الرسم العثمانيلِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَآ أُذُنٌ وٰعِيَةٌ
الـرسـم الإمـلائـيلِنَجۡعَلَهَا لَـكُمۡ تَذۡكِرَةً وَّتَعِيَهَاۤ اُذُنٌ وَّاعِيَةٌ
تفسير ميسر:
إنَّا لما جاوز الماء حدَّه، حتى علا وارتفع فوق كل شيء، حملنا أصولكم مع نوح في السفينة التي تجري في الماء؛ لنجعل الواقعة التي كان فيها نجاة المؤمنين وإغراق الكافرين عبرة وعظة، وتحفظها كل أذن مِن شأنها أن تحفظ، وتعقل عن الله ما سمعت.
يعني سفينة نوح عليه الصلاة والسلام. جعلها الله تذكرة وعظة لهذه الأمة حتى أدركها أوائلهم; في قول قتادة. قال ابن جريج; كانت ألواحها على الجودي. والمعنى; أبقيت لكم تلك الخشبات حتى تذكروا ما حل بقوم نوح, وإنجاء الله آباءكم; وكم من سفينة هلكت وصارت ترابا ولم يبق منها شيء. وقيل; لنجعل تلك الفعلة من إغراق قوم نوح وإنجاء من آمن معه موعظة لكم; ولهذا قال الله تعالى;
لنجعلها لكم تذكرة يعني سفينة نوح عليه الصلاة والسلام . جعلها الله تذكرة وعظة لهذه الأمة حتى أدركها أوائلهم ; في قول قتادة . قال ابن جريج ; كانت ألواحها على الجودي . والمعنى ; أبقيت لكم تلك الخشبات حتى تذكروا ما حل بقوم نوح ، وإنجاء الله آباءكم ; وكم من سفينة هلكت وصارت ترابا ولم يبق منها شيء . وقيل ; لنجعل تلك الفعلة من إغراق قوم نوح وإنجاء من آمن معه موعظة لكم ; ولهذا قال الله تعالى ;وتعيها أذن واعية أي تحفظها وتسمعها أذن حافظة لما جاء من عند الله . والسفينة لا توصف بهذا . قال الزجاج ; ويقال وعيت كذا أي حفظته في نفسي ، أعيه وعيا . ووعيت العلم ، ووعيت ما قلت ; كله بمعنى . وأوعيت المتاع في الوعاء . قال الزجاج ; يقال لكل ما حفظته في غير نفسك ; " أوعيته " بالألف ، ولما حفظته في نفسك " وعيته " بغير ألف . وقرأ طلحة وحميد والأعرج " وتعيها " بإسكان العين ; تشبيها بقول ; " أرنا " . واختلف فيها عن عاصم وابن كثير . الباقون بكسر العين ; ونظير قوله تعالى ; وتعيها أذن واعية ، إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب . وقال قتادة ; الأذن الواعية أذن عقلت عن الله تعالى ، وانتفعت بما سمعت من كتاب الله عز وجل . وروى مكحول أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عند نزول هذه الآية ; " سألت ربي أن يجعلها أذن علي " . قال مكحول ; فكان علي رضي الله عنه يقول ; ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط فنسيته إلا وحفظته . ذكره الماوردي . وعن الحسن نحوه . ذكره الثعلبي قال ; لما نزلت وتعيها أذن واعية قال النبي صلى الله عليه وسلم ; " سألت ربي أن يجعلها أذنك يا علي " قال علي ; فوالله ما نسيت شيئا بعد ، وما كان لي أن أنسى . وقال أبو برزة الأسلمي قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي ; " يا علي إن الله أمرني أن أدنيك ولا أقصيك ، وأن أعلمك ، وأن تعي ، وحق على الله أن تعي " .
حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله; ( لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً ) فأبقاها الله تذكرة وعبرة وآية، حتى نظر إليها أوائل هذه الأمة، وكم من سفينة قد كانت بعد سفينة نوح قد صارت رمادا.وقوله; ( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ) يعني; حافظة عقلت عن الله ما سمعت.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني عليّ، قال; ثنا أبو صالح، قال; ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ) يقول; حافظة.حدثني محمد بن سعد، قال; ثني أبي، قال; ثني عمي، قال; ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ) يقول; سامعة، وذلك الإعلان.* ذكر من قال ذلك;حدثنا نصر بن عليّ، قال; ثنا أبي، قال; ثنا خالد بن قيس، عن قتادة ( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ) قال; أذن عقلت عن الله.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله; ( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ); أذن عقلت عن الله، فانتفعت بما سمعت من كتاب الله.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال; ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ) قال; أذن سمعت، وعقلت ما سمعت.حُدثت عن الحسين، قال; سمعت أبا معاذ يقول; ثنا عبيد، قال; الضحاك يقول في قوله; ( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ); سمعتها أذن ووعت.حدثنا عليّ بن سهل، قال; ثنا الوليد بن مسلم، عن عليّ بن حوشب، قال; سمعت مكحولا يقول; قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ; ( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ) ثم التفت إلى عليّ، فقال; " سأَلْتُ الله أنْ يَجْعَلَها أُذُنَكَ"، قال عليّ رضي الله عنه ; فما سمعت شيئا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فنسيته.حدثني محمد بن خلف، قال; ثني بشر بن آدم، قال; ثنا عبد الله بن الزبير، قال; ثني عبد الله بن رستم، قال; سمعت بُرَيدة يقول; سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعليّ; " يا عَليُّ؛ إنَّ اللهَ أمَرَنِي أنْ أُدْنِيَكَ وَلا أُقْصِيَكَ، وأنْ أُعَلِّمَكَ وأنْ تَعي، وحَقٌّ على اللهِ أنْ تَعِي"، قال; فنـزلت ( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ).حدثني محمد بن خلف، قال; ثنا الحسن بن حماد، قال; ثنا إسماعيل بن إبراهيم أبو يحيى التيميّ، عن فضيل بن عبد الله، عن أبي داود، عن بُرَيدة الأسلميّ، قال; سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعليّ; " إنَّ اللهَ أمَرَنِي أنْ أُعَلِّمَكَ، وأنْ أُدْنِيَكَ، وَلا أجْفُوَكَ وَلا أُقْصِيَكَ "، ثم ذكر مثله.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله; ( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ) قال; واعية يحذرون معاصي الله أن يعذّبهم الله عليها، كما عذّب من كان قبلهم تسمعها فتعيها، إنما تعي القلوب ما تسمع الآذان من الخير والشرّ من باب الوعي.
فاحمدوا الله واشكروا الذي نجاكم حين أهلك الطاغين واعتبروا بآياته الدالة على توحيده ولهذا قال: { لِنَجْعَلَهَا } أي: الجارية والمراد جنسها، { لَكُمْ تَذْكِرَةً } تذكركم أول سفينة صنعت وما قصتها وكيف نجى الله عليها من آمن به واتبع رسوله وأهلك أهل الأرض كلهم فإن جنس الشيء مذكر بأصله. وقوله: { وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ } أي: تعقلها أولو الألباب ويعرفون المقصود منها ووجه الآية بها. وهذا بخلاف أهل الإعراض والغفلة وأهل البلادة وعدم الفطنة فإنهم ليس لهم انتفاع بآيات الله لعدم وعيهم عن الله، وفكرهم بآيات الله
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - الحاقة٦٩ :١٢
Al-Haqqah69:12