الرسم العثمانيذٰلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّى لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِى كَيْدَ الْخَآئِنِينَ
الـرسـم الإمـلائـيذٰ لِكَ لِيَـعۡلَمَ اَنِّىۡ لَمۡ اَخُنۡهُ بِالۡغَيۡبِ وَاَنَّ اللّٰهَ لَا يَهۡدِىۡ كَيۡدَ الۡخَـآٮِٕنِيۡنَ
تفسير ميسر:
ذلك القول الذي قلته في تنزيهه والإقرار على نفسي ليعلم زوجي أني لم أخنه بالكذب عليه، ولم تقع مني الفاحشة، وأنني راودته، واعترفت بذلك لإظهار براءتي وبراءته، وأن الله لا يوفق أهل الخيانة، ولا يرشدهم في خيانتهم.
" ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب " تقول إنما اعترفت بهذا على نفسي ليعلم زوجي أني لم أخنه بالغيب في نفس الأمر ولا وقع المحذور الأكبر وإنما راودت هذا الشاب مراودة فامتنع فلهذا اعترفت ليعلم أني بريئة " وأن الله لا يهدي كيد الخائنين وما أبرئ نفسي " تقول المرأة ولست أبرئ نفسي فإن النفس تتحدث وتتمنى ولهذا راودته لأن " النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي " أي إلا من عصمه الله تعالى " إن ربي غفور رحيم " وهذا القول هو الأشهر والأليق والأنسب بسياق القصة ومعاني الكلام وقد حكاه الماوردي في تفسيره وانتدب لنصره الإمام أبو العباس رحمه الله فأفرده بتصنيف على حدة وقد قيل إن ذلك من كلام يوسف عليه السلام يقول " قال ليعلم أني لم أخنه في زوجته " بالغيب " الآيتين أي إنما رددت الرسول ليعلم الملك براءتي وليعلم العزيز " أني لم أخنه " في زوجته " بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين " الآية وهذا القول هو الذي لم يحك ابن جرير حاتم سواه قال ابن جرير; حدثنا أبو كريب حدثنا وكيع عن إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن ابن عباس قال لما جمع الملك النسوة فسألهن هل راودتن يوسف عن نفسه؟ " قلن حاش لله ما علمنا عليه من امرأة العزيز الآن حصحص الحق " الآية قال يوسف " ذلك ليعلم أنى لم أخنه بالغيب " فقال له جبريل عليه السلام; ولا يوم هممت بما هممت به ؟ فقال " وما أبرئ نفسي " الآية وهكذا قال مجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة وابن أبى الهذيل والضحاك والحسن وقتادة والسدي والقول الأول أقوى وأظهر لأن سياق الكلام كله من كلام امرأة العزيز بحضرة الملك ولم يكن يوسف عليه السلام عندهم بل بعد ذلك أحضره الملك.
قوله تعالى ; ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنينقوله تعالى ; ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب اختلف فيمن قاله ، فقيل ; هو من قول امرأة العزيز ، وهو متصل بقولها ; الآن حصحص الحق أي أقررت بالصدق ليعلم أني لم أخنه بالغيب أي بالكذب عليه ، ولم أذكره بسوء وهو غائب ، بل صدقت وحدت عن الخيانة ; ثم قالت ; وما أبرئ نفسي بل أنا راودته ; وعلى هذا هي كانت مقرة بالصانع ، ولهذا قالت ; إن ربي غفور رحيم . وقيل ; هو من قول يوسف ; أي قال يوسف ; ذلك الأمر الذي [ ص; 183 ] فعلته ، من رد الرسول ليعلم العزيز أني لم أخنه بالغيب قاله الحسن وقتادة وغيرهما . ومعنى بالغيب وهو غائب . وإنما قال يوسف ذلك بحضرة الملك ، وقال ; ليعلم على الغائب توقيرا للملك . وقيل ; قاله إذ عاد إليه الرسول وهو في السجن بعد ; قال ابن عباس ; جاء الرسول إلى يوسف - عليه السلام - بالخبر وجبريل معه يحدثه ; فقال يوسف ; ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين أي لم أخن سيدي بالغيب ; فقال له جبريل - عليه السلام - ; يا يوسف ! ولا حين حللت الإزار ، وجلست مجلس الرجل من المرأة ؟ ! فقال يوسف ; وما أبرئ نفسي الآية . وقال السدي ; إنما قالت له امرأة العزيز ولا حين حللت سراويلك يا يوسف ؟ ! فقال يوسف ; وما أبرئ نفسي . وقيل ; ذلك ليعلم من قول العزيز ; أي ذلك ليعلم يوسف أني لم أخنه بالغيب ، وأني لم أغفل عن مجازاته على أمانته .وأن الله لا يهدي كيد الخائنين معناه ; أن الله لا يهدي الخائنين بكيدهم .
القول في تأويل قوله تعالى ; ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (52)قال أبو جعفر; يعني بقوله; (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب)، هذا الفعل الذي فعلتُه، من ردّي رسول الملك إليه ، وتركي إجابته والخروج إليه ، ومسألتي إيّاه أن يسأل النسوة اللاتي قطَّعن أيديهن عن شأنهن إذ قطعن أيديهن ، إنما فعلته ليعلم أني لم أخنه في زوجته ، " بالغيب "، يقول; لم أركب منها فاحشةً في حال غيبته عني . (36) وإذا لم يركب ذلك بمغيبه ، فهو في حال مشهده إياه أحرى أن يكون بعيدًا من ركوبه ، كما;-19421- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال ،يقول يوسف; (ذلك ليعلم)، إطفير سيده ، (أني لم أخنه بالغيب)، أني لم أكن لأخالفه إلى أهله من حيث لا يعلمه.19422 - حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد; (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب)، يوسف يقوله.19423- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد; (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب) يوسف يقوله; لم أخن سيِّدي.19424- ....قال، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد; (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب)، قال يوسف يقوله.19425 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة; (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب)، قال; هذا قول يوسف.19426- حدثني المثنى قال ، حدثنا عمرو بن عون قال ، حدثنا هشيم ، عن إسماعيل بن سالم ، عن أبي صالح ، في قوله; (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب)، قال هو يوسف، لم يخن العزيز في امرأته.19427- حدِثت عن الحسين بن الفرج قال ، سمعت أبا معاذ يقول ، حدثنا عبيد قال ، سمعت الضحاك يقول في قوله ; " ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب " ، هو يوسف يقول; لم أخن الملك بالغيب.* * *وقوله; (وأنَّ الله لا يهدي كيد الخائنين)، يقول; فعلت ذلك ليعلم سيدي أني لم أخنه بالغيب ، ( وأن الله لا يهدي كيد الخائنين)، يقول; وأن الله لا يسدّد صنيع من خان الأمانات ، ولا يرشد فعالهم في خيانتهموها . (37)* * *واتصل قوله; (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب)، بقول امرأة العزيز; أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ، لمعرفة السامعين لمعناه ، كاتصال قول الله; وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ، بقول المرأة; وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ، [ سورة النمل ; 34 ] وذلك أن قوله; وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ، خبر مبتدأ ، وكذلك قول فرعون لأصحابه في" سورة الأعراف "، فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ، وهو متصل بقول الملأ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ [ سورة الأعراف ; 110 ] . (38)----------------------الهوامش;(36) انظر تفسير" الغيب" فيما سلف من فهارس اللغة ( غيب ) .(37) انظر تفسير" الهدى" فيما سلف من فهارس اللغة ( هدى ) .وتفسير" الكيد" فيما سلف ص ; 137 ، تعليق 1 ، والمراجع هناك .(38) انظر ما سلف 13 ; 20 .
{ ذَلِكَ } الإقرار، الذي أقررت [أني راودت يوسف] { لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ } يحتمل أن مرادها بذلك زوجها أي: ليعلم أني حين أقررت أني راودت يوسف، أني لم أخنه بالغيب، أي: لم يجر منِّي إلا مجرد المراودة، ولم أفسد عليه فراشه، ويحتمل أن المراد بذلك ليعلم يوسف حين أقررت أني أنا الذي راودته، وأنه صادق أني لم أخنه في حال غيبته عني. { وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ } فإن كل خائن، لا بد أن تعود خيانته ومكره على نفسه، ولا بد أن يتبين أمره.
-
(ذلك) اسم إشارة مبنيّ في محلّ نصب مفعول به لفعل محذوف تقديره قلت، والمتكلّم هي امرأة العزيز و (اللام) للبعد، و (الكاف)للخطاب»
،
(اللام) لام التعليلـ (يعلم) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل، والفاعل هو أي يوسف ، والمصدر المؤوّلـ (أن يعلم) في محلّ جرّ متعلّق بالفعل المقدّر.
(أنّ) حرف مشبّه بالفعل للتوكيد- ناسخ- و (الياء) ضمير في محلّ نصب اسم أنّ
(لم) حرف نفي وجزم وقلبـ (أخنه) مضارع مجزوم و (الهاء) مفعول به، والفاعل أنا
(بالغيب) جارّ ومجرور حال من فاعل أخنه أو من مفعوله .
والمصدر المؤوّلـ (أنّى لم أخنه) في محلّ نصب سدّ مسدّ مفعولي يعلم.
(الواو) حرف عطف
(أنّ) مثل الأولـ (الله) لفظ الجلالة اسم أنّ منصوبـ (لا) نافية
(يهدي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء، والفاعل هو (كيد) مفعول به منصوبـ (الخائنين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الياء.
والمصدر المؤوّلـ (أنّ الله لا يهدي..» في محلّ نصب معطوف على المصدر المؤوّل الأول.
جملة: «
(قلت) ذلك ... » لا محلّ لها استئناف في حيّز القول السابق لامرأة العزيز «4» .وجملة: «يعلم ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) المضمر.
وجملة: «لم أخنه ... » في محلّ رفع خبر أنّ
(الأوّل) .
وجملة: «لا يهدي ... » في محلّ رفع خبر أنّ
(الثاني) .
- القرآن الكريم - يوسف١٢ :٥٢
Yusuf12:52