الرسم العثمانيمَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ
الـرسـم الإمـلائـيمَاۤ اَنۡتَ بِـنِعۡمَةِ رَبِّكَ بِمَجۡنُوۡنٍۚ
تفسير ميسر:
(ن) سبق الكلام على الحروف المقطعة في أول سورة البقرة. أقسم الله بالقلم الذي يكتب به الملائكة والناس، وبما يكتبون من الخير والنفع والعلوم. ما أنت -أيها الرسول- بسبب نعمة الله عليك بالنبوة والرسالة بضعيف العقل، ولا سفيه الرأي، وإن لك على ما تلقاه من شدائد على تبليغ الرسالة لَثوابًا عظيمًا غير منقوص ولا مقطوع، وإنك -أيها الرسول- لعلى خلق عظيم، وهو ما اشتمل عليه القرآن من مكارم الأخلاق؛ فقد كان امتثال القرآن سجية له يأتمر بأمره، وينتهي عما ينهى عنه.
أي لست ولله الحمد بمجنون كما يقوله الجهلة من قومك المكذبون بما جئتهم به من الهدى والحق المبين فنسبوك فيه إلى الجنون.
ما أنت بنعمة ربك بمجنون هذا جواب القسم وهو نفي ، وكان المشركون يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم إنه مجنون ، به شيطان . وهو قولهم ; يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون فأنزل الله تعالى ردا عليهم وتكذيبا لقولهم ما أنت بنعمة ربك بمجنون أي برحمة ربك . والنعمة هاهنا الرحمة . ويحتمل ثانيا - أن النعمة هاهنا قسم ; وتقديره ; ما أنت ونعمة ربك بمجنون ; لأن الواو والباء من حروف القسم . وقيل هو كما تقول ; ما أنت بمجنون ، والحمد لله . وقيل ; معناه ما أنت بمجنون ، والنعمة لربك ; كقولهم ; سبحانك اللهم وبحمدك ; أي والحمد لله . ومنه قول لبيد ;وأفردت في الدنيا بفقد عشيرتي وفارقني جار بأربد نافعأي وهو أربد . وقال النابغة ;لم يحرموا حسن الغذاء وأمهم طفحت عليك بناتق مذكارأي هو ناتق . والباء في " بنعمة ربك " متعلقة بمجنون منفيا ; كما يتعلق بغافل مثبتا . كما في قولك ; أنت بنعمة ربك غافل . ومحله النصب على الحال ; كأنه قال ; ما أنت بمجنون منعما عليك بذلك .
وقوله; ( مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ; ما أنت بنعمة ربك بمجنون، مكذِّبا بذلك مشركي قريش الذين قالوا له; إنك مجنون.
وذلك أن القلم وما يسطرون به من أنواع الكلام، من آيات الله العظيمة، التي تستحق أن يقسم الله بها، على براءة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، مما نسبه إليه أعداؤه من الجنون فنفى عنه الجنون بنعمة ربه عليه وإحسانه، حيث من عليه بالعقل الكامل، والرأي الجزل، والكلام الفصل، الذي هو أحسن ما جرت به الأقلام، وسطره الأنام، وهذا هو السعادة في الدنيا، ثم ذكر سعادته في الآخرة، فقال: { وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا } .
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - القلم٦٨ :٢
Al-Qalam68:2