الرسم العثمانيوَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرٰى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِۦ قُلُوبُكُمْ ۚ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
الـرسـم الإمـلائـيوَمَا جَعَلَهُ اللّٰهُ اِلَّا بُشۡرٰى وَلِتَطۡمَٮِٕنَّ بِهٖ قُلُوۡبُكُمۡۚ وَمَا النَّصۡرُ اِلَّا مِنۡ عِنۡدِ اللّٰهِؕ اِنَّ اللّٰهَ عَزِيۡزٌ حَكِيۡمٌ
تفسير ميسر:
وما جعل الله ذلك الإمداد إلا بشارة لكم بالنصر، ولتسكن به قلوبكم، وتوقنوا بنصر الله لكم، وما النصر إلا من عند الله، لا بشدة بأسكم وقواكم. إن الله عزيز في ملكه، حكيم في تدبيره وشرعه.
وقوله تعالى "وما جعله الله إلا بشرى" الآية. أي وما جعل الله بعث الملائكة وإعلامه إياكم بهم إلا بشرى "ولتطمئن به قلوبكم" وإلا فهو تعالى قادر على نصركم على أعدائكم ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله أي بدون ذلك ولهذا قال "وما النصر إلا من عند الله" كما قال تعالى "فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداءا حتى تضع الحرب أوزارها ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم سيهديهم ويصلح بالهم ويدخلهم الجنة عرفها لهم" وقال تعالى "وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين" فهذه حكم شرع الله جهاد الكفار بأيدي المؤمنين لأجلها وقد كان تعالى إنما يعاقب الأمم السالفة المكذبة للأنبياء بالقوارع التي تعم تلك الأمم المكذبة كما أهلك قوم نوح بالطوفان وعادا الأولى بالدبور وثمود بالصيحة وقوم لوط بالخسف والقلب وحجارة السجيل وقوم شعيب بيوم الظلة فلما بعث الله تعالى موسى وأهلك عدوه فرعون وقومه بالغرق في اليم ثم أنزل على موسى التوراة شرع فيها قتال الكفار واستمر الحكم في بقية الشرائع بعده على ذلك كما قال تعالى "ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر" وقتل المؤمنين للكافرين أشد إهانة للكافرين وأشفى لصدور المؤمنين كما قال تعالى للمؤمنين من هذه الأمة "قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين" ولهذا كان قتل صناديد قريش بأيدي أعدائهم الذين ينظرون إليهم بأعين ازدرائهم أنكى لهم وأشفى لصدور حزب الإيمان فقتل أبي جهل في معركة القتال وحومة الوغى أشد إهانة له من موته على فراشه بقارعة أو صاعقة أو نحو ذلك كما مات أبو لهب لعنه الله بالعدسة بحيث لم يقربه أحد من أقاربه وإنما غسلوه بالماء قذفا من بعيد ورجموه حتى دفنوه ولهذا قال تعالى "إن الله عزيز" أي له العزة ولرسوله وللمؤمنين بهما في الدنيا والآخرة كقوله تعالى "إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد"."حكيم"; فيما شرعه من قتال الكفار مع القدرة على دمارهم وإهلاكهم بحوله وقوته سبحانه وتعالى.
وما النصر إلا من عند الله نبه على أن النصر من عنده جل وعز لا من الملائكة ; أي لولا نصره لما انتفع بكثرة العدد بالملائكة . والنصر من عند الله يكون بالسيف ويكون بالحجة .
القول في تأويل قوله ; وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره; لم يجعل الله إردافَ الملائكة بعضها بعضًا وتتابعها بالمصير إليكم، أيها المؤمنون، مددًا لكم= " إلا بشرى " لكم، أي; بشارة لكم، تبشركم بنصر الله إياكم على أعدائكم (21) = " ولتطمئن به قلوبكم "، يقول; ولتسكن قلوبكم بمجيئها إليكم, وتوقن بنصرة الله لكم (22) = " وما النصر إلا من عند الله "، يقول; وما تنصرون على عدوكم، أيها المؤمنون، إلا أن ينصركم الله عليهم, لا بشدة بأسكم وقواكم, بل بنصر الله لكم, لأن ذلك بيده وإليه, ينصر من يشاء من خلقه= " إن الله عزيز حكيم " يقول; إن الله الذي ينصركم، وبيده نصرُ من يشاء من خلقه= " عزيز "، لا يقهره شيء, ولا يغلبه غالب, بل يقهر كل شيء ويغلبه, لأنه خلقه= " حكيم "، يقول; حكيم في تدبيره ونصره من نصر, وخذلانه من خذل من خلقه, لا يدخل تدبيره وهن ولا خَلل. (23)* * *وروي عن عبد الله بن كثير عن مجاهد في ذلك، ما;-15757- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج عن ابن جريج قال، أخبرني ابن كثير; انه سمع مجاهدًا يقول; ما مدّ النبي صلى الله عليه وسلم مما ذكر الله غيرُ ألف من الملائكة مردفين, وذكر " الثلاثة " و " الخمسة " بشرى, ما مدُّوا بأكثر من هذه الألف الذي ذكر الله عز وجل في " الأنفال "، وأما " الثلاثة " و " الخمسة ", فكانت بشرَى.* * *وقد أتينا على ذلك في " سورة آل عمران "، بما فيه الكفاية. (24)--------------------الهوامش ;(21) انظر تفسير " البشرى " فيما سلف ص ; 303 ، تعليق ; 2 ، المراجع هناك .(22) انظر تفسير " الاطمئنان " فيما سلف 5 ; 492 9 ; 165 11 ; 224 .(23) انظر تفسير " عزيز " و " حكيم " فيما سلف من فهارس اللغة ( عزز ) ، ( حكم ) .(24) انظر ما سلف 7 ; 173 - 192 .
وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ أي: إنـزال الملائكة إِلا بُشْرَى أي: لتستبشر بذلك نفوسكم، وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وإلا فالنصر بيد اللّه، ليس بكثرة عَدَدٍ ولا عُدَدٍ.. إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ لا يغالبه مغالب، بل هو القهار، الذي يخذل من بلغوا من الكثرة وقوة العدد والآلات ما بلغوا. حَكِيمٌ حيث قدر الأمور بأسبابها، ووضع الأشياء مواضعها.
(الواو) استئنافيّة
(ما) حرف نفي(جعل) فعل ماض و (الهاء) ضمير مفعول به
(الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع
(إلّا) أداة حصر
(بشرى) مفعول به ثان منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف
(الواو) عاطفة
(اللام) للتعليلـ (تطمئنّ) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام
(الباء) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (تطمئنّ) ،
(قلوب) فاعل مرفوع و (كم) ضمير مضاف إليه.
والمصدر المؤوّلـ (أن تطمئنّ) في محلّ جرّ باللام متعلّق بفعل محذوف تقديره هيّأ أو فعل أو يسّر .
(الواو) استئنافيّة
(ما) نافية مهملة
(النصر) مبتدأ مرفوع
(إلّا) مثل الأولى
(من عند) جارّ ومجرور خبر المبتدأ
(الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور
(إنّ) حرف مشبّه بالفعل- ناسخ-
(الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوبـ (عزيز) خبر إن مرفوع
(حكيم) خبر ثان مرفوع.
جملة: «جعله الله ... » لا محلّ لها استئنافيّة.وجملة: «تطمئنّ به قلوبكم» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أنّ) المضمر.
وجملة: «ما النصر إلا من عند الله» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «إنّ الله عزيز ... » لا محلّ لها تعليليّة.
- القرآن الكريم - الأنفال٨ :١٠
Al-Anfal8:10