الرسم العثمانيوَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وٰحِدَةً
الـرسـم الإمـلائـيوَحُمِلَتِ الۡاَرۡضُ وَ الۡجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَّاحِدَةً
تفسير ميسر:
فإذا نفخ المَلَك في "القرن" نفخة واحدة، وهي النفخة الأولى التي يكون عندها هلاك العالم، ورُفعت الأرض والجبال عن أماكنها فكُسِّرتا، ودُقَّتا دقة واحدة. ففي ذلك الحين قامت القيامة، وانصدعت السماء، فهي يومئذ ضعيفة مسترخية، لا تماسُك فيها ولا صلابة، والملائكة على جوانبها وأطرافها، ويحمل عرش ربك فوقهم يوم القيامة ثمانية من الملائكة العظام. في ذلك اليوم تُعرضون على الله- أيها الناس- للحساب والجزاء، لا يخفى عليه شيء من أسراركم.
قراءة العامة بتخفيف الميم; أي رفعت من أماكنها.
قوله تعالى ; وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدةقوله تعالى ; وحملت الأرض والجبال قراءة العامة بتخفيف الميم ; أي رفعت من أماكنها ." فدكتا " أي فتتا وكسرتا ." دكة واحدة " لا يجوز في " دكة " إلا النصب لارتفاع الضمير في " دكتا " . وقال الفراء ; لم يقل فدككن لأنه جعل الجبال كلها كالجملة الواحدة ، والأرض كالجملة الواحدة . ومثله ; أن السموات والأرض كانتا رتقا ولم يقل كن . وهذا الدك كالزلزلة ; كما قال تعالى ; إذا زلزلت الأرض زلزالها . وقيل ; " دكتا " أي بسطتا بسطة واحدة ; ومنه اندك سنام البعير إذا انفرش في ظهره . وقد مضى في سورة " الأعراف " القول فيه . وقرأ عبد الحميد عن ابن عامر " وحملت الأرض والجبال " بالتشديد على إسناد الفعل إلى المفعول الثاني . كأنه في الأصل وحملت قدرتنا أو ملكا من ملائكتنا الأرض والجبال ; ثم أسند الفعل إلى المفعول الثاني فبني له . ولو جيء بالمفعول الأول لأسند الفعل إليه ; فكأنه قال ; وحملت قدرتنا الأرض . وقد يجوز بناؤه للثاني على وجه القلب فيقال ; حملت الأرض الملك ; كقولك ; ألبس زيد الجبة ، وألبست الجبة زيدا .
وكان ابن زيد يقول في ذلك ما حدثني به يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله; ( وَحُمِلَتِ الأرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً ) قال; صارت غبارا. وقيل; ( فَدُكَّتَا ) وقد ذكر قبل الجبال والأرض، وهي جماع، ولم يقل; فدككن، لأنه جعل الجبال كالشيء الواحد، كما قال الشاعر;هُمَــا سَــيِّدَانِ يَزْعُمــانِ وإنَّمَـايَسُــودانِنا إنْ يَسَّــرَتْ غَنماهُمَــا (1)وكما قيل; أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا .------------------------الهوامش;(1) نسب البيت صاحب اللسان (يسر) والعيني في شرح شواهد الألفية إلى أبي أسيدة الدبيري . وأنشد في اللسان قبله بيتا آخر، وهو;إنَّ لَنَـــا شَـــيْخَيْنِ لا يَنفَعَانِنَــاغَنِيَّيْــنِ لا يجْــدِى عَلَيْنَـا غِنَاهُمَـاأي; ليس فيهما من السيادة إلا كونهما قد يسرت غنماهما، أي; كثرت وكثرت ألبانها ونسلها، والسؤدد يوجب البذل والعطاء والحراسة والحماية وحسن التدبير والحلم، وليس عندهما من ذلك شيء . واستشهد المؤلف بالبيت على أن الشاعر قال; غنماها بلفظ التثنية للغنم، مع أن الغنم اسم للجمع، وليس بمفرد، ولكنه عامله معاملة المفرد، كما اعتبرت الجبال في قوله تعالى; ( وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة ) في حكم المفرد كالأرض، ولذلك قال; فدكتا، ولم يقل فدككن. ا هـ . وفي البيت شاهد آخر عند النحويين في باب إلغاء عمل ظن وأفعال القلوب إذا تأخرت عن معموليها، ولو تقدمت عليهما لعملت فيهما النصب
{ وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً } أي: فتتت الجبال واضمحلت وخلطت بالأرض ونسفت على الأرض فكان الجميع قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا. هذا ما يصنع بالأرض وما عليها.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - الحاقة٦٩ :١٤
Al-Haqqah69:14