الرسم العثمانيوَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُوٓا إِلَّا سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ ۚ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَآءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ
الـرسـم الإمـلائـيوَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ كَاَنۡ لَّمۡ يَلۡبَثُوۡۤا اِلَّا سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُوۡنَ بَيۡنَهُمۡؕ قَدۡ خَسِرَ الَّذِيۡنَ كَذَّبُوۡا بِلِقَآءِ اللّٰهِ وَمَا كَانُوۡا مُهۡتَدِيۡنَ
تفسير ميسر:
ويوم يَحشر الله هؤلاء المشركين يوم البعث والحساب، كأنهم قبل ذلك لم يمكثوا في الحياة الدنيا إلا قدر ساعة من النهار، يعرف بعضهم بعضًا كحالهم في الدنيا، ثم انقطعت تلك المعرفة وانقضت تلك الساعة. قد خسر الذين كفروا وكذَّبوا بلقاء الله وثوابه وعقابه، وما كانوا موفَّقين لإصابة الرشد فيما فعلوا.
يقول تعالى مذكرا للناس قيام الساعة وحصرهم من أجداثهم إلى عرصات القيامة "ويوم يحشرهم" الآية كقوله "كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار" وكقوله "كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها" وقال تعالى "يوم ينفخ في الصور ونحشر المجرمين يومئذ زرقا يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشرا نحن أعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوما" وقال تعالى "ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة" الآيتين وهذا كله دليل على استقصار الحياة الدنيا في الدار الآخرة كقوله "قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسأل العادين قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون" وقوله "يتعارفون بينهم" أي يعرف الأبناء والأباء والقرابات بعضهم لبعض كما كانوا في الدنيا ولكن كل مشغول بنفسه "فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم" الآية وقال تعالى "ولا يسأل حميم حميما" الآيات; وقوله "قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين" كقوله تعالى "ويل للمكذبين" لأنهم خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين ولا خسارة أعظم من خسارة من فرق بينه وبين أحبته يوم الحسرة والندامة.
قوله تعالى ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدينقوله تعالى ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا بمعنى " كأنهم " خففت ، أي كأنهم لم يلبثوا في قبورهم . إلا ساعة من النهار أي قدر ساعة ; يعني أنهم استقصروا طول مقامهم في القبور لهول ما يرون من البعث ; دليله قولهم ; لبثنا يوما أو بعض يوم . وقيل ; إنما قصرت مدة لبثهم في الدنيا من هول ما استقبلوا لا مدة كونهم في القبر . ابن عباس ; رأوا أن طول أعمارهم في مقابلة الخلود كساعة .يتعارفون بينهم في موضع نصب على الحال من الهاء والميم في يحشرهم . ويجوز أن يكون منقطعا ، فكأنه قال فهم يتعارفون . قال الكلبي ; يعرف بعضهم بعضا كمعرفتهم في الدنيا إذا خرجوا من قبورهم ; وهذا التعارف تعارف توبيخ وافتضاح ; يقول بعضهم لبعض ; أنت أضللتني وأغويتني وحملتني على الكفر ; وليس تعارف شفقة ورأفة وعطف . ثم تنقطع المعرفة إذا عاينوا أهوال يوم القيامة كما قال ; ولا يسأل حميم حميما . وقيل ; يبقى تعارف التوبيخ ; وهو الصحيح لقوله تعالى ; ولو ترى إذ الظالمون موقوفون إلى قوله وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا وقوله ; كلما دخلت أمة لعنت أختها الآية ، وقوله ; ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا الآية . فأما قوله ; ولا يسأل حميم حميما وقوله ; فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم فمعناه لا يسأله سؤال رحمة وشفقة ، والله أعلم . وقيل ; القيامة مواطن . وقيل ; معنى يتعارفون يتساءلون ، أي يتساءلون كم لبثتم ; كما قال ; وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون وهذا حسن . وقال الضحاك ; ذلك تعارف تعاطف المؤمنين ; والكافرون لا تعاطف عليهم ; كما قال ; فلا أنساب بينهم . والأول أظهر ، والله أعلم .[ ص; 259 ] قوله تعالى قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين أي بالعرض على الله . ثم قيل ; يجوز أن يكون هذا إخبارا من الله عز وجل بعد أن دل على البعث والنشور ، أي خسروا ثواب الجنة . وقيل ; خسروا في حال لقاء الله ; لأن الخسران إنما هو في تلك الحالة التي لا يرجى فيها إقالة ولا تنفع توبة . قال النحاس ; ويجوز أن يكون المعنى يتعارفون بينهم ، يقولون هذا . وما كانوا مهتدين يريد في علم الله .
القول في تأويل قوله تعالى ; وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (45)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره; ويوم نحشر هؤلاء المشركين فنجمعهم في موقف الحساب، (1) كأنهم كانوا قبل ذلك لم يلبثوا إلا ساعة من نهار يتعارفون فيما بينهم، (2) ثم انقطعت المعرفة ، وانقضت تلك الساعة ، يقول الله; (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ) ، قد غُبن الذين جحدوا ثوابَ الله وعقابه وحظوظَهم من الخير وهلكوا (3) ، (وما كانوا مهتدين) يقول; وما كانوا موفّقين لإصابة الرشد مما فعلوا من تكذيبهم بلقاء الله ، لأنه أكسبهم ذلك ما لا قِبَل لهم به من عذاب الله.-----------------------الهوامش ;(1) انظر تفسير " الحشر" فيما سلف ص ; 77 ، تعليق ; 5 ، والمراجع هناك .(2) انظر تفسير " اللبث " فيما سلف ص ; 41 .(3) انظر تفسير " الخسران " فيما سلف 14 ; 344 ، تعليق ; 2 ، والمراجع هناك .
يخبر تعالى، عن سرعة انقضاء الدنيا، وأن الله تعالى إذا حشر الناس وجمعهم ليوم لا ريب فيه، كأنهم ما لبثوا إلا ساعة من نهار، وكأنه ما مر عليهم نعيم ولا بؤس، وهم يتعارفون بينهم، كحالهم في الدنيا، ففي هذا اليوم يربح المتقون، ويخسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين إلى الصراط المستقيم والدين القويم، حيث فاتهم النعيم، واستحقوا دخول النار.
(الواو) استئنافيّة
(يوم) ظرف زمان منصوب متعلّق ب(يتعارفون) الآتي ،
(يحشر) مضارع مرفوع و (هم) ضمير مفعول به، والفاعل هو أي اللَّه
(كأن) مخفّفة من الثقيلة، واسمها ضمير محذوف تقديره هم
(لم) حرف نفي وجزم
(يلبثوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون والواو فاعلـ (إلّا) أداة حصر
(ساعة) ظرف زمان منصوب متعلّق بـ (يلبثوا) ،
(من النهار) جارّ ومجرور نعت لساعة
(يتعارفون) مثل يظلمون ،
(بين) ظرف مكان منصوب متعلّق بـ (يتعارفون) ، و (هم) ضمير مضاف إليه
(قد) حرف تحقيق
(خسر) فعل ماض
(الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع فاعلـ (كذّبوا) فعل ماض وفاعله
(بلقاء) جارّ ومجرور متعلّق بـ (كذّبوا) ،
(اللَّه) مضاف إليه مجرور
(الواو) عاطفة
(ما) حرف ناف
(كانوا) فعل ماض ناقص مبنيّ على الضمّ.. والواو اسم كان
(مهتدين) خبر كانوا منصوب وعلامة النصب الياء.
جملة: «يحشرهم ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «كأن لم يلبثوا ... » في محلّ نصب حال من ضمير الغائب.
وجملة: «لم يلبثوا ... » في محلّ رفع خبر كأن المخفّفة.
وجملة: «يتعارفون» لا محلّ لها استئنافيّة .
وجملة: «خسر الذين ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «كذّبوا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة: «ما كانوا مهتدين» لا محلّ لها معطوفة على جملة خسر الذين..(الواو) عاطفة
(إن) حرف شرط جازم
(ما) زائدة
(نرينّ) مضارع مبنيّ على الفتح في محلّ جزم فعل الشرط.. والنون للتوكيد و (الكاف) ضمير مفعول به
(بعض) مفعول به ثان منصوبـ (الذي) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ مضاف إليه
(نعد) مضارع مرفوع، والفاعل نحن للتعظيم و (هم) ضمير مفعول به
(أو) حرف عطف
(نتوفّينّك) مثل نرينّك
(الفاء) رابطة لجواب الشرط
(إلى) حرف جرّ و (نا) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بخبر مقدّم
(مرجع) مبتدأ مؤخّر و (هم) مضاف إليه
(ثمّ) حرف عطف
(اللَّه) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع
(شهيد) خبر مرفوع
(على) حرف جرّ
(ما) حرف مصدريّ ،
(يفعلون) مثل يظلمون .
والمصدر المؤوّلـ (ما يفعلون) في محلّ جرّ بـ (على) متعلّق بشهيد.
وجملة: «نرينّك ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة يتعارفون .
وجملة: «نعدهم ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذي) .
وجملة: «نتوفّينّك» لا محلّ لها معطوفة على جملة نرينّك.
وجملة: «إلينا مرجعهم» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: «اللَّه شهيد» في محلّ جزم معطوفة على جملة جواب الشرط.
وجملة: «يفعلون» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(ما) .
(الواو) عاطفة
(لكلّ) جارّ ومجرور متعلّق بخبر مقدّم
(أمّة) مضاف إليه مجرور
(رسول) مبتدأ مؤخّر مرفوع
(الفاء) عاطفة
(إذا) ظرف للزمن المستقبل متضمّن معنى الشرط مبنيّ في محلّ نصب متعلّق بـ (قضي) ،
(جاء) فعل ماض
(رسول) فاعل مرفوع و (هم) ضمير مضاف إليه
(قضي) فعل ماض مبنيّ للمجهول، ونائب الفاعل محذوف تقديره القضاء
(بين) ظرف مكان منصوب متعلّق بـ (قضي) ، و (هم) مثل الأخير
(بالقسط) جارّ ومجرور حال من نائب الفاعل ،
(الواو) حاليّة
(هم) ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ
(لا) نافية
(يظلمون) مضارع مبنيّ للمجهول مرفوع.. والواو نائب الفاعل.
جملة: «لكلّ أمّة رسول» لا محلّ لها معطوفة على استئناف متقدّم.
وجملة: «جاء رسولهم ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «قضي بينهم ... » لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «هم لا يظلمون» في محلّ نصب حال مؤكّدة.
وجملة: «لا يظلمون» في محلّ رفع خبر المبتدأ هم.
(الواو) عاطفة
(يقولون) مضارع مرفوع.. والواو فاعلـ (متى) اسم استفهام مبنيّ في محلّ نصب ظرف زمان متعلّق بخبر محذوف
(ها) حرف تنبيه
(ذا) اسم اشارة مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ مؤخّر
(الوعد) بدل من ذا- أو عطف بيان- مرفوع
(إنّ) حرف شرط جازم
(كنتم) فعل ماض ناقص- ناسخ- مبنيّ على السكون.. و (تم) اسم كان، والفعل في محلّ جزم فعل الشرط
(صادقين) خبر كنتم منصوب وعلامة النصب الياء.
وجملة: «يقولون ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة لكلّ أمّة رسول.
وجملة: «متى هذا الوعد..» في محلّ نصب مقول القول.وجملة: «كنتم صادقين» لا محلّ لها استئناف في حيّز القول..
وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله أي: فمتى يحلّ العذاب.
- القرآن الكريم - يونس١٠ :٤٥
Yunus10:45