الرسم العثمانيتِلْكَ مِنْ أَنۢبَآءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَآ إِلَيْكَ ۖ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَآ أَنتَ وَلَا قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هٰذَا ۖ فَاصْبِرْ ۖ إِنَّ الْعٰقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ
الـرسـم الإمـلائـيتِلۡكَ مِنۡ اَنۡۢبَآءِ الۡغَيۡبِ نُوۡحِيۡهَاۤ اِلَيۡكَۚ مَا كُنۡتَ تَعۡلَمُهَاۤ اَنۡتَ وَلَا قَوۡمُكَ مِنۡ قَبۡلِ هٰذَا ۛؕ فَاصۡبِرۡ ۛؕ اِنَّ الۡعَاقِبَةَ لِلۡمُتَّقِيۡنَ
تفسير ميسر:
تلك القصة التي قصصناها عليك -أيها الرسول- عن نوح وقومه هي من أخبار الغيب السالفة، نوحيها إليك، ما كنت تعلمها أنت ولا قومك مِن قبل هذا البيان، فاصبر على تكذيب قومك وإيذائهم لك، كما صبر الأنبياء من قبل، إن العاقبة الطيبة في الدنيا والآخرة للمتقين الذين يخشون الله.
يقول تعالى لنبيه صلي الله عليه وسلم هذه القصة وأشباهها "من أنباء الغيب" يعني من أخبار الغيوب السالفة نوحيها إليك على وجهها كأنك شاهدها نوحيها إليك أي نعلمك بها وحيا منا إليك "ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا" أي لم يكن عندك ولا عند أحد من قومك علم بها حتى يقول من يكذبك إنك تعلمتها منه بل أخبرك الله بها مطابقة لما كان عليه الأمر الصحيح كما تشهد به كتب الأنبياء قبلك فاصبر على تكذيب من كذبك من قومك وأذاهم لك فإنا سننصرك ونحوطك بعنايتنا ونجعل العاقبة لك ولأتبعاك في الدنيا والآخرة كما فعلنا بالمرسلين حيث نصرناهم على أعدائهم "إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا" الآية. وقال تعالى "ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون"الآية. وقال تعالى "فاصبر إن العاقية للمتقين".
قوله ; تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقينقوله تعالى ; تلك من أنباء الغيب أي تلك الأنباء ، وفي موضع آخر " ذلك " أي ذلك النبأ والقصص من أنباء ما غاب عنك .نوحيها إليك أي لتقف عليها .ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا أي كانوا غير عارفين بأمر الطوفان ، والمجوس الآن ينكرونه ." من قبل هذا " خبر أي مجهولة عندك وعند قومك . " فاصبر " على مشاق الرسالة وإذاية القوم كما صبر نوح . وقيل ; أراد جهلهم بقصة ابن نوح وإن سمعوا أمر الطوفان فإنه على الجملة . " فاصبر " أي اصبر يا محمد على القيام بأمر الله وتبليغ رسالته ، وما تلقى من أذى العرب الكفار ، كما صبر نوح على أذى قومه .إن العاقبة في الدنيا بالظفر ، وفي الآخرة بالفوز ." للمتقين " عن الشرك والمعاصي .
القول في تأويل قوله تعالى ; تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (49)قال أبو جعفر ; يقول تعالى ذكره لنبيه محمّد صلى الله عليه وسلم; هذه القصة التي أنبأتك بها من قصة نوح وخبره وخبر قومه ، (من أنباء الغيب) ، يقول; هي من أخبار الغيب التي لم تشهدها فتعلمها (23) ، (نوحيها إليك) ، يقول; نوحيها إليك نحن ، فنعرفكها ، (ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا) ، الوحي الذي نوحيه إليك، ، (فاصبر ) ، على القيام بأمر الله وتبليغ رسالته ، وما تلقى من مشركي قومك، كما صبر نوح ، (إن العاقبة للمتقين) ، يقول; إن الخير من عواقب الأمور لمن اتقى الله ، (24) فأدَّى فرائضه، واجتنب معاصيه ، فهم الفائزون بما يؤمِّلون من النعيم في الآخرة ، والظفر في الدنيا بالطلبة، كما كانت عاقبة نوح إذ صبر لأمر الله ، أنْ نجَّاه من الهلكة مع من آمن به ، وأعطاه في الآخرة ما أعطاه من الكرامة، وغرَّق المكذبين به فأهلكهم جميعهم.* * *وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك;18259- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله; (تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا)، القرآن، وما كان عَلم محمدٌ صلى الله عليه وسلم وقومه ما صنع نوحٌ وقومه، لولا ما بيَّن الله في كتابه.-----------------------الهوامش ;(23) انظر تفسير " النبأ " فيما سلف من فهارس اللغة ( نبأ) .(24) انظر تفسير " العاقبة " فيما سلف ص ; 153 ، تعليق ; 3 ، والمراجع هناك .
قال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بعد ما قص عليه هذه القصة المبسوطة، التي لا يعلمها إلا من منَّ عليه برسالته. { تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا } فيقولوا: إنه كان يعلمها. فاحمد الله، واشكره، واصبر على ما أنت عليه، من الدين القويم، والصراط المستقيم، والدعوة إلى الله { إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ } الذين يتقون الشرك وسائر المعاصي، فستكون لك العاقبة على قومك، كما كانت لنوح على قومه.
(تلك) اسم إشارة مبني على السكون الظاهرة على الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين في محلّ رفع مبتدأ ، و (اللام) للبعد، و (الكاف) للخطابـ (من أنباء) جارّ ومجرور متعلّق بخبر المبتدأ ،
(الغيب) مضاف إليه مجرور
(نوحي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة، والفاعل نحن للتعظيم و (ها) ضمير مفعول به
(إلى) حرف جرّ و (الكاف) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (نوحيها) ،
(ما) نافية
(كنت) فعل ماض ناقص- ناسخ- واسمه
(تعلمها) مثل نوحيها والفاعل أنت ضمير مستتر
(أنت) ضمير بارز منفصل مبنيّ في محلّ رفع توكيد للفاعلـ (الواو) عاطفة
(لا) زائدة لتأكيد النفي(قوم) معطوف على الضمير المستتر فاعل تعلم، مرفوع و (الكاف) مضاف إليه
(من قبل) جارّ ومجرور متعلّق بـ (تعلمها) ،
(ها) حرف تنبيه
(ذا) اسم إشارة مبنيّ في محلّ جرّ مضاف إليه ،
(الفاء) استئنافيّة ،
(اصبر) فعل أمر، والفاعل أنت
(إنّ العاقبة) حرف مشبّه بالفعل واسمه المنصوبـ (للمتّقين) جارّ ومجرور خبر إنّ.
جملة: «تلك من أنباء ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «نوحيها ... » في محلّ رفع خبر ثان للمبتدأ تلك «5» .وجملة: «ما كنت تعلمها» في محلّ رفع خبر ثالث .
وجملة: «تعلمها» في محلّ نصب خبر كنت.
وجملة: «اصبر» لا محلّ لها استئنافيّة .
وجملة: «إنّ العاقبة للمتّقين» لا محلّ لها تعليليّة.
- القرآن الكريم - هود١١ :٤٩
Hud11:49