الرسم العثمانيوَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ
الـرسـم الإمـلائـيوَرَفَعۡنَا لَـكَ ذِكۡرَكَؕ
تفسير ميسر:
ألم نوسع -أيها النبي- لك صدرك لشرائع الدين، والدعوة إلى الله، والاتصاف بمكارم الأخلاق، وحططنا عنك بذلك حِمْلك الذي أثقل ظهرك، وجعلناك -بما أنعمنا عليك من المكارم- في منزلة رفيعة عالية؟
قال مجاهد لا أذكر إلا ذكرت معي أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله وقال قتادة رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة فليس خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة إلا ينادي بها أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ابن جرير حدثني يونس أخبرنا ابن وهب أخبرنا عمرو بن الحارث عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "أتاني جبريل فقال إن ربي وربك يقول كيف رفعت ذكرك؟ قال الله أعلم قال إذا ذكرت ذكرت معي" وكذا رواه ابن أبي حاتم عن يونس عن عبد الأعلى به ورواه أبو يعلى من طريق ابن لهيعة عن دراج وقال ابن أبي حاتم حدثنا زرعة حدثنا أبو عمر الحوضي حدثنا حماد بن زيد حدثنا عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "سألت ربي مسألة وددت أنى لم أسأله قلت قد كان قبلي أنبياء منهم من سخرت له الريح ومنهم من يحيى الموتى قال; يا محمد ألم أجدك يتيما فآويتك؟ ألم أرفع لك ذكرك؟ قلت بلى يا رب" وقال أبو نعيم في دلائل النبوة حدثنا أبو أحمد الغطريفي حدثنا موسى بن سهل الجويني حدثنا أحمد بن القاسم بن بهزان الهيتي حدثنا نصر بن حماد عن عثمان بن عطاء عن الزهري عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لما فرغت مما أمرني به من أمر السموات والأرض قلت يا رب إنه لم يكن نبي قبلي إلا وقد كرمته جعلت إبراهيم خليلا وموسى كليما وسخرت لداود الجبال ولسليمان الريح والشياطين وأحييت لعيسى الموتى فما جعلت لي؟ قال أو ليس قد أعطيتك ظاهر أفضل من ذلك كله؟ إني لا أذكر إلا ذكرت معي وجعلت صدور أمتك أناجيل يقرءون القرآن ظاهرا ولم أعطها أمة وأعطيتك كنزا من كنوز عرشي لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم" وحكى البغوي عن ابن عباس ومجاهد أن المراد بذلك الأذان يعني ذكره فيه وأورد من شعر حسان بن ثابت. أغر عليه للنبوة خاتم من الله من نور يلوح ويشهد وضم الإله اسم النبي إلى اسمه إذا قال في الخمس المؤذن أشهد وشق له من اسمه ليجله فذو العرش محمود وهذا محمد وقال آخرون; رفع الله ذكره في الأولين والآخرين ونوه به حين أخذ ميثاق على النبيين أن يؤمنوا به وأن يأمروا أممهم بالإيمان به ثم شهر ذكره فى أمته فلا يذكر الله إلا ذكر معه وما أحسن ما قال الصرصري رحمه الله; لا يصح الأذان في الفرض إلا باسمه العذب في الفم المرصي وقال أيضا; ألم تر أنا لا يصح أذاننا ولا فرضنا إن لم نكرره فيهما.
قوله تعالى ; ورفعنا لك ذكرك قال مجاهد ; يعني بالتأذين . وفيه يقول حسان بن ثابت ;أغر عليه للنبوة خاتم من الله مشهود يلوح ويشهد وضم الإله اسم النبي إلى اسمهإذا قال في الخمس المؤذن أشهدوروي عن الضحاك عن ابن عباس ، قال ; يقول له لا ذكرت إلا ذكرت معي في الأذان ، والإقامة والتشهد ، ويوم الجمعة على المنابر ، ويوم الفطر ، ويوم الأضحى ; وأيام التشريق ، ويوم عرفة ، وعند الجمار ، وعلى الصفا والمروة ، وفي خطبة النكاح ، وفي مشارق الأرض ومغاربها . ولو أن رجلا عبد الله جل ثناؤه ، وصدق بالجنة والنار وكل شيء ، ولم يشهد أن محمدا رسول الله ، لم ينتفع بشيء وكان كافرا . وقيل ; أي أعلينا ذكرك ، فذكرناك في الكتب المنزلة على الأنبياء قبلك ، وأمرناهم بالبشارة بك ، ولا دين إلا ودينك يظهر عليه . وقيل ; رفعنا ذكرك عند الملائكة في السماء ، وفي الأرض عند المؤمنين ، ونرفع في الآخرة ذكرك بما نعطيك من المقام المحمود ، وكرائم الدرجات .
وقوله; ( وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ) يقول; ورفعنا لك ذكرك، فلا أُذْكَرُ إلا ذُكِرْتَ معي، وذلك قول; لا إله إلا الله، محمد رسول الله.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا أبو كُرَيب وعمرو بن مالك، قالا ثنا سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ) قال; لا أُذْكَرُ إلا ذُكْرِتَ معي; أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال; ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله; ( وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ) قال النبيّ صلى الله عليه وسلم; " ابْدَءُوا بالعُبُودَةِ، وَثَنُّوا بالرسالة " فقلت لمعمر، قال; أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده، فهو العبودة، ورسوله أن تقول; عبده ورسوله.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة ( وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ) رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة، فليس خطيب، ولا متشهد، ولا صاحب صلاة، إلا ينادي بها; أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; أخبرنا عمرو بن الحارث، عن درّاج، عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدريّ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال; " أتانِي جِبْرِيلُ فَقالَ إنَّ رَبِّي وَرَبكَ يَقُولُ; كَيْفَ رَفَعْتُ لَكَ ذِكْرَكَ ؟ قال; الله أعْلَمُ، قال; إذَا ذُكِرْتُ ذُكرتَ مَعِي".
{ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ } أي: أعلينا قدرك، وجعلنا لك الثناء الحسن العالي، الذي لم يصل إليه أحد من الخلق، فلا يذكر الله إلا ذكر معه رسوله صلى الله عليه وسلم، كما في الدخول في الإسلام، وفي الأذان، والإقامة، والخطب، وغير ذلك من الأمور التي أعلى الله بها ذكر رسوله محمد صلى الله عليه وسلم.وله في قلوب أمته من المحبة والإجلال والتعظيم ما ليس لأحد غيره، بعد الله تعالى، فجزاه الله عن أمته أفضل ما جزى نبيًا عن أمته.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - الشرح٩٤ :٤
Asy-Syarh94:4