الرسم العثمانيلَآ أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيٰمَةِ
الـرسـم الإمـلائـيلَاۤ اُقۡسِمُ بِيَوۡمِ الۡقِيٰمَةِ
تفسير ميسر:
أقسم الله سبحانه بيوم الحساب والجزاء، وأقسم بالنفس المؤمنة التقية التي تلوم صاحبها على ترك الطاعات وفِعْل الموبقات، أن الناس يبعثون. أيظنُّ هذا الإنسان الكافر أن لن نقدر على جَمْع عظامه بعد تفرقها؟ بلى سنجمعها، قادرين على أن نجعل أصابعه أو أنامله -بعد جمعها وتأليفها- خَلْقًا سويًّا، كما كانت قبل الموت.
قد تقدم غير مرة أن المقسم عليه إذا كان منتفيا جاز الإتيان بلا قبل القسم لتأكيدا النفي والمقسم عليه ههنا هو إثبات المعاد والرد على ما يزعمه الجهلة من العباد ومن عدم بعث الأجساد ولهذا قال تعالى "لا أقسم بيوم القيامة ولا أقسم بالنفس اللوامة" قال الحسن أقسم بيوم القيامة ولم يقسم بالنفس اللوامة وقال قتادة بل أقسم بهما جميعا هكذا حكاه ابن أبي حاتم وقد حكى ابن جرير عن الحسن والأعرج أنهما قرءا "لأقسم بيوم القيامة" وهذا يوجه قول الحسن لأنه أثبت القسم بيوم القيامة ونفي القسم بالنفس اللوامة والصحيح أنه أقسم بهما جميعا معا كما قاله قتادة رحمه الله وهو المروي عن ابن عباس وسعيد بن جبير واختاره ابن جرير فأما يوم القيامة فمعروف وأما النفس اللوامة فقال قرة بن خالد عن الحسن البصري في هذه الآية أن المؤمن والله ما نراه إلا يلوم نفسه; ما أردت بكلمتي ما أردت بأكلتي ما أردت بحديث نفسي. وإن الفاجر يمضي قدما ما يعاتب نفسه.
سورة القيامةمكية ، وهي تسع وثلاثون آيةبسم الله الرحمن الرحيملا أقسم بيوم القيامةقوله تعالى ; لا أقسم بيوم القيامة قيل ; إن " لا " صلة ، وجاز وقوعها في أول السورة ; لأن القرآن متصل بعضه ببعض ، فهو في حكم كلام واحد ; ولهذا قد يذكر الشيء في سورة ويجيء جوابه في سورة أخرى ; كقوله تعالى ; وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون . وجوابه في سورة أخرى ; ما أنت بنعمة ربك بمجنون . ومعنى الكلام ; أقسم بيوم القيامة ; قاله ابن عباس وابن جبير وأبو عبيدة ; ومثله قول الشاعر ;تذكرت ليلى فاعترتني صبابة فكاد صميم القلب لا يتقطعوحكى أبو الليث السمرقندي ; أجمع المفسرون أن معنى لا أقسم ; أقسم . واختلفوا في تفسير ; لا قال بعضهم ; لا زيادة في الكلام للزينة ، ويجري في كلام العرب زيادة لا [ ص; 85 ] كما قال في آية أخرى ; قال ما منعك ألا تسجد . يعني أن تسجد ، وقال بعضهم ; " لا " رد لكلامهم حيث أنكروا البعث ، فقال ; ليس الأمر كما زعمتم .قلت ; وهذا قول الفراء ; قال الفراء ; وكثير من النحويين يقولون ( لا ) صلة ، ولا يجوز أن يبدأ بجحد ثم يجعل صلة ; لأن هذا لو كان كذلك لم يعرف خبر فيه جحد من خبر لا جحد فيه ، ولكن القرآن جاء بالرد على الذين أنكروا البعث والجنة والنار ، فجاء الإقسام بالرد عليهم في كثير من الكلام المبتدأ منه وغير المبتدأ وذلك كقولهم لا والله لا أفعل ف ( لا ) رد لكلام قد مضى ، وذلك كقولك ; لا والله إن القيامة لحق ، كأنك أكذبت قوما أنكروه . وأنشد غير الفراء لامرئ القيس ;فلا وأبيك ابنة العامري لا يدعي القوم أني أفروقال غوية بن سلمى ;ألا نادت أمامة باحتمال لتحزنني فلا بك ما أباليوفائدتها توكيد القسم في الرد . قال الفراء ; وكان من لا يعرف هذه الجهة يقرأ لأقسم بغير ألف ; كأنها لام تأكيد دخلت على " أقسم " ، وهو صواب ; لأن العرب تقول ; لأقسم بالله وهي قراءة الحسن وابن كثير والزهري وابن هرمز بيوم القيامة أي بيوم يقوم الناس فيه لربهم ، ولله - عز وجل - أن يقسم بما شاء .
اختلفت القرّاء في قراءة قوله; ( لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ) فقرأت ذلك عامة قرّاء الأمصار; ( لا أُقْسِمُ ) [لا] (4) مفصولة من أقسم، سوى الحسن والأعرج، فإنه ذكر عنهما أنهما كانا يقرآن ذلك ( لأقسِمُ بِيَوْمِ القِيامَةِ ) بمعنى; أقسم بيوم القيامة، ثم أدخلت عليها لام القسم.والقراءة التي لا أستجيز غيرها في هذا الموضع " لا " مفصولة، أقسم مبتدأة على ما عليه قرّاء الأمصار، لإجماع الحجة من القرّاء عليه.وقد اختلف الذين قرءوا ذلك على الوجه الذي اخترنا قراءته في تأويله، فقال بعضهم " لا " صلة، وإنما معنى الكلام; أقسم بيوم القيامة.* ذكر من قال ذلك;حدثنا أبو هشام الرفاعي، قال; ثنا ابن يمان، قال; ثنا سفيان، عن ابن جريج، عن الحسن بن مسلم بن يناق، عن سعيد بن جُبير ( لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ) قال; أقسم بيوم القيامة.حدثنا ابن حميد، قال; ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن جريج، عن الحسن بن مسلم، عن سعيد بن جُبير ( لا أُقْسِم ) قال; أقسم.وقال آخرون منهم; بل دخلت " لا " توكيدًا للكلام.* ذكر من قال ذلك;سمعت أبا هشام الرفاعي يقول; سمعت أبا بكر بن عياش يقول; قوله; ( لا أُقْسِمُ ) توكيد للقسم كقوله; لا والله. وقال بعض نحويِّي الكوفة; لا ردّ لكلام قد مضى من كلام المشركين الذين كانوا ينكرون الجنة والنار، ثم ابتدئ القسم، فقيل; أقسم بيوم القيامة، وكان يقول; كلّ يمين قبلها ردّ لكلام، فلا بدّ من تقديم " لا " قبلها، ليفرق بذلك بين اليمين التي تكون جحدًا، واليمين التي تستأنف، ويقول; ألا ترى أنك تقول مبتدئا; والله إن الرسول لحقّ; وإذا قلت; لا والله إن الرسول لحقّ، فكأنك أكذبت قوما أنكروه.واختلفوا أيضا في ذلك، هل هو قسم أم لا؟ فقال بعضهم; هو قسم أقسم ربنا بيوم القيامة، وبالنفس اللوّامة.* ذكر من قال ذلك;حدثنا ابن حميد، قال; ثنا جرير، عن مغيرة، عن أبي الخير بن تميم، عن سعيد بن جبير، قال; قال لي ابن عباس; ممن أنت ؟ فقلت; من أهل العراق، فقال; أيهم ؟ فقلت; من بني أسد، فقال; من حريبهم (5) ، أو ممن أنعم الله عليهم ؟ فقلت; لا بل ممن أنعم الله عليهم، فقال لي; سل، فقلت; لا أقسم بيوم القيامة، فقال; يقسم ربك بما شاء من خلقه.-----------------الهوامش ;(4) ( لا ) زيادة يقتضيها المعنى(5) لعل المراد بالحريب هنا; الفقير المحروب، أي; الذي ذهب ماله.
ليست { لا } [ها] هنا نافية، [ولا زائدة] وإنما أتي بها للاستفتاح والاهتمام بما بعدها، ولكثرة الإتيان بها مع اليمين، لا يستغرب الاستفتاح بها، وإن لم تكن في الأصل موضوعة للاستفتاح.فالمقسم به في هذا الموضع، هو المقسم عليه، وهو البعث بعد الموت، وقيام الناس من قبورهم، ثم وقوفهم ينتظرون ما يحكم به الرب عليهم.
(لا) زائدة ،
(بيوم) متعلّق بـ (أقسم) ، ومثلها
(لا أقسم بالنفس ... ) ،
جملة: «أقسم ... » لا محلّ لها ابتدائيّة.
وجملة: «أقسم
(الثانية) » لا محلّ لها معطوفة على الابتدائيّة.. وجواب القسم لكلا الجملتين محذوف دلّ عليه ما بعده أي: لتبعثنّ.3-
(الهمزة) للاستفهام التقريعيّ التوبيخيّ
(أن) مخفّفة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن محذوف .
وجملة: «يحسب الإنسان ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «لن نجمع ... » في محلّ رفع خبر
(أن) المخفّفة.
والمصدر المؤوّلـ (أن لن نجمع ... ) في محلّ نصب سدّ مسدّ مفعولي يحسب.
4-
(بلى) حرف جواب لإيجاب السؤال المنفيّ أي بلى نجمعها
(قادرين) حال منصوبة من فاعل الفعل المقدّر
(أن) حرف مصدريّ ونصب ...والمصدر المؤوّلـ (أن نسوّي ... ) في محلّ جرّ بـ (على) متعلّق بـ (قادرين) .
وجملة: «
(نجمعها) قادرين» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «نسوّي ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) .
- القرآن الكريم - القيامة٧٥ :١
Al-Qiyamah75:1