الرسم العثمانياتَّخَذُوٓا أَيْمٰنَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِنَّهُمْ سَآءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
الـرسـم الإمـلائـياِتَّخَذُوۡۤا اَيۡمَانَهُمۡ جُنَّةً فَصَدُّوۡا عَنۡ سَبِيۡلِ اللّٰهِؕ اِنَّهُمۡ سَآءَ مَا كَانُوۡا يَعۡمَلُوۡنَ
تفسير ميسر:
إنما جعل المنافقون أيمانهم التي أقسموها سترة ووقاية لهم من المؤاخذة والعذاب، ومنعوا أنفسهم، ومنعوا الناس عن طريق الله المستقيم، إنهم بئس ما كانوا يعملون؛ ذلك لأنهم آمنوا في الظاهر، ثم كفروا في الباطن، فختم الله على قلوبهم بسبب كفرهم، فهم لا يفهمون ما فيه صلاحهم.
وقوله تعالى اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله أي اتقوا الناس بالأيمان الكاذبة والحلفان الآثمة ليصدقوا فيما يقولون فاغتر بهم من لا يعرف جلية أمرهم فاعتقدوا أنهم مسلمون فربما اقتدى بهم فيما يفعلون وصدقهم فيما يقولون وهم من شأنهم أنهم كانوا في الباطن لا يألون الإسلام وأهله خبالا فحصل بهذا القدر ضرر كبير على كثير من الناس ولهذا قال تعالى "فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ما كانوا يعملون" ولهذا كان الضحاك بن مزاحم يقرؤها "اتخذوا إيمانهم جنة" أي تصديقهم الظاهر جنة أي تقية يتقون به القتل والجمهور يقرؤها أيمانهم جمع يمين.
قوله تعالى ; اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ما كانوا يعملون[ ص; 114 ] فيه ثلاث مسائل ;الأولى ; قوله تعالى ; اتخذوا أيمانهم جنة أي سترة . وليس يرجع إلى قوله ; نشهد إنك لرسول الله وإنما يرجع إلى سبب الآية التي نزلت عليه ، حسب ما ذكره البخاري والترمذي عن ابن أبي أنه حلف ما قال وقد قال . وقال الضحاك ; يعني حلفهم بالله إنهم لمنكم . وقيل ; يعني بأيمانهم ما أخبر الرب عنهم في سورة " التوبة " إذ قال ; يحلفون بالله ما قالوا .الثانية ; من قال ; أقسم بالله أو أشهد بالله أو أعزم بالله أو أحلف بالله ، أو أقسمت بالله أو أشهدت بالله أو أعزمت بالله أو أحلفت بالله ، فقال في ذلك كله " بالله " فلا خلاف أنها يمين . وكذلك عند مالك وأصحابه إن قال ; أقسم أو أشهد أو أعزم أو أحلف ، ولم يقل " بالله " ، إذا أراد " بالله " . وإن لم يرد " بالله " فليس بيمين . وحكاه الكيا عن الشافعي ، قال الشافعي ; إذا قال ; أشهد بالله ، ونوى اليمين كان يمينا . وقال أبو حنيفة وأصحابه ; لو قال ; أشهد بالله ، لقد كان كذا ، كان يمينا ، ولو قال ; أشهد لقد كان كذا ، دون النية كان يمينا لهذه الآية ، لأن الله تعالى ذكر منهم الشهادة ثم قال ; اتخذوا أيمانهم جنة .وعند الشافعي لا يكون ذلك يمينا وإن نوى اليمين ، لأن قوله تعالى ; اتخذوا أيمانهم جنة ليس يرجع إلى قوله ; " قالوا نشهد " وإنما يرجع إلى ما في " التوبة " من قوله تعالى ; يحلفون بالله ما قالوا .الثالثة ; قوله تعالى ; فصدوا عن سبيل الله أي أعرضوا ، وهو من الصدود . أو صرفوا المؤمنين عن إقامة حكم الله عليهم من القتل والسبي وأخذ الأموال ، فهو من الصد ، أو منعوا الناس عن الجهاد بأن يتخلفوا ويقتدي بهم غيرهم . وقيل ; فصدوا اليهود والمشركين عن الدخول في الإسلام ، بأن يقولوا ها نحن كافرون بهم ، ولو كان محمد حقا لعرف هذا منا ، ولجعلنا نكالا . فبين الله أن حالهم لا يخفى عليه ، ولكن حكمه أن من أظهر الإيمان أجري عليه في الظاهر حكم الإيمان .إنهم ساء ما كانوا يعملون أي بئست أعمالهم الخبيثة - من نفاقهم وأيمانهم الكاذبة وصدهم عن سبيل الله - أعمالا .
يقول تعالى ذكره; اتخذ المنافقون أيمانهم جنة، وهي حلفهم.كما حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة (اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً ) ; أي حلفهم جنة.حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أَبو عاصم، قال; ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد في قول الله; (اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً ) قال; يجتنون بها، قال ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا.حُدثت عن الحسين، قال; سمعت أبا معاذ يقول; ثنا عبيد، قال; سمعت الضحاك يقول في قوله; (اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً ) يقول; حلفهم بالله إنهم لمنكم جنة.وقوله; (جُنَّةٍ ) ; سترة يستترون بها كما يستتر المستجنّ بجنته في حرب وقتال، فيمنعون بها أنفسهم وذراريهم وأموالهم، ويدفعون بها عنها.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك ;حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد ، قال; ثنا سعيد، عن قتادة (جُنَّةٍ ) ليعصموا بها دماءهم وأموالهم.وقوله.(فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ) يقول; فأعرضوا عن دين الله الذي بَعَث به نبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وشريعته التي شرعها لخلقه (إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) يقول; إن هؤلاء المنافقين الذين أتخذوا أيمانهم جنة ساء ما كانوا يعملون في اتخاذهم أيمانهم جُنة، لكذبهم ونفاقهم، وغير ذلك من أمورهم.
{ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً } أي: ترسًا يتترسون بها من نسبتهم إلى النفاق.فصدوا عن سبيله بأنفسهم، وصدوا غيرهم ممن يخفى عليه حالهم، { إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } حيث أظهروا الإيمان وأبطنوا الكفر، وأقسموا على ذلك وأوهموا صدقهم.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - المنافقون٦٣ :٢
Al-Munafiqun63:2