الرسم العثمانيقَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِىٓ إِبْرٰهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُۥٓ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءٰٓؤُا مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدٰوَةُ وَالْبَغْضَآءُ أَبَدًا حَتّٰى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُۥٓ إِلَّا قَوْلَ إِبْرٰهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَآ أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَىْءٍ ۖ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ
الـرسـم الإمـلائـيقَدۡ كَانَتۡ لَـكُمۡ اُسۡوَةٌ حَسَنَةٌ فِىۡۤ اِبۡرٰهِيۡمَ وَالَّذِيۡنَ مَعَهٗۚ اِذۡ قَالُوۡا لِقَوۡمِهِمۡ اِنَّا بُرَءٰٓؤُا مِنۡكُمۡ وَمِمَّا تَعۡبُدُوۡنَ مِنۡ دُوۡنِ اللّٰهِ كَفَرۡنَا بِكُمۡ وَبَدَا بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمُ الۡعَدَاوَةُ وَالۡبَغۡضَآءُ اَبَدًا حَتّٰى تُؤۡمِنُوۡا بِاللّٰهِ وَحۡدَهٗۤ اِلَّا قَوۡلَ اِبۡرٰهِيۡمَ لِاَبِيۡهِ لَاَسۡتَغۡفِرَنَّ لَـكَ وَمَاۤ اَمۡلِكُ لَـكَ مِنَ اللّٰهِ مِنۡ شَىۡءٍ ؕ رَبَّنَا عَلَيۡكَ تَوَكَّلۡنَا وَاِلَيۡكَ اَنَـبۡنَا وَاِلَيۡكَ الۡمَصِيۡرُ
تفسير ميسر:
قد كانت لكم-أيها المؤمنون- قدوة حسنة في إبراهيم عليه السلام والذين معه من المؤمنين، حين قالوا لقومهم الكافرين بالله; إنا بريئون منكم وممَّا تعبدون من دون الله من الآلهة والأنداد، كفرنا بكم، وأنكرنا ما أنتم عليه من الكفر، وظهر بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدًا ما دمتم على كفركم، حتى تؤمنوا بالله وحده، لكن لا يدخل في الاقتداء استغفار إبراهيم لأبيه؛ فإن ذلك إنما كان قبل أن يتبين لإبراهيم أن أباه عدو لله، فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه، ربنا عليك اعتمدنا، وإليك رجعنا بالتوبة، وإليك المرجع يوم القيامة.
يقول تعالى لعباده المؤمنين الذين أمرهم بمصارمة الكافرين وعداوتهم ومجانبتهم والتبري منهم "قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه" أي وأتباعه الذين آمنوا معه "إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم" أي تبرأنا منكم "ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم" أي بدينكم وطريقكم "وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا" يعني وقد شرعت العداوة والبغضاء من الآن بيننا وبينكم ما دمتم على كفركم فنحن أبدا نتبرأ منكم ونبغضكم "حتى تؤمنوا بالله وحده" أي إلى أن توحدوا الله فتعبدوه وحده لا شريك له وتخلعوا ما تعبدون معه من الأوثان والأنداد. وقوله تعالى "إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك" أي لكم في إبراهيم وقومه أسوة حسنة تأسون بها إلا في استغفار إبراهيم لأبيه فإنه إنما كان عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه وذلك أن بعض المؤمنين كانوا يدعون لآبائهم الذين ماتوا على الشرك ويستغفرون لهم ويقولون إن إبراهيم كان يستغفر لأبيه فأنزل الله عز وجل "ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربي من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم". وقال تعالى في هذه الآية الكريمة "قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم - إلى قوله تعالى - إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله شيء" أي ليس لكم في ذلك أسوة أي في الاستغفار للمشركين هكذا قال ابن عباس ومجاهد وقتادة ومقاتل بن حيان والضحاك وغير واحد. ثم قال تعالى مخبرا عن قول إبراهيم والذين معه حين فارقوا قومهم وتبرؤوا منهم فلجأوا إلى الله وتضرعوا إليه فقالوا "ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير" أي توكلنا عليك في جميع الأمور وسلمنا أمورنا إليك وفوضناها إليك وإليك المصير; أي المعاد في الدار الآخرة.
قوله تعالى ; قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير[ ص; 51 ] قوله تعالى ; قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم لما نهى عز وجل عن موالاة الكفار ذكر قصة إبراهيم عليه السلام ، وأن من سيرته التبرؤ من الكفار ; أي فاقتدوا به وأتموا ; إلا في استغفاره لأبيه . والإسوة والأسوة ما يتأسى به ، مثل القدوة والقدوة . ويقال ; هو إسوتك ; أي مثلك وأنت مثله . وقرأ عاصم أسوة بضم الهمزة لغتان .والذين معه يعني أصحاب إبراهيم من المؤمنين . وقال ابن زيد ; هم الأنبياءإذ قالوا لقومهم الكفار .إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله أي الأصنام . وبرآء جمع بريء ; مثل شريك وشركاء ، وظريف وظرفاء . وقراءة العامة على وزن فعلاء . وقرأ عيسى بن عمر وابن أبي إسحاق " براء " بكسر الباء على وزن فعال ; مثل قصير وقصار ، وطويل وطوال ، وظريف وظراف . ويجوز ترك الهمزة حتى تقول ; برا ; وتنون . وقرئ " براء " على الوصف بالمصدر . وقرئ " براء " على إبدال الضم من الكسر ; كرخال ورباب . والآية نص في الأمر بالاقتداء بإبراهيم عليه السلام في فعله . وذلك يصحح أن شرع من قبلنا شرع لنا فيما أخبر الله ورسوله ." كفرنا بكم " أي بما آمنتم به من الأوثان . وقيل ; أي بأفعالكم وكذبناها وأنكرنا أن تكونوا على حق .وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا أي هذا دأبنا معكم ما دمتم على كفركم .حتى تؤمنوا بالله وحده فحينئذ تنقلب المعاداة موالاة .إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك فلا تتأسوا به في الاستغفار فتستغفرون للمشركين ; فإنه كان عن موعدة منه له ; قاله قتادة ومجاهد وغيرهما . وقيل ; معنى الاستثناء أن إبراهيم هجر قومه وباعدهم إلا في الاستغفار لأبيه ، ثم بين عذره في سورة " التوبة " . وفي هذا دلالة على تفضيل نبينا عليه الصلاة والسلام على سائر الأنبياء ; لأنا حين أمرنا بالاقتداء به أمرنا أمرا مطلقا في قوله تعالى ; وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا وحين أمرنا بالاقتداء بإبراهيم عليه السلام استثنى بعض أفعاله . وقيل ; هو استثناء منقطع ; أي لكن قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك ، إنما جرى لأنه ظن أنه أسلم ، فلما بان له أنه لم يسلم تبرأ منه . وعلى هذا يجوز الاستغفار لمن يظن أنه أسلم ; وأنتم لم تجدوا مثل هذا الظن ، فلم توالوهم .وما أملك لك من الله من شيء هذا من قول إبراهيم عليه السلام لأبيه ; أي ما أدفع عنك من عذاب الله شيئا إن أشركت به ." ربنا عليك توكلنا " هذا من دعاء [ ص; 52 ] إبراهيم عليه السلام وأصحابه . وقيل ; علم المؤمنين أن يقولوا هذا . أي تبرءوا من الكفار وتوكلوا على الله وقولوا ; ربنا عليك توكلنا ؛ أي اعتمدنا .وإليك أنبنا ؛ أي رجعنا ." وإليك المصير " لك الرجوع في الآخرة .
القول في تأويل قوله تعالى ; قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4)يقول تعالى ذكره للمؤمنين به من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم; قد كان لكم أيها المؤمنون أُسوة حسنة; يقول; قدوة حسنة في إبراهيم خليل الرحمن، تقتدون به، والذين معه من أنبياء الله.كما حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد في قول الله عزّ وجلّ; ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ ) قال; الذين معه الأنبياء.وقوله; ( إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ) يقول; حين قالوا لقومهم الذين كفروا بالله، وعبدوا الطاغوت; أيها القوم إنا برآء منكم، ومن الذين تعبدون من دون الله من الآلهة والأنداد.وقوله; ( كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ) يقول جلّ ثناؤه مخبرا عن قيل أنبيائه لقومهم الكفرة; كفرنا بكم، أنكرنا ما كنتم عليه من الكفر بالله وجحدنا عبادتكم ما تعبدون من دون الله أن تكون حقًّا، وظهر بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدًا على كفركم بالله، وعبادتكم ما سواه، ولا صلح بيننا ولا هوادة، حتى تؤمنوا بالله وحده، يقول; حتى تصدّقوا بالله وحده، فتوحدوه، وتفردوه بالعبادة.وقوله; ( إِلا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأبِيهِ لأسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ) يقول تعالى ذكره; قد كانت لكم أُسوة حسنة في إبراهيم والذين معه في هذه الأمور التي ذكرناها من مباينة الكفار ومعاداتهم، وترك موالاتهم إلا في قول إبراهيم لأبيه ( لأسْتَغْفِرَنَّ لَكَ ) فإنه لا أسوة لكم فيه في ذلك، لأن ذلك كان من إبراهيم لأبيه عن موعدة وعدها إياه قبل أن يتبين له أنه عدوّ الله؛ فلما تبين له أنه عدوّ لله تبرأ منه. يقول تعالى ذكره; فكذلك أنتم أيها المؤمنون بالله، فتبرّءوا من أعداء الله من المشركين به ولا تتخذوا منهم أولياء حتى يؤمنوا بالله وحده ويتبرّءوا عن عبادة ما سواه وأظهروا لهم العداوة والبغضاء.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( إِلا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأبِيهِ ) قال; نُهُوا أن يتأسَّوْا باستغفار إبراهيم لأبيه، فيستغفروا للمشركين.حدثنا ابن حُمَيد، قال; ثنا مهران، عن سفيان، عن أبي جعفر، عن مطرَّف الحارثي، عن مجاهد; ( أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ ) ... إلى قوله; ( لأسْتَغْفِرَنَّ لَكَ ) يقول; في كلّ أمره أسوة، إلا الاستغفار لأبيه.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله; ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ ) ... الآية، ائتسوا به في كلّ شيء، ما خلا قوله لأبيه; ( لأسْتَغْفِرَنَّ لَكَ ) فلا تأتسوا بذلك منه، فإنها كانت عن موعدة وعدها إياه.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال; ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله; ( إِلا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأبِيهِ ) يقول; لا تأسوا بذلك فإنه كان عليه موعدًا، وتأسوا بأمره كله.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد، في قول الله عزّ وجلّ; ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) ... إلى قوله; ( إِلا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأبِيهِ لأسْتَغْفِرَنَّ لَكَ ) قال; يقول; ليس لكم في هذا أسوة.ويعني بقوله; ( وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ) يقول; وما أدفع عنك من الله من عقوبة، إن الله عاقبك على كفرك به، ولا أُغْنِي عنك منه شيئًا.وقوله; ( رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا ) يقول جلّ ثناؤه مخبرًا عن قيل إبراهيم وأنبيائه صلوات الله عليهم; ( رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا ) يعني; وإليك رجعنا بالتوبة مما تكره إلى ما تحب وترضى ( وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ) يقول; وإليك مصيرنا ومرجعنا يوم تبعثنا من قبورنا، وتحشرنا في القيامة إلى موقف العَرْض.
قد كان لكم يا معشر المؤمنين { أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } أي: قدوة صالحة وائتمام ينفعكم، { فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ } من المؤمنين، لأنكم قد أمرتم أن تتبعوا ملة إبراهيم حنيفا، { إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ } أي: إذ تبرأ إبراهيم عليه السلام ومن معه من المؤمنين، من قومهم المشركين ومما يعبدون من دون الله.ثم صرحوا بعداوتهم غاية التصريح، فقالوا: { كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا } أي: ظهر وبان { بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ } أي: البغض بالقلوب، وزوال مودتها، والعداوة بالأبدان، وليس لتلك العداوة والبغضاء وقت ولا حد، بل ذلك { أَبَدًا } ما دمتم مستمرين على كفركم { حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ } أي: فإذا آمنتم بالله وحده، زالت العداوة والبغضاء، وانقلبت مودة وولاية، فلكم أيها المؤمنون أسوة [حسنة] في إبراهيم ومن معه في القيام بالإيمان والتوحيد، والقيام بلوازم ذلك ومقتضياته، وفي كل شيء تعبدوا به لله وحده، { إِلَّا } في خصلة واحدة وهي { قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ } آزر المشرك، الكافر، المعاند، حين دعاه إلى الإيمان والتوحيد، فامتنع، فقال إبراهيم : { لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ و } الحال أني لا { أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ } لكني أدعو ربي عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقيا، فليس لكم أن تقتدوا بإبراهيم في هذه الحالة التي دعا بها للمشرك، فليس لكم أن تدعوا للمشركين، وتقولوا: إنا في ذلك متبعون لملة إبراهيم، فإن الله ذكر عذر إبراهيم في ذلك بقوله: { وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إن إبراهيم لأواه حليم } ولكم أسوة حسنة في إبراهيم ومن معه، حين دعوا الله وتوكلوا عليه وأنابوا إليه، واعترفوا بالعجز والتقصير، فقالوا: { رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا } أي: اعتمدنا عليك في جلب ما ينفعنا ودفع ما يضرنا، ووثقنا بك يا ربنا في ذلك.{ وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا } أي: رجعنا إلى طاعتك ومرضاتك وجميع ما يقرب إليك، فنحن في ذلك ساعون، وبفعل الخيرات مجتهدون، ونعلم أنا إليك نصير، فسنستعد للقدوم عليك، ونعمل ما يقربنا الزلفى إليك
(لكم) متعلّق بخبر كانت
(في إبراهيم) متعلّق بـ (أسوة) ،
(معه) ظرف منصوب متعلّق بمحذوف صلة الذين
(إذ) ظرف للمضيّ في محلّ نصب متعلّق بخبر كان ،
(لقومهم) متعلّق بـ (قالوا) ،
(منكم) متعلّق بـ (برآء) ، وكذلك
(ممّا) فهو معطوف على الجارّ الأولـ (من دون) حال من المفعول المحذوف لفعل العبادة
(بكم) متعلّق بـ (كفرنا) ،
(بيننا) ظرف منصوب متعلّق بحال من العداوة والبغضاء، وكذلك
(بينكم) فهو معطوف عليه
(أبدا) ظرف زمان منصوب متعلّق بحال من العداوة والبغضاء
(حتّى) حرف غاية وجرّ
(تؤمنوا) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد حتّى
(باللَّه) متعلّق بـ (تؤمنوا) ،
(وحده) حال من لفظ الجلالة منصوبـ (إلّا) للاستثناء
(قول) مستثنى منصوب من أسوة ،
(لأبيه) متعلّق بـ (قول)
(اللام) لام القسم لقسم مقدّر
(لك) متعلّق بـ (أستغفرنّ) ،
(الواو) حاليّة
(ما) نافية
(لك) الثاني متعلّق بـ (أملك) ،
(من اللَّه) متعلّق بـ (أملك) بحذف مضاف أي من عذابه
(شيء) مجرور لفظا منصوب محلّا مفعول به
(ربّنا) منادى مضاف منصوبـ (عليك) متعلّق بـ (توكّلنا) ،
(إليك) الأول متعلّق بـ (أنبنا) ،
(إليك) الثاني خبر مقدّم للمبتدأ المؤخر
(المصير) .
جملة: «كانت لكم أسوة ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «قالوا ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «إنّا برآء ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «تعبدون ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .
وجملة: «كفرنا بكم» لا محلّ لها استئناف في حيّز القول.
وجملة: «بدا ... العداوة» لا محلّ لها معطوفة على جملة كفرنا.
وجملة: «تؤمنوا» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) المضمر.
والمصدر المؤوّلـ (أن تؤمنوا) في محلّ جرّ بـ (حتّى) متعلّق بـ (بدا) .
وجملة: «أستغفرنّ ... » لا محلّ لها جواب القسم المقدّر ... وجملة القسم المقدرة في محلّ نصب مقول القول للمصدر قول إبراهيم.
وجملة: «ما أملك ... » في محلّ نصب حال من فاعل أستغفرنّ .وجملة: «النداء وجوابه ... » لا محلّ لها استئناف في حيّز قول إبراهيم .
وجملة: «عليك توكّلنا» لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «أنبنا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة توكّلنا.
وجملة: «إليك المصير» لا محلّ لها معطوفة على جملة توكّلنا.
5-
(ربّنا) مثل الأولـ (لا) ناهية جازمة
(فتنة) مفعول به ثان منصوبـ (للذين) متعلّق بنعت لـ (فتنة) ،
(لنا) متعلّق بـ (اغفر) ،
(أنت) ضمير منفصل أستعير لمحلّ النصب لتأكيد الضمير المتصل اسم إنّ .
وجملة: «النداء الثانية» لا محلّ لها استئناف في حيّز القول.
وجملة: «لا تجعلنا ... » لا محلّ لها جواب النداء الثاني.
وجملة: «كفروا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة: «اغفر لنا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة لا تجعلنا.
وجملة: «النداء الثالثة» لا محلّ لها اعتراضيّة دعائية.
وجملة: «انّك أنت العزيز» لا محلّ لها تعليلة لطلب الغفران.
6-
(اللام) لام القسم لقسم مقدر
(قد) حرف تحقيق
(كان لكم فيهم أسوة..) مرّ إعرابها
(لمن) بدل من(لكم) بإعادة الجارّ «
(من) الثانية» اسم شرط في محلّ رفع مبتدأ
(الفاء) رابطة لجواب الشرط
(هو) ضمير فصل ..
وجملة: «كان لكم ... » لا محلّ لها جواب القسم المقدّر.
وجملة: «كان يرجو ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (من) .وجملة: «يرجو اللَّه ... » في محلّ نصب خبر كان
(الثاني) .
وجملة: «من يتولّ ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب القسم .
وجملة: «يتولّ ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ
(من) .
وجملة: «إنّ اللَّه هو الغنيّ ... » لا محلّ لها تعليل لجواب الشرط المحذوف أي من يتولّ فإنّ وبال تولّيه على نفسه لأنّ اللَّه هو الغني.
- القرآن الكريم - الممتحنة٦٠ :٤
Al-Mumtahanah60:4