الرسم العثمانيوَأَنتَ حِلٌّۢ بِهٰذَا الْبَلَدِ
الـرسـم الإمـلائـيوَاَنۡتَ حِلٌّ ۢ بِهٰذَا الۡبَلَدِۙ
تفسير ميسر:
أقسم الله بهذا البلد الحرام، وهو "مكة"، وأنت -أيها النبي- مقيم في هذا "البلد الحرام"، وأقسم بوالد البشرية- وهو آدم عليه السلام- وما تناسل منه من ولد، لقد خلقنا الإنسان في شدة وعناء من مكابدة الدنيا.
قال أنت يا محمد يحل لك أن تقاتل به وكذا روي عن سعيد بن جبير وأبي صالح وعطية والضحاك وقتادة والسدي وابن زيد وقال مجاهد ما أصبت فيه فهو حلال لك وقال قتادة "وأنت حل بهذا البلد" قال أن به من غير حرج ولا إثم وقال الحسن البصري أحلها الله له ساعة من نهار وهذا المعني الذي قالوه قد ورد به الحديث المتفق على صحته "إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة لا يعضد شجره ولا يختلى خلاه وإنما أحلت لي ساعة من نهار وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس ألا فليبلغ الشاهد الغائب" وفي لفظ آخر "فإن أحد ترخص بقتال رسول الله فقولوا إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم".
قوله تعالى ; وأنت حل بهذا البلديعني في المستقبل مثل قوله تعالى ; إنك ميت وإنهم ميتون . ومثله واسع في كلام العرب . تقول لمن تعده الإكرام والحباء ; أنت مكرم محبو . وهو في كلام الله واسع ; لأن الأحوال المستقبلة عنده كالحاضرة المشاهدة وكفاك دليلا قاطعا على أنه للاستقبال ، وأن تفسيره بالحال محال ; أن السورة باتفاق مكية قبل الفتح . فروى منصور عن مجاهد ; وأنت حل قال ; ما صنعت فيه من شيء فأنت في حل . وكذا قال ابن عباس ; أحل له يوم دخل مكة أن يقتل من شاء ، فقتل ابن خطل ومقيس بن صبابة وغيرهما . ولم يحل لأحد من الناس أن يقتل بها أحدا بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وروى السدي قال ; أنت في حل ممن قاتلك أن تقتله . وروى أبو صالح عن ابن عباس قال ; أحلت له ساعة من نهار ، ثم أطبقت وحرمت إلى يوم القيامة ، وذلك يوم فتح مكة . وثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال ; " إن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض ، فهي حرام إلى أن تقوم الساعة ، فلم تحل لأحد قبلي ، ولا تحل لأحد بعدي ، ولم تحل لي إلا ساعة من نهار " الحديث . وقد تقدم في سورة ( المائدة ) .ابن زيد ; لم يكن بها أحد حلالا غير النبي - صلى الله عليه وسلم - ; وقيل ; وأنت مقيم فيه وهو محلك . وقيل ; وأنت فيه محسن ، وأنا عنك فيه راض . وذكر أهل اللغة أنه يقال ; رجل حل وحلال ومحل ، ورجل حرام ومحل ، ورجل حرام ومحرم . وقال قتادة ; أنت حل به ; لست بآثم . وقيل ; هو ثناء على النبي - صلى الله عليه وسلم - أي إنك غير مرتكب في هذا البلد ما يحرم عليك ارتكابه ، معرفة منك بحق هذا البيت لا كالمشركين الذين يرتكبون الكفر بالله فيه . أي أقسم بهذا البيت المعظم الذي قد عرفت حرمته ، فأنت مقيم فيه معظم له ، غير مرتكب فيه ما يحرم عليك .وقال شرحبيل بن سعد ; [ ص; 55 ] وأنت حل بهذا البلد أي حلال أي هم يحرمون مكة أن يقتلوا بها صيدا أو يعضدوا بها شجرة ، ثم هم مع هذا يستحلون إخراجك وقتلك .
وقوله; ( وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ) يعني; بمكة؛ يقول جلّ ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم; وأنت يا محمد حِلٌّ بهذا البلد، يعني بمكة؛ يقول; أنت به حلال تصنع فيه من قَتْلِ من أردت قتلَه، وأَسْرِ من أردت أسره، مُطْلَقٌ ذلك لك؛ يقال منه; هو حِلّ، وهو حلال، وهو حِرْم، وهو حرام، وهو محلّ، وهو محرم، وأحللنا، وأحرمنا.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن سعد، قال; ثني أبي، قال; ثني عمي، قال; ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ) يعني بذلك; نبيّ الله صلى الله عليه وسلم، أحلّ الله له يوم دخل مكة أن يقتل من شاء، ويستحْيِي من شاء؛ فقتل يومئذ ابن خَطَل صَبْرا وهو آخذ بأستار الكعبة، فلم تحِل لأحد من الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتل فيها حراما حرّمه الله، فأحلّ الله له ما صنع بأهل مكة، ألم تسمع أن الله قال في تحريم الحرم; وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا يعني بالناس أهل القبلة.حدثنا ابن حميد، قال; ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد ( وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ) قال; ما صنعت فأنت في حلّ من أمر القتال.حدثنا ابن بشار، قال; ثنا عبد الرحمن، قال; ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد ( وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ) قال; أحلّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما صنع فيه ساعة.حدثنا ابن حميد، قال; ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد ( وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ) قال; أحل له أن يصنع فيه ما شاء.حدثنا أبو كُرَيب، قال; ثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور ( وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ) قال; أُحِلَّت للنبي صلى الله عليه وسلم، قال; اصنع فيها ما شئت.حدثني موسى بن عبد الرحمن، قال; ثنا حسين الجُعْفِيّ، عن زائدة، عن منصور، عن مجاهد، في قول الله ( وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ) قال; أنت حِلّ مما صنعت فيه.حدثنا ابن حميد، قال; ثنا حكام، عن عمرو، عن منصور، عن مجاهد ( وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ) قال; أحلّ الله لك يا محمد ما صنعت في هذا البلد من شيء، يعني مكة.حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ) قال; لا تؤاخَذ بما عملت فيه، وليس عليك فيه ما على الناس.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة ( وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ) يقول; بريء عن الحرج والإثم.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال; ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ) يقول; أنت به حلّ لست بآثم.حدثنا يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد، في قوله; ( وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ) قال; لم يكن بها أحد حلا غير النبيّ صلى الله عليه وسلم، كلّ من كان بها حراما، لم يحلّ لهم أن يقاتلوا فيها، ولا يستحلوا حرمه، فأحله الله لرسوله، فقاتل المشركين فيه.حدثنا سوار بن عبد الله، قال حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبد الملك، عن عطاء ( وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ) قال; إن الله حرّم مكة، لم تحلّ لنبيّ إلا نبيكم ساعة من نهار.حُدثت عن الحسين، قال; سمعت أبا معاذ يقول; ثنا عبيد، قال; سمعت الضحاك يقول في قوله; ( وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ) يعني محمدا، يقول; أنت حلّ بالحرم، فاقتل إن شئت، أو دع.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - البلد٩٠ :٢
Al-Balad90:2