الرسم العثمانييُرِيدُونَ أَن يُطْفِـُٔوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوٰهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّآ أَن يُتِمَّ نُورَهُۥ وَلَوْ كَرِهَ الْكٰفِرُونَ
الـرسـم الإمـلائـييُرِيۡدُوۡنَ اَنۡ يُّطۡفِــُٔــوۡا نُوۡرَ اللّٰهِ بِاَ فۡوَاهِهِمۡ وَيَاۡبَى اللّٰهُ اِلَّاۤ اَنۡ يُّتِمَّ نُوۡرَهٗ وَلَوۡ كَرِهَ الۡـكٰفِرُوۡنَ
تفسير ميسر:
يريد الكفار بتكذيبهم أن يبطلوا دين الإسلام، ويبطلوا حجج الله وبراهينه على توحيده الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، ويأبى الله إلا أن يتم دينه ويظهره، ويعلي كلمته، ولو كره ذلك الجاحدون.
يقول تعالى يريد هؤلاء الكفار من المشركين وأهل الكتاب " أن يطفئوا نور الله " أي ما بعث به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الهدى ودين الحق بمجرد جدالهم وافترائهم فمثلهم في ذلك كمثل من يريد أن يطفئ شعاع الشمس أو نور القمر بنفخه وهذا لا سبيل إليه فكذلك ما أرسل به رسول الله صلى الله عليه وسلم لابد أن يتم ويظهر ولهذا قال تعالى مقابلا لهم فيما راموه وأرادوه " ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون " والكافر هو الذي يستر الشيء ويغطيه ومنه سمى الليل كافرا لأنه يستر الأشياء والزارع كافرا لأنه يغطى الحب في الأرض كما قال " يعجب الكفار نباته".
قوله تعالى يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرونقوله تعالى يريدون أن يطفئوا نور الله أي دلالته وحججه على توحيده . جعل البراهين بمنزلة النور لما فيها من البيان . وقيل ; المعنى نور الإسلام ، أي أن يخمدوا دين الله بتكذيبهم .بأفواههم ، جمع فوه على الأصل ؛ لأن الأصل في فم ; فوه ، مثل حوض وأحواض .ويأبى الله إلا أن يتم نوره يقال ; كيف دخلت ( إلا ) وليس في الكلام حرف نفي ، ولا يجوز ; ضربت إلا زيدا . فزعم الفراء أن ( إلا ) إنما دخلت لأن في الكلام طرفا من الجحد . قال الزجاج ; الجحد والتحقيق ليسا بذوي أطراف . وأدوات الجحد ; ما ، ولا ، وإن ، وليس . وهذه لا أطراف لها ينطق بها ولو كان الأمر كما أراد لجاز ; كرهت إلا زيدا ، ولكن الجواب أن العرب تحذف مع أبى . والتقدير ; ويأبى الله كل شيء إلا أن يتم نوره . وقال [ ص; 55 ] علي بن سليمان ; إنما جاز هذا في " أبى " لأنها منع أو امتناع فضارعت النفي . قال النحاس ; فهذا حسن ، كما قال الشاعر ;وهل لي أم غيرها إن تركتها أبى الله إلا أن أكون لها ابنا
القول في تأويل قوله ; يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره; يريد هؤلاء المتخذون أحبارَهم ورهبانهم والمسيحَ ابن مريم أربابًا =(أن يطفئوا نور الله بأفواههم)، يعني; أنهم يحاولون بتكذيبهم بدين الله الذي ابتعثَ به رسوله، وصدِّهم الناسَ عنه بألسنتهم، أن يبطلوه, وهو النُّور الذي جعله الله لخلقه ضياءً (1) =(ويأبى الله إلا أن يتم نوره)، يعلو دينُه، وتظهر كلمته, ويتم الحقّ الذي بعث به رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم =(ولو كره) إتمامَ الله إياه =(الكافرون), يعني; جاحديه المكذِّبين به.* * *وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;16644- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي; (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم)، يقول; يريدون أن يطفئوا الإسلام بكلامهم.-------------------الهوامش ;(1) انظر تفسير " الإطفاء " فيما سلف 10 ; 458 .
فلما تبين أنه لا حجة لهم على ما قالوه، ولا برهان لما أصَّلوه، وإنما هو مجرد قول قالوه وافتراء افتروه أخبر أنهم {يُرِيدُونَ} بهذا {أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ}. ونور اللّه: دينه الذي أرسل به الرسل، وأنزل به الكتب، وسماه اللّه نورا، لأنه يستنار به في ظلمات الجهل والأديان الباطلة، فإنه علم بالحق، وعمل بالحق، وما عداه فإنه بضده، فهؤلاء اليهود والنصارى ومن ضاهوه من المشركين، يريدون أن يطفئوا نور اللّه بمجرد أقوالهم، التي ليس عليها دليل أصلا. {وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ} لأنه النور الباهر، الذي لا يمكن لجميع الخلق لو اجتمعوا على إطفائه أن يطفئوه، والذي أنزله جميع نواصي العباد بيده، وقد تكفل بحفظه من كل من يريده بسوء، ولهذا قال: {وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} وسعوا ما أمكنهم في رده وإبطاله، فإن سعيهم لا يضر الحق شيئًا.
(يريدون) مثل يشركون ،
(أن) حرف مصدريّ ونصبـ (يطفئوا) مثل يعبدوا ،
(نور) مفعول به منصوبـ (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور
(بأفواههم) جارّ ومجرور متعلّق بـ (يطفئوا) ...و (هم) مضاف إليه
(الواو) عاطفة
(يأبى) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الألف
(الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع
(إلّا) أداة حصر
(أن) مثل الأولـ (يتمّ) مضارع منصوب، والفاعل هو (نور) مفعول به منصوب و (الهاء) مضاف إليه.والمصدر المؤوّلـ (أن يتمّ ... ) في محلّ نصب مفعول به لفعل يأبى.
(الواو) حاليّة
(لو) حرف شرط غير جازم
(كره) فعل ماض
(الكافرون) فعل مرفوع وعلامة الرفع الواو.
وجملة: «يريدون ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يطفئوا ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) .
وجملة: «يأبى الله ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «يتمّ ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) الثاني.
وجملة: «لو كره الكافرون» في محلّ نصب حال.. وجوابـ (لو) محذوف دلّ عليه ما قبله أي فالله متمّ نوره.
- القرآن الكريم - التوبة٩ :٣٢
At-Taubah9:32