الرسم العثمانيقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ
الـرسـم الإمـلائـيقُلۡ اَعُوۡذُ بِرَبِّ الۡفَلَقِۙ
تفسير ميسر:
قل -أيها الرسول-; أعوذ وأعتصم برب الفلق، وهو الصبح.
سورة الفلق; قال الإمام أحمد حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة أخبرنا عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش قال; قلت لأبي بن كعب إن ابن مسعود لا يكتب المعوذتين في مصحفه فقال أشهد أن رسول الله صلي الله عليه وسلم أخبرني أن جبريل عليه السلام قال له; قل "أعوذ برب الفلق" فقلتها قال; "قل أعوذ برب الناس" فقلتها فنحن نقول ما قال النبي صلي الله عليه وسلم. ورواه أبو بكر الحميدي في مسنده عن سفيان بن عيينة حدثنا عبدة بن أبي لبابة وعاصم بن بهدلة أنهما سمعا زر بن حبيش قال سألت أبى بن كعب عن المعوذتين فقلت يا أبا المنذر إن أخاك ابن مسعود يحك المعوذتين من المصحف فقال; إني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "قيل لي قل فقلت" فنحن نقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال أحمد حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن عاصم عن زر قال سألت ابن مسعود عن المعوذتين فقال سألت النبي صلى الله عليه وسلم عنهما فقال "قيل لي فقلت لكم فقولوا" قال أبي فقال لنا النبي صلى الله عليه وسلم فنحن نقول; وقال البخاري حدثنا علي بن عبدالله حدثنا سفيان حدثنا عبدة بن أبي لبابة عن زر بن حبيش وحدثنا عاصم بن زر قال سألت أبي بن كعب فقلت أبا المنذر إن أخاك ابن مسعود يقول كذا وكذا فقال إني سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال "قيل لي فقلت" فنحن نقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ورواه البخاري أيضا والنسائي عن قتيبة عن سفيان بن عيينة عن عبدة وعاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن أبي بن كعب به. وقال الحافظ أبو يعلى حدثنا الأزرق بن علي حدثنا حسان بن إبراهيم حدثنا الصلت بن بهرام عن إبراهيم بن علقمة قال كان عبدالله يحك المعوذتين من المصحف ويقول إنما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتعوذ بهما ولم يكن عبدالله يقرأ بهما ورواه عبدالله بن أحمد من حديث الأعمش عن أبي إسحاق عن عبدالرحمن بن يزيد قال كان عبدالله يحك المعوذتين من مصاحفه ويقول إنهما ليستا من كتاب الله قال الأعمش وحدثنا عاصم عن زر بن حبيش عن أبى بن كعب قال سألنا عنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم قال; "قيل لي فقلت "وهذا مشهور عند كثير من القراء والفقهاء وأن ابن مسعود كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه فلعله لم يسمعهما من النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتواتر عنده ثم لعله قد رجع عن قوله ذلك إلى قول الجماعة فإن الصحابة رضي الله عنهم أثبتوهما في المصاحف الأئمة ونفذوها إلي سائر الآفاق كذلك ولله الحمد والمنة. وقد روى مسلم فى صحيحه حدثنا قتيبة حدثنا جرير عن بيان عن قيس بن أبي حازم عن عقبة بن عامر قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ألم تر آيات انزلت هذه الليلة لم ير مثلهن قط "قل أعوذ برب الفلق" و "قل أعوذ برب الناس" ورواه أحمد ومسلم أيضا والترمذي والنسائي من حديث إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن عقبة وقال الترمذي حسن صحيح; "طريق أخرى" قال الإمام أحمد حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا ابن جابر عن القاسم أبي عبدالرحمن عن عقبة بن عامر قال بينا أنا أقود برسول الله صلى الله عليه وسلم في نقب من تلك النقاب إذ قال لي "يا عقبة ألا تركب" قال فأشفقت أن تكون معصية قال فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وركبت هنية ثم ركب ثم قال "يا عقبة ألا أعلمك سورتين من خير سورتين قرأ بهما الناس" قلت بلى يا رسول الله فأقرأني "قل أعوذ برب الفلق" و "قل أعوذ برب الناس" ثم أقيمت الصلاة فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ بهما ثم مر بي فقال "كيف رأيت يا عقب أقرأ بهما كلما نمت وكلما قمت" ورواه النسائي من حديث الوليد بن مسلم وعبدالله ابن المبارك كلاهما عن ابن جابر به ورواه أبو داود والنسائي أيضا من حديث ابن وهب عن ميمون بن صالح العلاء بن الحارث عن القاسم بن عبدالرحمن عن عقبة "طريق أخرى" قال أحمد حدثنا أبو عبدالرحمن حدثنا سعيد بن أبي أيوب حدثني يزيد بن عبدالعزيز الرعيني وأبو مرحوم عن يزيد بن محمد القرشى عن علي بن رباح عن عقبة بن عامر قال; أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ بالمعوذات في دبر كل صلاة ورواه أبو داود والترمذي والنسائي من طرق عن علي بن أبي رباح وقال الترمذي غريب. "طرق أخرى" قال أحمد حدثنا محمد بن إسحاق حدثنا ابن لهيعة عن مشرح بن عاهان عن عقبة بن عامر قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اقرأ بالمعودتين فإنك لن تقرأ بمثلهما" تفرد به أحمد "طريق أخرى" قال أحمد حدثنا حيوة بن شريح حدثنا بقية حدثنا بجير بن سعد عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن عقبة بن عامر أنه قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهديت له بغلة شهباء فركبها فأخذ عقبة يقودها له فقال رسول الله اقرأ "قل أعوذ برب الفلق" فأعادها له حتى قرأها فعرف أني لم أفرح بها جدا فقال لعلك تهاونت بها؟ فما قمت تصلى بشيء مثلها" ورواه النسائي عن عمرو بن عثمان عن بقية به ورواه النسائي أيضا من حديث الثوري عن معاوية بن صالح عن عبدالرحمن بن نفير عن أبيه عن عقبة بن عامر أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المعوذتين فذكر نحوه "طريق أخرى" قال النسائي أخبرنا محمد بن عبدالأعلى حدثنا المعتمر سمعت النعمان عن زياد بن الأسد عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الناس لم يتعوذوا بمثل هذين "قل أعوذ برب الفلق" و "قل أعوذ برب الناس". "طريق أخرى" قال النسائي أخبرنا قتيبة حدثنا الليث عن أبي عجلان عن سعيد المقبري عن عقبة بن عامر قال كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "يا عقبة قل" قلت ماذا أقول ؟ فسكت عني ثم قال "قل" قلت ماذا أقول يا رسول الله؟ قال "قل أعوذ برب الفلق" فقرأتها حتى أتيت على آخرها ثم قال "قل" فقلت; ماذا أقول يا رسول الله قال; "قل أعوذ برب الناس" فقرأتها ثم أتيت على آخرها ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك "ما سأل سائل بمثلها ولا استعاذ مستعيذ بمثلها" "طريق أخرى" قال النسائي أخبرنا محمد بن يسار حدثنا عبدالرحمن حدثنا معاوية عن العلاء بن الحارث عن مكحول عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ بهما فى صلاة الصبح "طريق أخرى" قال النسائي أخبرنا قتيبة حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي عمران أسلم عن عقبة بن عامر قال اتبعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو راكب فوضعت يدي على قدميه فقلت أقرئني سورة هود أو سورة يوسف فقال "لن تقرأ شيئا أنفع عند الله من "قل أعوذ برب الفلق" "حديث آخر" قال النسائي أخبرنا محمود بن خالد حدثنا الوليد حدثنا أبو عمرو الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم بن الحارث عن أبي عبدالله عن ابن عابس الجهني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له "يا ابن عابس ألا أدلك - أو- ألا أخبرك بأفضل ما يتعوذ به المتعوذون؟ "قال بلى يا رسول الله قال "قل أعوذ برب الفلق" و "قل أعوذ برب الناس" هاتان السورتان فهذه طرق عن عقبة كالمتواترة عنه تفيد القطع عند كثير من المحققين في الحديث. وقد تقدم في رواية صدي بن عجلان وفروة بن مجاهد عنه "ألا أعلمك ثلاث سور لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلهن "قل هو الله أحد - وقل أعوذ برب الفلق- وقل أعوذ برب الناس" "حديث آخر" قال الإمام أحمد حدثنا إسماعيل حدثنا الجريري عن أبي العلاء قال; قال رجل كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر والناس يعتقبون وفي الظهر قلة فحانت نزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزلتي فلحقني فضرب منكبي فقال "قل أعوذ برب الفلق" فقلت قل أعوذ برب الفلق فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأتها معه ثم قال "قل أعوذ برب الناس" فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأتها معه فقال "إذا صليت فاقرأ بهما" الظاهر أن هذا الرجل هو عقبة بن عامر والله أعلم ورواه النسائي عن يعقوب بن إبراهيم عن ابن علية به "حديث آخر" قال النسائي أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا محمد بن جعفر عن عبدالله بن سعيد حدثني يزيد بن رومان عن عقبة بن عامر عن عبدالله الأسلمي هو ابن أنيس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع يده على صدره ثم قال "قل" فلم أدر ما أقول ثم قال لى "قل" قلت "هو الله أحد" ثم قال لي قل قلت "أعوذ برب الفلق من شر ما خلق" حتى فرغت منها ثم قال لي قل قلت "أعوذ برب الناس" حتى فرغت منها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "هكذا فتعوذ وما تعوذ المتعوذون بمثلهن قط" "حديث آخر" قال النسائي أنا عمرو بن علي أبو جعفر حدثنا بدل حدثنا شداد بن سعيد أبو طلحة عن سعيد الجريري حدثنا أبو نضرة عن جابر بن عبدالله قال; قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم "اقرأ يا جابر" قلت وما أقرأ بأبي أنت وأمي؟ قال اقرأ "قل أعوذ برب الفلق"- و- "قل أعوذ برب الناس" "فقرأتهما فقال "اقرأ بهما ولن تقرأ بمثلهما" وتقدم حديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بهن وينفث في كفيه ويمسح بهما رأسه ووجهه وما أقبل من جسده وقال الإمام مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذتين وينفث فلما اشتد وجعه كنت اقرأ عليه بالمعوذات وأمسح بيده عليه رجاء بركتها ورواه البخاري عن عبدالله بن يوسف ومسلم عن يحيى بن يحيى وأبو داود عن القعنبي والنسائي عن قتيبة ومن حديث ابن القاسم وعيسى بن يونس وابن ماجه من حديث معن وبشر بن عمر ثمانيتهم عن مالك به. وتقدم في آخر سورة "ن" من حديث أبي نضرة عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من أعين الجان وأعين الانسان فلما نزلت المعوذتين أخذ بهما وترك ما سواهما. رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه وقال الترمذي حديث حسن صحيح قال ابن أبي حاتم حدثنا أحمد بن عصام حدثنا أبو أحمد الزبيري حدثنا حسن بن صالح عن عبدالله بن محمد بن عقيل عن جابر قال; الفلق الصبح وقال العوفي عن ابن عباس "الفلق" الصبح وروي عن مجاهد وسعيد بن جبير وعبدالله بن محمد بن عقيل والحسن وقتادة ومحمد بن كعب القرظي وابن زيد ومالك عن زيد بن أسلم مثل هذا قال القرظي وابن زيد وابن جرير وهي كقوله تعالى "فالق الإصباح" وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس "الفلق" الخلق وكذا قال الضحاك أمر الله نبيه أن يتعوذ من الخلق كله وقال كعب الأحبار "الفلق" بيت في جهنم إذا فتح صاح جميع أهل النار من شدة حره ورواه ابن أبي حاتم ثم قال حدثنا أبي حدثنا سهيل بن عثمان عن رجل سماه عن السدي عن زيد بن علي عن آبائه أنهم قالوا "الفلق" جب في قعر جهنم عليه غطاء فإذا كشف عنه خرجت منه نار تضج منه جهنم من شدة حر ما يخرج منه وكذا روي عن عمرو بن عنبسة وابن عباس والسدي وغيرهم. وقد ورد في ذلك حديث مرفوع منكر فقال ابن جرير حدثني إسحاق بن وهب الواسطي حدثنا مسعود بن موسى بن مشكان الواسطي حدثنا نصر بن خزيمة الخراساني عن شعيب بن صفوان عن محمد بن كعب القرظي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "الفلق جب فى جهنم مغطى" إسناده غريب ولا يصح رفعه. وقال أبو عبدالرحمن الحبلي "الفلق" من أسماء جهنم. قال ابن جرير والصواب القول الأول أنه فلق الصبح وهذا هو الصحيح وهو اختيار البخاري في صحيحه رحمه الله تعالى.
تفسير سورة الفلقوهي خمس آياتو هي مكية في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر ، ومدنية في أحد قولي ابن عباس وقتادة وهذه السورة وسورة ( الناس ) و ( الإخلاص ) ; تعوذ بهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين سحرته اليهود ؛ على ما يأتي . وقيل ; إن المعوذتين كان يقال لهما المقشقشتان ؛ أي تبرئان من النفاق . وقد تقدم . وزعم ابن مسعود أنهما دعاء تعوذ به ، وليستا من القرآن ؛ خالف به الإجماع من الصحابة وأهل البيت . قال ابن قتيبة ; لم يكتب عبد الله بن مسعود في مصحفه المعوذتين ؛ لأنه كان يسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعوذ الحسن والحسين - رضي الله عنهما - بهما ، فقدر أنهما بمنزلة ; أعيذكما بكلمات الله التامة ، من كل شيطان وهامة ، ومن كل عين لامة . قال أبو بكر الأنباري ; وهذا مردود على ابن قتيبة ؛ لأن المعوذتين من كلام رب العالمين ، المعجز لجميع المخلوقين ؛ و ( أعيذكما بكلمات الله التامة ) من قول البشر بين . وكلام الخالق الذي هو آية لمحمد - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين ، وحجة له باقية على جميع الكافرين ، لا يلتبس بكلام الآدميين ، على مثل عبد الله بن مسعود الفصيح اللسان ، العالم باللغة ، العارف بأجناس الكلام ، وأفانين القول . وقال بعض الناس ; لم يكتب عبد الله المعوذتين لأنه أمن عليهما من النسيان ، فأسقطهما وهو يحفظهما ؛ كما أسقط فاتحة الكتاب من مصحفه ، وما يشك في حفظه وإتقانه لها . فرد هذا القول على قائله ، واحتج عليه بأنه قد كتب ; إذا جاء نصر الله والفتح ، و إنا أعطيناك الكوثر ، و قل هو الله أحد وهن يجرين مجرى المعوذتين في أنهن غير طوال ، والحفظ إليهن أسرع ، ونسيانهن مأمون ، وكلهن يخالف فاتحة الكتاب ؛ إذ الصلاة لا تتم إلا بقراءتها . وسبيل كل ركعة أن تكون المقدمة فيها قبل ما يقرأ من بعدها ، فإسقاط فاتحة الكتاب [ ص; 226 ] من المصحف ، على معنى الثقة ببقاء حفظها ، والأمن من نسيانها ، صحيح ، وليس من السور ما يجري في هذا المعنى مجراها ، ولا يسلك به طريقها . وقد مضى هذا المعنى في سورة ( الفاتحة ) . والحمد لله .بسم الله الرحمن الرحيم قل أعوذ برب الفلقروى النسائي عن عقبة بن عامر ، قال ; أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو راكب ، فوضعت يدي على قدمه ، فقلت ; أقرئني سورة ( هود ) أقرئني سورة يوسف . فقال لي ; " لن تقرأ شيئا أبلغ عند الله من قل أعوذ برب الفلق " . وعنه قال ; بينا أنا أسير مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الجحفة والأبواء ، إذ غشتنا ريح مظلمة شديدة ، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتعوذ بـ أعوذ برب الفلق ، و أعوذ برب الناس ، ويقول ; " يا عقبة ، تعوذ بهما فما تعوذ متعوذ بمثلهما " . قال ; وسمعته يقرأ بهما في الصلاة . وروى النسائي عن عبد الله قال ; أصابنا طش وظلمة ، فانتظرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخرج . ثم ذكر كلاما معناه ; فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلي بنا ، فقال ; قل . فقلت ; ما أقول ؟ قال ; " قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي ، وحين تصبح ثلاثا ، يكفيك كل شيء " .وعن عقبة بن عامر الجهني قال ; قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; " قل " . قلت ; ما أقول ؟ قال ; [ ص; 227 ] " قل ; قل هو الله أحد . قل أعوذ برب الفلق . قل أعوذ برب الناس - فقرأهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم قال ; لم يتعوذ الناس بمثلهن ، أو لا يتعوذ الناس بمثلهن " . وفي حديث ابن عباس ( قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس ، هاتين السورتين ) . وفي صحيح البخاري ومسلم عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا اشتكى قرأ على نفسه بالمعوذتين وينفث ، كلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه ، وأمسح عنه بيده ، رجاء بركتها . النفث ; النفخ ليس معه ريق .ثبت في الصحيحين من حديث عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سحره يهودي من يهود بني زريق ، يقال له لبيد بن الأعصم ، حتى يخيل إليه أنه كان يفعل الشيء ولا يفعله ، فمكث كذلك ما شاء الله أن يمكث - في غير الصحيح ; سنة - ثم قال ; " يا عائشة أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه . أتاني ملكان ، فجلس أحدهما عند رأسي ، والآخر عند رجلي ، فقال الذي عند رأسي للذي عند رجلي ; ما شأن الرجل ؟ قال ; مطبوب . قال ومن طبه ؟ قال لبيد بن الأعصم . قال في ماذا ؟ قال في مشط ومشاطة وجف طلعة ذكر ، تحت راعوفة في بئر ذي أروان " فجاء البئر واستخرجه . انتهى الصحيح .وقال ابن عباس ; " أما شعرت يا عائشة أن الله تعالى أخبرني بدائي " . ثم بعث عليا والزبير وعمار بن ياسر ، فنزحوا ماء تلك البئر كأنه نقاعة الحناء ، ثم رفعوا الصخرة وهي الراعوفة - صخرة تترك أسفل البئر يقوم عليها المائح ، وأخرجوا الجف ، فإذا مشاطة رأس إنسان ، وأسنان من مشط ، وإذا وتر معقود فيه إحدى عشرة عقدة مغرزة بالإبر ، فأنزل الله تعالى هاتين السورتين ، وهما إحدى عشرة آية على عدد تلك العقد ، وأمر أن يتعوذ بهما ؛ فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة ، ووجد النبي - صلى الله عليه وسلم - خفة ، حتى انحلت العقدة الأخيرة ، فكأنما أنشط من عقال ، وقال ; ليس به بأس . وجعل جبريل يرقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيقول ; " باسم الله أرقيك ، من كل شيء يؤذيك ، من شر حاسد وعين ، والله يشفيك " . فقالوا ; يا رسول الله ، ألا نقتل الخبيث . فقال ; " أما أنا فقد شفاني الله ، وأكره أن [ ص; 228 ] أثير على الناس شرا " . وذكر القشيري في تفسيره أنه ورد في الصحاح ; أن غلاما من اليهود كان يخدم النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فدست إليه اليهود ، ولم يزالوا به حتى أخذ مشاطة رأس النبي - صلى الله عليه وسلم - . والمشاطة ( بضم الميم ) ; ما يسقط من الشعر عند المشط . وأخذ عدة من أسنان مشطه ، فأعطاها اليهود ، فسحروه فيها ، وكان الذي تولى ذلك لبيد بن الأعصم اليهودي . وذكر نحو ما تقدم عن ابن عباس .تقدم في ( البقرة ) القول في السحر وحقيقته ، وما ينشأ عنه من الآلام والمفاسد ، وحكم الساحر ؛ فلا معنى لإعادته .قوله تعالى ; الفلق اختلف فيه ؛ فقيل ; سجن في جهنم ؛ قاله ابن عباس . وقال أبي بن كعب ; بيت في جهنم إذا فتح صاح أهل النار من حره . وقال الحبلي أبو عبد الرحمن ; هو اسم من أسماء جهنم . وقال الكلبي ; واد في جهنم . وقال عبد الله بن عمر ; شجرة في النار . سعيد بن جبير ; جب في النار . النحاس ; يقال لما اطمأن من الأرض فلق ؛ فعلى هذا يصح هذا القول . وقال جابر بن عبد الله والحسن وسعيد بن جبير أيضا ومجاهد وقتادة والقرظي وابن زيد ; الفلق ، الصبح . وقاله ابن عباس . تقول العرب ; هو أبين من فلق الصبح وفرق الصبح . وقال الشاعر ;يا ليلة لم أنمها بت مرتفقا أرعى النجوم إلى أن نور الفلقوقيل ; الفلق ; الجبال والصخور تنفرد بالمياه ؛ أي تتشقق . وقيل ; هو التفليق بين الجبال والصخور ؛ لأنها تتشقق من خوف الله - عز وجل - . قال زهير ;ما زلت أرمقهم حتى إذا هبطت أيدي الركاب بهم من راكس فلقاالراكس ; بطن الوادي . وكذلك هو في قول النابغة ;[ وعيد أبي قابوس في غير كنهه ] أتاني ودوني راكس فالضواجعوالراكس أيضا ; الهادي ، وهو الثور وسط البيدر ، تدور عليه الثيران في الدياسة . وقيل ; الرحم تنفلق بالحيوان . وقيل ; إنه كل ما انفلق عن جميع ما خلق من الحيوان والصبح والحب [ ص; 229 ] والنوى ، وكل شيء من نبات وغيره ؛ قاله الحسن وغيره . قال الضحاك ; الفلق الخلق كله ؛ قال ;وسوس يدعو مخلصا رب الفلق سرا وقد أون تأوين العقققلت ; هذا القول يشهد له الاشتقاق ؛ فإن الفلق الشق . فلقت الشيء فلقا أي شققته . والتفليق مثله . يقال ; فلقته فانفلق وتفلق . فكل ما انفلق عن شيء من حيوان وصبح وحب ونوى وماء فهو فلق ؛ قال الله تعالى ; فالق الإصباح قال ; فالق الحب والنوى . وقال ذو الرمة يصف الثور الوحشي ;حتى إذا ما انجلى عن وجهه فلق هاديه في أخريات الليل منتصبيعني بالفلق هنا ; الصبح بعينه . والفلق أيضا ; المطمئن من الأرض بين الربوتين ، وجمعه ; فلقان ؛ مثل خلق وخلقان ، وربما قال ; كان ذلك بفالق كذا وكذا ؛ يريدون المكان المنحدر بين الربوتين ، والفلق أيضا مقطرة السجان . فأما الفلق ( بالكسر ) ; فالداهية والأمر العجب ؛ تقول منه ; أفلق الرجل وافتلق . وشاعر مفلق ، وقد جاء بالفلق أي بالداهية . والفلق أيضا ; القضيب يشق باثنين ، فيعمل منه قوسان ، يقال لكل واحدة منهما فلق ، وقولهم ; جاء بعلق فلق ؛ وهي الداهية ؛ لا يجرى [ مجرى عمر ] . يقال منه ; أعلقت وأفلقت ؛ أي جئت بعلق فلق . ومر يفتلق في عدوه ؛ أي يأتي بالعجب من شدته .
القول في تأويل قوله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه; قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم; قل يا محمد، أستجير بربّ الفلق من شرّ ما خلق من الخلق.واختلف أهل التأويل في معنى ( الفلق ) فقال بعضهم; هو سجن في جهنم يسمى هذا الاسم.* ذكر من قال ذلك;حدثني الحسين بن يزيد الطحان، قال; ثنا عبد السلام بن حرب، عن إسحاق بن عبد الله، عمن حدثه عن ابن عباس قال; ( الفلق ); سجن في جهنم .حدثنا ابن بشار، قال; ثنا أبو أحمد الزبيري، قال; ثنا عبد السلام بن حرب، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، عن رجل، عن ابن عباس، في قوله; ( الفَلَقِ ) ; سجن في جهنم .حدثني يعقوب، قال; ثنا هشيم، قال; أخبرنا العوّام بن عبد الجبار الجولاني، قال; قَدم رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الشأم، قال; فنظر إلى دور أهل الذمة، وما هم فيه من العيش والنضارة، وما وُسِّع عليهم في دنياهم، قال; فقال; لا أبا لك أليس من ورائهم الفلق؟ قال; قيل; وما الفلق؟ قال; بيت في جهنم إذ فُتح هَرّ أهْلُ النار .حدثنا ابن بشار، قال; ثنا عبد الرحمن، قال; ثنا سفيان، قال; سمعت السديّ يقول; ( الفَلَق ) ; جُب في جهنم .حدثني عليّ بن حسن الأزدي، قال; ثنا الأشجعيّ، عن سفيان، عن السديّ، مثله.حدثنا ابن حميد، قال; ثنا مهران، عن سفيان، عن السديّ، مثله.حدثني إسحاق بن وهب الواسطيُّ، قال; ثنا مسعود بن موسى بن مشكان الواسطيُّ، قال; ثنا نصر بن خُزَيمة الخراساني، عن شعيب بن صفوان، عن محمد بن كعب القُرَظِيِّ، عن أبي هُريرة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال; " الفَلَق; جبّ في جهنم مغطًّى " .حدثنا ابن البرقي، قال; ثنا ابن أبي مريم، قال; ثنا نافع بن يزيد، قال; ثنا يحيى بن أبي أسيد عن ابن عجلان، عن أبي عبيد، عن كعب، أنه دخل كنيسة فأعجبه حُسنها، فقال; أحسن عمل وأضلّ قوم، رضيت لكم الفلق، قيل; وما الفلق؟ قال; بيت في جهنم إذا فُتح صاح جميع أهل النار من شدّة حرّه .وقال آخرون; هو اسم من أسماء جهنم.* ذكر من قال ذلك;حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; سمعت خيثم بن عبد الله يقول; سألت أبا عبد الرحمن الحبلي، عن ( الفلق ) ، قال; هي جهنم .وقال آخرون; الفلق; الصبح.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن سعد، قال; ثني أبي، قال; ثني عمي، قال; ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس; ( أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) قال; ( الفلق ); الصبح .حدثنا ابن بشار، قال; ثنا ابن أبي عديّ، قال; أنبأنا عوف، عن الحسن، في هذه الآية ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) قال; ( الفلق ); الصبح .قال; ثنا عبد الرحمن، قال; ثنا سفيان، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جُبير، قال; ( الفلق ) ; الصبح .حدثنا أبو كُرَيب، قال; ثنا وكيع؛ وحدثنا ابن حميد، قال; ثنا مهران جميعا، عن سفيان، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جُبير، مثله.حدثني عليّ بن الحسن الأزدي، قال; ثنا الأشجعيّ، عن سفيان، عن سالم، عن سعيد بن جُبير، مثله.حدثنا أبو كُرَيب، قال; ثنا وكيع، عن الحسن بن صالح، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر، قال; ( الفَلَق ); الصبح .حدثنا ابن بشار، قال; ثنا أبو أحمد، قال; ثنا الحسن بن صالح، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله، مثله.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، أخبرنا أبو صخر، عن القُرَظِيّ أنه كان يقول في هذه الآية; ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) يقول; فالق الحبّ والنوى، قال; فالق الإصباح .حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله; ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) قال; الصبح .حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) قال; ( الفَلَق ); فَلق النهار .حدثنا ابن عبد الأعلى، قال; ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال; ( الفلق ); فلق الصبح .حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد، في قول الله; ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) قيل له; فلق الصبح؟ قال; نعم، وقرأ; فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا .وقال آخرون; ( الفلَق ); الخلق، ومعنى الكلام; قل أعوذ بربّ الخلق.* ذكر من قال ذلك;حدثني عليّ، قال; لنا أبو صالح، قال; ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله; ( الفلق ) ; يعني; الخلق .والصواب من القول في ذلك أن يقال; إن الله جلّ ثناؤه أمر نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم أن يقول; ( أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) والفلق في كلام العرب; فلق الصبح، تقول العرب; هو أبين من فَلَق الصُّبح، ومن فرق الصبح. وجائز أن يكون في جهنم سجن &; 24-702 &; اسمه فَلَق. وإذا كان ذلك كذلك، ولم يكن جلّ ثناؤه وضعَ دلالة على أنه عُنِي بقوله; ( بِرَبِّ الْفَلَقِ ) بعض ما يُدْعَى الفلق دون بعض، وكان الله تعالى ذكره ربّ كل ما خلق من شيء، وجب أن يكون معنيا به كل ما اسمه الفَلَق، إذ كان ربّ جميع ذلك.
أي: { قل } متعوذًا { أَعُوذُ } أي: ألجأ وألوذ، وأعتصم { بِرَبِّ الْفَلَقِ } أي: فالق الحب والنوى، وفالق الإصباح.
(بربّ) متعلّق بـ (أعوذ) ،
(من شرّ) متعلّق بـ (أعوذ) في المواضع الأربعة
(ما) اسم موصول في محلّ جرّ مضاف إليه ، والعائد محذوف
(إذا) ظرف في محلّ نصب مجرّد من الشرط متعلّق بالمصدر
(شرّ غاسق) ،
(في العقد) متعلّق بـ (النفّاثات) ،
(إذا) مثل الأول متعلّق بالمصدر
(شر حاسد) ..
جملة: «قل ... » لا محلّ لها ابتدائيّة.
وجملة: «أعوذ ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «خلق ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .وجملة: «وقب ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «حسد ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
- القرآن الكريم - الفلق١١٣ :١
Al-Falaq113:1