الرسم العثمانيمُتَّكِـِٔينَ عَلٰى فُرُشٍۢ بَطَآئِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ ۚ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ
الـرسـم الإمـلائـيمُتَّكِـــِٕيۡنَ عَلٰى فُرُشٍۢ بَطَآٮِٕنُهَا مِنۡ اِسۡتَبۡرَقٍؕ وَجَنَی الۡجَـنَّتَيۡنِ دَانٍۚ
تفسير ميسر:
وللذين خافوا مقام ربهم جنتان يتنعمون فيهما، متكئين على فرش مبطَّنة من غليظ الديباج، وثمر الجنتين قريب إليهم.
يقول تعالى "متكئين" يعني أهل الجنة والمراد بالاتكاء ههنا الاضطجاع ويقال الجلوس على صفة التربيع "على فرش بطائنها من إستبرق" وهو ما غلظ من الديباج قاله عكرمة والضحاك وقتادة وقال أبو عمران الجوني هو الديباج المزين بالذهب فنبه على شرف الظهارة بشرف البطانة فهذا من التنبيه بالأدنى على الأعلى قال أبو إسحاق عن هبيرة بن مريم عن عبدالله بن مسعود قال; هذه البطائن فكيف لو رأيتم الظواهر؟ وقال مالك بن دينار بطائنها من إستبرق وظواهرها من نور وقال سفيان الثوري أو شريك بطائنها من إستبرق وظواهرها من نور جامد وقال القاسم بن محمد بطائنها من استبرق وظواهرها من الرحمة وقال ابن شوذب عن أبي عبدالله الشامي ذكر الله البطائن ولم يذكر الظواهر وعلى الظواهر المحابس ولا يعلم ما تحت المحابس إلا الله تعالى ذكر ذلك كله الإمام ابن أبي حاتم رحمه الله "وجنى الجنتين دان" أي ثمرهما قريب إليهم متى شاءوا تناولوه على أي صفة كانوا كما قال تعالى "قطوفها دانية" وقال "ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا" أي لا تمتنع ممن تناولها بل تنحط إليه من أغصانها.
قوله تعالى ; متكئين على فرش هو نصب على الحال . والفرش جمع فراش . وقرأ أبو حيوة " فرش " بإسكان الراء . بطائنها من إستبرق جمع بطانة وهي التي تحت الظهارة والإستبرق ما غلظ من الديباج وخشن ، أي إذا كانت البطانة التي تلي الأرض هكذا فما ظنك بالظهارة ؛ قاله ابن مسعود وأبو هريرة . وقيل لسعيد بن جبير ; البطائن من إستبرق فما الظواهر ؟ قال ; هذا مما قال الله ; فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين . وقال ابن عباس ; إنما وصف لكم بطائنها لتهتدي إليه قلوبكم ، فأما الظواهر فلا يعلمها إلا الله . وفي الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ; ظواهرها نور يتلألأ . وعن الحسن ; بطائنها من إستبرق ، وظواهرها من نور جامد . وعن الحسن أيضا ; البطائن هي الظواهر ، وهو قول الفراء ، وروي عن قتادة . والعرب تقول للظهر بطنا ، فيقولون ; هذا ظهر السماء ، وهذا بطن السماء ، لظاهرها الذي نراه . وأنكر ابن قتيبة وغيره هذا ، وقالوا ; لا يكون هذا إلا في الوجهين المتساويين إذا ولي كل واحد منهما قوما ، كالحائط بينك وبين قوم ، وعلى ذلك أمر السماء .وجنى الجنتين دان الجنى ما يجتنى من الشجر ، يقال ; أتانا بجناة طيبة لكل ما يجتنى . وثمر جني على فعيل حين جني ، وقال ;هذا جناي وخياره فيه إذ كل جان يده إلى فيهوقرئ " جنى " بكسر الجيم . دان قريب . قال ابن عباس ; تدنو الشجرة حتى يجتنيها ولي الله إن شاء قائما وإن شاء قاعدا وإن شاء مضطجعا ، لا يرد يده بعد ولا شوك .
القول في تأويل قوله تعالى ; مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ (54)يقول تعالى ذكره وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ يتنعمون فيهما، ( مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ )، فنصب متكئين على الحال من معنى الكلام الذي قبله، لأن الذي قبله بمعنى الخبر عمن خاف مقام ربه أنه في نَعْمة وسرور، يتنعمون في الجنتين.وقوله; ( عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ ) يقول تعالى ذكره ; بطائن هذه الفرش من غليظ الديباج، والإستبرق عند العرب; ما غلظ من الديباج وخشن.وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة يقول; يسمى المتاع الذي ليس في صفاقة الديباج، ولا خفة العَرَقَة إستبرقا.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.** ذكر من قال ذلك;حدثني عمران بن موسى القزاز، قال; ثنا عبد الوارث بن سعيد، قال; ثنا يحيى بن أبي إسحاق، قال، قال لي سالم بن عبد الله ; ما الإستبرق؟ قال، قلت; ما غلظ من الديباج وخشن منه.حدثنا محمد بن بشار قال; ثنا يحيى بن أبي عَرُوبة، عن قتادة، عن عكرِمة، في قوله; ( إسْتَبْرَق ) قال; الديباج الغليظ.وحدثنا إسحاق بن زيد الخطابي، قال; ثنا الفريابيّ، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن يريم عن ابن مسعود في قوله; ( فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ ) قال; قد أخبرتم بالبطائن، فكيف لو أخبرتم بالظواهر؟.حدثنا الرفاعي، قال; ثنا ابن اليمان، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن هبيرة، قال; هذه البطائن فما ظنكم بالظواهر؟.حدثنا أبو هشام الرفاعي، قال; ثنا أبو داود، عن يعقوب، عن جعفر، عن سعيد، قال; قيل له; هذه البطائن من إستبرق فما الظواهر؟ قال; هذا مما قال الله فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ . وقد زعم أهل العربية أن البطانة قد تكون ظهارة، والظهارة تكون بطانة، وذلك أن كل واحد منهما قد يكون وجها . قال; وتقول العرب; هذا ظهر السماء، وهذا بطن السماء لظاهرها الذي نراه.وقوله; ( وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ ) يقول; وثمر الجنتين الذي يجتني قريب منهم، لأنهم لا يتعبون بصعود نخلها وشجرها، لاجتناء ثمرها، ولكنهم يجتنونها من قعود بغير عناء.كما حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله; ( وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ ); ثمارهم دانية، لا يردّ أيديهم عنه بعد ولا شوك. ذُكر لنا أن نبي الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال; " وَالَّذي نَفسِي بيَدِهِ، لا يَقْطَعُ رَجُلٌ ثَمَرة مِنَ الجَنَّةِ، فَتَصِلُ إلى فِيهِ حتى يُبَدّلَ الله مَكانَها خَيْرا منْها ".حدثنا ابن عبد الأعلى، قال; ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ ) قال; لا يردّ يده بعد ولا شوك.حدثني عليّ، قال; ثنا أبو صالح، قال; ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله; ( وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ ) يقول ; ثمارها دانية.
{ مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ } هذه صفة فرش أهل الجنة وجلوسهم عليها، وأنهم متكئون عليها، [أي:] جلوس تمكن واستقرار [وراحة]، كجلوس من الملوك على الأسرة، وتلك الفرش، لا يعلم وصفها وحسنها إلا الله عز وجل، حتى إن بطائنها التي تلي الأرض منها، من إستبرق، وهو أحسن الحرير وأفخره، فكيف بظواهرها التي تلي بشرتهم؟! { وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ } الجنى هو الثمر المستوي أي: وثمر هاتين الجنتين قريب التناول، يناله القائم والقاعد والمضطجع.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - الرحمن٥٥ :٥٤
Ar-Rahman55:54