قوله تعالى ; تصلى نارا حاميةأي يصيبها صلاؤها وحرها . حامية شديدة الحر أي قد أوقدت وأحميت المدة الطويلة . ومنه حمي النهار ( بالكسر ) ، وحمي التنور حميا فيهما أي اشتد حره . وحكى الكسائي ; اشتد حمي الشمس وحموها ; بمعنى . وقرأ أبو عمرو وأبو بكر ويعقوب ( تصلى ) بضم التاء . الباقون بفتحها . وقرئ ( تصلى ) بالتشديد . وقد تقدم القول فيها في إذا السماء انشقت . الماوردي ; فإن قيل فما معنى وصفها بالحمي ، وهي لا تكون إلا حامية ، وهو أقل أحوالها ، فما وجه المبالغة بهذه الصفة الناقصة ؟ قيل ; قد اختلف في المراد بالحامية هاهنا على أربعة أوجه ;أحدها ; أن المراد بذلك أنها دائمة الحمي ، وليست كنار الدنيا التي ينقطع حميها بانطفائها .الثاني ; أن المراد بالحامية أنها حمى من ارتكاب المحظورات ، وانتهاك المحارم كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ; إن لكل ملك حمى ، وإن حمى الله محارمه . ومن يرتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه .الثالث ; أنها تحمي نفسها عن أن تطاق ملامستها ، أو ترام مماستها كما يحمي الأسد عرينه ومثله قول النابغة ;تعدو الذئاب على من لا كلاب له وتتقي صولة المستأسد الحامي[ ص; 27 ] الرابع ; أنها حامية حمي غيظ وغضب مبالغة في شدة الانتقام . ولم يرد حمي جرم وذات كما يقال ; قد حمي فلان ; إذا اغتاظ وغضب عند إرادة الانتقام . وقد بين الله تعالى بقوله هذا المعنى فقال ; تكاد تميز من الغيظ .