وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ
وَاَذِنَتۡ لِرَبِّهَا وَحُقَّتۡؕ
تفسير ميسر:
إذا السماء تصدَّعت، وتفطَّرت بالغمام يوم القيامة، وأطاعت أمر ربها فيما أمرها به من الانشقاق، وحُقَّ لها أن تنقاد لأمره. وإذا الأرض بُسطت وَوُسِّعت، ودكت جبالها في ذلك اليوم، وقذفت ما في بطنها من الأموات، وتخلَّتْ عنهم، وانقادت لربها فيما أمرها به، وحُقَّ لها أن تنقاد لأمره.
أي استمعت لربها وأطاعت أمره فيما أمرها به.
وأذنت لربها أي في إلقاء موتاها ( وحقت ) أي وحق لها أن تسمع أمره . واختلف في جواب ( إذا ) فقال الفراء ; أذنت . والواو زائدة ، وكذلك ( وألقت ) . ابن الأنباري ; قال بعض المفسرين ; جواب إذا السماء انشقت ( أذنت ) ، وزعم أن الواو مقحمة وهذا غلط ; لأن العرب لا تقحم الواو إلا مع ( حتى - إذا ) كقوله تعالى ; حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها ومع ( لما ) كقوله تعالى ; فلما أسلما وتله للجبين وناديناه معناه ناديناه والواو لا تقحم مع غير هذين . وقيل ; الجواب فاء مضمرة كأنه قال ; إذا السماء انشقت فيا أيها الإنسان إنك كادح . وقيل ; جوابها ما دل عليه ( فملاقيه ) أي إذا السماء انشقت [ ص; 233 ] لاقى الإنسان كدحه . وقيل ; فيه تقديم وتأخير ، أي يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه إذا السماء انشقت . قاله المبرد . وعنه أيضا ; الجواب فأما من أوتي كتابه بيمينه وهو قول الكسائي ; أي إذا السماء انشقت فمن أوتي كتابه بيمينه فحكمه كذا . قال أبو جعفر النحاس ; وهذا أصح ما قيل فيه وأحسنه . قيل ; هو بمعنى اذكر إذا السماء انشقت . وقيل ; الجواب محذوف لعلم المخاطبين به ; أي إذا كانت هذه الأشياء علم المكذبون بالبعث ضلالتهم وخسرانهم . وقيل ; تقدم منهم سؤال عن وقت القيامة ، فقيل لهم ; إذا ظهرت أشراطها كانت القيامة ، فرأيتم عاقبة تكذيبكم بها . والقرآن كالآية الواحدة في دلالة البعض على البعض . وعن الحسن ; إن قوله إذا السماء انشقت قسم . والجمهور على خلاف قوله من أنه خبر وليس بقسم .
وقوله; ( وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ ) يقول; وسمعت الأرض في إلقائها ما في بطنها من الموتى إلى ظهرها أحياء، أمر ربها وأطاعت ( وَحُقَّتْ ) يقول; وحقَّقها الله للاستماع لأمره في ذلك، والانتهاء إلى طاعته.واختلف أهل العربية في موقع جواب قوله; ( إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ ) ، وقوله; ( وَإِذَا الأرْضُ مُدَّتْ ) فقال بعض نحويي البصرة; ( إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ ) على معنى قوله; يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ إذا السماء انشقت، على التقديم والتأخير.وقال بعض نحويي الكوفة; قال بعض المفسرين; جواب ( إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ ) قوله; ( وَأَذِنَتْ ) قال; ونرى أنه رأي ارتآه المفسر، وشبَّهه بقول الله تعالى; حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا لأنا لم نسمع جوابًا بالواو في إذا مبتدأة، ولا كلام قبلها، ولا في إذا، إذا ابتدئت. قال; وإنما تجيب العرب بالواو في قوله; حتى إذا كان، وفلما أن كان، لم يجاوزوا ذلك؛ قال; والجواب في ( إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ ) وفي ( إِذَا الأرْضُ مُدَّتْ ) كالمتروك؛ لأن المعنى معروف قد تردّد في القرآن معناه، فعرف وإن شئت كان جوابه; يأيُّها الإنسان، كقول القائل; إذا كان كذا وكذا، فيأيها الناس ترون ما عملتم من خير أو شرّ، تجعل يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ هو الجواب، وتضمر فيه الفاء، وقد فُسَّر جواب ( إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ ) فيما يلقى الإنسان من ثواب وعقاب، فكأن المعنى; ترى الثواب والعقاب إذا السماء انشقَّتْ.والصواب من القول في ذلك عندنا; أن جوابه محذوف ترك استغناء بمعرفة المخاطبين به بمعناه. ومعنى الكلام; ( إذا السماء انشقت ) رأى الإنسان ما قدّم من خير أو شرّ، وقد بين ذلك قوله; يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ والآياتُ بعدها.
{ وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ}
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة