الرسم العثمانيوَأُخْرٰى تُحِبُّونَهَا ۖ نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ
الـرسـم الإمـلائـيوَاُخۡرٰى تُحِبُّوۡنَهَا ؕ نَصۡرٌ مِّنَ اللّٰهِ وَفَـتۡحٌ قَرِيۡبٌ ؕ وَبَشِّرِ الۡمُؤۡمِنِيۡنَ
تفسير ميسر:
إن فعلتم -أيها المؤمنون- ما أمركم الله به يستر عليكم ذنوبكم، ويدخلكم جنات تجري من تحت أشجارها الأنهار، ومساكن طاهرة زكية في جنات إقامة دائمة لا تنقطع، ذلك هو الفوز الذي لا فوز بعده. ونعمة أخرى لكم- أيها المؤمنون- تحبونها هي نصر من الله يأتيكم، وفتح عاجل يتم على أيديكم. وبشِّر المؤمنين -أيها النبي- بالنصر والفتح في الدنيا، والجنة في الآخرة.
ثم قال تعالى وأخرى تحبونها أي وأزيدكم على ذلك زيادة تحبونها وهي نصر من الله وفتح قريب أي إذا قاتلتم في سبيله ونصرتم دينه تكفل الله بنصركم قال الله تعالى " يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم " وقال تعالى " ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز " وقوله تعالى " وفتح قريب " أي عاجل فهذه الزيادة هي خير الدنيا موصول بنعيم الآخرة لمن أطاع الله ورسوله ونصر الله ودينه ولهذا قال تعالى وبشر المؤمنين.
الخامسة ; قوله تعالى ; وأخرى تحبونها قال الفراء والأخفش ; " أخرى " معطوفة على " تجارة " فهي في محل خفض . وقيل ; محلها رفع ؛ أي ولكم خصلة أخرى وتجارة أخرى تحبونها .نصر من الله أي هو نصر من الله ; ف " نصر " على هذا تفسير وأخرى . وقيل ; رفع على البدل من أخرى أي ولكم نصر من الله ." وفتح قريب " أي غنيمة في عاجل الدنيا ; وقيل فتح مكة . وقال ابن عباس ; يريد فتح فارس والروم .( وبشر المؤمنين ) برضا الله عنهم .
اختلف أهل العربية فيما نعتت به قوله; ( وَأُخْرَى ) فقال بعض نحوييّ البصرة; معنى ذلك; وتجارة أخرى، فعلى هذا القول يجب أن يكون أخرى في موضع خفض عطفًا به على قوله; هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ وقد يحتمل أن يكون رفعًا على الابتداء. وكان بعض نحويي الكوفة يقول; هي في موضع رفع. أي ولكم أخرى في العاجل مع ثواب الآخرة، ثم قال; ( نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ ) مفسرًا للأخرى.والصواب من القول في ذلك عندي القول الثاني، وهو أنه معنّي به; ولكم أخرى تحبونها، لأن قوله; ( نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ) مبين عن أن قوله; ( وَأُخْرَى ) في موضع رفع، ولو كان جاء ذلك خفضًا حسن أن يجعل قوله; ( وَأُخْرَى ) عطفا على قوله; تِجَارَةٍ ، فيكون تأويل الكلام حينئذ لو قرئ ذلك خفضًا، وعلى خلة أخرى تحبونها، فمعنى الكلام إذا كان الأمر كما وصفت; هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم، تؤمنون بالله ورسوله، يغفر لكم ذنوبكم، ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار، ولكم خلة أخرى سوى ذلك في الدنيا تحبونها; نصر من الله لكم على أعدائكم، وفتح قريب يعجله لكم.( وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم; وبشر يا محمد المؤمنين بنصر الله إياهم على عدّوهم، وفتح عاجل لهم.
وأما الثواب الدنيوي لهذه التجارة، فذكره بقوله: { وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا } أي: ويحصل لكم خصلة أخرى تحبونها وهي: { نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ } [لكم] على الأعداء، يحصل به العز والفرح، { وَفَتْحٌ قَرِيبٌ } تتسع به دائرة الإسلام، ويحصل به الرزق الواسع، فهذا جزاء المؤمنين المجاهدين، وأما المؤمنون من غير أهل الجهاد، [إذا قام غيرهم بالجهاد] فلم يؤيسهم الله تعالى من فضله وإحسانه، بل قال: { وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ } أي: بالثواب العاجل والآجل، كل على حسب إيمانه، وإن كانوا لا يبلغون مبلغ المجاهدين في سبيل الله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: \" إن في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، أعدها الله للمجاهدين في سبيله \"
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - الصف٦١ :١٣
As-Saff61:13