لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ
لَـوَّاحَةٌ لِّلۡبَشَرِۖۚ
تفسير ميسر:
سأدخله جهنم؛ كي يصلى حرَّها ويحترق بنارها وما أعلمك أيُّ شيء جهنم؟ لا تبقي لحمًا ولا تترك عظمًا إلا أحرقته، مغيِّرة للبشرة، مسوِّدة للجلود، محرقة لها، يلي أمرها ويتسلط على أهلها بالعذاب تسعة عشر ملكًا من الزبانية الأشداء.
قال مجاهد أي للجلد. وقال أبو رزين; تلفح الجلد لفحة فتدعه أسود من الليل وقال زيد بن أسلم; تلوح أجسادهم عليها. وقال قتادة "لواحة للبشر" أي حراقة للجلد وقال ابن عباس; تحرق بشرة الإنسان.
لواحة للبشر أي مغيرة من لاحه إذا غيره . وقراءة العامة ( لواحة ) بالرفع نعت ل ( سقر ) في قوله تعالى ; وما أدراك ما سقر . وقرأ عطية العوفي ونصر بن عاصم وعيسى بن عمر ( لواحة ) بالنصب على الاختصاص ، للتهويل . وقال أبو رزين ; تلفح وجوههم لفحة تدعها أشد سوادا من الليل ; وقاله مجاهد . والعرب تقول ; لاحه البرد والحر والسقم والحزن ; إذا غيره ، ومنه قول الشاعر ;تقول ما لاحك يا مسافر يا بنة عمي لاحني الهواجر وقال آخر ;وتعجب هند أن رأتني شاحبا تقول لشيء لوحته السمائم وقال رؤبة بن العجاج ;لوح منه بعد بدن وسنق تلويحك الضامر يطوى للسبق وقيل ; إن اللوح شدة العطش ; يقال ; لاحه العطش ولوحه أي غيره . والمعنى أنها معطشة للبشر أي لأهلها ; قاله الأخفش ; وأنشد ;[ ص; 73 ] سقتني على لوح من الماء شربة سقاها بها الله الرهام الغواديايعني باللوح شدة العطش ، والتاح أي عطش ، والرهام جمع رهمة بالكسر وهي المطر الضعيف وأرهمت السحابة أتت بالرهام .وقال ابن عباس ; ( لواحة ) أي تلوح للبشر من مسيرة خمسمائة عام . الحسن وابن كيسان ; تلوح لهم جهنم حتى يروها عيانا . نظيره ; وبرزت الجحيم للغاوين وفي البشر وجهان ; أحدهما أنه الإنس من أهل النار ; قاله الأخفش والأكثرون . الثاني أنه جمع بشرة ، وهي جلدة الإنسان الظاهرة ; قاله مجاهد وقتادة ، وجمع البشر أبشار ، وهذا على التفسير الأول ، وأما على تفسير ابن عباس فلا يستقيم فيه إلا الناس لا الجلود ; لأنه من لاح الشيء يلوح ، إذا لمع .
وقوله; ( لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ ) يعني جلّ ثناؤه; مغيرة لبشر أهلها، واللّواحة من نعت سقر، وبالردّ عليها رُفعت، وحسُن الرفع فيها، وهي نكرة، وسقر معرفة، لما فيها من معنى المدح.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ ) قال; الجلد.حدثني أبو السائب، قال; ثنا أبو معاوية، عن إسماعيل، عن أبى رزين ( لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ ) قال; تلفح الجلد لفحة، فتدعه أشدّ سوادا من الليل.حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال; ثنا أبي وشعيب بن الليث، عن خالد بن يزيد، عن ابن أبي هلال، قال; قال زيد بن أسلم ( لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ ); أي تلوَّح أجسادهم عليها.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله; ( لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ ) أي حرّاقة للجلد.حدثني محمد بن سعد، قال; ثني أبي، قال; ثني عمي، قال; ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس; ( لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ ) يقول; تحرق بشرة الإنسان.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد، في قوله; ( لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ ) قال; تغير البشر، تحرق البشر ؛ يقال; قد لاحه استقباله السماء، ثم قال; النار تغير ألوانهم.حدثنا ابن حميد، قال; ثنا مهران، عن سفيان، عن إسماعيل بن سميع، عن أبي رزين ( لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ ) غيرت جلودهم فاسودّت.حدثنا أبو كُريب، قال; ثنا وكيع، عن سفيان، عن إسماعيل بن سميع، عن أبي رزين مثله.حُدثت عن الحسين، قال; سمعت أبا معاذ يقول; أخبرنا عبيد، قال; سمعت الضحاك يقول في قوله; ( لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ ) يعني; بشر الإنسان، يقول; تحرق بشره.ورُوي عن ابن عباس في ذلك، ما حدثني عليّ، قال; ثنا أبو صالح، قال; ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله; ( لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ ) يقول; معرّضة، وأخشى أن يكون خبر عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس هذا غلطا، وأن يكون موضع معرّضة مغيرة، لكن صحَّف فيه.
{ لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ } أي: تلوحهم [وتصليهم] في عذابها، وتقلقهم بشدة حرها وقرها.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة