الرسم العثمانيوَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِىٓ أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِىٓ أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِىَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا ۗ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ
الـرسـم الإمـلائـيوَ اِذۡ يُرِيۡكُمُوۡهُمۡ اِذِ الۡتَقَيۡتُمۡ فِىۡۤ اَعۡيُنِكُمۡ قَلِيۡلًا وَّيُقَلِّلُكُمۡ فِىۡۤ اَعۡيُنِهِمۡ لِيَـقۡضِىَ اللّٰهُ اَمۡرًا كَانَ مَفۡعُوۡلًا ؕ وَاِلَى اللّٰهِ تُرۡجَعُ الۡاُمُوۡرُ
تفسير ميسر:
واذكر أيضًا حينما برز الأعداء إلى أرض المعركة فرأيتموهم قليلا فاجترأتم عليهم، وقلَّلكم في أعينهم، ليتركوا الاستعداد لحربكم؛ ليقضي الله أمرًا كان مفعولا فيتحقق وَعْدُ الله لكم بالنصر والغلبة، فكانت كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى. وإلى الله مصير الأمور كلها، فيجازي كلا بما يستحق.
وقوله "وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا" وهذا أيضا من لطفه تعالى بهم إذ أراهم إياهم قليلا في رأي العين فيجرءوهم عليهم ويطمعهم فيهم قال أبو إسحق السبيعي عن أبي عبيدة عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال لقد قللوا في أعيينا يوم بدر حتى قلت لرجل إلى جنبي تراهم سبعين؟ قال لا بل هم مائة حتى أخذنا رجلا منهم فسألناه فقال كنا ألفا. رواه ابن أبي حاتم وابن جرير وقوله "ويقللكم في أعينهم" قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن الزبير بن الحارث عن عكرمة "وإذ يريكموهم إذ التقيتم" الآية. قال حضض بعضهم على بعض إسناد صحيح وقال محمد بن إسحق حدثني يحيى بن عباد بن عبدالله بن الزبير. عن أبيه في قوله تعالى "ليقضي الله أمرا كان مفعولا" أي ليلقي بينهم الحرب للنقمة ممن أراد الانتقام منه والإنعام على من أراد تمام النعمة عليه من أهل ولايته ومعنى هذا أنه تعالى أغرى كلا من الفريقين بالآخر وقلله في عينه ليطمع فيه وذلك عند المواجهة فلما التحم القتال وأيد الله المؤمنين بألف من الملائكة مردفين بقي حزب الكفار يرى حزب الإيمان ضعفيه كما قال تعالى "قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأى العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولى الأبصار" وهذا هو الجمع بين هاتين الآيتين فإن كلا منهما حق وصدق ولله الحمد والمنة.
قوله تعالى وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا وإلى الله ترجع الأمورقوله تعالى وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا هذا في اليقظة . يجوز حمل الأولى على اليقظة أيضا إذا قلت ; المنام موضع النوم ، وهو العين ، فتكون الأولى على هذا خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وهذه للجميع . قال ابن مسعود ; قلت لإنسان كان بجانبي يوم بدر ; أتراهم سبعين ؟ فقال ; هم نحو المائة . فأسرنا رجلا فقلنا ; كم كنتم ؟ فقال ; كنا ألفا .ويقللكم في أعينهم كان هذا في ابتداء القتال حتى قال أبو جهل في ذلك اليوم ; إنما هم أكلة جزور ، خذوهم أخذا واربطوهم بالحبال . فلما أخذوا في القتال عظم المسلمون في أعينهم فكثروا ، كما قال ; يرونهم مثليهم رأي العين حسب ما تقدم في آل عمران [ ص; 382 ] بيانه .ليقضي الله أمرا كان مفعولا تكرر هذا ، لأن المعنى في الأول من اللقاء ، وفي الثاني من قتل المشركين وإعزاز الدين ، وهو إتمام النعمة على المسلمين .وإلى الله ترجع الأمور أي مصيرها ومردها إليه .
القول في تأويل قوله ; وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ (44)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره; وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ = إذ يري الله نبيه في منامه المشركين قليلا وإذ يريهم الله المؤمنين إذ لقوهم في أعينهم قليلا وهم كثير عددهم, ويقلل المؤمنين في أعينهم, ليتركوا الاستعداد لهم، فتهون على المؤمنين شوكتهم، كما;-16156 - حدثني ابن بزيع البغدادي قال، حدثنا إسحاق بن منصور, عن إسرائيل, عن أبي إسحاق, عن أبي عبيدة, عن عبد الله قال; لقد قلِّلوا في أعيننا يوم بدر، حتى قلت لرجل إلى جنبي; تراهم سبعين؟ قال; أراهم مئة قال; فأسرنا رجلا منهم فقلنا; كم هم؟ قال; ألفًا. (70)16157- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا إسرائيل, عن أبى إسحاق, عن أبي عبيدة, عن عبد الله بنحوه.16158 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج قوله; " وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا "، قال ابن مسعود; قللوا في أعيننا، حتى قلت لرجل; أتُرَاهم يكونون مئة؟16159 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي قال; قال ناس من المشركين; إن العيرَ قد انصرفت فارجعوا. فقال أبو جهل; الآن إذ برز لكم محمد وأصحابه! فلا ترجعوا حتى تستأصلوهم. وقال; يا قوم لا تقتلوهم بالسلاح, ولكن خذوهم أخذًا, فاربطوهم بالحبال! = يقوله من القدرة في نفسه.* * *وقوله; " ليقضي الله أمرًا كان مفعولا " ، يقول جل ثناؤه; قلّلتكم أيها المؤمنون، في أعين المشركين، وأريتكموهم في أعينكم قليلا حتى يقضي الله بينكم ما قضى من قتال بعضكم بعضًا، وإظهاركم، أيها المؤمنون، على أعدائكم من المشركين والظفر بهم, لتكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الذين كفروا السفلى. وذلك أمرٌ كان الله فاعلَه وبالغًا فيه أمرَه، كما;-16160 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق; " ليقضي الله أمرا كان مفعولا "، أي; ليؤلف بينهم على الحرب، للنقمة ممن أراد الانتقام منه، والإنعام على من أراد إتمام النعمة عليه من أهل ولايته. (71)* * *= " وإلى الله ترجع الأمور " ، يقول جل ثناؤه; مصير الأمور كلها إليه في الآخرة, فيجازي أهلها على قدر استحقاقهم المحسنَ بإحسانه، والمسيءَ بإساءته.-----------------الهوامش ;(70) الأثر ; 16156 - " ابن بزيع البغدادي " ، هو " محمد بن عبد الله بن بزيع البغدادي " ، من شيوخ مسلم ، مضى برقم ; 2451 ، 3130 ، 10239 .وكان في المطبوعة ; " كنا ألفًا "، زاد " كنا " ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو صواب محض .(71) الأثر ; 16160 - سيرة ابن هشام 2 ; 328 ، وهو تابع الأثر السالف رقم ; 16153 .
فأرى اللّه المؤمنين عدوهم قليلا في أعينهم، ويقللكم ـ يا معشر المؤمنين ـ في أعينهم،فكل من الطائفتين ترى الأخرى قليلة، لتقدم كل منهما على الأخرى. {لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا} من نصر المؤمنين وخذلان الكافرين وقتل قادتهم ورؤساء الضلال منهم، ولم يبق منهم أحد له اسم يذكر، فيتيسر بعد ذلك انقيادهم إذا دعوا إلى الإسلام، فصار أيضًا لطفا بالباقين، الذين مَنَّ اللّه عليهم بالإسلام. {وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} أي: جميع أمور الخلائق ترجع إلى اللّه، فيميز الخبيث من الطيب، ويحكم في الخلائق بحكمه العادل، الذي لا جور فيه ولا ظلم.
(الواو) عاطفة
(إذ يريكموهم ... قليلا) مثل إذ يريكم قليلا ، والواو في الفعل زائدة هي حركة إشباع الميم، والفاعل هو أي الله
(إذ) ظرف مبنيّ متعلّق بـ (يري) - ومعناه ماض لأنّه حكاية القوم المتحاربين
(التقيتم) فعل ماض مبنيّ على السكون.. و (تم) ضمير فاعلـ (في أعين) جارّ ومجرور متعلّق بـ (قليلا) وهو حال منصوبة من الهاء في(يريكموهم) ، و (كم) ضمير مضاف إليه
(الواو) عاطفة
(يقلّل) مضارع مرفوع و (كم) ضمير مفعول به والفاعل هو (في أعينهم) مثل في أعينكممتعلّق بـ (يقلل) ،
(ليقضي الله أمرا كان مفعولا) مرّ إعرابها .
والمصدر المؤوّلـ (أن يقضي) في محلّ جرّ باللام متعلّق بـ (يقلّلكم) أو بفعلي
(يريكموهم ويقللكم) .
(الواو) استئنافيّة
(إلى الله) جارّ ومجرور متعلّق بـ (ترجع) وهو مضارع مبنيّ للمجهول مرفوع
(الأمور) نائب الفاعل مرفوع.
جملة: «يريكموهم ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «التقيتم ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «يقلّلكم ... » في محلّ جرّ معطوفة على جملة يريكموهم.
وجملة: «يقضي الله ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) المضمر.
وجملة: «كان مفعولا» في محلّ نصب نعت لـ (أمرا) .
وجملة: «ترجع الأمور» لا محلّ لها استئنافيّة.
- القرآن الكريم - الأنفال٨ :٤٤
Al-Anfal8:44