك; بيت وخادم وزوجة وقد ورد في الحديث من أصبح منكم معافى في جسده آمنا في سربه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها وقوله " وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين " يعني عالمي زمانكم فإنهم كانوا أشرف الناس في زمانهم من اليونان والقبط وسائر أصناف بني آدم كما قال " ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين " وقال تعالى إخبارا عن موسى لما قالوا اجعل لنا إلها كما لهم إله " قال إنكم قوم تجهلون إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون قال أغير الله أبغيكم إلها وهو فضلكم على العالمين " والمقصود أنهم كانوا أفضل زمانهم وإلا فهذه الأمة أشرف منهم وأفضل عند الله وأكمل شريعة وأقوم منهاجا وأكرم نبيا وأعظم ملكا وأغزر أرزاقا وأكثر أموالا وأولادا وأوسع مملكة وأدوم عزا قال الله تعالى " وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس " وقد ذكرنا الأحاديث المتواترة في فضل هذه الأمة وشرفها وكرمها عند الله عند قوله تعالى " كنتم خير أمة أخرجت للناس " من سورة آل عمران وروى ابن جرير عن ابن عباس وأبي مالك وسعيد بن جبير أنهم قالوا في قوله " وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين " يعني أمة محمد صلى الله عليه وسلم فكأنهم أرادوا أن هذا الخطاب في قوله " وآتاكم ما لم يؤت أحدا " مع هذه الأمة والجمهور على أنه خطاب من موسى لقومه وهو محمول على عالمي زمانهم كما قدمنا وقيل المراد" وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين " يعني بذلك ما كان تعالى نزله عليهم من المن السلوى ويظللهم به من الغمام وغير ذلك مما كان تعالى يخصهم به من خوارق العادات فالله أعلم.
قوله تعالى ; وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكمتبيين من الله تعالى أن أسلافهم تمردوا على موسى وعصوه ; فكذلك هؤلاء على محمد عليه السلام ، وهو تسلية له ; أي ; يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم ، واذكروا قصة موسى ، وروي عن عبد الله بن كثير أنه قرأ " يا قوم اذكروا " بضم الميم ، وكذلك ما أشبهه ; وتقديره يا أيها القوم . إذ جعل فيكم أنبياء لم ينصرف ; لأنه فيه ألف التأنيث . وجعلكم ملوكا أي ; تملكون أمركم لا يغلبكم عليه غالب بعد أن كنتم مملوكين لفرعون مقهورين ، فأنقذكم منه بالغرق ; فهم ملوك بهذا الوجه ، وبنحوه فسر السدي والحسن وغيرهما . قال السدي ; ملك كل واحد منه نفسه وأهله وماله ، وقال قتادة ; إنما قال ; وجعلكم ملوكا لأنا كنا نتحدث أنهم أول من خدم من بني آدم . قال ابن عطية ; وهذا ضعيف ; لأن القبط قد كانوا يستخدمون بني إسرائيل ، وظاهر أمر بني آدم أن بعضهم كان يسخر بعضا مذ تناسلوا وكثروا ، وإنما اختلفت الأمم في معنى التمليك فقط ، وقيل ; جعلكم ذوي منازل لا يدخل عليكم إلا بإذن ; روي معناه عن جماعة من أهل العلم . قال ابن عباس ; إن الرجل إذا لم يدخل أحد بيته إلا بإذنه فهو ملك ، وعن الحسن أيضا وزيد بن أسلم من كانت له دار وزوجة وخادم فهو ملك ; وهو قول عبد الله بن عمرو كما في صحيح مسلم عن أبي عبد الرحمن الحبلي قال ; سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص وسأله رجل فقال ; ألسنا من فقراء المهاجرين ؟ فقال له [ ص; 83 ] عبد الله ; ألك امرأة تأوي إليها ؟ قال ; نعم . قال ; ألك منزل تسكنه ؟ قال ; نعم . قال ; فأنت من الأغنياء . قال ; فإن لي خادما . قال ; فأنت من الملوك . قال ابن العربي ; وفائدة هذا أن الرجل إذا وجبت عليه كفارة وملك دارا وخادما باعهما في الكفارة ولم يجز له الصيام ، لأنه قادر على الرقبة والملوك لا يكفرون بالصيام ، ولا يوصفون بالعجز عن الإعتاق ، وقال ابن عباس ومجاهد ; جعلهم ملوكا بالمن والسلوى والحجر والغمام ، أي ; هم مخدومون كالملوك ، وعن ابن عباس أيضا يعني الخادم والمنزل ; وقاله مجاهد وعكرمة والحكم بن عيينة ، وزادوا الزوجة ; وكذا قال زيد بن أسلم إلا أنه قال فيما يعلم - عن النبي صلى الله عليه وسلم ; من كان له بيت - أو قال منزل - يأوي إليه وزوجة وخادم يخدمه فهو ملك ; ذكره النحاس ، ويقال ; من استغنى عن غيره فهو ملك ; وهذا كما قال صلى الله عليه وسلم ; من أصبح آمنا في سربه معافى في بدنه وله قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها .قوله تعالى ; وآتاكم أي ; أعطاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين والخطاب من موسى لقومه في قول جمهور المفسرين ; وهو وجه الكلام . مجاهد ; والمراد بالإيتاء المن والسلوى والحجر والغمام ، وقيل ; كثرة الأنبياء فيهم ، والآيات التي جاءتهم ، وقيل ; قلوبا سليمة من الغل والغش ، وقيل ; إحلال الغنائم والانتفاع بها .قلت ; وهذا القول مردود ; فإن الغنائم لم تحل لأحد إلا لهذه الأمة على ما ثبت في الصحيح ; وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى ، وهذه المقالة من موسى توطئة لنفوسهم حتى تعزز وتأخذ الأمر بدخول أرض الجبارين بقوة ، وتنفذ في ذلك نفوذ من أعزه الله ورفع من شأنه ، ومعنى من العالمين أي ; عالمي زمانكم ; عن الحسن . وقال ابن جبير وأبو مالك ; الخطاب لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ; وهذا عدول عن ظاهر الكلام بما لا يحسن مثله . وتظاهرت الأخبار أن دمشق قاعدة الجبارين . والمقدسة معناه المطهرة . مجاهد ; المباركة ; والبركة التطهير من القحوط والجوع ونحوه . قتادة ; هي الشام . مجاهد ; الطور وما حوله . ابن عباس والسدي وابن زيد ; هي أريحاء . قال الزجاج ; دمشق وفلسطين وبعض الأردن ، وقول قتادة يجمع هذا كله . التي كتب الله لكم أي ; فرض دخولها عليكم ووعدكم دخولها وسكناها لكم . ولما خرجت بنو إسرائيل من مصر أمرهم بجهاد أهل أريحاء من بلاد فلسطين فقالوا ; لا علم لنا بتلك الديار ; فبعث بأمر الله اثني عشر نقيبا ، من كل سبط رجل يتجسسون الأخبار على ما تقدم ، فرأوا سكانها الجبارين من العمالقة ، وهم ذوو أجسام هائلة ; حتى قيل ; إن بعضهم رأى هؤلاء النقباء فأخذهم في كمه مع فاكهة كان قد حملها من بستانه وجاء بهم إلى الملك فنثرهم [ ص; 84 ] بين يده وقال ; إن هؤلاء يريدون قتالنا ; فقال لهم الملك ; ارجعوا إلى صاحبكم فأخبروه خبرنا ; على ما تقدم ، وقيل ; إنهم لما رجعوا أخذوا من عنب تلك الأرض عنقودا فقيل ; حمله رجل واحد ، وقيل ; حمله النقباء الاثنا عشر .قلت ; وهذا أشبه ; فإنه يقال ; إنهم لما وصلوا إلى الجبارين وجدوهم يدخل في كم أحدهم رجلان منهم ، ولا يحمل عنقود أحدهم إلا خمسة منهم في خشبة ، ويدخل في شطر الرمانة إذا نزع حبه خمسة أنفس أو أربعة .قلت ; ولا تعارض بين هذا والأول ; فإن ذلك الجبار الذي أخذهم في كمه - ويقال ; في حجره - هو عوج بن عناق وكان أطولهم قامة وأعظمهم خلقا ; على ما يأتي من ذكره إن شاء الله تعالى ، وكان طول سائرهم ستة أذرع ونصفا في قول مقاتل . وقال الكلبي ; كان طول كل رجل منهم ثمانين ذراعا ، والله أعلم . فلما أذاعوا الخبر ما عدا يوشع وكالب بن يوقنا ، وامتنعت بنو إسرائيل من الجهاد عوقبوا بالتيه أربعين سنة إلى أن مات أولئك العصاة ونشأ أولادهم ، فقاتلوا الجبارين وغلبوهم .
القول في تأويل قوله عز ذكره ; وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْقال أبو جعفر; وهذا أيضا من الله تعريفٌ لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، قديمَ تمادي هؤلاء اليهود في الغيّ، وبعدِهم عن الحق، وسوء اختيارهم لأنفسهم، وشدة خلافهم لأنبيائهم، وبطء إنابتهم إلى الرشاد، مع كثرة نعم الله عندهم، وتتابع أياديه وآلائه عليهم= مسلِّيًا بذلك نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم عما يحلّ به من علاجهم، وينـزل به من مقاساتهم في ذات الله. يقول الله له صلى الله عليه وسلم; لا تأسَ على ما أصابك منهم، فإن الذهابَ عن الله، والبعد من الحق، وما فيه لهم الحظ في الدنيا والآخرة، من عاداتهم وعادات أسلافهم وأوائلهم= وتعزَّ بما لاقى منهم أخوك موسى صلى الله عليه وسلم= واذْكُر إذ قال موسى لهم; " يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم "، يقول; اذكروا أيادِي الله عندكم، وآلاءه قبلكم، (26) كما;-11622 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن الزبير، عن ابن عيينة; " اذكروا نعمة الله عليكم "، قال; أيادي الله عندكم وأيَّامه. (27)11623 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله; " اذكروا نعمة الله عليكم " يقول; عافية الله عز وجل.* * *قال أبو جعفر; وإنما اخترنا ما قلنا، لأن الله لم يخصص من النعم شيئًا، بل عمَّ ذلك بذكر النعم، فذلك على العافية وغيرها، إذ كانت " العافية " أحد معاني" النعم ".القول في تأويل قوله جل ثناؤه ; إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًاقال أبو جعفر; يعني بذلك جل ثناؤه; أنَّ موسى ذكَّر قومه من بني إسرائيل بأيَّام الله عندهم، وبآلائه قبلهم، مُحَرِّضهم بذلك على اتباع أمر الله في قتال الجبارين، (28) فقال لهم; اذكروا نعمة الله عليكم أنْ فضّلكم، بأن جعل فيكم أنبياء يأتونكم بوحيه، ويخبرونكم بأنباء الغيب، (29) ولم يعط ذلك غيركم في زمانكم هذا. (30)=فقيل; إن الأنبياء الذين ذكَّرهم موسى أنهم جُعلوا فيهم; هم الذين اختارهم موسى إذ صار إلى الجبل، وهم السبعون الذين ذكرهم الله فقال; وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلا لِمِيقَاتِنَا [سورة الأعراف; 155].* * *=" وجعلكم ملوكًا " سخر لكم من غيركم خدمًا يخدمونكم.* * *وقيل; إنما قال ذلك لهم موسى، لأنه لم يكن في ذلك الزمان أحدٌ سواهم يخدُمه أحد من بني آدم.ذكر من قال ذلك;11624 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله; " وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمةَ الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياءَ وجعلكم ملوكًا "، قال; كنا نحدَّثُ أنهم أول من سُخِّر لهم الخدَم من بني آدم ومَلَكوا.* * *وقال آخرون; كل من ملك بيتًا وخادمًا وامرأةً، فهو " ملك "، كائنًا من كان من الناس.ذكر من قال ذلك;11625 - حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرنا أبو هانئ; أنه سمع أبا عبد الرحمن الحبلي يقول; سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص، وسأله رجل فقال; ألسنا من فقراء المهاجرين؟ فقال له عبد الله; ألك امرأة تأوي إليها؟ قال; نعم! قال ألك مسكن تسكُنُه؟ قال; نعم! قال; فأنت من الأغنياء! فقال; إنّ لي خادمًا. قال; فأنت من الملوك. (31)11626 - حدثنا الزبير بن بكار قال، حدثنا أبو ضمرة أنس بن عياض قال; سمعت زيد بن أسلم يقول; " وجعلكم ملوكًا " فلا أعلم إلا أنه قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم; من كان له بيتٌ وخادم فهو ملك. (32)11627 - حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا العلاء بن عبد الجبار، عن حماد بن سلمة، عن حميد، عن الحسن; أنه تلا هذه الآية; " وجعلكم ملوكًا "، فقال; وهل المُلْك إلا مركبٌ وخادمٌ ودار؟فقال قائلو هذه المقالة; إنما قال لهم موسى ذلك، لأنهم كانوا يملكون الدّور والخدم، ولهم نساءٌ وأزواج.ذكر من قال ذلك;11628 - حدثنا سفيان بن وكيع وابن حميد قالا حدثنا جرير، عن منصور= قال; أراه عن الحكم=; " وجعلكم ملوكًا "، قال; كانت بنو إسرائيل إذا كان للرجل منهم بيتٌ وامرأة وخادم، عُدَّ ملكًا.11629 - حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع، عن سفيان= ح، وحدثنا سفيان قال، حدثنا أبي، عن سفيان= عن منصور، عن الحكم; " وجعلكم ملوكًا " قال; الدار والمرأة، والخادم= قال سفيان; أو اثنتين من الثلاثة. (33)11630 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا مؤمل قال، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن رجل، عن ابن عباس في قوله; " وجعلكم ملوكًا " قال; البيت والخادم.11631 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن منصور، عن الحكم أو غيره، عن ابن عباس في قوله; " وجعلكم ملوكًا " قال; الزوجة والخادم والبيت.11632 - حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله; " وجعلكم ملوكًا " قال; جعل لكم أزواجًا وخدمًا وبيوتًا.11633 - حدثنا المثنى قال، حدثنا علي بن محمد الطنافسي قال، حدثنا أبو معاوية، عن حجاج بن تميم، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس في قول الله; " وجعلكم ملوكًا " قال; كان الرجل من بني إسرائيل إذا كانت له الزوجة والخادم والدار يسمَّى مَلِكًا. (34)11634 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله; " وجعلكم ملوكًا " قال; مُلْكُهم الخدم= قال قتادة; كانوا أوَّل من مَلك الخدم.11635 - حدثني الحارث بن محمد قال، حدثنا عبد العزيز بن أبان قال، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن مجاهد; " وجعلكم ملوكًا " قال; جعل لكم أزواجًا وخدمًا وبيوتًا.* * *وقال آخرون; إنما عنى بقوله; " وجعلكم ملوكًا " أنهم يملكون أنفُسَهم وأهلِيهم وأموالهم.ذكر من قال ذلك;11636 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي; " وجعلكم ملوكًا " يملك الرجل منكم نفسَه وأهلَه ومالَه.القول في تأويل قوله عز ذكره ; وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (20)قال أبو جعفر; اختلف فيمن عنوا بهذا الخطاب.فقال بعضهم; عني به أمة محمد صلى الله عليه وسلم.ذكر من قال ذلك;11637 - حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا يحيى بن يمان، عن سفيان، عن السدي، عن أبي مالك وسعيد بن جبير; " وآتاكم ما لم يؤت أحدًا من العالمين "، قالا أمة محمد صلى الله عليه وسلم.* * *وقال آخرون; عُنِي به قوم موسى صلى الله عليه وسلم.ذكر من قال ذلك;11638 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال، هم قوم موسى.11639 - حدثني الحارث بن محمد قال، حدثنا عبد العزيز بن أبان قال، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس; " وآتاكم ما لم يؤت أحدًا من العالمين "، قال; هم بين ظهرانيه يومئذٍ. (35)* * *ثم اختلفوا في الذي آتاهمُ الله ما لم يؤت أحدًا من العالمين.فقال بعضهم; هو المنّ والسلوى والحجر والغمام. (36)ذكر من قال ذلك;11640 - حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن رجل، عن مجاهد; " وآتاكم ما لم يؤت أحدًا من العالمين " قال; المنّ والسلوى والحجر والغمام.11641 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد; " وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين "، يعني; أهل ذلك الزمان، المنَّ والسلوى والحجر والغمام.* * *وقال آخرون; هو الدَّار والخادِم والزوجة.ذكر من قال ذلك;11642 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا بشر بن السري، عن طلحة بن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس; " وآتاكم ما لم يؤت أحدًا من العالمين " قال; الرجل يكون له الدار والخادم والزوجة. (37)11643 - حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس; " وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين "، المنّ والسلوى والحجر والغمام.* * *قال أبو جعفر; وأولى التأويلين في ذلك عندي بالصواب، قولُ من قال; " وآتاكم ما لم يؤت أحدًا من العالمين "، في سياق قوله; اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ، ومعطوفٌ عليه. (38)ولا دلالة في الكلام تدلّ على أن قوله; " وآتاكم ما لم يؤت أحدًا من العالمين " مصروف عن خطاب الذين ابتدئَ بخطابهم في أوّل الآية. فإذ كان ذلك كذلك، فأنْ يكون خطابًا لهم، أولى من أن يقال; هو مصروف عنهم إلى غيرهم.فإن ظن ظان أن قوله; " وآتاكم ما لم يؤت أحدًا من العالمين "، لا يجوز أن يكون لهم خطابًا، (39) إذ كانت أمة محمَّد قد أوتيت من كرامة الله جلّ وعزّ بنبيِّها عليه السلام محمّدٍ، ما لم يُؤتَ أحدٌ غيرهم، (40) =وهم من العالمين= (41) فقد ظنَّ غير الصواب. وذلك أن قَوله; " وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين "، خطاب من موسى صلى الله عليه وسلم لقومه يومئذٍ، وعنى بذلك عالمي زمانه، لا عالمي كل زمان. ولم يكن أوتي في ذلك الزمان من نِعَم الله وكرامته، ما أوتي قومُه صلى الله عليه وسلم، أحد من العالمين. (42) فخرج الكلام منه صلى الله عليه على ذلك، لا على جميع [عالم] كلِّ زمان. (43)----------------------الهوامش ;(26) انظر تفسير"النعمة" فيما سلف من فهارس اللغة.(27) الأثر; 11622-"عبد الله بن الزبير بن عيسى بن عبيد الله بن أسامة الأسدي الحميدي". روى عن ابن عيينة ، والشافعي وهذه الطبقة. روى عن البخاري. ومضى برقم; 9914.(28) في المطبوعة; "فحرضهم بذلك" ، وأثبت ما في المخطوطة.(29) في المطبوعة; "ويخبرونكم بآياته الغيب" ، وهو كلام فارغ من المعنى ، وفي المخطوطة هكذا"بآياتنا الغيب" ، وصواب قراءتها ما أثبت.(30) انظر تفسير"نبي" فيما سلف 2; 140-142/6; 380 ، وغيرها في فهارس اللغة.(31) الأثر; 11625-"أبو هانئ" ، هو; "حميد بن هانئ الخولاني المصري" من ثقات التابعين ، مضى; 6039 ، 6657.و"أبو عبد الرحمن الحبلي" ، هو; "عبد الله بن يزيد المعافري" ، تابعي ثقة ، مضى برقم; 6657 ، 9483.وهذا حديث صحيح ، رواه مسلم في صحيحه 18; 109 ، 110 ، من طريق أبي الطاهر أحمد بن عمرو بن سرح ، عن ابن وهب ، بإسناده ، مطولا.وقصر السيوطي في الدر المنثور 1; 270 فقال"أخرجه سعيد بن منصور" ، واقتصر عليه.(32) الأثر; 11626-"الزبير بن بكار" شيخ الطبري ، مضى برقم; 7855."وأنس بن عياض بن ضمرة" ، ثقة. مضى برقم; 7 ، 1679.والحديث خرجه السيوطي في الدر المنثور 1; 270 ، ولم ينسبه لابن جرير ، ونسبه للزبير بن بكار في الموفقيات ، ولأبي داود في مراسيله. وذكره ابن كثير في تفسيره 3; 112 ، 113 ، وقال; "وهذا مرسل غريب".(33) في المطبوعة; "واثنتين" بالواو ، والصواب من المخطوطة.(34) الأثر; 11633-"علي بن محمد بن إسحق الطنافسي" ، روى عن أبي معاوية الضرير. ثقة صدوق. مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 3/1/202. وكان في المخطوطة"الطيالسي" ، وهو خطأ من الناسخ.و"أبو معاوية" الضرير ، هو; "محمد بن خازم التميمي". ثقة كثير الحديث ، كان يدلس. مضى برقم; 2783.و"حجاج بن تميم الجزري". روى عن ميمون بن مهران ، وروى عنه أبو معاوية الضرير. قال النسائي; "ليس بثقة" ، وقال الأزدي; "ضعيف". وقال العقيلي; "روى عن ميمون بن مهران أحاديث لا يتابع عليها". وقال ابن حبان في الثقات; "روى عن ميمون بن مهران. روى عنه أبو معاوية الضرير". مترجم في التهذيب. وكان في المخطوطة والمطبوعة; "حجاج بن نعيم" ، وهو خطأ محض كما ترى.(35) الأثر 11639- هذا الخبر رواه الحاكم في المستدرك 2; 311 ، 312 ، من طريق مصعب بن المقدام ، عن سفيان بن سعيد ، عن الأعمش ، مطولا. ونصه; "الذين هم بين ظهرانيهم يومئذ". وقال; "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي.والذي في نص الطبري"هم بين ظهرانيه يومئذ" ، الضمير بالإفراد ، كأنه يعني"العالم" الذي هم بين ظهرانيه يومئذ.والخبر خرجه السيوطه في الدر المنثور 1; 269 ، وزاد نسبته للفريابي ، وابن المنذر ، والبيهقي في شعب الإيمان.(36) "الحجر" ، يعني الحجر الذي ضربه موسى بعصاه ، فانفجرت منه اثنتا عشرة عينًا. وانظر ما سلف 2; 119-122.(37) الأثر; 11642-"بشر بن السري البصري" ، أبو عمرو الأفوه ، ثقة كثير الحديث. روى له الجماعة ، وهو من شيوخ أحمد. مترجم في التهذيب.و"طلحة بن عمرو بن عثمان الحضرمي" ، روى عن عطاء بن أبي رباح ، وسعيد بن جبير وغيرهما. ضعيف جدًا ، قال أحمد; "لا شيء ، متروك الحديث". وقال ابن عدي; "روى عنه قوم ثقات ، وعامة ما يرويه لا يتابع عليه". وقال ابن حبان; "لا يحل كتب حديثه ولا الرواية عنه ، إلا على جهة التعجب". مترجم في التهذيب.(38) لم يفهم ناشر المطبوعة عربية أبي جعفر ، فجعل الكلام هكذا; "وآتاكم ما لم يوت أحدا من العالمين ، خطاب لبني إسرائيل حيث جاء في سياق قوله; اذكروا نعمة الله عليكم = ومعطوفًا عليه" ، فغير وزاد وأساء وخان الأمانة!!(39) في المطبوعة; "لا يجوز أن تكون خطابًا لبني إسرائيل" بزيادة"لبني إسرائيل" ، وفي المخطوطة; "أن تكون له خطابا" ، وصواب قراءتها ما أثبت.(40) في المطبوعة والمخطوطة; "من كرامة الله نبيها عليه السلام محمدًا ما لم يؤت أحدًا غيرهم" ، فأثبت زيادة المخطوطة ، وجعلت"نبيها""بنبيها" ، بزيادة الباء في أوله ، وجعلت"أحدًا""أحد" ، وذلك الصواب المحض.(41) السياق; "فإن ظن ظان.. فقد ظن غير الصواب".(42) السياق; "ولم يكن أوتي في ذلك الزمان.. أحد من العالمين".(43) انظر تفسير"العالمين" فيما سلف 1; 143-146/2; 23-26/5; 375/6; 393.
تفسير الآيات من 20 الى 26 :ـ لما امتن الله على موسى وقومه بنجاتهم من فرعون وقومه وأسرهم واستبعادهم، ذهبوا قاصدين لأوطانهم ومساكنهم، وهي بيت المقدس وما حواليه، وقاربوا وصول بيت المقدس، وكان الله قد فرض عليهم جهاد عدوهم ليخرجوه من ديارهم. فوعظهم موسى عليه السلام؛ وذكرهم ليقدموا على الجهاد فقال لهم: { اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ } بقلوبكم وألسنتكم. فإن ذكرها داع إلى محبته تعالى ومنشط على العبادة، { إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاءَ } يدعونكم إلى الهدى، ويحذرونكم من الردى، ويحثونكم على سعادتكم الأبدية، ويعلمونكم ما لم تكونوا تعلمون { وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا } تملكون أمركم، بحيث إنه زال عنكم استعباد عدوكم لكم، فكنتم تملكون أمركم، وتتمكنون من إقامة دينكم. { وَآتَاكُمْ } من النعم الدينية والدنيوية { مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ } فإنهم في ذلك الزمان خيرة الخلق، وأكرمهم على الله تعالى. وقد أنعم عليهم بنعم ما كانت لغيرهم. فذكرهم بالنعم الدينية والدنيوية، الداعي ذلك لإيمانهم وثباته، وثباتهم على الجهاد، وإقدامهم عليه، ولهذا قال: { يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ } أي: المطهرة { الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ } فأخبرهم خبرا تطمئن به أنفسهم، إن كانوا مؤمنين مصدقين بخبر الله، وأنه قد كتب الله لهم دخولها، وانتصارهم على عدوهم. { وَلَا تَرْتَدُّوا } أي: ترجعوا { عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ } قد خسرتم دنياكم بما فاتكم من النصر على الأعداء وفتح بلادكم. وآخرتكم بما فاتكم من الثواب، وما استحققتم -بمعصيتكم- من العقاب، فقالوا قولا يدل على ضعف قلوبهم، وخور نفوسهم، وعدم اهتمامهم بأمر الله ورسوله. { يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ } شديدي القوة والشجاعة، أي: فهذا من الموانع لنا من دخولها. { وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ } وهذا من الجبن وقلة اليقين، وإلا فلو كان معهم رشدهم، لعلموا أنهم كلهم من بني آدم، وأن القوي من أعانه الله بقوة من عنده، فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله، ولعلموا أنهم سينصرون عليهم، إذ وعدهم الله بذلك، وعدا خاصا. { قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ } الله تعالى، مشجعين لقومهم، منهضين لهم على قتال عدوهم واحتلال بلادهم. { أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا } بالتوفيق، وكلمة الحق في هذا الموطن المحتاج إلى مثل كلامهم، وأنعم عليهم بالصبر واليقين. { ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ } أي: ليس بينكم وبين نصركم عليهم إلا أن تجزموا عليهم، وتدخلوا عليهم الباب، فإذا دخلتموه عليهم فإنهم سينهزمون، ثم أمَرَاهم بعدة هي أقوى العدد، فقالا: { وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ } فإن في التوكل على الله -وخصوصا في هذا الموطن- تيسيرا للأمر، ونصرا على الأعداء. ودل هذا على وجوب التوكل، وعلى أنه بحسب إيمان العبد يكون توكله، فلم ينجع فيهم هذا الكلام، ولا نفع فيهم الملام، فقالوا قول الأذلين: { يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ } فما أشنع هذا الكلام منهم، ومواجهتهم لنبيهم في هذا المقام الحرج الضيق، الذي قد دعت الحاجة والضرورة إلى نصرة نبيهم، وإعزاز أنفسهم. وبهذا وأمثاله يظهر التفاوت بين سائر الأمم، وأمة محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم -حين شاورهم في القتال يوم \"بدر\" مع أنه لم يحتم عليهم: يا رسول الله، لو خضت بنا هذا البحر لخضناه معك، ولو بلغت بنا برك الغماد ما تخلف عنك أحد. ولا نقول كما قال قوم موسى لموسى: { اذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ } ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، من بين يديك ومن خلفك، وعن يمينك وعن يسارك. فلما رأى موسى عليه السلام عتوهم عليه { قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي } أي: فلا يدان لنا بقتالهم، ولست بجبار على هؤلاء. { فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ } أي: احكم بيننا وبينهم، بأن تنزل فيهم من العقوبة ما اقتضته حكمتك، ودل ذلك على أن قولهم وفعلهم من الكبائر العظيمة الموجبة للفسق. { قَالَ } الله مجيبا لدعوة موسى: { فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ } أي: إن من عقوبتهم أن نحرم عليهم دخول هذه القرية التي كتبها الله لهم، مدة أربعين سنة، وتلك المدة أيضا يتيهون في الأرض، لا يهتدون إلى طريق ولا يبقون مطمئنين، وهذه عقوبة دنيوية، لعل الله تعالى كفر بها عنهم، ودفع عنهم عقوبة أعظم منها، وفي هذا دليل على أن العقوبة على الذنب قد تكون بزوال نعمة موجودة، أو دفع نقمة قد انعقد سبب وجودها أو تأخرها إلى وقت آخر. ولعل الحكمة في هذه المدة أن يموت أكثر هؤلاء الذين قالوا هذه المقالة، الصادرة عن قلوب لا صبر فيها ولا ثبات، بل قد ألفت الاستعباد لعدوها، ولم تكن لها همم ترقيها إلى ما فيه ارتقاؤها وعلوها، ولتظهر ناشئة جديدة تتربى عقولهم على طلب قهر الأعداء، وعدم الاستعباد، والذل المانع من السعادة. ولما علم الله تعالى أن عبده موسى في غاية الرحمة على الخلق، خصوصا قومه، وأنه ربما رق لهم، واحتملته الشفقة على الحزن عليهم في هذه العقوبة، أو الدعاء لهم بزوالها، مع أن الله قد حتمها، قال: { فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ } أي: لا تأسف عليهم ولا تحزن، فإنهم قد فسقوا، وفسقهم اقتضى وقوع ما نزل بهم لا ظلما منا.
(الواو) استئنافيّة
(إذ) اسم ظرفيّ مبني في محلّ نصب مفعول به لفعل محذوف تقديره اذكر.
(قال) فعل ماض
(موسى) فاعل مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الألف
(لقوم) جارّ ومجرور متعلّق بـ (قال) و (الهاء) ضمير مضاف إليه
(يا) أداة نداء
(قوم) منادى مضاف منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على ما قبل ياء المتكلّم المحذوفة وهي المضاف إليه
(اذكروا) فعل أمر مبني على حذف النون.. والواو فاعلـ (نعمة) مفعول به منصوبـ (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور
(على) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف حال من نعمة ،
(إذ) ظرف للزمن الماضي مبني متعلّق بنعمة ،
(جعل) مثل قالـ (فيكم) مثل عليكم متعلّق بمحذوف مفعول به ثان
(أنبياء) مفعول به أوّل منصوبـ (الواو) عاطفة
(جعلكم ملوكا) فعل وفاعل مستتر ومفعول أول ومفعول ثان
(الواو) عاطفة
(آتى) مثل قال و (كم) ضمير مفعول به أوّلـ (ما) اسم موصول مبني في محلّ نصب مفعول به ثان ،
(لم) حرف نفي وجزم وقلبـ (يؤت) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف حرف العلّة، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (أحدا) مفعول به منصوب، والمفعول الثاني محذوف أي ما لم يؤته أحدا ...
(من العالمين) جارّ ومجرور متعلّق بنعت لأحد، وعلامة الجرّ الياء.
جملة «قال موسى ... » : في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة «يا قوم ... » : في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «اذكروا نعمة ... » : لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة «جعل فيكم» : في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة «جعلكم ... » : في محلّ جرّ معطوفة على جملة جعل فيكم.
وجملة «آتاكم ... » : في محلّ جرّ معطوفة على جملة جعل فيكم.
وجملة «يؤت ... » : لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما)
(21)
(يا قوم ادخلوا الأرض) مثل يا قوم اذكروا نعمة
(المقدّسة) نعت للأرض منصوبـ (التي) اسم موصول مبني في محلّ نصب نعت ثان للأرض
(كتب) مثل قالـ (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع
(لكم) مثل عليكم متعلّق بـ (كتب)
(الواو) عاطفة
(لا) ناهية جازمة
(ترتدّوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعلـ (على أدبار) جارّ ومجرور متعلّق بحال من فاعل ترتدّوا ، و (كم) ضمير مضاف إليه
(الفاء) فاء السببيّة ،
(تنقلبوا) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد فاء السببيّة وعلامة النصب حذف النون.. والواو فاعلـ (خاسرين) حال منصوبة من فاعل تنقلبوا وعلامة النصب الياء.والمصدر المؤوّلـ (أن تنقلبوا) معطوف على مصدر متصيّد من الكلام السابق أي: لا يكن منكم ارتداد فانقلاب ...وجملة «يا قوم ... » : لا محلّ لها استئناف داخل تحت المحكيّ من موسى.
وجملة «ادخلوا ... » : لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة «كتب الله ... » : لا محلّ لها صلة الموصولـ (التي) .
وجملة «لا ترتدّوا» : لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب النداء.
وجملة «تنقلبوا» : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن)
- القرآن الكريم - المائدة٥ :٢٠
Al-Ma'idah5:20