Skip to main content
الرسم العثماني

قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ ۚ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطّٰغُوتَ ۚ أُولٰٓئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ عَن سَوَآءِ السَّبِيلِ

الـرسـم الإمـلائـي

قُلۡ هَلۡ اُنَـبِّئُكُمۡ بِشَرٍّ مِّنۡ ذٰ لِكَ مَثُوۡبَةً عِنۡدَ اللّٰهِ‌ ؕ مَنۡ لَّعَنَهُ اللّٰهُ وَغَضِبَ عَلَيۡهِ وَجَعَلَ مِنۡهُمُ الۡقِرَدَةَ وَالۡخَـنَازِيۡرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوۡتَ‌ ؕ اُولٰٓٮِٕكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَّاَضَلُّ عَنۡ سَوَآءِ السَّبِيۡلِ

تفسير ميسر:

قل -أيها النبي- للمؤمنين; هل أخبركم بمن يُجازَى يوم القيامة جزاءً أشدَّ مِن جزاء هؤلاء الفاسقين؟ إنهم أسلافهم الذين طردهم الله من رحمته وغَضِب عليهم، ومَسَخَ خَلْقهم، فجعل منهم القردة والخنازير، بعصيانهم وافترائهم وتكبرهم، كما كان منهم عُبَّاد الطاغوت (وهو كل ما عُبِد من دون الله وهو راضٍ)، لقد ساء مكانهم في الآخرة، وضلَّ سَعْيُهم في الدنيا عن الطريق الصحيح.

قال" قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله" أي هل أخبركم بشر جزاء عند الله يوم القيامة مما تظنونه بنا؟ وهم أنتم الذين هم متصفون بهذه الصفات المفسرة بقوله" من لعنه الله" أي أبعده من رحمته" وغضب عليه" أي غضبا لا يرضى بعده أبدا" وجعل منهم القردة والخنازير" كما تقدم بيانه في سوره البقرة وكما سيأتي إيضاحه في سورة الأعراف وقد قال سفيان الثوري عن علقمة بن يزيد عن المغيرة بن عبد الله عن المعرور بن سويد عن ابن مسعود قال; سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن القردة والخنازير أهى مما مسخ الله فقال إن الله لم يهلك قوما أو قال لم يمسخ قوما فيجعل لهم نسلا ولا عقبا وإن القردة والخنازير كانت قبل ذلك وقد رواه مسلم من حديث سفيان الثوري ومسعر كلاهما عن مغيرة بن عبد الله اليشكري به وقال أبو داود الطيالسي حدثنا داود بن أبي الفرات عن محمد بن زيد عن أبي الأعين المعبدي عن أبي الأحوص عن ابن مسعود قال سألنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن القردة والخنازير أهي من نسل اليهود فقال;" لا إن الله لم يلعن قوما قط فيمسخهم فكان لهم نسل ولكن هذا خلق كان فلما غضب الله على اليهود فمسخهم جعلهم مثلهم" ورواه أحمد من حديث داود بن أبي الفرات به وقال ابن مردويه حدثنا عبد الباقي حدثنا أحمد بن إسحق بن صالح حدثنا الحسن بن محبوب حدثنا عبد العزيز بن المختار عن داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس قال; قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -;" الحيات مسخ الجن كما مسخت القردة والنخاذير" هذا حديث غريب جدا وقوله تعالى" وعبد الطاغوت" قرئ" وَعَبَدَ الطاغوت" على أنه فعل ماض والطاغوت منصوب به أي وجعل منهم الطاغوت وقرئ " وعبد الطاغوتِ" بالإضافة على أن المعنى وجعل منهم من الطاغوت أي خدامه وعبيده وقرئ " وعبد الطاغوت " على أنه يجمع الجمع عبد وعبيد وعبد مثل ثمار وثمر حكاها ابن جرير عن الأعمش وحكى عن بريدة الأسلمي أنه كان يقرؤها" وعابد الطاغوت" وعن أبي وابن مسعود" عبدوا" وحكى ابن جرير عن أبي جعفر القارئ أنه كان يقرؤها" وعبد الطاغوت" على أنه مفعول ما لم يسم فاعله ثم استبعد معناها والظاهر بعد في ذلك لأن هذا من باب التعريض بهم أي وقد عبدت الطاغوت فيكم وأنتم الذين فعلتموه وكل هذه القراءا ت يرجع معناها إلى أنكم يا أهل الكتاب الطاعنين في ديننا الذي هو توحيد الله وإفراده بالعبادات دون ما سواه كيف يصدر منكم هذا وأنتم قد وجد منكم جميع ما ذكر ولهذا قال" أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل" وهذا من باب استعمال أفعل التفضيل فيما ليس الطرف الآخر مشاركة كقوله عز وجل" أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا".