الرسم العثمانيقُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَهْدِىٓ إِلَى الْحَقِّ ۚ قُلِ اللَّهُ يَهْدِى لِلْحَقِّ ۗ أَفَمَن يَهْدِىٓ إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّىٓ إِلَّآ أَن يُهْدٰى ۖ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ
الـرسـم الإمـلائـيقُلۡ هَلۡ مِنۡ شُرَكَآٮِٕكُمۡ مَّنۡ يَّهۡدِىۡۤ اِلَى الۡحَـقِّؕ قُلِ اللّٰهُ يَهۡدِىۡ لِلۡحَقِّؕ اَفَمَنۡ يَّهۡدِىۡۤ اِلَى الۡحَقِّ اَحَقُّ اَنۡ يُّتَّبَعَ اَمَّنۡ لَّا يَهِدِّىۡۤ اِلَّاۤ اَنۡ يُّهۡدٰىۚ فَمَا لَكُمۡ كَيۡفَ تَحۡكُمُوۡنَ
تفسير ميسر:
قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين; هل مِن شركائكم مَن يرشد إلى الطريق المستقيم؟ فإنهم لا يقدرون على ذلك، قل لهم; الله وحده يهدي الضال عن الهدى إلى الحق. أيهما أحق بالاتباع; مَن يهدي وحده للحق أم من لا يهتدي لعدم علمه ولضلاله، وهي شركاؤكم التي لا تَهدي ولا تَهتدي إلا أن تُهدَى؟ فما بالكم كيف سوَّيتم بين الله وخلقه؟ وهذا حكم باطل.
"قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق قل الله يهدي للحق" أي أنتم تعلمون أن شركاءكم لا تقدر على هداية ضال وإنما يهدي الحيارى والضلال ويقلب القلوب من الغي إلى الرشد الله الذي لا إله إلا هو "أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى" أي أفيتبع العبد الذي يهدي إلى الحق ويبصر بعد العمى أم الذي لا يهدي إلى شيء إلا أن يهدى لعماه وبكمه كما قال تعالى إخبارا عن إبراهيم أنه قال "يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا" وقال لقومه "أتعبدون ما تنحتون والله خلقكم وما تعملون" إلى غير ذلك من الآيات وقوله "فما لكم كيف تحكمون" أي ما بالكم أن يذهب بعقولكم كيف سويتم بين الله وبين خلقه وعدلتم هذا بهذا وعبدتم هذا وهذا؟ وهلا أفردتم الرب جل جلاله المالك الحاكم الهادي من الضلالة بالعبادة وحده وأخلصتم إليه الدعوة والإنابة؟.
قوله تعالى قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق قل الله يهدي للحق أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أم من لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمونقوله تعالى قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق يقال ; هداه للطريق وإلى الطريق بمعنى واحد ; وقد تقدم . أي هل من شركائكم من يرشد إلى دين الإسلام ; فإذا قالوا لا ولا بد منه ف قل لهم الله يهدي للحق ثم قل لهم موبخا ومقررا . أفمن يهدي أي يرشد إلى الحق وهو الله سبحانه وتعالى أحق أن يتبع أم من لا يهدي إلا أن يهدى يريد الأصنام التي لا تهدي أحدا ، ولا تمشي إلا أن تحمل ، ولا تنتقل عن مكانها إلا أن تنقل . قال الشاعر ;[ ص; 253 ]للفتى عقل يعيش به حيث تهدي ساقه قدمهوقيل ; المراد الرؤساء والمضلون الذين لا يرشدون أنفسهم إلى هدى إلا أن يرشدوا . وفي يهدي قراءات ست ; الأولى ; قرأ أهل المدينة إلا ورشا " يهدي " بفتح الياء وإسكان الهاء وتشديد الدال ; فجمعوا في قراءتهم بين ساكنين كما فعلوا في قوله ; " لا تعدوا " وفي قوله ; " يخصمون " . قال النحاس ; والجمع بين الساكنين لا يقدر أحد أن ينطق به . قال محمد بن يزيد ; لا بد لمن رام مثل هذا أن يحرك حركة خفيفة إلى الكسر ، وسيبويه يسمي هذا اختلاس الحركة .الثانية ; قرأ أبو عمرو وقالون في رواية بين الفتح والإسكان ، على مذهبه في الإخفاء والاختلاس .الثالثة ; قرأ ابن عامر وابن كثير وورش وابن محيصن " يهدي " بفتح الياء والهاء وتشديد الدال ، قال النحاس ; هذه القراءة بينة في العربية ، والأصل فيها يهتدي أدغمت التاء في الدال وقلبت حركتها على الهاء .الرابعة ; قرأ حفص ويعقوب والأعمش عن أبي بكر مثل قراءة ابن كثير ، إلا أنهم كسروا الهاء ، قالوا ; لأن الجزم إذا اضطر إلى حركته حرك إلى الكسر . قال أبو حاتم ; هي لغة سفلي مضر .الخامسة ; قرأ أبو بكر عن عاصم يهدي بكسر الياء والهاء وتشديد الدال ، كل ذلك لإتباع الكسر الكسر كما تقدم في البقرة في يخطف وقيل ; هي لغة من قرأ " نستعين " ، و " لن تمسنا النار " ونحوه . وسيبويه لا يجيز يهدي ويجيز " تهدي " و " نهدي " و " إهدي " قال ; لأن الكسرة في الياء تثقل .السادسة ; قرأ حمزة والكسائي وخلف ويحيى بن وثاب والأعمش " يهدي " بفتح الياء وإسكان الهاء وتخفيف الدال ; من هدى يهدي . قال النحاس ; وهذه القراءة لها وجهان في العربية وإن كانت بعيدة ، وأحد الوجهين أن الكسائي والفراء قالا ; " يهدي " بمعنى يهتدي . قال أبو العباس ; لا يعرف هذا ، ولكن التقدير أمن لا يهدي غيره ، تم الكلام ، ثم قال ; " إلا أن يهدى " [ ص; 254 ] استأنف من الأول ، أي لكنه يحتاج أن يهدى ; فهو استثناء منقطع ، كما تقول ; فلان لا يسمع غيره إلا أن يسمع ، أي لكنه يحتاج أن يسمع . وقال أبو إسحاق ; فما لكم كلام تام ، والمعنى ; فأي شيء لكم في عبادة الأوثان . ثم قيل لهم ; كيف تحكمون أي لأنفسكم وتقضون بهذا الباطل الصراح ، تعبدون آلهة لا تغني عن أنفسها شيئا إلا أن يفعل بها ، والله يفعل ما يشاء فتتركون عبادته ; فموضع كيف نصب ب تحكمون .
القول في تأويل قوله تعالى ; قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (35)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم; (قل) ، يا محمد لهؤلاء المشركين ، (هل من شركائكم) ، الذين تدعون من دون الله، وذلك آلهتهم وأوثانُهم، (من يهدي إلى الحق) يقول; من يرشد ضالا من ضلالته إلى قصد السبيل، ويسدِّد جائرًا عن الهدى إلى واضح الطريق المستقيم؟ فإنهم لا يقدرون أن يدَّعوا أن آلهتهم وأوثانهم تُرشد ضالا أو تهدي جائرًا. وذلك أنهم إن ادَّعوا ذلك لها أكذبتهم المشاهدة ، وأبان عجزَها عن ذلك الاختبارُ بالمعاينة. فإذا قالوا " لا " وأقرُّوا بذلك، فقل لهم. فالله يهدي الضالَّ عن الهدى إلى الحق ، (أفمن يهدي) أيها القوم ضالا إلى الحقّ، وجائرًا عن الرشد إلى الرشد ، (أحق أن يتبع) ، إلى ما يدعو إليه ( أَمَّنْ لا يهدِّي إِلا أن يُهدى)؟* * *واختلفت القراء في قراءة ذلك.فقرأته عامة قراء أهل المدينة; ( أَمَّنْ لا يَهْدِّي ) بتسكين الهاء ، وتشديد الدال، فجمعوا بين ساكنين (3) ، وكأنّ الذي دعاهم إلى ذلك أنهم وجَّهوا أصل الكلمة إلى أنه; أم من لا يهتدي، ووجدوه في خطّ المصحف بغير ما قرءوا ، (4) وأن التاء حذفت لما أدغمت في الدال، فأقرُّوا الهاء ساكنة على أصلها الذي كانت عليه، وشدَّدوا الدال طلبًا لإدغام التاء فيها، فاجتمع بذلك سكون الهاء والدال. وكذلك فعلوا في قوله; وَقُلْنَا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ ، [سورة النساء; 154] ، (5) وفي قوله; يَخِصِّمُونَ ، [سورة يس; 49]. (6)* * *وقرأ ذلك بعض قراء أهل مكة والشام والبصرة ، "(يَهَدِّي) بفتح الهاء وتشديد الدال. وأمُّوا ما أمَّه المدنيون من الكلمة، غير أنهم نقلوا حركة التاء من " يهتدي"; إلى الهاء الساكنة، ، فحرَّكوا بحركتها ، وأدغموا التاء في الدال فشدّدوها.* * *وقرأ ذلك بعض قراء الكوفة; (يَهِدِّي)، بفتح الياء، وكسر الهاء ، وتشديد الدال، بنحو ما قصدَه قراء أهل المدينة، غير أنه كسر الهاء لكسرة الدال من " يهتدي"، استثقالا للفتحة بعدها كسرةٌ في حرف واحدٍ.* * *وقرأ ذلك بعدُ ، عامة قراء الكوفيين (7) ( أَمَّنْ لا يَهْدِي)، بتسكين الهاء وتخفيف الدال. وقالوا; إن العرب تقول; " هديت " بمعنى " اهتديت "، قالوا; فمعنى قوله; ( أَمَّنْ لا يهدي) ; أم من لا يَهْتَدي إلا أن يهدى .* * *قال أبو جعفر; وأولى القراءة في ذلك بالصواب ، قراءةُ من قرأ; ( أَمَّنْ لا يَهَدِّي) بفتح الهاء وتشديد الدال، لما وصفنا من العلة لقارئ ذلك كذلك، وأن ذلك لا يدفع صحته ذو علم بكلام العرب ، وفيهم المنكر غيره. وأحقُّ الكلام أن يقرأ بأفصح اللغات التي نـزل بها كلامُ الله.* * *فتأويل الكلام إذًا; أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع، أم من لا يهتدي إلى شيء إلا أن يهدى ؟* * *وكان بعض أهل التأويل يزعم أن معنى ذلك; أم من لا يقدر أن ينتقل عن مكانه إلا أن يُنْقل.* * *وكان مجاهد يقول في تأويل ذلك ما;-17660- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد; (أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أَمَّنْ لا يهدّي إلا أن يهدى )، قال; الأوثان، الله يهدي منها ومن غيرها من شاء لمن شاء.17661- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله; (أمن لا يهدي إلا أن يهدى) ، قال; قال; الوثن.* * *وقوله; (فما لكم كيف تحكمون) ، ألا تعلمون أن من يهدي إلى الحق أحقُّ أن يتبع من الذي لا يهتدي إلى شيء ، إلا أن يهديه إليه هادٍ غيره، فتتركوا اتّباع من لا يهتدي إلى شيء وعبادته ، وتتبعوا من يهديكم في ظلمات البر والبحر ، وتخلصوا له العبادة فتفردوه بها وحده ، دون ما تشركونه فيها من آلهتكم وأوثانكم؟------------------------الهوامش ;(3) انظر ما قاله في شبه هذه القراءة فيما سلف 9 ; 362 .(4) في المطبوعة ; " بغير ما قرروا " ، والصواب ما في المخطوطة .(5) انظر ما سلف في هذه القراءة 9 ; 362 .(6) انظر ما سيأتي في هذه القراءة 23 ; 11 ( بولاق ) .(7) في المطبوعة ; " وقرأ ذلك بعض عامة قرأة ، الكوفيين " جعل " بعد " ، " بعض " ، فأفسد الكلام وأسقطه .
{قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ} ببيانه وإرشاده، أو بإلهامه وتوفيقه. {قُلِ اللَّهُ} وحده {يَهْدِي لِلْحَقِّ} بالأدلة والبراهين، وبالإلهام والتوفيق، والإعانة إلى سلوك أقوم طريق. {أَمَّنْ لَا يَهِدِّي} أي: لا يهتدي {إِلَّا أَنْ يُهْدَى} لعدم علمه، ولضلاله، وهي شركاؤهم، التي لا تهدي ولا تهتدي إلا أن تهدى {فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} أي: أيّ شيء جعلكم تحكمون هذا الحكم الباطل، بصحة عبادة أحد مع الله، بعد ظهور الحجة والبرهان، أنه لا يستحق العبادة إلا الله وحده.
(قل.. يهدي) مثل نظيرها ،
(إلى الحقّ) جارّ ومجرور متعلّق بـ (يهدي) ،
(قل الله..) مثل نظيرها ،
(للحقّ) جارّ ومجرور متعلّق بـ (يهدي) الثاني
(الهمزة) للاستفهام
(الفاء) عاطفة
(من) اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ
(يهدي إلى الحق) كالأولى
(أحقّ) خبر مرفوع
(أن) حرف مصدريّ ونصبـ (يتّبع) مضارع مبنيّ للمجهول منصوب..ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو.
والمصدر المؤوّلـ (أن يتّبع) في محلّ جرّ بباء محذوفة والجارّ والمجرور متعلّق بأحقّ أي: أحقّ بأن يتّبع، والمفضّل عليه محذوف أي ممن لا يهدي .
(أم) حرف عطف معادل للهمزة
(من لا يهدّي) مثل من يهدي
(إلّا) أداة حصر
(أن يهدى) مثل أن يتّبع. والمصدر المؤوّلـ (أن يهدى) في محلّ جرّ بحرف جرّ محذوف هو الباء متعلّق بـ (يهدّي) ، أي: لا يهدّي إلّا بأن يهدى .
(الفاء) استئنافيّة
(ما) اسم استفهام للتوبيخ والإنكار مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ
(اللام) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بخبر المبتدأ ما
(كيف) اسم استفهام مبنيّ في محلّ نصب حال من فاعلـ (تحكمون) وهو مضارع مرفوع.. والواو فاعل.
جملة: «قل ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «هل من شركائكم من يهدي» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «يهدي ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (من) .
وجملة: «قل ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «الله يهدي ... » في محلّ نصب مقول القول.وجملة: «من يهدي ... » في محلّ نصب معطوفة على جملة هل من شركائكم ...وجملة: «يهدي
(الثالثة) » لا محلّ لها صلة الموصولـ (من) الثاني.
وجملة: «يتّبع» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) .
وجملة: «من لا يهدّي» في محلّ نصب معطوفة على جملة من يهدي ...وجملة: «لا يهدّي» لا محلّ لها صلة الموصولـ (من) الثالث.
وجملة: «يهدى
(بالبناء للمفعول) » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) .
وجملة: «ما لكم ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «تحكمون» في محلّ نصب حال من ضمير الخطاب في(لكم) .
- القرآن الكريم - يونس١٠ :٣٥
Yunus10:35