وَأَنَّهُۥ هُوَ رَبُّ الشِّعْرٰى
وَاَنَّهٗ هُوَ رَبُّ الشِّعۡرٰىۙ
تفسير ميسر:
وأنه سبحانه وتعالى هو رب الشِّعْرى، وهو نجم مضيء، كان بعض أهل الجاهلية يعبدونه من دون الله.
قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وابن زيد وغيرهم هو هذا النجم الوقاد الذي يقال له مرزم الجوزاء كانت طائفة من العرب يعبدونه.
وأنه هو رب الشعرى الشعرى الكوكب المضيء الذي يطلع بعد الجوزاء ، وطلوعه في شدة الحر ، وهما الشعريان العبور التي في الجوزاء والشعرى الغميصاء التي في الذراع ; وتزعم العرب أنهما أختا سهيل . وإنما ذكر أنه رب الشعرى وإن كان ربا لغيره ; لأن العرب كانت تعبده ; فأعلمهم الله جل وعز أن الشعرى مربوب ليس برب . واختلف فيمن كان يعبده ; فقال السدي ; كانت تعبده حمير وخزاعة . وقال غيره ; أول من عبده أبو كبشة أحد أجداد النبي صلى الله عليه وسلم من قبل أمهاته ، ولذلك كان مشركو قريش يسمون النبي صلى الله عليه وسلم ابن أبي كبشة حين دعا إلى الله وخالف أديانهم ; وقالوا ; ما لقينا من ابن أبي كبشة ! وقال أبو سفيان يوم الفتح وقد وقف في بعض المضايق وعساكر رسول الله صلى الله عليه وسلم تمر عليه ; لقد أمر أمر ابن أبي كبشة . وقد كان من لا يعبد الشعرى من العرب يعظمها ويعتقد تأثيرها في العالم ، قال الشاعر ;مضى أيلول وارتفع الحرور وأخبت نارها الشعرى العبوروقيل ; إن العرب تقول في خرافاتها ; إن سهيلا والشعرى كانا زوجين ، فانحدر سهيل فصار يمانيا ، فاتبعته الشعرى العبور فعبرت المجرة فسميت العبور ، وأقامت الغميصاء فبكت لفقد سهيل حتى غمصت عيناها فسميت غميصاء لأنها أخفى من الأخرى .
القول في تأويل قوله تعالى ; وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى (48)يقول تعالى ذكره; وأن ربك هو أغنى من أغنى من خلقه بالمال وأقناه, فجعل له قنية أصول أموال.واختلف أهل التأويل في تأويله, فقال بعضهم بالذي قلنا في ذلك.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن عمارة الأسديّ, قال; ثنا عبيد الله بن موسى, عن السديّ, عن أبي صالح, قوله; ( أَغْنَى وَأَقْنَى ) قال; أغنى المال وأقنى القنية.وقال آخرون; عُنِي بقوله; ( أَغْنَى ) ; أخدم.* ذكر من قال ذلك;حدثنا ابن بشار, قال; ثنا أبو عاصم, قال; ثنا سفيان, عن ليث, عن مجاهد, في قوله; ( وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى ) قال; أغنى; مَوَّل, وأقنى; أخدم.حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال; ثنا ابن علية, عن أبي رجاء, عن الحسن, قوله; ( أَغْنَى وَأَقْنَى ) قال; أخدم.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال; ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله; ( أَغْنَى وَأَقْنَى ) قال; أغنى وأخدم.حدثنا بشر, قال; ثنا يزيد, قال; ثنا سعيد, عن قتادة قوله ( أَغْنَى وَأَقْنَى ) قال; أعطى وأرضى وأخدم.وقال آخرون; بل عُني بذلك أنه أغنى من المال واقنى; رضي.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن سعد, قال; ثنى أبي, قال; ثني عمي, قال; ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله; ( وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى ) قال; فإنه أغنى وأرضى.حدثنا ابن بشار, قال; ثنا عبد الرحمن, قال; ثنا سفيان, عن ليث, عن مجاهد ( وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى ) قال; أغنى موّل, وأقنى; رضّى.حدثني محمد بن عمرو, قال; ثنا أبو عاصم, قال; ; ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال; ثنا الحسن, قال; ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( أَغْنَى ) قَال; موّل ( وَأَقْنَى ) قَال; رضي.حدثني عليّ, قال; ثنا أبو صالح, قال; ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله ( وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى ) يقول; أعطاه وأرضاه.حدثنا ابن حُميد, قال; ثنا مهران, عن سفيان, عن ليث, عن مجاهد, مثل حديث ابن بشار, عن عبد الرحمن, عن سفيان.وقال آخرون; بل عُنِي بذلك أنه أغنى نفسه, وأفقر خلقه إليه.* ذكر من قال ذلك;حدثنا ابن عبد الأعلى, قال; ثنا المعتمر بن سليمان, عن أبيه ( وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى ) قال; زعم حضرميّ أنه ذكر له أنه أغنى نفسه, وأفقر الخلائق إليه.وقال آخرون; بل عُنِي بذلك أنه أغنى من شاء من خلقه, وأفقر من شاء.* ذكر من قال ذلك;حدثني يونس, قال; أخبرنا ابن وهب, قال; قال ابن زيد, في قوله; ( وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى ) قال; أغنى فأكثر, وأقنى أقلّ, وقرأ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ .
{ وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى } وهي النجم المعروف بالشعرى العبور، المسماة بالمرزم، وخصها الله بالذكر، وإن كان رب كل شيء، لأن هذا النجم مما عبد في الجاهلية، فأخبر تعالى أن جنس ما يعبده المشركون مربوب مدبر مخلوق،فكيف تتخذ إلها مع الله
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة