الرسم العثمانيوَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ
الـرسـم الإمـلائـيوَاِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتۡ
تفسير ميسر:
إذا الشمس لُفَّت وذهب ضَوْءُها، وإذا النجوم تناثرت، فذهب نورها، وإذا الجبال سيِّرت عن وجه الأرض فصارت هباءً منبثًا، وإذا النوق الحوامل تُركت وأهملت، وإذا الحيوانات الوحشية جُمعت واختلطت؛ ليقتصَّ الله من بعضها لبعض، وإذا البحار أوقدت، فصارت على عِظَمها نارًا تتوقد، وإذا النفوس قُرنت بأمثالها ونظائرها، وإذا الطفلة المدفونة حية سُئلت يوم القيامة سؤالَ تطييب لها وتبكيت لوائدها; بأيِّ ذنب كان دفنها؟ وإذا صحف الأعمال عُرضت، وإذا السماء قُلعت وأزيلت من مكانها، وإذا النار أوقدت فأضرِمت، وإذا الجنة دار النعيم قُرِّبت من أهلها المتقين، إذا وقع ذلك، تيقنتْ ووجدتْ كلُّ نفس ما قدَّمت من خير أو شر.
قال الضحاك أعطي كل إنسان صحيفته بيمينه أو بشماله وقال قتادة يا ابن آدم تملي فيها ثم تطوى ثم تنشر عليك يوم القيامة فلينظر رجل ماذا يملي في صحيفته.
قوله تعالى ; وإذا الصحف نشرت أي فتحت بعد أن كانت مطوية ، والمراد صحف الأعمال التي كتبت الملائكة فيها ما فعل أهلها من خير وشر ، تطوى بالموت ، وتنشر في يوم القيامة ، فيقف كل إنسان على صحيفته ، فيعلم ما فيها ، فيقول ; مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها . وروى مرثد بن وداعة قال ; إذا كان يوم القيامة تطايرت الصحف من تحت العرش ، فتقع صحيفة المؤمن في يده في جنة عالية إلى قوله ; الأيام الخالية وتقع صحيفة الكافر في يده في سموم وحميم إلى قوله ولا كريم . وروي عن أم سلمة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ; يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة ، فقلت ; يا رسول الله فكيف بالنساء ؟ قال ; شغل الناس يا أم سلمة . قلت ; وما شغلهم ؟ قال ; نشر الصحف فيها مثاقيل الذر ومثاقيل الخردل . وقد مضى في سورة ( سبحان ) قول أبي الثوار العدوي ; هما نشرتان وطية ، أما ما حييت يابن آدم فصحيفتك المنشورة فأمل فيها ما شئت ، فإذا مت طويت ، حتى إذا بعثت نشرت اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا . وقال مقاتل ; إذا مات المرء طويت صحيفة عمله ، فإذا كان يوم القيامة نشرت . وعن عمر - رضي الله عنه - أنه كان إذا قرأها قال ; إليك يساق الأمر يا ابن آدم . وقرأ نافع وابن عامر وعاصم وأبو عمرو ( نشرت ) مخففة ، على نشرت مرة واحدة ، لقيام الحجة . الباقون بالتشديد ، على تكرار النشر ، للمبالغة في تقريع العاصي ، وتبشير المطيع . وقيل ; لتكرار ذلك من الإنسان والملائكة الشهداء عليه .
وقوله; ( وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ ) يقول تعالى ذكره; وإذا صحف أعمال العباد نُشرت لهم بعد أن كانت مطوية على ما فيها مكتوب من الحسنات والسيئات.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة قوله; ( وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ ) صحيفتك يا ابن آدم تملى ما فيها، ثم تُطوى، ثم تُنشر عليك يوم القيامة .واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة ( نُشِرتْ ) بتخفيف الشين، وكذلك قرأ أيضا بعض الكوفيين، وقرأ ذلك بعض قرّاء مكة وعامة قرّاء الكوفة بتشديد الشين. واعتلّ من اعتل منهم لقراءته ذلك كذلك بقول الله; أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً ولم يقل منشورة، وإنما حسن التشديد فيه لأنه خبر عن جماعة، كما يقال; هذه كباش مُذبَّحَةٌ، ولو أخبر عن الواحد بذلك كانت مخففة، فقيل مذبوحةٌ، فكذلك قوله منشورة.
{ وَإِذَا الصُّحُفُ } المشتملة على ما عمله العاملون من خير وشر { نُشِرَتْ } وفرقت على أهلها، فآخذ كتابه بيمينه، وآخذ كتابه بشماله، أو من وراء ظهره.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - التكوير٨١ :١٠
At-Takwir81:10