الرسم العثمانيوَهٰذَا كِتٰبٌ أَنزَلْنٰهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ
الـرسـم الإمـلائـيوَهٰذَا كِتٰبٌ اَنۡزَلۡنٰهُ مُبٰرَكٌ فَاتَّبِعُوۡهُ وَاتَّقُوۡا لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُوۡنَۙ
تفسير ميسر:
وهذا القرآن كتاب أنزلناه على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، خيره كثير فاتبعوه فيما يأمر به وينهى عنه، واتقوا الله أن تخالفوا له أمرًا؛ رجاء أن ترحموا فتنجوا من عذابه، وتظفروا بثوابه.
وبعدها "وهذا كتاب أنزلناه مبارك" الآية. وقال تعالى مخبرا عن المشركين "فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى" قال تعالى "أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا وقالوا إنا بكل كافرون" وقال تعالى مخبرا عن الجن أنهم قالوا "يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق" الآية وقوله تعالى "تماما على الذي أحسن وتفصيلا" أي آتيناه الكتاب الذي أنزلناه إليه تمام كاملا جامعا لما يحتاج إليه في شريعته كقوله "وكتبنا له في الألواح من كل شيء" الآية. وقوله تعالى "على الذي أحسن" أى جزاء على إحسانه في العمل وقيامه بأوامرنا وطاعتنا كقوله "هل جزاء الإحسان إلا الإحسان" وكقوله "وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما" وكقوله "وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا و كانوا بآياتنا يوقنون" وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس "ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن" يقول أحسن فيما أعطاه الله وقال قتادة من أحسن في الدنيا تمم له ذلك في الآخرة واختار ابن جرير أن تقديره "ثم آتينا موسى الكتاب تماما" على إحسانه فكأنه جعل الذي مصدرية كما قيل في قوله تعالى "وخضتم كالذي خاضوا" أي كخوضهم وقال ابن رواحة. وثبت الله ما آتاك من حسن في المرسلين ونصرا كالذي نصروا وقال آخرون الذي ههنا بمعنى الذين قال ابن جرير وذكر عبد الله بن مسعود أنه كان يقرؤها تماما على الذين أحسنوا وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد تماما على الذي أحسن قال على المؤمنين والمحسنين وكذا قال أبو عبيدة وقال البغوي المحسنون الأنبياء والمؤمنون. يعني أظهرنا فضله عليهم قلت كقوله تعالى "قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي" ولا يلزم اصطفاؤه على محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والخليل عليهما السلام لأدلة أخرى. قال ابن جرير; وروى أبو عمرو بن العلاء عن يحيى بن يعمر أنه كان يقرؤها تماما على الذي أحسن رفعا بتأويل على الذي هو أحسن ثم قال وهذه قراءة لا أستجيز القراءة بها وإن كان لها في العربية وجه صحيح وقيل معناه تماما على إحسان الله زيادة على ما أحسن إليه حكاه ابن جرير والبغوي ولا منافاة بينه وبين القول الأول وبه جمع ابن جرير كما بيناه ولله الحمد وقوله تعالى "وتفصيلا لكل شيء وهدى ورحمة" فيه مدح لكتابه الذي أنزله الله عليه "لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون" فيه الدعوة إلى اتباع القرآن يرغب سبحانه عباده في كتابه ويأمرهم بتدبره والعمل به والدعوة إليه ووصفه بالبركة لمن اتبعه وعمل به في الدنيا والآخرة لأنه حبل الله المتين.
وهذا كتاب ابتداء وخبر . أنزلناه مبارك نعت ; أي كثير الخيرات . ويجوز في غير القرآن مباركا على الحال . فاتبعوه أي اعملوا بما فيه . واتقوا أي اتقوا تحريفه . لعلكم ترحمون أي لتكونوا راجين للرحمة فلا تعذبون .
القول في تأويل قوله ; وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (155)قال أبو جعفر; يعني جل ثناؤه بقوله; (وهذا كتاب أنـزلناه مبارك)، وهذا القرآن الذي أنـزلناه إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم =" كتاب أنـزلناه مبارك فاتبعوه "، (39) يقول; فاجعلوه إمامًا تتّبعونه وتعملون بما فيه، أيها الناس (40) =(واتقوا)، يقول; واحذروا الله في أنفسكم، أن تضيعوا العمل بما فيه, وتتعدّوا حدودَه, وتستحلُّوا محارمه . (41) كما;-14179- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة,قوله; (وهذا كتاب أنـزلناه مبارك)، وهو القرآن الذي أنـزله الله على محمد عليه الصلاة والسلام =(فاتبعوه)، يقول; فاتبعوا حلاله، وحرّموا حرامه .* * *وقوله; (لعلكم ترحمون)، يقول; لترحموا، فتنجوا من عذاب الله، وأليم عقابه .---------------------الهوامش ;(39) انظر تفسير (( مبارك )) فيما سلف 7 ; 25 /11 ; 530 .(40) انظر تفسير (( الاتباع )) فيما سلف من فهارس اللغة ( تبع ) .(41) انظر تفسير (( التقوى )) فيما سلف من فهارس اللغة ( وقى ) .
{ وَهَذَا } القرآن العظيم، والذكر الحكيم. { كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ } أي: فيه الخير الكثير والعلم الغزير، وهو الذي تستمد منه سائر العلوم، وتستخرج منه البركات، فما من خير إلا وقد دعا إليه ورغب فيه، وذكر الحكم والمصالح التي تحث عليه، وما من شر إلا وقد نهى عنه وحذر منه، وذكر الأسباب المنفرة عن فعله وعواقبها الوخيمة { فَاتَّبِعُوهُ } فيما يأمر به وينهى، وابنوا أصول دينكم وفروعه عليه { وَاتَّقُوا } الله تعالى أن تخالفوا له أمرا { لَعَلَّكُمْ } إن اتبعتموه { تُرْحَمُونَ } فأكبر سبب لنيل رحمة الله اتباع هذا الكتاب، علما وعملا.
(الواو) استئنافية
(ها) حرف للتنبيه
(ذا) اسم إشارة مبني في محلّ رفع مبتدأ
(كتاب) خبر مرفوع
(أنزلنا) فعل ماض وفاعله و (الهاء) ضمير مفعول به
(مبارك) نعت لكتاب مرفوع
(الفاء) رابطة لجواب مقدّر
(اتبعوا) فعل أمر مبني على حذف النون ... والواو فاعل و (الهاء) ضمير مفعول به
(الواو) عاطفة
(اتقوا) مثل اتبعوا
(لعلكم) مرّ إعرابه ،
(ترحمون) مضارع مبني للمجهول مرفوع ... والواو ضميرفي محلّ رفع نائب الفاعل.
جملة «هذا كتاب ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «أنزلناه ... » في محلّ رفع نعت لكتاب .
وجملة: «اتّبعوه» لا محلّ لها جواب شرط مقدّر أي إذا أردتم الاستفادة من الكتاب والتبرك به فاتبعوه.
وجملة «اتقوا» معطوفة على جملة اتبعوا.
وجملة «لعلكم ترحمون» لا محلّ لها تعليلية.
وجملة «ترحمون» في محلّ رفع خبر لعل.
(156)
(أن) حرف مصدري ونصبـ (تقولوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون ... والواو ضمير متصل صلة الموصول في محلّ رفع فاعل.
والمصدر المؤولـ (أن تقولوا) في محلّ نصب مفعول لأجله على حذف مضاف، عامله فعل مقدر دل عليه فعل أنزلنا في الآية السابقة أي:
أنزلناه خشية قولكم .
(إنّما) كافة ومكفوفة
(أنزل) فعل ماض مبني للمجهولـ (الكتاب) نائب الفاعل مرفوع
(على طائفتين) جار ومجرور متعلق بـ (أنزل) وعلامة الجر الياء فهو مثنى
(من قبلنا) جار ومجرور ومضاف إليه، والجار متعلق بـ (أنزل)
(الواو) عاطفة
(إن) مخففة من الثقيلة واسمها ضمير محذوف تقديره
(إننا) ،
(كنا) فعل ماض ناقص- ناسخ-
(ونا) ضمير اسم كان في محلّ رفع
(عن دراسة) جار ومجرور متعلق بغافلين و (هم) ضمير مضاف إليه
(اللام) هي الفارقة التي تميز إن المخففة عن النافية
(غافلين)خبر كان منصوب وعلامة النصب الياء.
وجملة «أنزلناه ... أن تقولوا» لا محلّ لها استئناف مؤكّد لمضمون ما سبق.
وجملة «تقولوا» : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) .
وجملة «أنزل الكتاب» : في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «إن كنّا ... لغافلين» : في محلّ نصب معطوفة على جملة مقول القول.
وجملة «كنّا ... لغافلين» : في محلّ رفع خبر إن المخفّفة.
(157)
(أو) حرف عطف
(تقولوا) مضارع منصوب معطوف على الأول ويعرب مثله
(لو) حرف شرط غير جازم
(أن) حرف مشبه بالفعل- ناسخ-
(ونا) ضمير اسم أن في محلّ نصبـ (أنزل ... الكتاب) مثل الأولى و (على) حرف جر
(نا) ضمير في محلّ جر متعلق بـ (أنزل) ،
(اللام) واقعة في جواب لو (كنا أهدى) مثل كنا غافلين، وعلامة النصب في أهدى الفتحة المقدّرة على الألف
(من) حرف جر و (هم) ضمير في محلّ جر متعلق بـ (أهدى) .
والمصدر المؤولـ (أنا أنزل ... ) في محلّ رفع فاعل لفعل محذوف تقديره ثبت ... أي لو ثبت إنزال الكتاب علينا لكنّا أهدى منهم ...(الفاء) تعليلية ،
(قد) حرف تحقيق
(جاء) فعل ماض و (كم) ضمير مفعول به
(بينة) فاعل مرفوع
(من ربّ) جار ومجرور متعلق بـ (جاء) ، و (كم) ضمير مضاف إليه
(الواو) عاطفة في الموضعين
(هدى، رحمة) اسمان معطوفان على بينة مرفوعان علامة رفع الأولالضمة المقدرة
(الفاء) استئنافية
(من أظلم.... بآيات الله) مرّ إعراب نظيرها ،
(الواو) عاطفة
(صدف) فعل ماض، والفاعل هو (عن) حرف جر و (ها) ضمير في محلّ جر متعلق بـ (صدف) ،
(السين) حرف استقبالـ (نجزي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمة المقدرة على الياء والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن للتعظيم
(الذين) اسم موصول مبني في محلّ نصب مفعول به
(يصدفون) مضارع مرفوع والواو فاعلـ (عن آيات) جار ومجرور متعلق بـ (يصدفون) ، و (نا) ضمير مضاف إليه
(الباء) للجر
(ما) مصدرية
(كانوا) ناقص واسمه،
(يصدفون) كالأول.
وجملة «تقولوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة صلة الموصول الحرفي.
وجملة «
(ثبت) ... المقدرة» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «أنزل علينا ... » في محلّ رفع خبر أن.
وجملة «كنا أهدى» لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة «قد جاءكم بينة» لا محلّ لها تعليلية لمحذوف أي: لا تعتذروا فقد جاءكم .
وجملة «من أظلم ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «كذّب بآيات الله» لا محلّ لها صلة الموصولـ (من) .وجملة «صدف عنها» لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة «سنجزي ... » لا محلّ لها استئنافية تعليلية.
وجملة «يصدفون
(الأولى) » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة «كانوا ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفي(ما) .
وجملة «يصدفون
(الثانية) » في محلّ نصب خبر كانوا.
والمصدر المؤولـ (ما كانوا يصدفون) في محلّ جر بالباء متعلق بـ (سنجزي) .
- القرآن الكريم - الأنعام٦ :١٥٥
Al-An'am6:155