الرسم العثمانيكَلَّا ۖ بَلْ ې رَانَ عَلٰى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ
الـرسـم الإمـلائـيكَلَّا بَلۡ ۜ رَانَ عَلٰى قُلُوۡبِهِمۡ مَّا كَانُوۡا يَكۡسِبُوۡنَ
تفسير ميسر:
عذاب شديد يومئذ للمكذبين، الذين يكذبون بوقوع يوم الجزاء، وما يكذِّب به إلا كل ظالم كثير الإثم، إذا تتلى عليه آيات القرآن قال; هذه أباطيل الأولين. ليس الأمر كما زعموا، بل هو كلام الله ووحيه إلى نبيه، وإنما حجب قلوبهم عن التصديق به ما غشاها من كثرة ما يرتكبون من الذنوب. ليس الأمر كما زعم الكفار، بل إنهم يوم القيامة عن رؤية ربهم- جل وعلا- لمحجوبون، (وفي هذه الآية دلالة على رؤية المؤمنين ربَّهم في الجنة) ثم إنهم لداخلو النار يقاسون حرها، ثم يقال لهم; هذا الجزاء الذي كنتم به تكذبون.
أي ليس الأمر كما زعموا ولا كما قالوا إن هذا القرآن أساطير الأولين بل هو كلام الله ووحيه وتنزيله على رسوله صلى الله عليه وسلم وإنما حجب قلوبهم عن الإيمان به ما عليها من الرين الذي قد لبس قلوبهم من كثرة الذنوب والخطايا ولهذا قال تعالى "كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون" والرين يعتري قلوب الكافرين والغيم للأبرار والغين للمقربين وقد روى ابن جرير والترمذي والنسائي وابن ماجه من طرق عن محمد بن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إن العبد إذا أذنب ذنبا كانت نكتة سوداء في قلبه فإن تاب منها صقل قلبه وإن زاد زادت" فذلك قول الله تعالى "كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون" وقال الترمذي حسن صحيح ولفظ النسائي "إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكت فى قلبه نكتة سوداء فإن هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه فإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه فهو الران الذي قال الله تعالى "كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون". وقال أحمد حدثنا صفوان بن عيسى أخبرنا ابن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه فإن زاد زادت حتي تعلو قلبه وذاك الران الذي ذكر الله في القرآن "كلا بل ران قلوبهم ما كانوا يكسبون" وقال الحسن البصري هو الذنب على الذنب حتى يعمى القلب فيموت وكذا قال مجاهد بن جبير وقتادة وابن زيد وغيرهم.
قوله تعالى ; كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ; كلا ; ردع وزجر ، أي ليس هو أساطير الأولين . وقال الحسن ; معناها حقا ران على قلوبهم . وقيل ; في الترمذي ; عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ; إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة سوداء ، فإذا هو نزع واستغفر الله وتاب ، صقل قلبه ، فإن عاد زيد . فيها ، حتى تعلو على قلبه ، وهو الران الذي ذكر الله في كتابه ; كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون . قال ; هذا حديث حسن صحيح . وكذا قال المفسرون ; هو الذنب على الذنب حتى يسود القلب .قال مجاهد ; هو الرجل يذنب الذنب ، فيحيط الذنب بقلبه ، ثم يذنب الذنب فيحيط الذنب بقلبه ، حتى تغشي الذنوب قلبه . قال مجاهد ; هي مثل الآية التي في سورة البقرة ; بلى من كسب سيئة الآية . ونحوه عن الفراء ; قال ; يقول كثرت المعاصي منهم والذنوب ، فأحاطت بقلوبهم ، فذلك الرين عليها . وروي عن مجاهد أيضا قال ; القلب مثل الكهف ورفع كفه ، فإذا أذنب العبد الذنب انقبض ، وضم إصبعه ، فإذا أذنب الذنب انقبض ، وضم أخرى ، حتى ضم أصابعه كلها ، حتى يطبع على قلبه . قال ; وكانوا يرون أن ذلك هو الرين ، ثم قرأ ; [ ص; 223 ] كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون . ومثله عن حذيفة - رضي الله عنه - سواء . وقال بكر بن عبد الله ; إن العبد إذا أذنب صار في قلبه كوخزة الإبرة ، ثم صار إذا أذنب ثانيا صار كذلك ، ثم إذا كثرت الذنوب صار القلب كالمنخل ، أو كالغربال ، لا يعي خيرا ، ولا يثبت فيه صلاح . وقد بينا في ( البقرة ) القول في هذا المعنى بالأخبار الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فلا معنى لإعادتها .وقد روى عبد الغني بن سعيد عن موسى بن عبد الرحمن عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس ، وعن موسى عن مقاتل عن الضحاك عن ابن عباس شيئا الله أعلم بصحته ; قال ; هو الران الذي يكون على الفخذين والساق والقدم ، وهو الذي يلبس في الحرب .قال ; وقال آخرون ; الران ; الخاطر الذي يخطر بقلب الرجل . وهذا مما لا يضمن عهدة صحته . فالله أعلم .فأما عامة أهل التفسير فعلى ما قد مضى ذكره قبل هذا . وكذلك أهل اللغة عليه ; يقال ; ران على قلبه ذنبه يرين رينا وريونا أي غلب . قال أبو عبيدة في قوله ; كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون أي غلب ; وقال أبو عبيد ; كل ما غلبك وعلاك فقد ران بك ، ورانك ، وران عليك ; وقال الشاعر ;وكم ران من ذنب على قلب فاجر فتاب من الذنب الذي ران وانجلىورانت الخمر على عقله ; أي غلبته ، وران عليه النعاس ; إذا غطاه ; ومنه قول عمر في الأسيفع - أسيفع جهينة - ; فأصبح قد رين به . أي غلبته الديون ، وكان يدان ; ومنه قول أبي زبيد يصف رجلا شرب حتى غلبه الشراب سكرا ، فقال ;ثم لما رآه رانت به الخم ر وأن لا ترينه باتقاءفقوله ; رانت به الخمر ، أي غلبت على عقله وقلبه . وقال الأموي ; قد أران القوم فهم مرينون ; إذا هلكت مواشيهم وهزلت . وهذا من الأمر الذي أتاهم مما يغلبهم ، فلا يستطيعون احتماله . قال أبو زيد يقال ; قد رين بالرجل رينا ; إذا وقع فيما لا يستطيع الخروج منه ، ولا قبل له وقال أبو معاذ النحوي ; الرين ; أن يسود القلب من الذنوب ، والطبع أن يطبع على القلب ، وهذا أشد من الرين ، والإقفال أشد من الطبع . الزجاج ; الرين ; هو كالصدأ يغشي القلب كالغيم الرقيق ، ومثله الغين ، يقال ; غين على قلبه ; غطي . والغين ; شجر ملتف ، الواحدة غيناء ، أي خضراء ، كثيرة الورق ، ملتفة الأغصان . وقد تقدم قول الفراء ; إنه إحاطة الذنب بالقلوب . وذكر الثعلبي عن ابن عباس ; ران على قلوبهم ; أي غطى عليها . وهذا هو الصحيح عنه إن شاء الله . وقرأ حمزة والكسائي والأعمش وأبو بكر والمفضل ( ران ) بالإمالة ; لأن فاء الفعل الراء ، وعينه الألف منقلبة من ياء ، فحسنت الإمالة لذلك . ومن فتح فعلى [ ص; 224 ] الأصل ; لأن باب فاء الفعل في ( فعل ) الفتح ، مثل كال وباع ونحوه . واختاره أبو عبيد وأبو حاتم ووقف حفص ( بل ) ثم يبتدئ ( ران ) وقفا يبين اللام ، لا للسكت .
وقوله; ( كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ ) يقول تعالى ذكره مكذّبا لهم في قيلهم ذلك; ( كَلا )، ما ذلك كذلك، ولكنه ( رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ ). يقول; غلب على قلوبهم وغَمَرها وأحاطت بها الذنوب فغطتها، يقال منه; رانت الخمر على عقله، فهي تَرِين عليه رَيْنا، وذلك إذا سكر، فغلبت على عقله؛ ومنه قول أبي زُبيد الطائي;ثُــمَّ لَمَّــا رآهُ رَانَــتْ بِـهِ الخَـمرُ وأن لا تَرِينَـــــهُ باتِّقــــاء (2)يعني; ترينه بمخافة، يقول; سكر فهو لا ينتبه؛ ومنه قول الراجز;لـم نَـروَ حـتى هَجَّـرَت وَرِيـنَ بيوَرِيـنَ بالسَّـاقي الَّـذي أمْسَـى مَعِي (3)وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل، وجاء الأثَر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.* ذكر من قال ذلك;حدثنا أبو كُرَيب، قال; ثنا أبو خالد، عن ابن عجلان، عن القَعْقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هُرَيرة، قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم; " إذَا أذنَبَ العَبْدُ نُكِتَ فِي قَلْبِهِ نُكْتَة سَوْدَاءُ، فإنْ تابَ صُقِلَ مِنْها، فإنْ عادَ عادَتْ حتى تَعْظُمَ فِي قَلْبِهِ، فذلكَ الرَّانُ الَّذي قَالَ الله; ( كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )".حدثنا محمد بن بشار، قال; ثنا صفوان بن عيسى، قال; ثنا ابن عَجلان، عن القَعقاع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم; " إنَّ المُؤْمَنَ إذَا أذْنَبَ ذَنْبًا كَانَتْ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فِي قَلْبِهِ، فإن تابَ وَنـزعَ وَاسْتَغْفَرَ صَقَلَتْ قَلْبَهُ، فإنْ زَادَ زَادَتْ حتى تَعْلُو قَلْبَهُ، فَذَلكَ الرَّانُ الَّذي قال الله; ( كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )".حدثني عليّ بن سهيل، قال; ثنا الوليد بن مسلم، عن محمد بن عَجْلان، عن القَعقَاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال; " إنَّ الْعَبْدَ إذَا أذْنَبَ ذَنْبًا كَانَتْ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فِي قَلْبِهِ، فإنْ تابَ مِنْهَا صُقِلَ قَلْبُهُ، فإنْ زَادَ زَادَتْ فَذلكَ قَوْلُ اللهِ; ( كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) ".حدثني أبو صالح الضَّراري محمد بن إسماعيل، قال; أخبرني طارق بن عبد العزيز، عن ابن عجلان، عن القعقاع، عن أبي هريرة، قال; قال رسول إلله صلى الله عليه وسلم; " إنَّ الْعَبْدَ إذَا أخْطأَ خَطِيئَةً كَانَتْ نُكْتَةٌ فِي قَلْبِهِ، فإنْ تَاب واسْتَغْفَرَ وَنـزعَ صَقَلَتْ قَلْبَهُ، وَذَلكَ الرَّانُ الَّذِي قَالَ اللهُ; ( كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) قال; أبو صالح; كذا قال; صقلت، وقال غيره; سَقَلت.حدثني عليّ بن سهيل الرمليّ، قال; ثنا الوليد، عن خُلَيد، عن الحسن، قال; وقرأ ( كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) قال; الذنب على الذنب حتى يموت قلبه.حدثني يعقوب، قال; ثنا ابن علية، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله; ( كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) قال; الذنب على الذنب حتى يَعمى القلب فيموت.حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي، قال; ثنا فضيل بن عياض، عن منصور، عن مجاهد ( كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) قال; العبد يعمل بالذنوب فتحيط بالقلب، ثم ترتفع، حتى تغشى القلب.حدثني عيسى بن عثمان بن عيسى الرملي، قال; ثنا يحيى بن عيسى، عن الأعمش، قال; أرانا مجاهد بيده، قال; كانوا يرون القلب في مثل هذا يعني; الكفّ، فإذا أذنب العبد ذنبا ضم منه، وقال بأصبعه الخنصر هكذا فإذا أذنب ضمّ أصبعا أخرى، فإذا أذنب ضمّ أصبعا أخرى، حتى ضمّ أصابعه كلها، ثم يطبع عليه بطابع، قال مجاهد; وكانوا يرون أن ذلك الرَّيْن.حدثنا أبو كُرَيب، قال; ثنا وكيع، عن الأعمش، عن مجاهد، قال; القلب مثل الكفّ، فإذا أذنب الذنب قبض أصبعا، حتى يقبض أصابعه كلها، وإن أصحابنا يرون أنه الران.حدثنا أبو كُرَيب مرة أخرى بإسناده عن مجاهد قال; القلب مثل الكفّ، وإذا أذنب انقبض وقبض أصبعه، فإذا أذنب انقبض حتى ينقبض كله، ثم يطبع عليه، فكانوا يرون أن ذلك هو الران ( كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) .حدثنا محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله; ( بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ ) قال; الخطايا حتى غمرته.حدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد; ( بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ ) انبثت على قلبه الخطايا حتى غمرته.حدثني عليّ، قال; ثنا أبو صالح، قال; ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله; ( كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ ) يقول; يطبع.حدثني محمد بن سعد، قال; ثني أبي، قال; ثني عمي، قال; ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله; ( كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) قال; طبع على قلوبهم ما كسبوا.حدثنا ابن حميد، قال; ثنا مهران، عن سفيان، عن طلحة، عن عطاء ( كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) قال; غشيت على قلوبهم فهوت بها، فلا يفزعون، ولا يتحاشون.حدثنا ابن حميد، قال; ثنا مهران، عن سفيان، عن الحسن ( كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) قال; هو الذنب حتى يموت القلب.قال; ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد ( كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ ) قال; الران; الطبع يطبع القلب مثل الراحة، فيذنب الذنب فيصير هكذا، وعقد سفيان الخنصر، ثم يذنب الذنب فيصير هكذا، وقَبض سفيان كفه، فيطبع عليه.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله; ( كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) أعمال السوء، أي والله ذنب على ذنب، وذنب على ذنب حتى مات قلبه واسودّ.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال; ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله; ( كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ ) قال; هذا الذنب على الذنب، حتى يَرِين على القلب فيسودّ.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد، في قوله; ( كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ ) قال; غلب على قلوبهم ذُنُوبهم، فَلا يخْلُص إليها معها خير.حدثنا ابن حميد، قال; ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، في قوله; ( كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) قال; الرجل يذنب الذنب، فيحيط الذنب بقلبه حتى تغشى الذنوب عليه. قال مجاهد; وهي مثل الآية التي في سورة البقرة بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ .القول في تأويل قوله تعالى ; كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15)يقول تعالى ذكره; ما الأمر كما يقول هؤلاء المكذّبون بيوم الدين، من أن لهم عند الله زُلْفة، إنهم يومئذ عن ربهم لمحجوبون، فلا يرونه، ولا يرون شيئا من كرامته يصل إليهم.وقد اختلف أهل التأويل في معنى قوله; ( إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ) فقال بعضهم; معنى ذلك; إنهم محجوبون عن كرامته.* ذكر من قال ذلك;حدثني عليّ بن سهل، قال; ثنا الوليد بن مسلم، عن خليد، عن قتادة ( كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ) هو لا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم.حدثني سعيد بن عمرو السكوني، قال; ثنا بقية بن الوليد، قال; ثنا جرير، قال; ثني نمران أبو الحسن الذماري، عن ابن أبي مليكة أنه كان يقول في هذه الآية ( إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ) قال; المنان والمختال والذي يقتطع أموال الناس بيمينه بالباطل.وقال آخرون; بل معنى ذلك; إنهم محجوبون عن رؤية ربهم.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن عمار الرازي، قال; ثنا أبو معمر المنقري، قال; ثنا عبد الوارث بن سعيد، عن عمرو بن عبيد، عن الحسن في قوله; ( كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ) قال; يكشف الحجاب فينظر إليه المؤمنون كلّ يوم غُدْوة وعشية، أو كلاما هذا معناه.وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال; إن الله تعالى ذكره أخبر عن هؤلاء القوم أنهم عن رؤيته محجوبون. ويُحتمل أن يكون مرادًا به الحجاب عن كرامته، وأن يكون مرادًا به الحجاب عن ذلك كله، ولا دلالة في الآية تدلّ على أنه مراد بذلك الحجاب عن معنى منه دون معنى، ولا خبر به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قامت حجته. فالصواب أن يقال; هم محجوبون عن رؤيته، وعن كرامته إذ كان الخبر عاما، لا دلالة على خصوصه.
وأما من أنصف، وكان مقصوده الحق المبين، فإنه لا يكذب بيوم الدين، لأن الله قد أقام عليه من الأدلة القاطعة، والبراهين الساطعة، ما يجعله حق اليقين، وصار لقلوبهم مثل الشمس للأبصار ، بخلاف من ران على قلبه كسبه، وغطته معاصيه،
(بل) للإضراب الانتقاليّ
(على قلوبهم) متعلّق بـ (ران) ،(ما) موصول في محلّ رفع فاعل، والعائد محذوف.
جملة: «ران على قلوبهم ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «كانوا يكسبون ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .
وجملة: «يكسبون ... » في محلّ نصب خبر كانوا.
- القرآن الكريم - المطففين٨٣ :١٤
Al-Mutaffifin83:14