الرسم العثمانيوَإِذَآ أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِّنۢ بَعْدِ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُم مَّكْرٌ فِىٓ ءَايَاتِنَا ۚ قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا ۚ إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ
الـرسـم الإمـلائـيوَاِذَاۤ اَذَقۡنَا النَّاسَ رَحۡمَةً مِّنۡۢ بَعۡدِ ضَرَّآءَ مَسَّتۡهُمۡ اِذَا لَهُمۡ مَّكۡرٌ فِىۡۤ اٰيَاتِنَا ؕ قُلِ اللّٰهُ اَسۡرَعُ مَكۡرًا ؕ اِنَّ رُسُلَنَا يَكۡتُبُوۡنَ مَا تَمۡكُرُوۡنَ
تفسير ميسر:
وإذا أذقنا المشركين يسرًا وفرجًا ورخاءً بعد عسر وشدة وكرب أصابهم، إذا هم يكذِّبون، ويستهزئون بآيات الله، قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين المستهزئين; الله أسرع مكرًا واستدراجًا وعقوبة لكم. إن حَفَظَتَنا الذين نرسلهم إليكم يكتبون عليكم ما تمكرون في آياتنا، ثم نحاسبكم على ذلك.
يخبر تعالى أنه إذا أذاق الناس رحمة من بعد ضراء مستهم كالرخاء بعد الشدة والخصب بعد الجدب والمطر بعد القحط ونحو ذلك "إذا لهم مكر في آياتنا" قال مجاهد استهزاء وتكذيب كقوله "وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما" الآية وفي الصحيح أن رسول الله صلي الله عليه وسلم صلى بهم الصبح على أثر سماء كانت من الليل أي مطر ثم قال "هل تدرون ماذا قال ربكم الليلة؟" قالوا الله ورسوله أعلم قال "قال أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذاك مؤمن بي كافر بالكوكب وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذاك كافر بي مؤمن بالكوكب" وقوله "قل الله أسرع مكرا" أي أشد استدراجا وإمهالا حتى يظن الظان من المجرمين أنه ليس بمعذب وإنما هو في مهلة ثم يؤخذ على غرة منه والكاتبون الكرام يكتبون عليه جميع ما يفعله ويحصونه عليه ثم يعرضون على عالم الغيب والشهادة فيجازيه على الجليل والحقير والنقير والقطمير.
قوله تعالى وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم إذا لهم مكر في آياتنا قل الله أسرع مكرا إن رسلنا يكتبون ما تمكرون يريد كفار مكة .رحمة من بعد ضراء مستهم قيل ; رخاء بعد شدة ، وخصب بعد جدب . إذا لهم مكر في آياتنا أي استهزاء وتكذيب . وجواب قوله ; وإذا أذقنا ; إذا لهم على قول الخليل وسيبويه .قل الله أسرع ابتداء وخبر . مكرا على البيان ; أي أعجل عقوبة على جزاء مكرهم ، أي أن ما يأتيهم من العذاب أسرع في إهلاكهم مما أتوه من المكر .إن رسلنا يكتبون ما تمكرون يعني بالرسل الحفظة . وقراءة العامة تمكرون بالتاء خطابا . وقرأ يعقوب في رواية رويس وأبو عمرو في رواية هارون العتكي " يمكرون " بالياء ; لقوله ; إذا لهم مكر في آياتنا قيل ; قال أبو سفيان قحطنا بدعائك فإن سقيتنا صدقناك ; فسقوا باستسقائه صلى الله عليه وسلم فلم يؤمنوا ، فهذا مكرهم .
القول في تأويل قوله تعالى ; وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ (21)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره; وإذا رزقنا المشركين بالله فرجًا بعد كرب ، ورخاء بعد شدّة أصابتهم.وقيل; عنى به المطر بعد القحط، و " الضراء " ; وهي الشدة، و " الرحمة " ; هي الفرج. يقول; (إذا لهم مكر في آياتنا) ، استهزاء وتكذيبٌ ، (1) كما;-17592- حدثنا المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد; (إذا لهم مكر في آياتنا) قال; استهزاء وتكذيب.17593-. . . قال; حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.17594- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.* * *وقوله; (قل الله أسرع مكرًا) يقول تعالى ذكره; ; (قل) لهؤلاء المشركين المستهزئين من حججنا وأدلتنا ، يا محمد ، ( الله أسرع مكرًا)، أي ; أسرع مِحَالا بكم ، (2) واستدراجًا لكم وعقوبةً، منكم ، من المكر في آيات الله.* * *والعرب تكتفي ب " إذا " من " فعلت " و " فعلوا "، فلذلك حُذِف الفعل معها. (3) وإنما معنى الكلام; ( وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم ) ، مكروا في آياتنا فاكتفى من " مكروا "، ب " إذا لهم مكر ".* * *، ( إن رسلنا يكتبون ما تمكرون ) ، يقول; إن حفظتنا الذين نرسلهم إليكم ، أيها الناس ، يكتبون عليكم ما تمكرون في آياتنا.-----------------------الهوامش ;(1) انظر تفسير " الذوق " فيما سلف 14 ; 230 ، تعليق ; 1 ، والمراجع هناك .، وتفسير " الضراء " فيما سلف 12 ; 573 ، تعليق ; 2 ، والمراجع هناك .، وتفسير " المس " فيما سلف ص ; 36 ، تعليق ; 1 ، والمراجع هناك .، وتفسير " المكر " فيما سلف 13 ; 502 ، تعليق ; 2 ، والمراجع هناك .(2) " المحال " ( بكسر الميم ) ; الكيد والمكر .(3) انظر معاني القرآن للفراء 1 ; 459 ، 460 .
يقول تعالى: {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ} كالصحة بعد المرض، والغنى بعد الفقر، والأمن بعد الخوف، نسوا ما أصابهم من الضراء، ولم يشكروا الله على الرخاء والرحمة، بل استمروا في طغيانهم ومكرهم. ولهذا قال: {إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا} أي يسعون بالباطل، ليبطلوا به الحق. {قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا} فإن المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله، فمقصودهم منعكس عليهم، ولم يسلموا من التبعة، بل تكتب الملائكة عليهم ما يعملون، ويحصيه الله عليهم، ثم يجازيهم [الله] عليه أوفر الجزاء.
(الواو) عاطفة
(إذا) ظرف للزمن المستقبل متضمّن معنى الشرط مبنيّ في محلّ نصب متعلّق بمضمون الجوابـ (أذقنا) فعل ماض مبنيّ على السكون.. و (نا) فاعلـ (الناس) مفعول به منصوبـ (رحمة) مفعول به ثان منصوبـ (من بعد) جارّ ومجرور متعلّق بـ (أذقنا) ،
(ضرّاء) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الفتحة لامتناعه من الصرف فهو منته بألف التأنيث الممدودة
(مسّ) فعل ماض و (التاء) للتأنيث و (هم) ضمير مفعول به
(إذا) حرف فجائي
(اللام) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدّم
(مكر) مبتدأ مؤخّر مرفوع
(في آيات) جارّ ومجرور متعلّق بمكر بحذف مضاف أي في تأويل آياتنا و (نا) ضمير مضاف إليه
(قل) فعل أمر والفاعل أنت
(الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع
(أسرع) خبر مرفوع
(مكرا) تمييز منصوبـ (إنّ) مثل السابق ،
(رسل) اسم إنّ منصوب و (نا) مضاف إليه
(يكتبون) مثل يختلفون ،
(ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب مفعول به
(تمكرون) مثل يختلفون .
جملة: «أذقنا ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «مسّتهم» في محلّ جرّ نعت لضرّاء.
وجملة: «لهم مكر ... » لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «قل ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «الله أسرع ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «إنّ رسلنا يكتبون..» لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: «يكتبون ... » في محلّ رفع خبر إنّ.وجملة: «تمكرون» لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) ، والعائد محذوف.
- القرآن الكريم - يونس١٠ :٢١
Yunus10:21