الرسم العثمانيقَالَ فِرْعَوْنُ ءَامَنتُم بِهِۦ قَبْلَ أَنْ ءَاذَنَ لَكُمْ ۖ إِنَّ هٰذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِى الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَآ أَهْلَهَا ۖ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ
الـرسـم الإمـلائـيقَالَ فِرۡعَوۡنُ اٰمَنۡتُمۡ بِهٖ قَبۡلَ اَنۡ اٰذَنَ لَـكُمۡۚ اِنَّ هٰذَا لَمَكۡرٌ مَّكَرۡتُمُوۡهُ فِى الۡمَدِيۡنَةِ لِتُخۡرِجُوۡا مِنۡهَاۤ اَهۡلَهَا ۚ فَسَوۡفَ تَعۡلَمُوۡنَ
تفسير ميسر:
قال فرعون للسحرة; آمنتم بالله قبل أن آذن لكم بالإيمان به؟ إن إيمانكم بالله وتصديقكم لموسى وإقراركم بنبوته لحيلة احتلتموها أنتم وموسى؛ لتخرجوا أهل مدينتكم منها، وتكونوا المستأثرين بخيراتها، فسوف تعلمون -أيها السحرة- ما يحلُّ بكم من العذاب والنكال.
يخبر تعالي عما توعد به فرعون لعنه الله السحرة لما آمنوا بموسى عليه السلام وما أظهره للناس من كيده ومكره في قوله "إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها" أي إن غلبته لكم في يومكم هذا إنما كان عن تشاور منكم ورضا منكم لذلك كقوله في الآية الأخرى "إنه لكبيركم الذي علمكم السحر" وهو يعلم وكل من له لب أن هذا الذي قاله من أبطل الباطل فإن موسى عليه السلام بمجرد ما جاء من مدين دعا فرعون إلى الله وأظهر المعجزات الباهرة والحجج القاطعة على صدق ما جاء به فعند ذلك أرسل فرعون في مدائن ملكه ومعاملة سلطنته فجمع سحرة متفرقين من سائر الأقاليم ببلاد مصر ممن اختار هو والملأ من قومه وأحضرهم عنده ووعدهم بالعطاء الجزيل ولهذا قد كانوا من أحرص الناس على ذلك وعلى الظهور في مقامهم ذلك والتقدم عند فرعون. وموسى عليه السلام لا يعرف أحدا منهم ولا رآه ولا اجتمع به وفرعون يعلم ذلك وإنما قال هذا تسترا وتدليسا على رعاع دولته وجهلتهم كما قال تعالى "فاستخف قومه فأطاعوه" فإن قوما صدقوه في قوله "أنا ربكم الأعلى" من أجهل خلق الله وأضلهم وقال السدي في تفسيره بإسناده المشهور عن ابن مسعود وابن عباس وغيرهما من الصحابة في قوله تعالى "إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة" قال التقى موسى عليه السلام وأمير السحرة فقال له موسى أرأيتك إن غلبتك أتؤمن بي وتشهد أن ما جئت به حق قال الساحر لآتين غدا بسحر لا يغلبه سحر فوالله لئن غلبتني لأومنن بك ولأشهدن أنك حق وفرعون ينظر إليهما قالوا فلهذا قال ما قال وقوله "لتخرجوا منها أهلها" أي تجتمعوا أنتم وهو وتكون لكم دولة وصولة وتخرجوا منها الأكابر والرؤساء وتكون الدولة والتصرف لكم "فسوف تعلمون " أي ما أصنع بكم.
قوله تعالى قال فرعون آمنتم به قبل أن آذن لكم إنكار منه عليهم .إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها أي جرت بينكم وبينه مواطأة في هذا لتستولوا على مصر ، أي كان هذا منكم في مدينة مصر قبل أن تبرزوا إلى هذه الصحراءفسوف تعلمون تهديد لهم .
القول في تأويل قوله ; قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (123)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره; قال فرعون للسحرة إذ آمنوا بالله= يعني صدّقوا رسوله موسى عليه السلام، لما عاينوا من عظيم قدرة الله وسلطانه; "آمنتم به "، يقول; أصدقتم بموسى وأقررتم بنبوّته= " قبل أن آذن لكم "، بالإيمان به= " إن هذا "، يقول; تصديقكم إياه, وإقراركم بنبوّته= " لمكر مكرتموه في المدينة "، يقول لخدعة خدعتم بها من في مدينتنا، (4) لتخرجوهم منها= " فسوف تعلمون "، ما أفعل بكم, وما تلقون من عقابي إياكم على صنيعكم هذا.* * *وكان مكرهم ذلك فيما;-14955 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي, في حديث ذكره، عن أبي مالك= وعلي بن أبي طلحة, عن ابن عباس, وعن مرة, عن ابن مسعود, وعن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم; التقى موسى وأميرُ السحرة, فقال له موسى; أرأيتك إن غلبتك أتؤمن بي، وتشهد أنّ ما جئت به حق؟ قال الساحر; لآتين غدًا بسحر لا يغلبه سحر, فوالله لئن غلبتني لأومنن بك، ولأشهدن أنك حق! وفرعون ينظر إليهم، فهو قول فرعون; " إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة "، إذ التقيتما لتتظاهرا فتخرجا منها أهلها. (5) .------------------الهوامش ;(4) انظر (( المكر )) فيما سلف 12 ; 95 ، 97 ; 597 .(5) الأثر ; 14955 - هذا جزء من خبر طويل ، رواه أبو جعفر في تاريخه 1 ; 213 .
فـقَالَ لَهُمْ فِرْعَوْنُ متهددا على الإيمان: آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ كان الخبيث حاكما مستبدا على الأبدان والأقوال، قد تقرر عنده وعندهم أن قوله هو المطاع، وأمره نافذ فيهم، ولا خروج لأحد عن قوله وحكمه، وبهذه الحالة تنحط الأمم وتضعف عقولها ونفوذها، وتعجز عن المدافعة عن حقوقها، ولهذا قال اللّه عنه: فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ وقال هنا: ( آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ) أي: فهذا سوء أدب منكم وتجرؤ عَليَّ. ثم موه على قومه وقال: إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا أي: إن موسى كبيركم الذي علمكم السحر، فتواطأتم أنتم وهو على أن تنغلبوا له، فيظهر فتتبعوه، ثم يتبعكم الناس أو جمهورهم فتخرجوا منها أهلها. وهذا كذب يعلم هو ومن سبر الأحوال، أن موسى عليه الصلاة والسلام لم يجتمع بأحد منهم، وأنهم جمعوا على نظر فرعون ورسله، وأن ما جاء به موسى آية إلهية، وأن السحرة قد بذلوا مجهودهم في مغالبة موسى، حتى عجزوا، وتبين لهم الحق، فاتبعوه. ثم توعدهم فرعون بقوله: فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ما أحل بكم من العقوبة.
(قال) فعل ماض
(فرعون) فاعل مرفوع
(آمنتم) فعل ماض مبنيّ على السكون.. و (تم) ضمير فاعل، وهمزة استفهام قبله محذوفة وهي للإنكار والتوبيخ
(الباء) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ حرف مصدري ونصبـ (آذن) مضارع منصوب، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنا
(اللام) حرف جرّ و (كم) ضمير في محل جرّ متعلّق بـ (آذن) ،
(إنّ) حرف مشبّه بالفعل- ناسخ-
(ها) حرف تنبيه
(ذا) اسم إشارة مبني في محلّ نصب اسم إنّ
(اللام) هي المزحلقة تفيد التوكيد
(مكر) خبر مرفوع
(مكرتم) مثل آمنتم و (الواو) زائدة إشباع لحركة الميم و (الهاء) مفعول به
(في المدينة) جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من فاعل مكرتم ،
(اللام) لام العاقبة أو للتعليل-
(اخرجوا) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام، والواو فاعلـ (منها) مثل به متعلّق بـ (تخرجوا)
(أهل) مفعول به منصوب و (ها) ضمير مضاف إليه.والمصدر المؤوّلـ (أن تخرجوا..) في محلّ جرّ باللام متعلّق بـ (مكرتموه) ،
(الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر
(سوف) حرف للمستقبلـ (تعلمون) مثل يعملون ، ومفعول تعلمون مقدّر أي عاقبة فعلكم.
جملة: «قال فرعون ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «آمنتم به» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «آذن لكم ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) والمصدر المؤولـ (أن آذن..) في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «إنّ هذا لمكر ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ في حيّز قول فرعون.
وجملة: «مكرتموه» في محلّ رفع نعت لمكر.
وجملة: «سوف تعلمون» في محلّ جزم جواب شرط مقدّر أي إن فعلتم فسوف تعلمون ...(اللام) لام القسم لقسم مقدّر
(أقطعنّ) مصارع مبنيّ على الفتح في محلّ رفع لتجريده من الناصب والجازم.. و (النّون) نون التوكيد، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنا
(أيدي) مفعول به منصوب و (كم) ضمير مضاف إليه
(الواو) عاطفة
(أرجلكم) معطوف على أيدي منصوب.. و (كم) مضاف إليه
(من خلاف) جارّ ومجرور في محلّ نصب حالـ (ثمّ) حرف عطف
(لأصلّبنّ) مثل لأقطّعنّ و (كم) ضمير مفعول به
(أجمعين) توكيد للضمير المتّصل المنصوب تبعه في النصب وعلامة النصب الياء.
وجملة: «اقطّعنّ ... » لا محلّ لها جواب قسم مقدّر، والقسم وجوابه تفسير للتهديد المتقدّم .وجملة: «أصلّبنّكم ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب القسم بإعادة اللام .
- القرآن الكريم - الأعراف٧ :١٢٣
Al-A'raf7:123