وَجَآءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلٰى دَلْوَهُۥ ۖ قَالَ يٰبُشْرٰى هٰذَا غُلٰمٌ ۚ وَأَسَرُّوهُ بِضٰعَةً ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌۢ بِمَا يَعْمَلُونَ
وَجَآءَتۡ سَيَّارَةٌ فَاَرۡسَلُوۡا وَارِدَهُمۡ فَاَدۡلٰى دَلۡوَهٗ ؕ قَالَ يٰبُشۡرٰى هٰذَا غُلٰمٌ ؕ وَاَسَرُّوۡهُ بِضَاعَةً ؕ وَاللّٰهُ عَلِيۡمٌۢ بِمَا يَعۡمَلُوۡنَ
تفسير ميسر:
وجاءت جماعة من المسافرين، فأرسلوا مَن يطلب لهم الماء، فلما أرسل دلوه في البئر تعلَّق بها يوسف، فقال واردهم; يا بشراي هذا غلام نفيس، وأخفى الواردُ وأصحابه يوسفَ من بقية المسافرين فلم يظهروه لهم، وقالوا; إن هذه بضاعة استبضعناها، والله عليم بما يعملونه بيوسف.
يقول تعالى مخبرا عما جرى ليوسف حين ألقاه إخوته وتركوه في ذلك الجب وحيدا فريدا فمكث عليه السلام في البئر ثلاثة أيام فيما قاله أبو بكر بن عياش وقال محمد بن إسحاق لما ألقاه إخوته جلسوا حول البئر يومهم ذلك ينظرون ماذا يصنع وما يصنع به فساق الله له سيارة فنزلوا قريبا من تلك البئر وأرسلوا واردهم هو الذي يتطلب لهم الماء فلما جاء ذلك البئر وأدلى بدلوه فيها تشبث يوسف عليه السلام فيها فأخرجه واستبشر به وقال "يا بشرى هذا غلام" وقرأ بعض القراء يا بشراي فزعم السدي أنه اسم رجل ناداه ذلك الرجل الذي أدلى بدلوه معلما له أنه أصاب غلاما وهذا القول من السدي غريب لأنه لم يسبق إلى تفسير هذه القراءة بهذا إلا في رواية عن ابن عباس والله أعلم. وإنما معنى القراءة على هذا النحو يرجع إلى القراءة الأخرى ويكون قد أضـاف البشرى إلى نفسه وحذف ياء الإضافة وهو يريدها كما تقول العرب يا نفس اصبري يا غلام أقبل بحذف حرف الإضافة ويجوز الكسر حينئذ والرفع وهذا منه وتفسرها القراءة الأخرى يا بشراي والله أعلم. وقوله " وأسروه بضاعة " أي وأسره الواردون من بقية السيارة وقالوا اشتريناه وتبضعناه من أصحاب الماء مخافة أن يشاركوهم فيه إذا علموا خبره. قاله مجاهد والسدي وابن جرير هذا قول وقال العوفي عن بن عباس قوله " وأسروه بضاعة " يعني إخوة يوسف أسروا شأنه وكتموا أن يكون أخاهم وكتم يوسف شأنه مخافة أن يقتله إخوته واختار البيع فذكره إخوته لوارد القوم فنادى أصحابه " يا بشرى هذا غلام " يباع فباعه إخوته وقوله " والله عليم بما يعملون " أي عليم بما يفعله إخوة يوسف ومشتروه وهو قادر على تغيير ذلك ودفعه ولكن له حكمة وقدر سابق فترك ذلك ليمضي ما قدره وقضاه " ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين " وفي هذا تعريض لرسوله محمد صلي الله عليه وسلم لإعلام له بأني عالم بأذي قومك لك وأنا قادر على الإنكار عليهم ولكني سأملي لهم ثم أجعل لك العاقبة والحكم عليهم كما جعلت ليوسف الحكم والعاقبة على إخوته.
قوله تعالى ; وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه قال يابشرى هذا غلام وأسروه بضاعة والله عليم بما يعملون [ ص; 135 ] قوله تعالى ; وجاءت سيارة أي رفقة مارة يسيرون من الشام إلى مصر فأخطئوا الطريق وهاموا حتى نزلوا قريبا من الجب ، وكان الجب في قفرة بعيدة من العمران ، إنما هو للرعاة والمجتاز ، وكان ماؤه ملحا فعذب حين ألقي فيه يوسف .فأرسلوا واردهم فذكر على المعنى ; ولو قال ; فأرسلت واردها لكان على اللفظ ، مثل وجاءت . والوارد الذي يرد الماء يستقي للقوم ; وكان اسمه - فيما ذكر المفسرون - مالك بن دعر ، من العرب العاربة .فأدلى دلوه أي أرسله ; يقال ; أدلى دلوه إذا أرسلها ليملأها ، ودلاها أي أخرجها ; عن الأصمعي وغيره . ودلا - من ذات الواو - يدلو دلوا ، أي جذب وأخرج ، وكذلك أدلى إذا أرسل ، فلما ثقل ردوه إلى الياء ، لأنها أخف من الواو ; قال الكوفيون . وقال الخليل وسيبويه ; لما جاوز ثلاثة أحرف رجع إلى الياء ، اتباعا للمستقبل . وجمع دلو في أقل العدد أدل فإذا كثرت قلت ; دلي ودلي ; فقلبت الواو ياء ، إلا أن الجمع بابه التغيير ، وليفرق بين الواحد والجمع ; ودلاء أيضا .فتعلق يوسف بالحبل ، فلما خرج إذا غلام كالقمر ليلة البدر ، أحسن ما يكون من الغلمان . قال - صلى الله عليه وسلم - في حديث الإسراء من صحيح مسلم ; فإذا أنا بيوسف إذا هو قد أعطي شطر الحسن . وقال كعب الأحبار ; كان يوسف حسن الوجه ، جعد الشعر ، ضخم العينين ، مستوي الخلق ، أبيض اللون ، غليظ الساعدين والعضدين ، خميص البطن ، صغير السرة ، إذا ابتسم رأيت النور من ضواحكه ، وإذا تكلم رأيت في كلامه شعاع الشمس من ثناياه ، لا يستطيع أحد وصفه ; وكان حسنه كضوء النهار عند الليل ، وكان يشبه آدم - عليه السلام - يوم خلقه الله ونفخ فيه من روحه قبل أن يصيب المعصية ، وقيل ; إنه ورث ذلك الجمال من جدته سارة ; وكانت قد أعطيت سدس الحسن ; فلما رآه مالك بن دعر قال ; " يا بشراي هذا غلام " هذه قراءة أهل المدينة وأهل البصرة ; إلا ابن أبي إسحاق فإنه قرأ " يا بشري هذا غلام " فقلب الألف ياء ، لأن هذه الياء يكسر ما قبلها ، فلما لم يجز كسر الألف كان قلبها عوضا . وقرأ أهل الكوفة " يا بشرى " غير مضاف ; وفي معناه قولان ; أحدهما ; اسم الغلام ، والثاني ; معناه يا أيتها البشرى هذا حينك وأوانك . قال قتادة والسدي ; لما أدلى المدلي دلوه تعلق بها يوسف فقال ; يا بشرى هذا غلام ; قال قتادة ; بشر أصحابه بأنه وجد عبدا . وقال السدي ; نادى رجلا اسمه بشرى . قال النحاس ; قول قتادة أولى ; لأنه لم يأت في القرآن تسمية أحد إلا يسيرا ; وإنما يأتي بالكناية كما قال - عز وجل - ; ويوم يعض الظالم على يديه [ ص; 136 ] وهو عقبة بن أبي معيط ، وبعده يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا وهو أمية بن خلف ; قاله النحاس . والمعنى في نداء البشرى ; التبشير لمن حضر ; وهو أوكد من قولك تبشرت ، كما تقول ; يا عجباه ! أي يا عجب هذا من أيامك ومن آياتك ، فاحضر ; وهذا مذهب سيبويه ، وكذا قال السهيلي . وقيل ; هو كما تقول ; واسروراه ! وأن البشرى مصدر من الاستبشار ; وهذا أصح ; لأنه لو كان اسما علما لم يكن مضافا إلى ضمير المتكلم ; وعلى هذا يكون " بشراي " في موضع نصب ، لأنه نداء مضاف ; ومعنى النداء هاهنا التنبيه ، أي انتبهوا لفرحتي وسروري ; وعلى قول السدي يكون في موضع رفع كما تقول ; يا زيد هذا غلام . ويجوز أن يكون محله نصبا كقولك ; يا رجلا ، وقوله ; يا حسرة على العباد ولكنه لم ينون " بشرى " لأنه لا ينصرف .وأسروه بضاعة الهاء كناية عن يوسف - عليه السلام - فأما الواو فكناية عن إخوته . وقيل ; عن التجار الذين اشتروه ، وقيل ; عن الوارد وأصحابه . " بضاعة " نصب على الحال . قال مجاهد ; أسره مالك بن دعر وأصحابه من التجار الذين معهم في الرفقة ، وقالوا لهم ; هو بضاعة استبضعناها بعض أهل الشام أو أهل هذا الماء إلى مصر ; وإنما قالوا هذا خيفة الشركة . وقال ابن عباس ; أسره إخوة يوسف بضاعة لما استخرج من الجب ; وذلك أنهم جاءوا فقالوا ; بئس ما صنعتم ! هذا عبد لنا أبق ، وقالوا ليوسف بالعبرانية ; إما أن تقر لنا بالعبودية فنبيعك من هؤلاء ، وإما أن نأخذك فنقتلك ; فقال ; أنا أقر لكم بالعبودية ، فأقر لهم فباعوه منهم . وقيل ; إن يهوذا وصى أخاه يوسف بلسانهم أن اعترف لإخوتك بالعبودية فإني أخشى إن لم تفعل قتلوك ; فلعل الله أن يجعل لك مخرجا ، وتنجو من القتل ، فكتم يوسف شأنه مخافة أن يقتله إخوته ; فقال مالك ; والله ما هذه سمة العبيد ! ، قالوا ; هو تربى في حجورنا ، وتخلق بأخلاقنا ، وتأدب بآدابنا ; فقال ; ما تقول يا غلام ؟ قال ; صدقوا ! تربيت في حجورهم ، وتخلقت بأخلاقهم ; فقال مالك ; إن بعتموه مني اشتريته منكم ; فباعوه منه .
القول في تأويل قوله تعالى ; وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (19)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره; وجاءت مارَّةُ الطريق من المسافرين (19) ، (فأرسلوا واردهم) وهو الذي يرد المنهل والمنـزل , و " وروده إياه "، مصيره إليه ودخوله (20) .(فأدلى دلوه) يقول; أرسل دلوه في البئر.* * *يقال; " أدليت الدلو في البئر " إذا أرسلتها فيه , فإذا استقيت فيها قلت; " دلوْتُ أدْلُو دلوًا ".* * *وفي الكلام محذوف، استغنى بدلالة ما ذكر عليه، فترك , وذلك; (فأدلى دلوه) ، فتعلق به يُوسف، فخرج , فقال المدلي; (يا بشرى هذا غلام) .* * *وبالذي قلنا في ذلك , جاءت الأخبار عن أهل التأويل .* ذكر من قال ذلك;18880 - حدثنا ابن وكيع , قال; حدثنا عمرو بن محمد , عن أسباط , عن السدي; (وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه) فتعلق يوسف بالحبل، فخرج , فلما رآه صاحب الحبل نادَى رجلا من أصحابه يقال له " بُشرى "; (يا بشرى هذا غلامٌ).18881 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى , قال; حدثنا محمد بن ثور , عن معمر , عن قتادة; (فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه) فتشبث الغلام بالدلو , فلما خرج قال; (يا بشرى هذا غلام) .* * *18882 - حدثنا بشر , قال; حدثنا يزيد , قال; حدثنا سعيد , عن قتادة , قوله; (فأرسلوا واردهم) يقول; أرسلوا رسولهم , فلما أدلى دلوه تشبث بها الغلام ( ، (قال يا بشرى هذا غلام).* * *واختلفوا في معنى قوله;; (يا بشرى هذا غلام).فقال بعضهم; ذلك تبشير من المدلي دلوَه أصحابَه، في إصابته يوسف بأنه أصاب عبدًا (21) .* ذكر من قال ذلك;18883 - حدثنا بشر , قال; حدثنا يزيد , قال; حدثنا سعيد , عن قتادة; (قال يا بشرى هذا غلام) تباشروا به حين أخرجوه . وهي بئر بأرض بيت المقدس معلومٌ مكانها18884 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى , قال; حدثنا محمد بن ثور , عن معمر , عن قتادة; (يا بشرى هذا غلام) قال; بشّرهم واردهم حين وجدَ يوسف.* * *وقال آخرون; بل ذلك اسم رجل من السيَّارة بعينه، ناداه المدلي لما خرج يوسف من البئر متعلِّقًا بالحبل .* ذكر من قال ذلك;18885 - حدثنا ابن وكيع , قال; حدثنا عمرو بن محمد , قال; حدثنا أسباط , عن السدي; (يا بشرى هذا غلام) قال; نادى رجلا من أصحابه يقال له " بشرى " , فقال; (يا بشرى هذا غلام).18886 - حدثنا الحسن بن محمد , قال; حدثنا خلف بن هشام , قال; حدثنا يحيى بن آدم , عن قيس بن الربيع , عن السدي , في قوله; (يا بشرى هذا غلام) قال; كان اسم صاحبه " بشرى ".18887 - حدثني المثنى , قال; حدثنا إسحاق , قال; حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد , قال; حدثنا الحكم بن ظهير , عن السدي , في قوله; (يا بشرى هذا غلام) قال; اسم الغلام " بشرى " ; قال; " يا بشرى " , كما تقول "; يا زيد ".* * *واختلفت القراء في قراءة ذلك;فقرأ ذلك عامة قراء أهل المدينة; " يا بُشْرَيَّ" بإثبات ياء الإضافة , غير أنه أدغم الألف في الياء طلبا للكسرة التي تلزم ما قبل ياء الإضافة من المتكلم، في قولهم "; غلامي" و " جاريتي"، في كل حال , وذلك من لغة طيئ , (22) كما قال أبو ذؤيب;سَــبَقوا هَــوَيَّ وأَعْنَقُـوا لِهَـوَاهُمُفَتُخِــرِّمُوا وَلِكُــلِّ جَـنْبٍ مَصْـرَعُ (23)* * *وقرأ ذلك عامة قرأة الكوفيين; (يا بُشْرَى) بإرسال الياء وترك الإضافة .وإذا قرئ ذلك كذلك احتمل وجهين من التأويل;أحدهما ما قاله السدي , وهو أن يكون اسم رجل دعاه المستقي باسمه , كما يقال; " يا زيد " , و " يا عمرو " , فيكون " بشرى " في موضع رفع بالنداء.والآخر; أن يكون أرادَ إضافة البشرى إلى نفسه , فحذف الياء وهو يريدها , فيكون مفردًا وفيه نيَّة الإضافة , كما تفعل العرب في النداء فتقول; " يا نفس اصبري" , و " يا نفسي اصبري" , و " يا بُنَيُّ لا تفعل " , و " يا بُنَيِّ لا تفعل " , فتفرد وترفع، وفيه نية الإضافة. وتضيف أحيانًا فتكسر , كما تقول; " يا غلامِ أقبل " , و " يا غلامي أقبل " .* * *قال أبو جعفر; وأعجب القراءة في ذلك إليَّ قراءةُ من قرأه بإرسال الياء وتسكينها ; لأنه إن كان اسم رجل بعينِه كان معروفًا فيهم كما قال السدي , فتلك هي القراءة الصحيحة لا شك فيها (24) . وإن كان من التبشير فإنه يحتمل ذلك إذا قرئ كذلك على ما بيَّنت.وأما التشديد والإضافة في الياء، فقراءة شاذة، لا أرى القراءة بها , وإن كانت لغة معروفة ; لإجماع الحجة من القرأة على خلافها .* * *وأما قوله; (وأسروه بضاعة) فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله.فقال بعضهم; وأسرَّه الوارد المستقي وأصحابُه من التجار الذين كانوا معهم , وقالوا لهم "; هو بضاعة استبضعناها بعضَ أهل مصر " ; لأنهم خافوا إن علموا أنهم اشتروه بما اشتروه به أن يطلبوا منهم فيه الشركة .* ذكر من قال ذلك;18888 - حدثني محمد بن عمرو , قال; حدثنا أبو عاصم , قال; حدثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد; (وأسرو بضاعة) قال; صاحب الدلو ومن معه , قالوا لأصحابهم; " إنما استبضعناه " , خيفةَ أن يشركوهم فيه إن علموا بثمنه. وتبعهم إخوته يقولون للمدلي وأصحابه; استوثق منه لا يأبَقْ ! حتى وَقَفوه بمصر , فقال; من يبتاعني ويُبَشَّر؟ فاشتراه الملك , والملك مُسلم.18889 - حدثنا الحسن بن محمد , قال; حدثنا شبابة , قال; حدثنا ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد بنحوه ، غير أنه قال; خيفة أن يستشركوهم إن علموا به , واتبعهم إخوته يقولون للمدلي وأصحابه; استوثقوا منه لا يأبق ! حتى واقفوه بمصر (25) ، وسائر الحديث مثل حديث محمد بن عمرو.18890 - حدثني المثنى , قال; حدثنا أبو حذيفة , قال; حدثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد ،18891 - .... قال; وحدثنا إسحاق , قال; حدثنا عبد الله , عن ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , بنحوه ، غير أنه قال; خيفة أن يشاركوهم فيه، إن علموا بثمنه .18892 - حدثنا القاسم , قال; حدثنا الحسين , قال حدثني حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد , بنحوه ، إلا أنه قال; خيفة أن يستشركوهم فيه إن علموا ثمنه . وقال أيضًا; حتى أوقفوه بمصر.18893 - حدثنا ابن وكيع , قال; حدثنا عمرو بن محمد , قال; حدثنا أسباط , عن السدي; (وأسروه بضاعة) قال; لما اشتراه الرجلان فَرَقًا من الرفقة أن يقولوا; " اشتريناه " فيسألونهم الشركة , فقالا إن سألونا ما هذا؟ قلنا بضاعة استبضَعَناه أهل الماء . فذلك قوله; (وأسروه بضاعة) بينهم* * *وقال آخرون; بل معنى ذلك; وأسرّه التجار بعضهم من بعض .* ذكر من قال ذلك;18894 - حدثنا أبو كريب , قال; حدثنا وكيع , عن سفيان , عن رجل , عن مجاهد; (وأسروه بضاعة) قال; أسرّه التجار بعضهم من بعض.18895 - حدثني المثنى , قال; حدثنا أبو نعيم الفضل , قال; حدثنا سفيان , عن مجاهد; (وأسروه بضاعة) قال; أسرّه التجار بعضهم من بعض.* * *وقال آخرون; معنى ذلك; أسرُّوا بيعَه .* ذكر من قال ذلك;18896 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال; أخبرنا عبد الرزاق , قال; أخبرنا معمر , عن قتادة; (وأسروه بضاعة) قال; أسروا بيعه.18897 - حدثني الحارث , قال; حدثنا عبد العزيز , قال; حدثنا قيس , عن جابر , عن مجاهد; (وأسروه بضاعة) قال; قالوا لأهل الماء; إنما هو بضاعة .* * *وقال آخرون; إنما عني بقوله; (وأسروه بضاعة) إخوة يوسف، أنهم أسرُّوا شأن يوسف أن يكون أخَاهم , قالوا; هو عبدٌ لنا .* ذكر من قال ذلك;18898 - حدثني محمد بن سعد , قال; حدثني أبي , قال; حدثني عمي , قال; حدثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس قوله; (وأسروه بضاعة) يعني; إخوة يوسف أسرُّوا شأنه وكتموا أن يكون أخاهم , فكتم يوسف شأنه مخافةَ أن تقتله إخوته , واختار البيع . فذكره إخوته لوارد القوم , فنادى أصحابه قال; يا بشرى! هذا غلامٌ يباع . فباعه إخوته.قال أبو جعفر; وأولى هذه الأقوال بالصواب; قولُ من قال; " وأسرَّ وارد القوم المدلي دلوَه ومن معه من أصحابه، من رفقته السيارة، أمرَ يوسف أنهم أشتروه، خيفةً منهم أن يستشركوهم , وقالوا لهم; هو بضاعة أبضَعَها معنا أهل الماء ، وذلك أنه عقيب الخبر عنه , فلأن يكون ما وليه من الخبر خبرًا عنه , أشبهُ من أن يكون خبرًا عمَّن هو بالخبر عنه غيرُ متَّصِل (26) .* * *وقوله; (والله عليم بما يعملون) يقول تعالى ذكره; والله ذو علم بما يعمله باعَةُ يوسف ومشتروه في أمره، لا يخفى عليه من ذلك شيء , ولكنه ترك تغيير ذلك ليمضي فيه وفيهم حكمه السابق في علمه , وليري إخوة يوسف ويوسف وأباه قدرتَه فيه. (27)* * *وهذا , وإن كان خبرًا من الله تعالى ذكره عن يوسف نبيّه صلى الله عليه وسلم , فإنه تذكير من الله نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم، وتسلية منه له عما كان يلقى من أقربائه وأنسبائه المشركين من الأذى فيه , يقول ; فاصبر، يا محمد، على ما نالك في الله , فإنّي قادرٌ على تغيير ما ينالك به هؤلاء المشركون , كما كنت قادرًا على تغيير ما لقي يوسف من إخوته في حال ما كانوا يفعلون به ما فعلوا , ولم يكن تركي ذلك لهوان يوسف عليّ، ولكن لماضي علمي فيه وفي إخوته , فكذلك تركي تغييرَ ما ينالك به هؤلاء المشركون لغير هوان بك عليّ , ولكن لسابق علمي فيك وفيهم , ثم يصير أمرُك وأمرهم إلى عُلوّك عليهم، وإذعانهم لك , كما صار أمر إخوة يوسف إلى الإذعان ليوسف بالسؤدد عليهم، وعلوِّ يوسف عليهم. (28)* * *----------------------الهوامش;(19) انظر تفسير" السيارة" فيما سلف 15 ; 567 ، تعليق ; 1 ، والمراجع هناك .(20) انظر تفسير" الورود" فيما سلف 15 ; 466 .(21) انظر تفسير" البشرى" فيما سلف من فهارس اللغة ( بشر ) .(22) ولغة هذيل أيضًا ، كما قال الأصمعي .(23) ديوانه ( في ديوان الهذليين ) 1 ; 2 ، وشرح المفضليات ; 854 ، وغيرهما ، وهي إحدى عجائب أبي ذؤيب ، يقولها في بنيه الذين ماتوا ، سبقه بهم الطاعون في عام واحد ، وكانوا خمسة ;أَوْدَى بَنِــيَّ , وأعْقَبُــونِي غُصَّـةًبَعْــدَ الرُّقــادِ , وعَــبْرةً لا تُقْلِـعُسَـــبَقوا هـــوَيَّ ............... . . . . . . . . . . . . . . . . . .فَغَــبَرْتُ بَعْــدَهُمُ بعَيْشٍ نــاصِبٍوَإخــالُ أنِّــي لاحِــقٌ مُسْــتَتْبِعُيقول; سبقوني بما اختاروه من الموت والذهاب ، وساروا سيرًا حثيثًا إلى الذي اختاروه ، فتخرمتهم المنية ، فأخذتهم واحدًا بعد واحد . ولكل جنب مصرع لا يخطئه ، فحيث قدر الله له الميتة أدركته .(24) في المطبوعة والمخطوطة ;" فذلك هي ....." ، والأجود ما أثبت .(25) في المطبوعة ;" حتى أوقفوه" ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو الصواب ، وانظر هذه الرواية في رقم ; 18892 .(26) انظر تفسير" الإسرار" فيما سلف 15 ; 103 ، 239 .(27) انظر تفسير" عليم" فيما سلف من فهارس اللغة ( علم ) .(28) عند هذا الموضع انتهى الجزء الثاني عشر من مخطوطتنا ، وفي آخرها ما نصه ;" نجز الجزء الثاني عشر ، بحمد الله وعونه وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم يتلوه في أول الجزء الثالث عشر إن شاء الله تعالى ; القول في تأويل قوله تعالى ; { وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين } وكان الفراغ منه في شهر رمضان المعظم سنة خمس عشرة وسبعمئة" .
تفسير الآيتين 19 و20 :ـ أي: مكث يوسف في الجب ما مكث، حتى { جَاءَتْ سَيَّارَةٌ } أي: قافلة تريد مصر، { فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ } أي: فرطهم ومقدمهم، الذي يعس لهم المياه، ويسبرها ويستعد لهم بتهيئة الحياض ونحو ذلك، { فَأَدْلَى } ذلك الوارد { دَلْوَهُ } فتعلق فيه يوسف عليه السلام وخرج. { قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ } أي: استبشر وقال: هذا غلام نفيس، { وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً } وكان إخوته قريبا منه، فاشتراه السيارة منهم، { بِثَمَنٍ بَخْسٍ } أي: قليل جدا، فسره بقوله: { دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ } لأنه لم يكن لهم قصد إلا تغييبه وإبعاده عن أبيه، ولم يكن لهم قصد في أخذ ثمنه، والمعنى في هذا: أن السيارة لما وجدوه، عزموا أن يُسِرُّوا أمره، ويجعلوه من جملة بضائعهم التي معهم، حتى جاءهم إخوته فزعموا أنه عبد أبق منهم، فاشتروه منهم بذلك الثمن، واستوثقوا منهم فيه لئلا يهرب، والله أعلم.
(الواو) استئنافيّة
(جاءت) مثل سوّلت ،
(سيارة) فاعل مرفوع
(الفاء) عاطفة
(أرسلوا) مثل جاؤوا
(واردهم) مفعول به منصوب.. و (هم) مضاف إليه
(الفاء) عاطفة
(أدلى) ماض مبنيّ على الفتح المقدّر على الألف، والفاعل هو (دلوه) مثل واردهم
(قال) مرّ إعرابه ،
(يا) أداة نداء وتعجّبـ (بشرى) منادى نكرة مقصودة مبنيّ على الضمّ في محلّ نصبـ (ها) حرف تنبيه
(ذا) اسم إشارة مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ
(غلام) خبر مرفوع
(الواو) استئنافيّة
(أسرّوا) مثل جاؤوا ، و (الهاء) ضمير مفعول به وهو على حذف مضاف أي أمره ،
(بضاعة) حال من فاعل أسرّوا ،
(الواو) استئنافيّة
(اللَّه) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع
(عليم) خبر مرفوع
(الباء) حرف جرّ
(ما) حرف مصدريّ ،
(يعملون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل.
والمصدر المؤوّلـ (ما يعملون..) في محلّ جرّ بالباء متعلّق بعليم.
جملة: «جاءت سيّارة ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «أرسلوا ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «أدلى ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة أرسلوا.
وجملة: «قال ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ متعلّق بالكلام المقدّر في مجرى القصّة أي: فتعلّق يوسف بالدلو فأخرجه الوارد فلمّا رآه قال يا بشرى.وجملة: «التعجّب يا بشرى ... » لا محلّ لها اعتراض تعجّبي.
وجملة: «هذا غلام ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «أسرّوه ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «اللَّه عليم ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يعملون ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ.