الرسم العثمانيوَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوٓا إِلٰى رَبِّهِمْ ۙ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِۦ وَلِىٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ
الـرسـم الإمـلائـيوَاَنۡذِرۡ بِهِ الَّذِيۡنَ يَخَافُوۡنَ اَنۡ يُّحۡشَرُوۡۤا اِلٰى رَبِّهِمۡ لَـيۡسَ لَهُمۡ مِّنۡ دُوۡنِهٖ وَلِىٌّ وَّلَا شَفِيۡعٌ لَّعَلَّهُمۡ يَتَّقُوۡنَ
تفسير ميسر:
وخوِّف -أيها النبي- بالقرآن الذين يعلمون أنهم يُحشرون إلى ربهم، فهم مصدِّقون بوعد الله ووعيده، ليس لهم غير الله وليّ ينصرهم، ولا شفيع يشفع لهم عنده تعالى، فيخلصهم من عذابه؛ لعلهم يتقون الله تعالى بفعل الأوامر واجتناب النواهي.
وقوله "وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع" أي وأنذر بهذا القرآن يا محمد "الذين هم من خشية ربهم مشفقون الذين يخشون ربهم ويخافون سوء الحساب" "الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم" أي يوم القيامة "ليس لهم" أي يومئذ "من دونه ولي ولا شفيع" أي لا قريب لهم ولا شفيع فيهم من عذابه إن أراده بهم "لعلهم يتقون" أي أنذر هذا اليوم الذي لا حاكم فيه إلا الله عز وجل "لعلهم يتقون" فيعملون في هذه الدار عملا ينجيهم الله به يوم القيامة من عذابه ويضاعف لهم به الجزيل من ثوابه.
قوله تعالى ; وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع لعلهم يتقون قوله تعالى ; وأنذر به أي ; بالقرآن . والإنذار الإعلام وقد تقدم في البقرة وقيل ; به أي ; بالله . وقيل ; باليوم الآخر . وخص الذين يخافون أن يحشروا لأن الحجة عليهم أوجب ، فهم خائفون من عذابه ، لا أنهم يترددون في الحشر ; فالمعنى يخافون يتوقعون عذاب الحشر . وقيل ; يخافون يعلمون ، فإن كان مسلما أنذر ليترك المعاصي ، وإن كان من أهل الكتاب أنذر ليتبع الحق . وقال الحسن ; المراد المؤمنون . قال الزجاج ; كل من أقر بالبعث من مؤمن وكافر . وقيل ; الآية في المشركين أي ; أنذرهم بيوم القيامة . والأول أظهر .ليس لهم من دونه أي ; من غير الله شفيع هذا رد على اليهود والنصارى في زعمهما أن أباهما يشفع لهما حيث قالوا ; نحن أبناء الله وأحباؤه والمشركون حيث جعلوا أصنامهم شفعاء لهم عند الله ، فأعلم الله أن الشفاعة لا تكون للكفار . ومن قال ; الآية في المؤمنين قال ; شفاعة الرسول لهم تكون بإذن الله فهو الشفيع حقيقة إذن ; وفي التنزيل ; ولا يشفعون إلا لمن ارتضى . ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له . من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه . و ( لعلهم يتقون ) أي ; في المستقبل وهو الثبات على الإيمان .
القول في تأويل قوله ; وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (51)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم; وأنذر، يا محمد، بالقرآن الذي أنـزلناه إليك، القومَ الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم، علمًا منهم بأن ذلك كائن، فهم مصدقون بوعد الله ووعيده, عاملون بما يرضي الله, دائبون في السعي، (26) فيما ينقذهم في معادهم من عذاب الله (27)=" ليس لهم من دونه وليّ" ، أي ليس لهم من عذاب الله إن عذبهم = ،" وليّ"، ينصرهم فيستنقذهم منه، (28) =" ولا شفيع "، يشفع لهم عند الله تعالى ذكره فيخلصهم من عقابه (29) =" لعلهم يتقون "، يقول; أنذرهم كي يتقوا الله في أنفسهم, فيطيعوا ربهم، ويعملوا لمعادهم, ويحذروا سَخطه باجتناب معاصيه.* * *وقيل; " وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا "، ومعناه; يعلمون أنهم يحشرون, فوضعت " المخافة " موضع " العلم "، (30) لأنّ خوفهم كان من أجل علمهم بوقوع ذلك ووجوده من غير شك منهم في ذلك. (31)* * *وهذا أمرٌ من الله تعالى ذكره نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم بتعليم أصحابه ما أنـزل الله إليه من وحيه، وتذكيرهم، والإقبال عليهم بالإنذار = وصدَّ عنه المشركون به، (32) بعد الإعذار إليهم، وبعد إقامة الحجة عليهم, حتى يكون الله هو الحاكم في أمرهم بما يشاء من الحكم فيهم.---------------------الهوامش ;(26) في المطبوعة; "دائمون في السعي" ، والصواب ما في المخطوطة.(27) انظر تفسير"الإنذار" فيما سلف ; 290 ، 369.= وتفسير"الحشر" فيما سلف ص; 346 - 349 ، تعليق; 1 ، والمراجع هناك.(28) انظر تفسير"ولى" فيما سلف من فهارس اللغة (ولى).(29) انظر تفسير"شفيع" فيما سلف 8; 580 ، تعليق; 3 ، والمراجع هناك.(30) انظر تفسير"الخوف" فيما سلف 4; 550/8; 298 ، 299 ، 318/9 ; 123 ، 267.(31) انظر معاني القرآن للفراء 1; 336.(32) في المطبوعة; "وصده عن المشركين به" ، غير ما في المخطوطة فأفسد الكلام إفسادًا لا يحل.
هذا القرآن نذارة للخلق كلهم، ولكن إنما ينتفع به { الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ } فهم متيقنون للانتقال، من هذه الدار، إلى دار القرار، فلذلك يستصحبون ما ينفعهم ويدَعُون ما يضرهم. { لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ } أي: لا من دون الله { وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ } أي: من يتولى أمرهم فيحصّل لهم المطلوب، ويدفع عنهم المحذور، ولا من يشفع لهم، لأن الخلق كلهم، ليس لهم من الأمر شيء. { لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } الله، بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، فإن الإنذار موجب لذلك، وسبب من أسبابه.
(الواو) عاطفة
(أنذر) فعل أمر، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت
(الباء) حرف جر و (الهاء) ضمير في محلّ جر متعلق بـ (أنذر) ،
(الذين) اسم موصول مبني في محلّ نصب مفعول به
(يخافون) مضارع مرفوع ... والواو فاعلـ (أن) حرف مصدريّ ونصبـ (يحشروا) مضارعمبني للمجهول منصوب، وعلامة النصب حذف النون ... والواو نائب فاعل.
والمصدر المؤوّلـ (أن يحشروا) في محلّ نصب مفعول به عامله يحشروا أي يخافون حشرهم إلى ربهم.
(إلى رب) جار ومجرور متعلق بـ (يحشروا) ، و (هم) ضمير مضاف إليه
(ليس) فعل ماض ناقص جامد،
(لهم) مثل به متعلق بمحذوف خبر ليس مقدم
(من دون) جار ومجرور متعلق بحال من ولي، و (الهاء) ضمير مضاف إليه
(ولي) اسم ليس مؤخر مرفوع
(الواو) عاطفة
(لا) زائدة لتأكيد النفي(شفيع) معطوف على وليّ مرفوع مثله
(لعل) حرف مشبه بالفعل للترجّي و (هم) ضمير في محلّ نصب اسم لعلّ
(يتّقون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل.
جملة «يخافون» لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) ...جملة «أنذر....» لا محلّ لها معطوفة على جمل قل في الآية السابقة.
وجملة «يحشروا....» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفي(أن) .
وجملة «ليس لهم ... وليّ» لا محلّ لها استئناف بياني .
وجملة «لعلهم يتقون» لا محلّ لها تعليلية.
وجملة «يتقون» في محلّ رفع خبر لعل.
- القرآن الكريم - الأنعام٦ :٥١
Al-An'am6:51