الرسم العثمانييَحْذَرُ الْمُنٰفِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُم بِمَا فِى قُلُوبِهِمْ ۚ قُلِ اسْتَهْزِءُوٓا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ
الـرسـم الإمـلائـييَحۡذَرُ الۡمُنٰفِقُوۡنَ اَنۡ تُنَزَّلَ عَلَيۡهِمۡ سُوۡرَةٌ تُنَبِّئُهُمۡ بِمَا فِىۡ قُلُوۡبِهِمۡ ؕ قُلِ اسۡتَهۡزِءُوۡا ۚ اِنَّ اللّٰهَ مُخۡرِجٌ مَّا تَحۡذَرُوۡنَ
تفسير ميسر:
يخاف المنافقون أن تنزل في شأنهم سورة تخبرهم بما يضمرونه في قلوبهم من الكفر، قل لهم -أيها النبي-; استمروا على ما أنتم عليه من الاستهزاء والسخرية، إن الله مخرج حقيقة ما تحذرون.
قال مجاهد; يقولون القول بينهم ثم يقولون عسى الله أن لا يفشي علينا سرنا هذا وهذه الآية شبيهة بقوله تعالى " وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير " وقال في هذه الآية " قل استهزءوا إن الله مخرج ما تحذرون " أي إن الله سينزل على رسوله ما يفضحكم به ويبين له أمركم كقوله تعالى " أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم" -إلى قوله -" ولتعرفنهم في لحن القول " الآية ولهذا قال قتادة كانت تسمى هذه السورة الفاضحة فاضحة المنافقين.
قوله تعالى يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزئوا إن الله مخرج ما تحذرونفيه ثلاث مسائل ;الأولى ; قوله تعالى يحذر المنافقون خبر وليس بأمر . ويدل على أنه خبر أن ما بعده ( إن الله مخرج ما تحذرون ) لأنهم كفروا عنادا . وقال السدي ; قال بعض المنافقين والله وددت لو أني قدمت فجلدت مائة ولا ينزل فينا شيء يفضحنا ، فنزلت الآية . يحذر أي يتحرز . وقال الزجاج ; معناه ليحذر ، فهو أمر ، كما يقال ; يفعل ذلك .الثانية ; قوله تعالى أن تنزل عليهم ( أن ) في موضع نصب ، أي من أن تنزل . ويجوز على قول سيبويه أن تكون في موضع خفض على حذف ( من ) . ويجوز أن تكون في موضع نصب مفعولة ل ( يحذر ) ؛ لأن سيبويه أجاز ; حذرت زيدا ، وأنشد ;حذر أمورا لا تضير وآمن ما ليس منجيه من الأقدارولم يجزه المبرد ؛ لأن الحذر شيء في الهيئة . ومعنى ( عليهم ) أي على المؤمنين . ( سورة ) في شأن المنافقين تخبرهم بمخازيهم ومساويهم ومثالبهم ، ولهذا سميت الفاضحة والمثيرة والمبعثرة ، كما تقدم أول السورة . وقال الحسن ; كان المسلمون يسمون هذه السورة الحفارة لأنها حفرت ما في قلوب المنافقين فأظهرته .[ ص; 122 ] الثالثة ; قوله تعالى ; قل استهزئوا هذا أمر وعيد وتهديد .إن الله مخرج ما تحذرون أي مظهر ما تحذرون ظهوره . قال ابن عباس ; أنزل الله أسماء المنافقين وكانوا سبعين رجلا ، ثم نسخ تلك الأسماء من القرآن رأفة منه ورحمة ؛ لأن أولادهم كانوا مسلمين والناس يعير بعضهم بعضا . فعلى هذا قد أنجز الله وعده بإظهاره ذلك إذ قال ; إن الله مخرج ما تحذرون . وقيل ; إخراج الله أنه عرف نبيه عليه السلام أحوالهم وأسماءهم لا أنها نزلت في القرآن ، ولقد قال الله تعالى ; ولتعرفنهم في لحن القول وهو نوع إلهام . وكان من المنافقين من يتردد ولا يقطع بتكذيب محمد عليه السلام ولا بصدقه . وكان فيهم من يعرف صدقه ويعاند .
القول في تأويل قوله ; يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَـزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (64)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره; يخشى المنافقون أن تنـزل فيهم (5) =(سورة تنبئهم بما في قلوبهم), يقول; تظهر المؤمنين على ما في قلوبهم. (6)* * *وقيل; إن الله أنـزل هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم, لأن المنافقين كانوا إذا عابوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكروا شيئًا من أمره وأمر المسلمين, قالوا; " لعل الله لا يفشي سِرَّنا!"، فقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم; قل لهم; (استهزءوا), متهددًا لهم متوعدًا; (إن الله مخرج ما تحذرون).* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;16907- حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم, عن عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد; (يحذر المنافقون أن تنـزل عليهم سورة)، قال; يقولون القول بينهم, ثم يقولون; " عسى الله أن لا يفشي سرنا علينا!".16908- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد مثله = إلا أنه قال; سِرَّنا هذا.* * *وأما قوله; (إن الله مخرجٌ ما تحذرون)، فإنه يعني به; إن الله مظهر عليكم، أيها المنافقون ما كنتم تحذرون أن تظهروه, فأظهر الله ذلك عليهم وفضحهم, (7) فكانت هذه السورة تدعَى; (الفَاضِحَةَ).16909- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قال; كانت تسمَّى هذه السورة; (الفَاضِحَةَ)، فاضحة المنافقين.--------------------الهوامش ;(5) انظر تفسير "الحذر" فيما سلف 10 ; 575.(6) انظر تفسير " النبأ " فيما سلف 13 ; 252 ، تعليق ; 2 ، والمراجع هناك.(7) انظر تفسير "الإخراج" فيما سلف 2 ; 228 12 ; 211.
كانت هذه السورة الكريمة تسمى {الفاضحة} لأنها بينت أسرار المنافقين، وهتكت أستارهم، فما زال اللّه يقول: ومنهم ومنهم، ويذكر أوصافهم، إلا أنه لم يعين أشخاصهم لفائدتين: إحداهما: أن اللّه سِتِّيرٌ يحب الستر على عباده. والثانية: أن الذم على من اتصف بذلك الوصف من المنافقين، الذين توجه إليهم الخطاب وغيرهم إلي يوم القيامة، فكان ذكر الوصف أعم وأنسب، حتى خافوا غاية الخوف. قال اللّه تعالى: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا} وقال هنا {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ} أي: تخبرهم وتفضحهم، وتبين أسرارهم، حتى تكون علانية لعباده، ويكونوا عبرة للمعتبرين. {قُلِ اسْتَهْزِئُوا} أي: استمروا على ما أنتم عليه من الاستهزاء والسخرية. {إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ} وقد وفَّى تعالى بوعده، فأنزل هذه السورة التي بينتهم وفضحتهم، وهتكت أستارهم.
(يحذر) مضارع مرفوع
(المنافقون) فاعل مرفوع وعلامة الرفع الواو (أن) حرف مصدريّ ونصبـ (تنزّل) مضارع مبنيّ للمجهول منصوبـ (على) جارّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (تنزّل) ،
(سورة) نائب الفاعل مرفوع
(تنبّئ) مثل يحذر و (هم) ضمير مفعول به والفاعل هي
(الباء) حرف جرّ
(ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بـ (تنبّئهم) ،
(في قلوب) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف صلة ما، و (هم) ضمير مضاف إليه.
والمصدر المؤوّلـ (أن تنزّل) في محلّ نصب مفعول به .
(قل) فعل أمر، والفاعل أنت
(استهزءوا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون.. والواو فاعلـ (إنّ) حرف مشبّه بالفعلـ (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوبـ (مخرج) خبر إنّ مرفوع
(ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب مفعول به لاسم الفاعل مخرج، والعائد محذوف
(تحذرون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل.
جملة: «يحذر المنافقون ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «تنزّل ... سورة» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) .
وجملة: «تنبئّهم ... » في محلّ رفع نعت لسورة.
وجملة: «قل ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «استهزءوا ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «إنّ الله مخرج ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ ... أو تعليليّة.وجملة: «تحذرون» لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .
- القرآن الكريم - التوبة٩ :٦٤
At-Taubah9:64