الرسم العثمانييَوْمَ يَقُولُ الْمُنٰفِقُونَ وَالْمُنٰفِقٰتُ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَآءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُۥ بَابٌۢ بَاطِنُهُۥ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظٰهِرُهُۥ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ
الـرسـم الإمـلائـييَوۡمَ يَقُوۡلُ الۡمُنٰفِقُوۡنَ وَالۡمُنٰفِقٰتُ لِلَّذِيۡنَ اٰمَنُوا انْظُرُوۡنَا نَقۡتَبِسۡ مِنۡ نُّوۡرِكُمۡۚ قِيۡلَ ارۡجِعُوۡا وَرَآءَكُمۡ فَالۡتَمِسُوۡا نُوۡرًاؕ فَضُرِبَ بَيۡنَهُمۡ بِسُوۡرٍ لَّهٗ بَابٌؕ بَاطِنُهٗ فِيۡهِ الرَّحۡمَةُ وَظَاهِرُهٗ مِنۡ قِبَلِهِ الۡعَذَابُؕ
تفسير ميسر:
يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا، وهم على الصراط; انتظرونا نستضئْ من نوركم، فتقول لهم الملائكة; ارجعوا وراءكم فاطلبوا نورًا (سخرية منهم)، فَفُصِل بينهم بسور له باب، باطنه مما يلي المؤمنين فيه الرحمة، وظاهره مما يلي المنافقين من جهته العذاب.
وهذا إخبار منه تعالى عما يقع يوم القيامة في العرصات من الأهوال المزعجة والزلازل العظيمة والأمور الفظيعة وإنه لا ينجو يومئذ إلا من آمن بالله ورسوله وعمل بما أمر الله به وترك ما عنه زجر. قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا عبدة بن سليمان حدثنا ابن المبارك حدثنا صفوان بن عمرو حدثني سليم بن عامر قال خرجنا على جنازة في باب دمشق ومعنا أبو أمامة الباهلي فلما صلى على الجنازة وأخذوا في دفنها قال أبو أمامة; أيها الناس إنكم قد أصبحتم وأمسيتم في منزل تقتسمون فيه الحسنات والسيئات. وتوشكون أن تظعنوا منه إلى منزل آخر وهو هذا - يشير إلى القبر- بيت الوحدة وبيت الظلمة وبيت الدود وبيت الضيق إلا ما وسع الله ثم تنتقلون منه إلى مواطن يوم القيامة فإنكم في بعض تلك المواطن حتى يغشى الناس أمر من الله فتبيض وجوه وتسود وجوه ثم تنتقلون منه إلى منزل آخر فيغشى الناس ظلمة شديدة ثم يقسم النور فيعطي المؤمن نورا ويترك الكافر والمنافق فلا يعطيان شيئا وهو المثل الذي ضربه الله تعالى في كتابه فقال "أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور" فلا يستضيء الكافر والمنافق بنور المؤمن كما لا يستضيء الأعمى ببصر البصير ويقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا "انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا" وهي خدعة الله التي خدع بها المنافقين حيث قال "يخادعون الله وهو خادعهم" فيرجعون إلى المكان الذي قسم فيه النور فلا يجدون شيئا فينصرفون إليهم وقد ضرب بينهم "بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب" الآية. يقول سليم بن عامر فما يزال المنافق مغترا حتى يقسم النور ويميز الله بين المنافق والمؤمن ثم قال حدثنا أبي حدثنا يحيى بن عثمان حدثنا ابن حيوة حدثنا أرطأة بن المنذر حدثنا يوسف بن الحجاج عن أبي أمامة قال; يبعث الله ظلمة يوم القيامة فما من مؤمن ولا كافر يرى كفه حتى يبعث الله بالنور إلى المؤمنين بقدر أعمالهم فيتبعهم المنافقون فيقولون انظرونا نقتبس من نوركم. وقال العوفي والضحاك وغيرهما عن أبن عباس بينما الناس في ظلمة إذ بعث الله نورا فلما رأى المؤمنون النور توجهوا نحوه وكان النور دليلا من الله إلى الجنة فلما رأى المنافقون المؤمنين قد انطلقوا اتبعوهم فأظلم الله على المنافقين فقالوا حينئذ "انظرونا نقتبس من نوركم" فإنا كنا معكم في الدنيا قال المؤمنون "ارجعوا وراءكم" من حيث جئتم من الظلمة فالتمسوا هنالك النور وقال أبو القاسم الطبراني حدثنا الحسن بن عرفة بن علوية العطار حدثنا إسماعيل بن عيسى العطار حدثنا إسحاق بن بشر ابن حذيفة حدثنا ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" إن الله تعالى يدعو الناس يوم القيامة بأسمائهم سترا منه على عباده وأما عند الصراط فإن الله يعطي كل مؤمن نورا وكل منافق نورا فإذا استووا على الصراط سلب الله نور المنافقين والمنافقات فقال المنافقون "انظرونا نقتبس من نوركم" وقال المؤمنون "ربنا أتمم لنا نورنا" فلا يذكر عند ذلك أحد أحدا" وقوله تعالى "فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب" قال الحسن وقتادة هو حائط بين الجنة والنار وقال عبدالرحمن بن زيد بن أسلم هو الذي قال الله تعالى "وبينهما حجاب" وهكذا روي عن مجاهد رحمه الله وغير واحد وهو الصحيح "باطنه فيه الرحمة" أي الجنة وما فيهـا "وظاهره من قبله العذاب" أي النار قاله قتادة وابن زيد وغيرهما. قال ابن جرير وقد قيل إن ذلك السور سور بيت المقدس عند وادي جهنم. ثم قال حدثنا ابن البرقي حدثنا عمرو بن أبي سلمة عن سعيد بن عطية بن قيس عن أبي العوام مؤذن بيت المقدس قال سمعت عبدالله بن عمرو يقول إن السور الذي ذكره الله في القرآن "فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب" هو السور الشرقي باطنه المسجد وما يليه وظاهره وادي جهنم ثم روي عن عبادة بن الصامت وكعب الأحبار وعلي بن الحسين وزين العابدين نحو ذلك وهذا محمول منهم على أنهم أرادوا بهذا تقريب المعنى ومثالا لذلك لا أن هذا هو الذي أريد من القرآن هذا الجدار المعين ونفس المسجد وما وراءه من الوادي المعروف بوادي جهنم فإن الجنة في السموات في أعلى عليين والنار في الدركات أسفل سافلين وقول كعب الأحبار إن الباب المذكور في القرآن هو باب الرحمة الذي هو أحد أبواب المسجد فهذا من إسرائيلياته وترهاته وإنما المراد بذلك سور يضرب يوم القيامة ليحجز بين المؤمنين والمنافقين فإذا انتهى إليه المؤمنون دخلوه من بابه فإذا استكملوا دخولهم أغلق الباب وبقي المنافقون من وراءه فى الحيرة والظلمة والعذاب كما كانوا في الدار الدنيا في كفر وجهل وشك وحيرة.
قوله تعالى ; يوم يقول المنافقون العامل في " يوم " ذلك هو الفوز العظيم . وقيل ; هو بدل من اليوم الأول . انظرونا نقتبس قراءة العامة بوصل الألف مضمومة الظاء [ ص; 222 ] من نظر ، والنظر الانتظار أي ; انتظرونا . وقرأ الأعمش وحمزة ويحيى بن وثاب " أنظرونا " بقطع الألف وكسر الظاء من الإنظار . أي ; أمهلونا وأخرونا ، أنظرته أخرته ، واستنظرته أي ; استمهلته . وقال الفراء ; تقول العرب ; أنظرني ; انتظرني ، وأنشد لعمرو بن كلثوم ;أبا هند فلا تعجل علينا وأنظرنا نخبرك اليقيناأي ; انتظرنا .نقتبس من نوركم أي ; نستضيء من نوركم . قال ابن عباس وأبو أمامة ; يغشى الناس يوم القيامة ظلمة - قال الماوردي ; أظنها بعد فصل القضاء - ثم يعطون نورا يمشون فيه . قال المفسرون ; يعطي الله المؤمنين نورا يوم القيامة على قدر أعمالهم يمشون به على الصراط ، ويعطي المنافقين أيضا نورا خديعة لهم ، دليله قوله تعالى ; وهو خادعهم . وقيل ; إنما يعطون النور ، لأن جميعهم أهل دعوة دون الكافر ، ثم يسلب المنافق نوره لنفاقه ؛ قاله ابن عباس . وقال أبو أمامة ; يعطى المؤمن النور ويترك الكافر والمنافق بلا نور . وقال الكلبي ; بل يستضيء المنافقون بنور المؤمنين ولا يعطون النور ، فبينما هم يمشون إذ بعث الله فيهم ريحا وظلمة فأطفأ بذلك نور المنافقين ، فذلك قوله تعالى ; ربنا أتمم لنا نورنا يقوله المؤمنون ، خشية أن يسلبوه كما سلبه المنافقون ، فإذا بقي المنافقون في الظلمة لا يبصرون مواضع أقدامهم قالوا للمؤمنين ; انظرونا نقتبس من نوركم .قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا أي ; قالت لهم الملائكة " ارجعوا " . وقيل ; بل هو قول المؤمنين لهم ارجعوا وراءكم إلى الموضع الذي أخذنا منه النور فاطلبوا هنالك لأنفسكم نورا فإنكم لا تقتبسون من نورنا . فلما رجعوا وانعزلوا في طلب النور فضرب بينهم بسور وقيل ; أي ; هلا طلبتم النور من الدنيا بأن تؤمنوا . بسور أي ; سور ، والباء صلة ؛ قاله الكسائي . والسور حاجز بين الجنة والنار . وروي أن ذلك السور ببيت المقدس عند موضع يعرف بوادي جهنم . باطنه فيه الرحمة يعني ما يلي منه المؤمنين وظاهره من قبله العذاب يعني ما يلي المنافقين . قال كعب الأحبار ; هو الباب الذي ببيت المقدس المعروف بباب الرحمة . وقال عبد الله بن عمرو ; إنه سور بيت المقدس الشرقي باطنه فيه المسجد وظاهره من قبله العذاب يعني جهنم . ونحوه عن ابن عباس . وقال زياد بن أبي سوادة ; قام عبادة بن الصامت على سور بيت المقدس الشرقي فبكى ، وقال ; من هاهنا أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى جهنم . وقال قتادة ; هو حائط بين الجنة والنار باطنه فيه الرحمة يعني الجنة وظاهره من قبله العذاب يعني جهنم . وقال مجاهد ; إنه حجاب كما في ( الأعراف ) وقد مضى القول فيه .[ ص; 223 ] وقد قيل ; إن الرحمة التي في باطنه نور المؤمنين ، والعذاب الذي في ظاهره ظلمة المنافقين .
يقول تعالى ذكره; هو الفوز العظيم في يوم يقول المنافقون والمنافقات، واليوم من صلة الفوز للذين آمنوا بالله ورسله; انظرونا.واختلفت القرّاء في قراءة قوله; ( انْظُرُونَا )، فقرأت ذلك عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض أهل الكوفة; ( انْظُرُونَا )، موصولة بمعنى انتظرونا، وقرأته عامة قرّاء الكوفة; ( أنْظِرُونا ) مقطوعة الألف من أنظرت بمعنى; أخرونا، وذكر الفرّاء أن العرب تقول; أنظرني وهم يريدون. انتظرني قليلا؛ وأنشد في ذلك بيت عمرو بن كلثوم;أبــا هِنْــدٍ فَــلا تَعْجَـلْ عَلَيْنـاوأنْظِرْنـــا نُخَـــبّرْكَ اليَقِينَـــا (1)قال; فمعنى هذا; انتظرنا قليلا نخبرك، لأنه ليس ها هنا تأخير، إنما هو استماع كقولك للرجل; اسمع مني حتى أخبرك.والصواب من القراءة في ذلك عندي الوصل، لأن ذلك هو المعروف من كلام العرب إذا أريد به انتظرنا، وليس للتأخير في هذا الموضع معنى، فيقال; أنظرونا، بفتح الألف وهمزها.وقوله; ( نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ ) يقول; نستصبح من نوركم، والقبس; الشعلة.وقوله; ( قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا ) يقول جلّ ثناؤه; فيجابون بأن يقال لهم; ارجعوا من حيث جئتم، واطلبوا لأنفسكم هنالك نورًا، فإنه لا سبيل لكم إلى الاقتباس من نورنا.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن سعد، قال; ثني أبي، قال; ثني عمي، قال; ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله; ( يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ ) ... إلى قوله; وَبِئْسَ الْمَصِيرُ قال ابن عباس; بينما الناس في ظلمة، إذ بعث الله نورا، فلما رأى المؤمنون النور توجهوا نحوه، وكان النور دليلا من الله إلى الجنة؛ فلما رأى المنافقون المؤمنين قد انطلقوا، تبعوهم، فأظلم الله على المنافقين، فقالوا حينئذ; انظرونا نقتبس من نوركم، فإنا كنا معكم في الدنيا؛ قال المؤمنون; ارجعوا من حيث جئتم من الظلمة، فالتمسوا هنالك النور.حُدثت عن الحسين، قال; سمعت أبا معاذ يقول; أخبرنا عبيد، قال; سمعت الضحاك يقول في قوله; ( يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا ) ... الآية، كان ابن عباس يقول; بينما الناس في ظلمة، ثم ذكر نحوه.وقوله; ( فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ ) يقول تعالى ذكره; فضرب الله بين المؤمنين والمنافقين بسُور، وهو حاجز بين أهل الجنة وأهل النار.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله; ( بِسُورٍ لَهُ بَابٌ ) قال; كالحجاب في الأعراف.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله; ( فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ ) السور; حائط بين الجنة والنار.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله; ( فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ ) قال; هذا السور الذي قال الله وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ .وقد قيل; إن ذلك السور ببيت المقدس عند وادي جهنم.* ذكر من قال ذلك;حدثني عليّ، قال; ثنا الحسن بن بلال، قال; ثنا حماد، قال; أخبرنا أبو سنان، قال; كنت مع عليّ بن عبد الله بن عباس، عند وادي جهنم، فحدث عن أبيه قال ( فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ ) فقال; هذا موضع السور عند وادي جهنم.حدثني إبراهيم بن عطية بن رُدَيح بن عطية، قال; ثني عمي محمد بن رُدَيح بن عطية، عن سعيد بن عبد العزيز، عن أبي العوّام، عن عُبادة بن الصامت، أنه كان يقول; ( بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ ) , قال; هذا باب الرحمة.حدثنا ابن البرقي، قال; ثنا عمرو بن أبي سلمة، عن سعيد بن عطية بن قيس، عن أبي العوّام مؤذّنِ بيت المقدس، قال; سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول; إن السور الذي ذكره الله في القرآن; ( فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ ) هو السور الشرقيّ، باطنه المسجد، وظاهره وادي جهنم.حدثني محمد بن عوف، قال; ثنا أبو المُغيرة، قال; ثنا صفوان، قال; ثنا شريح أن كعبا كان يقول في الباب الذي في بيت المقدس; إنه الباب الذي قال الله ( فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ ) .وقوله; ( لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ ) يقول تعالى ذكره; لذلك السور باب، باطنه فيه الرحمة، وظاهره من قبل ذلك الظاهر العذاب; يعني النار.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة ( وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ ) ; أي النار.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله; ( بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ ) قال; الجنة وما فيها.------------------------الهوامش;(1) هذا البيت من معلقة عمرو بن كلثوم التغلبي (انظره في شرحي الزوزني والتبريزي)، يخاطب عمرو بن هند مالك الحيرة. وهو من شواهد الفراء في معاني القرآن. قال عند قوله تعالى "للذين آمنوا انظرونا" ; وقرأها يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة; "أنظرونا" من أنظرت. وسائر القراء على (انظرونا) بتخفيف الألف. ومعنى (انظرونا); انتظرونا. ومعنى "أنظرونا"; أخرونا، كما قال; "أنظرني إلى يوم يبعثون" . وقد تقول العرب "أنظرني"، وهم يريدون انتظروني، تقوية لقراءة يحيى. قال الشاعر; "أبا هند ... البيت"، فمعنى هذه; انتظرنا قليلا نخبرك، لأنه ليس هاهنا تأخير، إنما هو استماع، كقولك للرجل; اسمع مني حتى أخبرك. ا هـ. وفي (اللسان; نظر) والنظر; الانتظار. يقال; نظرت فلانا وانتظرته; بمعنى واحد فإذا قلت; انتظرت، فلم يجاوزك فعلك، فمعناه; وقفت وتمهلت. ومنه قوله تعالى "انظرونا نقتبس من نوركم" قرئ انظرونا وأنظرونا بقطع الألف. فمن قرأ "انظرونا" بضم الألف، فمعناه; انتظرونا. ومن قرأ "أنظرونا" فمعناه; أخرونا. وقال الزجاج" قيل معنى "أنظرونا" انتظرونا أيضا. ومنه قول عمرو بن كلثوم; "أبا هند ... البيت". ا هـ .
فإذا رأى المنافقون نور المؤمنين يمشون به وهم قد طفئ نورهم وبقوا في الظلمات حائرين، قالوا للمؤمنين: { انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ } أي: أمهلونا لننال من نوركم ما نمشي به، لننجو من العذاب، فـ { قِيلَ } لهم: { ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا } أي: إن كان ذلك ممكنا، والحال أن ذلك غير ممكن، بل هو من المحالات، { فَضُرِبَ } بين المؤمنين والمنافقين { بِسُورٍ } أي: حائط منيع، وحصن حصين، { لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ } وهو الذي يلي المؤمنين { وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ } وهو الذي يلي المنافقين، فينادي المنافقون المؤمنين،
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - الحديد٥٧ :١٣
Al-Hadid57:13