وَقَالَ لِلَّذِى ظَنَّ أَنَّهُۥ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِى عِندَ رَبِّكَ فَأَنسٰىهُ الشَّيْطٰنُ ذِكْرَ رَبِّهِۦ فَلَبِثَ فِى السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ
وَقَالَ لِلَّذِىۡ ظَنَّ اَنَّهٗ نَاجٍ مِّنۡهُمَا اذۡكُرۡنِىۡ عِنۡدَ رَبِّكَ فَاَنۡسٰٮهُ الشَّيۡطٰنُ ذِكۡرَ رَبِّهٖ فَلَبِثَ فِى السِّجۡنِ بِضۡعَ سِنِيۡنَ
تفسير ميسر:
وقال يوسف للذي علم أنه ناجٍ من صاحبيه; اذكرني عند سيِّدك الملك وأخبره بأني مظلوم محبوس بلا ذنب، فأنسى الشيطان ذلك الرجل أن يذكر للملك حال يوسف، فمكث يوسف بعد ذلك في السجن عدة سنوات.
ولما ظن يوسف عليه السلام أن الساقي ناج قال له يوسف خفية عن الآخر والله أعلم لئلا يشعره أنه المصلوب قال له " اذكرني عند ربك " يقول اذكر قصتي عند ربك وهو الملك فنسي ذلك الموصى أن يذكر مولاه الملك بذلك وكان من جملة مكايد الشيطان لئلا يطلع في الله من السجن هذا هو الصواب أن الضمير في قوله " فأنساه الشيطان ذكر ربه " عائد على الناجي كما قاله مجاهد ومحمد بن إسحاق وغير واحد ويقال إن الضمير عائد على يوسف عليه السلام رواه ابن جرير عن ابن عباس ومجاهد أيضا وعكرمة وغيرهم وأسند ابن جرير ههنا حديث فقال; حدثنا ابن وكيع حدثنا عمرو بن محمد عن إبراهيم بن يزيد عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا قال; قال النبي صلي الله عليه وسلم لو لم يقل يعني يوسف الكلمة التي قال ما لبث في السجن طول ما لبث حيث يبتغي الفرج من عند غير الله وهذا الحديث ضعيف جدا لأن سفيان بن وكيع ضعيف وإبراهيم بن يزيد هو الجوزي أضعف منه أيضا وقد روي عن الحسن وقتادة مرسلا عن كل منهما وهذه المرسلات ههنا لا تقبل لو قبل المرسل من حيث هو في غير هذا الموطن والله أعلم وأما البضع فقال مجاهد وقتادة هو ما بين الثلاث إلى التسع وقال وهب بن منبه مكث أيوب في البلاء سبعا ويوسف في السجن سبعا وعذب بختنصر سبعا وقال الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما " فلبث في السجن بضع سنين " قال ثنتا عشرة سنة وقال الضحاك أربعة عشرة سنة.
قوله تعالى ; وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنينفيه خمس مسائل ;الأولى ; قوله تعالى ; وقال للذي ظن " ظن " هنا بمعنى أيقن ، في قول أكثر المفسرين وفسره قتادة على الظن الذي هو خلاف اليقين ; قال ; إنما ظن يوسف نجاته لأن [ ص; 170 ] العابر يظن ظنا وربك يخلق ما يشاء ; والأول أصح وأشبه بحال الأنبياء وأن ما قاله للفتيين في تعبير الرؤيا كان عن وحي ، وإنما يكون ظنا في حكم الناس ، وأما في حق الأنبياء فإن حكمهم حق كيفما وقع .الثانية ; قوله تعالى ; اذكرني عند ربك أي سيدك ، وذلك معروف في اللغة أن يقال للسيد رب ; قال الأعشى ;ربي كريم لا يكدر نعمة وإذا تنوشد في المهارة أنشداأي اذكر ما رأيته ، وما أنا عليه من عبارة الرؤيا للملك ، وأخبره أني مظلوم محبوس بلا ذنب . وفي صحيح مسلم وغيره عن أبي هريرة قال ; قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; لا يقل أحدكم اسق ربك أطعم ربك وضئ ربك ولا يقل أحدكم ربي وليقل سيدي مولاي ولا يقل أحدكم عبدي أمتي وليقل فتاي فتاتي غلامي . وفي القرآن ; " اذكرني عند ربك " إلى ربك " إنه ربي أحسن مثواي " أي صاحبي ; يعني العزيز . ويقال لكل من قام بإصلاح شيء وإتمامه ; قد ربه يربه ، فهو رب له . قال العلماء قوله - عليه السلام - ; لا يقل أحدكم وليقل من باب الإرشاد إلى إطلاق اسم الأولى ; لا أن إطلاق ذلك الاسم محرم ; ولأنه قد جاء عنه - عليه السلام - أن تلد الأمة ربها أي مالكها وسيدها ; وهذا موافق للقرآن في إطلاق ذلك اللفظ ; فكان محل النهي في هذا الباب ألا نتخذ هذه الأسماء عادة فنترك الأولى والأحسن . وقد قيل ; إن قول الرجل عبدي وأمتي يجمع معنيين ; أحدهما ; أن العبودية بالحقيقة إنما هي لله تعالى ; ففي قول الواحد من الناس لمملوكه عبدي وأمتي تعظيم عليه ، وإضافة له إلى نفسه بما أضافه الله تعالى به إلى نفسه ; وذلك غير جائز . والثاني ; أن المملوك يدخله من ذلك شيء في استصغاره بتلك التسمية ، فيحمله ذلك على سوء الطاعة . وقال ابن شعبان في " الزاهي " ; لا يقل السيد عبدي وأمتي ولا يقل المملوك ربي ولا ربتي وهذا محمول على ما ذكرنا . وقيل ; إنما قال - صلى الله عليه وسلم - لا يقل العبد ربي وليقل سيدي لأن الرب من أسماء الله - تعالى - المستعملة بالاتفاق ; واختلف في السيد هل هو من أسماء الله تعالى أم لا ؟ فإذا قلنا ليس من أسماء الله فالفرق واضح ; إذ لا التباس ولا إشكال ، وإذا قلنا إنه من أسمائه فليس في الشهرة ولا الاستعمال كلفظ [ ص; 171 ] الرب ، فيحصل الفرق . وقال ابن العربي ; يحتمل أن يكون ذلك جائزا في شرع يوسف - عليه السلام - .الثالثة ; قوله تعالى ; فأنساه الشيطان ذكر ربه الضمير في " فأنساه " فيه قولان ; أحدهما ; أنه عائد إلى يوسف - عليه السلام - أي أنساه الشيطان ذكر الله - عز وجل - ; وذلك أنه لما قال يوسف لساقي الملك - حين علم أنه سينجو ويعود إلى حالته الأولى مع الملك - اذكرني عند ربك نسي في ذلك الوقت أن يشكو إلى الله ويستغيث به ، وجنح إلى الاعتصام بمخلوق ; فعوقب باللبث . قال عبد العزيز بن عمير الكندي ; دخل جبريل على يوسف النبي - عليه السلام - في السجن فعرفه يوسف ، فقال ; يا أخا المنذرين ! ما لي أراك بين الخاطئين ؟ ! فقال جبريل - عليه السلام - ; يا طاهر ابن الطاهرين ! يقرئك السلام رب العالمين ويقول ; أما استحيت إذ استغثت بالآدميين ؟ ! وعزتي ! لألبثنك في السجن بضع سنين ; فقال ; يا جبريل ! أهو عني راض ؟ قال ; نعم ! قال ; لا أبالي الساعة . وروي أن جبريل - عليه السلام - جاءه فعاتبه عن الله تعالى في ذلك وطول سجنه ، وقال له ; يا يوسف ! من خلصك من القتل من أيدي إخوتك ؟ ! قال ; الله تعالى ، قال ; فمن أخرجك من الجب ؟ قال ; الله تعالى قال ; فمن عصمك من الفاحشة ؟ قال ; الله تعالى ، قال ; فمن صرف عنك كيد النساء ؟ قال ; الله تعالى ، قال ; فكيف وثقت بمخلوق وتركت ربك فلم تسأله ؟ ! قال ; يا رب كلمة زلت مني ! أسألك يا إله إبراهيم وإسحاق والشيخ يعقوب - عليهم السلام - أن ترحمني ; فقال له جبريل ; فإن عقوبتك أن تلبث في السجن بضع سنين . وروى أبو سلمة عن أبي هريرة قال ; قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; رحم الله يوسف لولا الكلمة التي قال ; اذكرني عند ربك ما لبث في السجن بضع سنين . وقال ابن عباس ; عوقب يوسف بطول الحبس بضع سنين لما قال للذي نجا منهما اذكرني عند ربك ولو ذكر يوسف ربه لخلصه . وروى إسماعيل بن إبراهيم عن يونس عن الحسن قال ; قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; لولا كلمة يوسف - يعني قوله ; اذكرني عند ربك - ما لبث في السجن ما لبث قال ; ثم يبكي الحسن ويقول ; نحن ينزل بنا الأمر فنشكو إلى الناس . وقيل ; إن الهاء تعود على الناجي ، فهو الناسي ; أي أنسى الشيطان الساقي أن يذكر يوسف لربه ، أي لسيده ; وفيه حذف ، أي أنساه الشيطان ذكره لربه ; وقد رجح بعض العلماء هذا القول فقال ; لولا أن الشيطان أنسى يوسف ذكر الله لما استحق العقاب باللبث في السجن ; إذ الناسي غير مؤاخذ . [ ص; 172 ] وأجاب أهل القول الأول بأن النسيان قد يكون بمعنى الترك ، فلما ترك ذكر الله ودعاه الشيطان إلى ذلك عوقب ; رد عليهم أهل القول الثاني بقوله تعالى ; وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمة فدل على أن الناسي هو الساقي لا يوسف ; مع قوله تعالى ; إن عبادي ليس لك عليهم سلطان فكيف يصح أن يضاف نسيانه إلى الشيطان ، وليس له على الأنبياء سلطنة ؟ ! قيل ; أما النسيان فلا عصمة للأنبياء عنه إلا في وجه واحد ، وهو الخبر عن الله تعالى فيما يبلغونه ، فإنهم معصومون فيه ; وإذا وقع منهم النسيان حيث يجوز وقوعه فإنه ينسب إلى الشيطان إطلاقا ، وذلك إنما يكون فيما أخبر الله عنهم ، ولا يجوز لنا نحن ذلك فيهم ; قال - صلى الله عليه وسلم - ; نسي آدم فنسيت ذريته . وقال ; إنما أنا بشر أنسى كما تنسون . وقد تقدم .الرابعة ; قوله تعالى ; فلبث في السجن بضع سنين البضع قطعة من الدهر مختلف فيها ; قال يعقوب عن أبي زيد ; يقال بضع وبضع بفتح الباء وكسرها ، قال أكثرهم ; ولا يقال بضع ومائة ، وإنما هو إلى التسعين . وقال الهروي ; العرب تستعمل البضع فيما بين الثلاث إلى التسع . والبضع والبضعة واحد ، ومعناهما القطعة من العدد . وحكى أبو عبيدة أنه قال ; البضع ما دون نصف العقد ، يريد ما بين الواحد إلى أربعة ، وهذا ليس بشيء . وفي الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي بكر الصديق - رضي الله عنه - ; وكم البضع فقال ; ما بين الثلاث إلى السبع . فقال ; اذهب فزائد في الخطر . وعلى هذا أكثر المفسرين ، أن البضع سبع ، حكاه الثعلبي . قال الماوردي ; وهو قول أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - وقطرب . وقال مجاهد ; من ثلاث إلى تسع ، وقاله الأصمعي . ابن عباس ; من ثلاث إلى عشرة . وحكى الزجاج أنه ما بين الثلاث إلى الخمس قال الفراء ; والبضع لا يذكر إلا مع العشرة والعشرين إلى التسعين ، ولا يذكر بعد المائة . وفي المدة التي لبث فيها يوسف مسجونا ثلاثة أقاويل ;[ ص; 173 ] أحدها ; سبع سنين ، قاله ابن جريج وقتادة ووهب بن منبه ، قال وهب ; أقام أيوب في البلاء سبع سنين ، وأقام يوسف في السجن سبع سنين . الثاني ; - اثنتا عشرة سنة ، قاله ابن عباس . الثالث ; أربع عشرة سنة ، قاله الضحاك . وقال مقاتل عن مجاهد عن ابن عباس قال ; مكث يوسف في السجن خمسا وبضعا . واشتقاقه من بضعت الشيء أي قطعته ، فهو قطعة من العدد ، فعاقب الله يوسف بأن حبس سبع سنين أو تسع سنين بعد الخمس التي مضت ، فالبضع مدة العقوبة لا مدة الحبس كله . قال وهب بن منبه ; حبس يوسف في السجن سبع سنين ، ومكث أيوب في البلاء سبع سنين ، وعذب بختنصر بالمسخ سبع سنين . وقال عبد الله بن راشد البصري عن سعيد بن أبي عروبة ; إن البضع ما بين الخمس إلى الاثنتي عشرة سنة .الخامسة ; في هذه الآية دليل على جواز التعلق بالأسباب وإن كان اليقين حاصلا فإن الأمور بيد مسببها ، ولكنه جعلها سلسلة ، وركب بعضها على بعض ، فتحريكها سنة ، والتعويل على المنتهى يقين . والذي يدل على جواز ذلك نسبة ما جرى من النسيان إلى الشيطان كما جرى لموسى في لقيا الخضر ; وهذا بين فتأملوه .
القول في تأويل قوله تعالى ; وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ (42)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره; قال يوسف للذي علم أنه ناج من صاحبيه اللذين استعبراه الرؤيا; (9) (اذكرني عند ربك) يقول; اذكرني عند سيدك ، (10) وأخبره بمظلمتي، وأني محبوس بغير جُرْم ، كما;-19303 - حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال ،قال ، يعني لنبو ، (اذكرني عند ربك) ; أي اذكر للملك الأعظم مظلمتي وحبسي في غير شيء، قال; أفعل.19304 - حدثنا محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله; (اذكرني عند ربك) قال للذي نجا من صاحبي السجن ، يوسف يقول; اذكرني عند الملك.19305- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، بنحوه .19306 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا يحيى بن يمان ، عن سفيان ، عن جابر ، عن أسباط; (وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك)، قال; عند ملك الأرض.19307 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله; (اذكرني عند ربك)، يعني بذلك الملك.19308- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد; (وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك)، الذي نجا من صاحبي السجن ، يقول يوسف; اذكرني للملك.19309 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثنا هشيم قال أخبرنا العوّام بن حوشب ، عن إبراهيم التيمي; أنه لما انتهى به إلى باب السجن، قال له صاحبٌ له; حاجتَك أوصني بحاجتك ! قال; حاجتي أن تذكرني عند ربك ، سوى الربِّ ، قال يوسف. (11)* * *وكان قتادة يوجِّه معنى " الظن " في هذا الموضع، إلى " الظنِّ"، الذي هو خلاف اليقين .19310 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة; (وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك)، وإنما عبارة الرؤيا بالظن ، فيحقُّ الله ما يشاءُ ويُبْطِل ما يشاء.* * *قال أبو جعفر; وهذا الذي قاله قتادة، من أن عبارة الرؤيا ظن ، فإن ذلك كذلك من غير الأنبياء . فأما الأنبياء فغير جائز منها أن تخبر بخبر عن أمر أنه كائنٌ ثم لا يكون ، أو أنه غير كائن ثم يكون، مع شهادتها على حقيقة ما أخبرت عنه أنه كائن أو غير كائن، لأن ذلك لو جاز عليها في أخبارها، لم يُؤمَن مثل ذلك في كل أخبارها. وإذا لم يؤمن ذلك في أخبارها، سقطت حُجَّتها على من أرسلت إليه . فإذا كان ذلك كذلك، كان غير جائزٍ عليها أن تخبر بخبرٍ إلا وهو حق وصدق . فمعلومٌ، إذ كان الأمر على ما وصفت، أن يوسف لم يقطع الشهادة على ما أخبر الفتيين اللذين استعبراه أنه كائن ، فيقول لأحدهما; أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ ، ثم يؤكد ذلك بقوله; قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ ، عند قولهما; ( لم تر شيئا) ، إلا وهو على يقين أن ما أخبرهما بحدوثه وكونه، أنه كائن لا محالة لا شك فيه. وليقينه بكون ذلك، قال للناجي منهما; (اذكرني عند ربك) . فبيِّنٌ إذًا بذلك فسادُ القول الذي قاله قتادة في معنى قوله; (وقال للذي ظن أنه ناج منهما) .* * *وقوله; (فأنساه الشيطان ذكر ربه) وهذا خبرٌ من الله جل ثناؤه عن غفلة عَرَضت ليوسف من قبل الشيطان، نسي لها ذكر ربه الذي لو به استغاث لأسرع بما هو فيه خلاصه ، ولكنه زلَّ بها فأطال من أجلها في السجن حبسَه، وأوجع لها عقوبته، كما;-19311 - حدثني الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي ، عن بسطام بن مسلم ، عن مالك بن دينار قال; لما قال يوسف للساقي; (اذكرني عند ربك)، قال; قيل; يا يوسف، اتخذت من دوني وكيلا؟ لأطيلن حبسك! فبكى يوسف وقال; يا ربّ، أنسى قلبي كثرة البلوى ، فقلت كلمة ، فويل لإخوتي.19312 - حدثنا الحسن قال ،أخبرنا عبد الرزاق قال ،أخبرنا ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم; لولا أنه ، يعني يوسف ، قال الكلمة التي قال، ما لبث في السجن طول ما لبث.19313 - حدثني يعقوب بن إبراهيم، وابن وكيع قالا حدثنا ابن علية قال ، حدثنا يونس ، عن الحسن قال; قال نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم; " رحم الله يوسف لولا كلمته ما لبث في السجن طولَ ما لبث ، يعني قوله; (اذكرني عند ربك)، قال; ثم يبكي الحسن فيقول; نحن إذا نـزل بنا أمرٌ فزعنا إلى الناس .19314- حدثني يعقوب قال ، حدثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن في قوله; (وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك)، قال; ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال; لولا كلمة يوسُف، ما لبث في السجن طولَ ما لبث .19315 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمرو بن محمد ، عن إبراهيم بن يزيد ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال; قال النبي صلى الله عليه وسلم; لو لم يقل يوسف ، يعني الكلمة التي قال ، ما لبث في السجن طول ما لبث ، يعني حيث يبتغي الفرج من عند غير الله. (12)19316 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة قال; بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال; لو لم يستعن يوسف على ربّه، ما لبث في السجن طول ما لبث. .19317 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قال; ذكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول; لولا أنّ يوسف استشفع على ربه، ما لبث في السجن طول ما لبث ، ولكن إنما عوقب باستشفاعه على ربّه .19318 - حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال; قال له; (اذكرني عند ربك)، قال; فلم يذكره حتى رأى الملك الرؤيا، وذلك أن يوسف أنساه الشيطان ذكرَ ربه ، وأمره بذكر الملك وابتغاء الفرج من عنده، فلبث في السجن بضع سنين) بقوله; (اذكرني عند ربك).19319- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، بنحوه ، غير أنه قال; فلبث في السجن بضع سنين، عقوبةً لقوله; (اذكرني عند ربك).19320- ... قال، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد، مثل حديث محمد بن عمرو، سواء .19321- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثل حديث المثنى ، عن أبي حذيفة .* * *وكان محمد بن إسحاق يقول; إنما أنسى الشيطانُ الساقي ذكر أمر يوسف لملكهم .19322 - حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال; لما خرج ، يعني الذي ظنّ أنه ناج منهما ، رُدّ على ما كان عليه ، ورضي عنه صاحبه ، فأنساه الشيطان ذكر ذلك للملك الذي أمره يوسف أن يذكره ، فلبث يوسف بعد ذلك في السجن بضع سنين . يقول جل ثناؤه; فلبث يوسف في السجن، لقيله للناجي من صاحبي السجن من القيل; " اذكرني عند سيدك "، بضع سنين ، عقوبةً له من الله بذلك.* * *واختلف أهل التأويل في قدر " البضع " الذي لبث يوسف في السجن.فقال بعضهم; هو سبع سنين .*ذكر من قال ذلك;19323 - حدثنا محمد بن بشار قال ، حدثنا محمد أبو عثمة قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قال; لبث يوسف في السجن سبعَ سنين. (13)19324- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة; (فلبث في السجن بضع سنين)، قال; سبع سنين.19325 - حدثنا الحسن قال ،أخبرنا عبد الرزاق قال ،أخبرنا عمران أبو الهذيل الصنعاني قال; سمعت وهبًا يقول; أصاب أيُّوب البلاء سبع سنين، وترك في السجن يوسف سبع سنين ، وعذب بختنصر، فحُوِّل في السباع سبع سنين. (14)19326- حدثني المثنى قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال; زعموا أنها ، يعني" البضع " ، سبع سنين ، كما لبث يوسف.* * *وقال آخرون; " البضع "، ما بين الثلاث إلى التسع .*ذكر من قال ذلك;19327 - حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا سليمان قال ، حدثنا أبو هلال قال; سمعت قتادة يقول; " البضع "، ما بين الثلاث إلى التسع.19328 - حدثنا وكيع قال ، حدثنا يحيى بن آدم ، عن إسرائيل ، عن منصور ، عن مجاهد; (بضع سنين)، قال; ما بين الثلاث إلى التسع.* * *وقال آخرون; بل هو ما دون العشر .*ذكر من قال ذلك;19329 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج قال ،قال ابن جريج ، قال ابن عباس; (بضع سنين)، دون العشرة.* * *وزعم الفراء أن " البضع " لا يذكر إلا مع " عشر " ، ومع " العشرين " إلى التسعين ، وهو " نَيِّفٌ" ما بين الثلاثة إلى التسعة . (15) وقال; كذلك رأيت العرب تفعل. ولا يقولون; " بضع ومئة " (16) ولا " بضع وألف " ، وإذا كانت للذكران قيل; " بضع " .* * *قال أبو جعفر ;-والصواب في" البضع " من الثلاث إلى التسع، إلى العشر ، ولا يكون دون الثلاث. وكذلك ما زاد على العقد إلى المئة ، وما زاد على المئة فلا يكون فيه " بضع " .----------------------الهوامش;(9) انظر تفسير" الظن" فيما سلف من فهارس اللغة ( ظنن ) .(10) انظر تفسير" الرب" فيما سلف ص ; 107 ، تعليق ; 1 ، والمراجع هناك .(11) في المطبوعة ;" أن تذكرني عند ربك ، ينوي الرب الذي ملك يوسف" ، غير ما في المخطوطة ، وأثبت ما فيها ، إلا أنه كان هنا" أن تذكرني عند رب" بغير كاف ، والصواب ما أثبت .(12) الأثر ; 19315 -" إبراهيم بن يزيد الخوزي القرشي" ، متروك منكر الحديث ، ليس بثقة ، كان يتهم بالكذب . مضى مرارًا ، آخرها رقم ; 17313 .فهذا خبر ضعيف الإسناد جدًا ، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 7 ; 39 ، مطولا ، قال ;" رواه الطبراني ، وفيه إبراهيم بن يزيد القرشي المكي ، وهو متروك" . ورواه الطبري في تاريخه 1 ; 177 .أما سائر الأخبار قبله وبعده ، فهي مرسلة لا حجة في شيء منها .(13) الأثر ; 19323 -" محمد ، أبو عثمة" ، هو ;" محمد بن خالد بن عثمة" ، سلف مرارًا ، آخرها رقم ; 10142 ، وانظر رقم ; 5314 ، 5483 ، ورواية محمد بن بشار عنه ، وروايته هو عن" سعيد بن بشير" ، عن قتادة .(14) الأثر ; 19325 -" عمران أبو الهذيل الصنعاني" ، هو ;" عمران بن عبد الرحمن بن مرثد" ،" أبو الهذيل" ثقة سمع وهب بن منبه ، وزياد بن فيروز ، والقاسم بن تنخسره . مترجم في ابن أبي حاتم 3 / 1 / 301 .وهذا الخبر رواه أبو جعفر في تاريخه 1 ; 177 ، وكان في المطبوعة والمخطوطة ;" يجول في السباع" والمخطوطة غير منقوطة . والصواب من التاريخ ، وعنى بقوله" حول في السباع" . أي ; مسخ سبعًا من السباع .(15) الأثر ; 19327 - ;" ابن بشار" ، هو" محمد بن بشار" مضى مرارًا . و" سلمان" هو" وسليمان بن داود بن الجارود" ، أبو داود الطيالسي الإمام المشهور ، مضى مرارًا .و" أبو هلال" هو" محمد بن سليم الراسبي" ، مضى مرارًا ، آخرها رقم ; 15351 .وكان في المطبوعة والمخطوطة" سمعت أبا قتادة" ، وهو خطأ ، فإن أبا هلال الراسبي ، يروي عن" قتادة" .(16) هذه عبارة غير واضحة . وقد نقل صاحب اللسان عن ابن بري قال ;" وحكى عن الفراء في قوله ;" بضع سنين" ، أن" البضع" لا يذكر إلا مع العشر والعشرين إلى التسعين . ولا يقال فيما بعد ذلك ، يعني أنه يقال ; مئة ونيف" . اللسان ( بضع ) .
أي: { وَقَالَ } يوسف عليه السلام: { لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا } وهو: الذي رأى أنه يعصر خمرا: { اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ } أي: اذكر له شأني وقصتي، لعله يرقُّ لي، فيخرجني مما أنا فيه، { فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ } أي: فأنسى الشيطان ذلك الناجي ذكر الله تعالى، وذكر ما يقرب إليه، ومن جملة ذلك نسيانه ذكر يوسف الذي يستحق أن يجازى بأتم الإحسان، وذلك ليتم الله أمره وقضاءه. { فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ } والبضع من الثلاث إلى التسع، ولهذا قيل: إنه لبث سبع سنين، ولما أراد الله أن يتم أمره، ويأذن بإخراج يوسف من السجن، قدر لذلك سببا لإخراج يوسف وارتفاع شأنه وإعلاء قدره، وهو رؤيا الملك.
(الواو) استئنافيّة
(قال) فعل ماض، والفاعل هو أي يوسف
(اللام) حرف جرّ
(الذي) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بـ (قال) ،
(ظنّ) فعل ماض، والفاعل هو أي يوسف
(أنّ) حرف مشبّه بالفعل للتوكيد و (الهاء) ضمير في محلّ نصب اسم أنّ
(ناج) خبر أنّ مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء المحذوفة للتنوين، فهو اسم منقوص
(من) حرف جرّ و (هما) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بحال من الضمير في ناج
(اذكرني) فعل أمر، و (النون) للوقاية و (الياء) مفعول به،والفاعل أنت
(عند) ظرف منصوب متعلّق بـ (اذكر) ،
(ربّك) مضاف إليه مجرور.. و (الكاف) مضاف إليه.
والمصدر المؤوّلـ (أنّه ناج..) في محلّ نصب سدّ مسدّ مفعولي ظنّ.
(الفاء) عاطفة
(أنساه) فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر على الألف.. و (الهاء) مفعول به
(الشيطان) فاعل مرفوع
(ذكر) مفعول به ثان منصوبـ (ربّه) مثل ربّك
(الفاء) عاطفة
(لبث) مثل قالـ (في السجن) جارّ ومجرور متعلّق بـ (لبث) ،
(بضع) ظرف زمان منصوب نائب عن الظرف الصريح متعلّق بـ (لبث) ،
(سنين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الياء فهو ملحق بجمع المذكّر.
جملة: «قال ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «ظنّ ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذي) .
وجملة: «اذكرني ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «أنساه الشيطان» لا محلّ لها معطوفة على مقدّر أي فخرج فأنساه «1» ...وجملة: «لبث ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة أنساه الشيطان.