الرسم العثمانيوَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتٰبَ إِلَّا مِنۢ بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ
الـرسـم الإمـلائـيوَمَا تَفَرَّقَ الَّذِيۡنَ اُوۡتُوا الۡكِتٰبَ اِلَّا مِنۡۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُمُ الۡبَيِّنَةُ
تفسير ميسر:
وما اختلف الذين أوتوا الكتاب من اليهود والنصارى في كون محمد صلى الله عليه وسلم رسولا حقًا؛ لما يجدونه من نعته في كتابهم، إلا مِن بعد ما تبينوا أنه النبي الذي وُعِدوا به في التوراة والإنجيل، فكانوا مجتمعين على صحة نبوته، فلما بُعِث جحدوها وتفرَّقوا.
وقوله تعالى "وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعدما جاءتهم البينة " كقوله "ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعدما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم" يعني بذلك أهل الكتب المنزلة على الأمم قبلنا بعدما أقام الله عليهم الحجج والبينات تفرقوا واختلقوا فى الذي أراده الله من كتبهم واختلفوا اختلافا كثيرا كما جاء في الحديث المروي من طرق "إن اليهود اختلفوا على إحدى وسبعين فرقة وإن النصارى اختلفوا على ثنتين وسبعين فرقة وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة " قالوا; ومن هم يا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال "ما أنا عليه وأصحابي".
قوله تعالى ; وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينةقوله تعالى ; وما تفرق الذين أوتوا الكتاب أي من اليهود والنصارى . خص أهل الكتاب بالتفريق دون غيرهم وإن كانوا مجموعين مع الكافرين ; لأنهم مظنون بهم علم فإذا تفرقوا كان غيرهم ممن لا كتاب له أدخل في هذا الوصف .إلا من بعد ما جاءتهم البينة أي أتتهم البينة الواضحة . والمعني به محمد - صلى الله عليه وسلم - ; أي القرآن موافقا لما في أيديهم من الكتاب بنعته وصفته . وذلك أنهم كانوا مجتمعين على نبوته ، فلما بعث جحدوا نبوته وتفرقوا ، فمنهم من كفر بغيا وحسدا ، ومنهم من آمن ; كقوله تعالى ; وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم . وقيل ; البينة ; البيان الذي في كتبهم أنه نبي مرسل . قال العلماء ; من أول السورة إلى قوله قيمة ; حكمها فيمن آمن من أهل الكتاب والمشركين . وقوله ; وما تفرق ; حكمه فيمن لم يؤمن من أهل الكتاب بعد قيام الحجج .
وقوله; ( وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ ) يقول; وما تفرّق اليهود والنصارى في أمر محمد صلى الله عليه وسلم, فكذّبوا به, إلا من بعد ما جاءتهم البينة, يعني; من بعد ما جاءت هؤلاء اليهود والنصارى البينة , يعني; أن بيان أمر محمد أنه رسول بإرسال الله إياه إلى خلقه، يقول; فلما بعثه الله تفرّقوا فيه, فكذّب به بعضهم, وآمن بعضهم, وقد كانوا قبل أن يُبعث غير مفترقين فيه أنه نبيّ.
وإذا لم يؤمن أهل الكتاب لهذا الرسول وينقادوا له، فليس ذلك ببدع من ضلالهم وعنادهم، فإنهم ما تفرقوا واختلفوا وصاروا أحزابًا { إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ } التي توجب لأهلها الاجتماع والاتفاق، ولكنهم لرداءتهم ونذالتهم، لم يزدهم الهدى إلا ضلالًا، ولا البصيرة إلا عمى، مع أن الكتب كلها جاءت بأصل واحد، ودين واحد.
(الواو) عاطفة
(ما) نافية
(إلّا) للحصر
(من بعد) متعلّق بـ (تفرّق) ،
(ما) حرف مصدريّ..
والمصدر المؤوّلـ (ما جاءتهم البيّنة) في محلّ جرّ مضاف إليه.
جملة: «ما تفرّق الذين ... » لا محلّ لها معطوفة على الابتدائيّة.
وجملة: «أوتوا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة: «جاءتهم البيّنة» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(ما)
- القرآن الكريم - البينة٩٨ :٤
Al-Bayyinah98:4